جون مكلين يدافع عن أميركا.. لساعتين من الزمن

الجزء الرابع من سلسلة أفلام «الموت الصعب» والأول منذ عشر سنوات

مشهدان من الفيلم
TT

"يا إلهي، لقد دمرت طائرة مروحية بسيارة!" يرد جون مكلين "لقد نفد مني الرصاص". (عش بحرية أو مت بصعوبة) الجزء الرابع من سلسلة أفلام (الموت الصعب) والأول منذ عشر سنوات، هو أكثر الأجزاء إمتاعاً وجودة ربما منذ صدور الجزء الأول عام 1988. مع أن الفيلم لديه حصة جيدة من المؤثرات الخاصة المصنوعة على الكمبيوتر، إلا أن عدداً كبيراً من الخدع والتفجيرات تبدو حقيقية والعمل ككل يسير وفق شخصية جون مكلين وحنكته وخبرته وليس وفق الشاشات الخضراء والحرف التقنية الجديدة. هذا العامل يعتبر مفاجئاً لسببين، أننا في زمن الحوسبة والصناعة الرقمية الحديثة، ولأن مخرج هذا الجزء لين وايزمان اشتهر بتقديمه جزئي مصاصي الدماء (العالم السفلي) Underworld في عامي 2003 و2006 اللذين ارتكزا بقوة على العنصر التقني والمتعة البصرية.

يعود محقق مدينة نيويورك الشهير جون مكلين (بروس ويليس) وهو مطلق وفي حالة من الملل والإحباط، ابنته (مارس إليزبيث وينستيد) تدرس في الجامعة وبالكاد تتكلم معه. يتسلم مهمة جديدة روتينية بنقل أحد قراصنة الكومبيوتر يدعى مات فاريل (جاستن لونغ) إلى العاصمة واشنطن، ليتم استجوابه على يد السلطات الفيدرالية. لا يمر وقت طويل حتى يقع على عاتق ماكلين موقف عصيب يتضمن ما تعود عليه طوال حياته: شلال من الرصاص ولحظات حرجة تمزق الأعصاب وطائرات مروحية فوق رأسه تريد قتله. العقل المدبر وراء كل هذه الحيل هو ثوماس غابرييل (تيموثي أوليفانت)، الذي يسعى لإيقاف كل البنية التحتية الرقمية في الولايات المتحدة عن طريق هندسة حاسوبية خطيرة، حيث تعمل على إيقاف وتعطيل كل شيء كهربائي. وبينما الخطة تستمر والرعب يأخذ مجراه، يبدأ مكلين اتخاذ إجراءاته كي يقضي على هذا الإرهابي وهو يجر فاريل معه. بالمقارنة مع الأجزاء المكملة الأخرى التي تتضمن الكثير من الحركة والمبالغة الإنتاجية، فإن هذا الفيلم لديه فكرة جيدة بتقديم الشرطي مكلين على أنه ممثل المدرسة القديمة والعضلات السينمائية التقليدية في هذا العالم (التي بات وجودها نادراً هذه الأيام) مقابل غابرييل الذي يمثل المدرسة الرقمية العصرية (التي تهيمن على كل شيء حالياً). معظم أفلام الإثارة حالياً تمتاز بتقنية عالية جداً لدرجة أنه أصبح شيئاً إجبارياً على البطل أنه يكون عبقرياً في الكمبيوتر كي يواكب العصر وليس القصة فقط، فتخيل أن يكون البطل لا يفقه شيئاً في عالم الكمبيوتر والحكاية تدور في وقتنا الراهن، سيبدو الأمر مضحكاً بحق (في النهاية هل سنرى أفلام حركة كثيرة تعود بنا إلى السبعينات والثمانينات؟ لا أعتقد). وهنا، على مكلين (القادم من أواخر الثمانينات) أن يعتمد على فاريل كي ينجو وينجح في مهمته، ولكن الممتع كذلك أن العكس أيضاً صحيح، ففاريل كذلك يحتاج مكلين كي يبقى على قيد الحياة. (عش بحرية أو مت بصعوبة) يناقش بطريقة مسلية للغاية المقارنة بين قوة فتل العضلات وقوة فتل الأرقام. كما يصر هنا كل من المخرج لين وازمان والكاتب مارك بومباك على إبقاء مشاهد الإثارة والحركة متواصلة وبالكاد مع أي توقف، ومع هذا فإن الفيلم لا يكرر نفسه أو يململ المشاهد لأن المقاطع والمشاهد تختلف عن بعضها بعضا. وكمحصلة فإن هذا يسعد عشاق هذه السلسلة، بتوفيره التشويق والحماس والرغبة أيضاً لمحبي جون مكلين وبروس ويليس المتعطشين لعودته على الشاشة. الممثل يثبت مع هذا الجزء أن مفعول جون مكلين لا يزال يعمل وفي جعبته تقديم أجزاء أخرى. بروس ويليس الذي يبلغ من العمر حالياً 52 سنة، يعطي الدور الذي شهره الثقل الذي نحتاجه كي نتعلق بالبطل ونشعر معه بالأمان وأنه قادر على مواجهة هذا التحدي. أما شخصية جون مكلين فهي تعطي بروس ويليس الفرصة لإبراز هويته السينمائية المستقلة بعد سلسلة من الظهور كضيف شرف في أفلام صغيرة أو لعب أدوار رئيسية في أفلام لا تليق بتاريخه. وفي فيلم يعج بالتدمير وتم إصداره في عطله الرابع عشر من يوليو وتدور أحداثه في نيويورك وواشنطن، فإنه لا مفر من التفكير بالتلميحات حول تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر. من الواضح أن صانعي الأفلام في هوليوود لم يجدوا بعد طريقة صنع فيلم إثارة سياسي مسل حول العمليات الإرهابية التي تدور داخل الولايات المتحدة بدون الوقوع في فخ الإيحاءات البائسة أو المتعطشة لحل. لكن على الأقل خلال أحداث الفيلم، وبعيداً عن واقعها المحزن والمهدد للهجوم في أي لحظة، فإن أمريكا لديها جون مكلين للدفاع عنها، على الأقل لساعتين من الزمن، لا عجب أن السلسلة لديها معجبون كثر في نيويورك وواشنطن.