صيف 2007.. موسم محزن يشير إلى تراجع حقيقي في صناعة السينما العربية

سيطر عليه كم من الأفلام الرديئة

مشهد من فيلم «كده رضا»
TT

بدأ عرض أفلام الموسم مبكراً هذا العام نظراً لقرب قدوم شهر رمضان الكريم، في 20 مايو (أيار) عرضت ثلاثة أفلام: «علاقات خاصة» لمخرجه إيهاب لمعي، الذي يشير إلى المأزق الحقيقي الذي وضع فيه مع جيل آخر من المخرجين حيث اعتمد بعض المنتجين بعد النجاح المفاجئ لفيلم «أوقات فراغ»، على وجوه جديدة وميزانيات فقيرة لإنتاج أكبر عدد من الأفلام في أسرع وقت، مما نتج عنه أفلام فقيرة فنية وليست إنتاجية فحسب. «45 يوماً» وضعته الدعاية في مأزق حيث جعلته أحد أكثر الأفلام انتظاراً خاصة مع التنويه الدائم على المجهود الجبار الذي قام به صناع الفيلم، وحتى مع اعتبار أنه أولى تجارب المخرج فالنتيجة مخجلة ولا تقدم أكثر من بعض اللقطات المصورة بأناقة. الفيلم المبشر الوحيد في افتتاحية الموسم هو «قص ولصق»، التجربة الثانية لمخرجته هالة خليل بعد «أحلى الأوقات». ستجد هنا مباراة تمثيلية ممتازة بين شريف منير وحنان ترك ولحظات دافئة وممتعة تشير إلى أنه لا يزال الكثير في جعبة مخرجته لتقدمه. في 6 يونيو (حزيران) لم يعرض سوى فيلم «عمر وسلمى» الذي انتظره عشاق المطرب تامر حسني بفارغ الصبر، وبالرغم من أنه يقدم كفيلم رومانسي ستجد أن الكوميديا دعامة الفيلم الأساسية، دعك من المستوى النقدي، فجماهيرية تامر حسني كانت سبباً رئيسياً لنجاح الفيلم. ومن الملاحظ أنه المطرب الوحيد الذي يقدم فيلماً هذا الموسم. في 13 يونيو (حزيران) عرض فيلم «صباحو كدب» لأحمد آدم وهو ككل أفلامه التي تعتمد على كوميديا ركيكة وحكمة فجة تقدم في النهاية، كما عرضت تجربة أولى للمخرج طارق عبد المولى بفيلم «عجميستا» بطولة خالد أبو النجا وشريف رمزي، وهو فيلم جيد جداً كبداية ويحاول تقديم شيء مختلف حتى لو قدم نفس بهارات الحركة والمطاردات التي تتطلبها معايير السوق. في 20 يونيو عرضت أولى تجارب رامز جلال كبطل مطلق، هذا الفيلم يبرهن أن خفة الظل والدعاية وحدها لا تكفي لصناعة فيلم ناجح وهو كل ما اعتمد عليه صناع الفيلم، كما عرض فيلم «تيمور وشفيقة» الذي كان نجاحه مدوياً ربما بسبب عرضه في نفس توقيت إصابة أحمد السقا أثناء تصوير فيلمه الجديد، وربما لأنه يجمع محبي خط السقا الرومانسي الجديد الذي بدأ الموسم السابق بفيلم عن العشق والهوى وخط السقا القديم حيث أفلام الحركة والمطاردات أضف إلى ذلك وجود منى زكي التي قدما معاً أفضل دويتوهات في الفترة الأخيرة. يبدأ شهر يوليو بأفلام الموسم الكوميدية الكبرى. ففي الرابع منه، عرض فيلم «كركر» لمحمد سعد الذي يؤكد انطفاء نجمه بعدما مل الجمهور شخصياته والأداء المكرر من فيلم إلى آخر، وفيلم عادل إمام «مرجان أحمد مرجان» الذي تعود به شركته المنتجة لتحقيق