لم كل هذا الأمل؟

TT

ربما يستغرب البعض كل هذا الاحتفاء والاهتمام الذي تجده التجارب السعودية للافلام القصيرة عبر صفحات الجرائد والمجلات وحتى عبر القنوات الفضائية. ومع مشاهدة بعض هذه التجارب يتحول هذا الاستغراب الى شيء من الاستنكار ايضا حيث يتفاجأ المشاهد حينها بالضعف الظاهر على مستوى الصورة التقنية قياسا بما كان يشاهده من أفلام هوليودية او حتى بعض الافلام العربية ومشاهد أغاني الفيديو كليب. ولكن برأيي ان مثل هذا الاستنكار او الاستغراب ليس موضوعيا اذا ما نظرنا الى الفيلم باعتبارات متعددة تتجاوز الشكل الظاهري المرتبط بصفاء الصوت والصورة - والتي نتفق مبدئيا ان تجارب الافلام السعودية تعاني من هذه الناحية - فمن جهة اخرى وهو ما أعتبره مكمن القوة في هذه التجارب الفيلمية والمعبر الاساسي عن المنحى الفني فيها هو ما يتعلق بالفكرة الخلاقة التي يتضمنها بعض هذه التجارب والتي تجعل منها أهلا لكل هذا الاحتفاء، ومن ثم باعثا لكل هذا التفاؤل والأمل الذي نشعر به تجاه هذه الظاهرة السينمائية الجديدة. فالمتابع لكثير من هذه الافلام لابد وان يتلمس شيئا من ثقافة السينما وفنية الصورة والمشهد التي يتمتع بها مخرج الفيلم. وعلى سبيل المثال حيث لا يتسع المقام للاستطراد والحديث عن كل تجربة يمكن ان نشاهد فكرة الوجع النفسي في شخصية شاب يظل حبيسا لذكرياته السابقة كما في فيلم "اطار" لعبد الله العياف الحائز على جائزة لجنة التحكيم في مسابقة أفلام الامارات في دورتها الاخيرة او فجأة النهاية المدهشة في فيلم "بعيدا عن أنظار الكاميرا" لنايف فايز الفائز بجائزة افضل فيلم خليجي في فئة الطلبة أو الروح الشاعرية في مشاهد فيلم "تمرد" لعبد العزيز النجيم، أو ذلك الاستلهام الذكي والمحمل بروح التحية والتقدير للمثل شارلي شابلن في فيلم "القطعة الاخيرة" لمحمد بازيد، أو الابداع المؤثر في المونتاج وتركيب المشهد في فيلم "طريقة صعبة" لسمير عارف فضلا عن النفس السينمائي غير التقليدي على مستوى الفيلم التسجيلي العربي كما في "نساء بلا ظل" لهيفاء المنصور. واذا ما تحقق المأمول من توفر الدعم المادي والمعنوي لمثل هذه التجارب وتطورت خبرات أصحابها فهنا يمكن أن أجدد مبررا لكل هذه التفاؤل والامل بوجود أفلام سعودية متميزة عربيا مادمنا نملك الاهم وهو الفكرة التي يعتمد عليها نجاح الفيلم السينمائي عادة.