أعلى عائد ممكن بعد خسائر العام الماضي التي تسبب بها فيلم «حليم». «مرجان» يبتعد تماماً عن السينما الجديدة التي بدأ عادل إمام الخطى فيها بثبات ليعود مرة أخرى لدور الزعيم الذي يستطيع عمل ما يحلو له. لحقهما في الحادي عشر من نفس الشهر فيلم محمد هنيدي «عندليب الدقي» الذي يلعب على أوتار الوحدة العربية والعدو الصهيوني والدنماركي بأكثر الطرق سذاجة وسطحية وإفلاس، بالإضافة إلى بعض الأغاني وعدد كبير من الإفيهات وهي نفس الخلطة التي يقدمها هنيدي منذ عدة سنوات. وفي 25 يوليو (تموز)، قدم المخرج أحمد الجندي أولى تجاربه الإخراجية بفيلم «حوش اللي وقع منك» مع أحمد رزق الذي يحاول مرة أخرى مع البطولة المطلقة في تجربة تقليدية ولا تضيف شيئاً ملموساً، كما عرض فيلم أحمد عز الجديد الذي ثبت أقدامه مرة أخرى بعد فيلمه السابق «الرهينة» بفيلم «الشبح» الذي بالرغم من كل أخطاء وثغرات السيناريو يقدم إثارة مشوقة قدمها بصرياً بشكل جيد. المخرج عمرو عرفة، الذي عرض في أول أيام أغسطس (آب) أحد أكثر فيلمي الموسم انتظاراً، وهو «البلياتشو» بطولة هيثم أحمد زكي الذي اختاره من بين العديد من الأفلام، ليعود به بعد «حليم»، وهو اختيار غريب لسيناريو مفكك وساذج وإخراج يقع في أخطاء تكاد لا تصدقها، حتى أداء هيثم نفسه كان مفاجأة غير سارة على الإطلاق. أما الفيلم الآخر الأكثر نجاحاً في شباك التذاكر وأكثر الأفلام التي أثبتت الموهبة الكبيرة التي يتمتع بها أحمد حلمي، فهو فيلم «كده رضا» الذي تولى إخراجه أحمد نادر جلال والتأليف لأحمد فهمي، وبالرغم من المراهنة الكبيرة على موهبة أحمد فهمي بعدما قدم مع عدد من زملائه فيلم «رجال لا تعرف المستحيل» الذي لم يعرض إلا على الإنترنت، فهو يصيبنا بخيبة أمل شديدة عندما تكتشف أن فيلمه ما هو إلا اقتباس لفيلم نيكولاس كيج «رجال أعواد الثقاب»، وهو ما يفسد متعة المشاهدة، إضافة إلى كم المواقف الكوميدية، ونهايته الساذجة التي لا بد من أن ينتصر فيها البطل.

الملاحظ في أفلام هذا الموسم هو معاناتها الشديدة مع حالة انفصام حاد تصيب الفيلم في ربعه الأخير من الأحداث. «تيمور وشفيقة» يتحول فجأة من رومانسي إلى حركة، «كده رضا» من كوميدي إلى إثارة، وقس على ذلك الكثير من الأفلام، كما أن الأغنية أصبحت ضرورة لا غنى عنها حتى لو تسببت في هبوط إيقاع فيلم حركي مثل «الشبح» أو كملء فراغات في أفلام الكوميديا. أما المخرجون الجدد هذا الموسم فقد انخرطوا في تلبية متطلبات المنتجين، مما أثر على جودة أفلامهم ناهيك من أنه لا توجد لأي منهم بصمة واضحة أو حتى شيء مبشر حقيقي يمكن انتظاره منهم لاحقاً. الموسم كله لا يحمل سوى المفاجآت غير السارة بسيطرة الأفلام الرديئة وعدم وجود فيلم واحد تستطيع إعطاءه الدرجة الكاملة. باختصار إنه موسم محزن ويشير إلى تراجع حقيقي لم نكن نتوقعه.