عباس النوري: ما قدم في «باب الحارة» لا يمثل الشام

الفنان السوري قال إن من يكتب التاريخ بأمانة سيعاقب وسيسحب إلى الشرطة

الفنان عباس النوري في أحد مشاهد مسلسل «باب الحارة» مع الفنانة صباح جزائري («الشرق الاوسط»)
TT

لا يمكن لأي مشاهد عربي شاهد مسلسل «باب الحارة» في جزئه الثاني ان يغفل أهمية هذا العمل كأحد اكثر المسلسلات استقطابا للمشاهدين في موسم رمضان الحالي، فكل الاحصائيات تقول انه حقق رقما قياسيا في المتابعة والمشاهدة. ومما لا شك فيه بان شخصية ابو عصام في العمل لفتت الأنظار لها، كونها تجسد الاخلاص والوفاء والكرم والنبل العربي المفقود في ايامنا هذه. «الشرق الأوسط» حاورت بطل مسلسل باب الحارة الفنان السوري عباس النوري في دمشق، الذي تحدث عن أسباب نجاح العمل، وعن كيفية نجاحه هو في أداء اهم شخصية في العمل، كما تحدث عن اسباب منع مسلسله الآخر "الحصرم" الشامي من العرض في سورية. وبجرأته المعهودة تحدث عن الرقابة العربية وسيفها المسلط على رقاب من يكتبون التاريخ والدراما بمصداقية ودون مجاملة، ودعا إلى الصدق والاخلاص في ما يقدم دراميا، فإلى نص الحوار....

> قدمت (ام بي سي) هذا العام الجزء الثاني من مسلسل باب الحارة، فما سبب هذا النجاح الذي حققه العمل بجزئيه الأول والثاني؟

- الحقيقة كلنا شعر بالرضا مما حققه العمل من نجاح كبير، فقد بذل كل من شارك فيه جهده لينجح العمل، بدءا من كاتبه أحمد حامد ومخرجه بسام الملا وصولا الى كل من شارك فيه من فنانين وفنيين، فالعمل كان بالفعل مجهودا جماعيا بحتا ونجاحه بفضل كل من شارك وعمل فيه، وهنا اكشف لك حقيقة ان العمل كان أصلا ثلاثين حلقة، وهو الجزء الثاني فقط، ولم يكن الكاتب قد كتب منه سوى ما شاهده الناس في الجزء الثاني خلال رمضان الحالي، ولم يكن هناك جزء أول له وهو ما شاهدوه في رمضان الماضي. فالجزء الأول كتب وألصق بالجزء الثاني لغايات تسويقية ولاطالة العمل الذي احبه الناس في ما بعد، وليصبح ستين حلقة تلفزيونية. وما حبب الناس بالعمل احتواؤه على العادات والتقاليد التي لم تعد موجودة في أيامنا هذه وخاصة ما يشعرهم تجاه بعضهم بالألفة والمودة.

> ما سبب نجاحك في شخصية أبو عصام في باب الحارة، وهل لكونك دمشقي الأصل دور في نجاحك في اداء تفاصيل هذا الدور؟

- أنا فنان أؤدي ما يطلب مني فقط، اديت تفاصيل الشخصية التي قد تتطابق مع شخصيتي الحقيقية والتي قد لا تتطابق معها. ولو كانت شخصية أبو عصام التي تتسم بالطيبة وحب الخير للجميع في أي مسلسل آخر وفي أي حارة أخرى لنجح الدور ولأحبه الناس، ولا شك بان العمل كتب بصدق شديد ونقل ما كان يجري في الحارة للواقع المشاهد بأمانة كبيرة وهذا سبب من أسباب نجاح العمل الذي نقل حقيقة الحارة الدمشقية بمصداقية دون تجميل او تنقيح بل كما هي فقط.

> برأيك هل نقل العمل حقيقة ما كان يجري في الحارة الدمشقية بكل تفاصيلها؟

- لا يمكن لأي عمل نقل كل ما كان يجري بكل تفاصيله نحن نحاول مقاربة الواقع وقد فعلنا ذلك فارتدينا نفس الملابس وصورنا في نفس الأماكن وحاولنا تقريب الصورة الحقيقية للناس كما كانت. ولكن هل قدمنا كل شيء هذا ما لا يمكنني الاجابة عليه، ومن يجيب عليه النقاد والعارفون بحال هذه الحارات الشعبية. ما علينا عملناه وقد قدمنا قصة حارة دمشقية قد تبدو مشوقة للبعض وقد لا تبدو مشوقة للاخرين، ولكنها في نظري تحمل مضامين وأفكارا وقيما جميلة، ولعل سبب نجاح العمل وغزارة مشاهدته هو حاجة الناس لما فيه من مضامين انسانية يفتقرون اليها في عصرنا الحالي وفي مجتمع يتعامل مع نفسه بعجالة كبيرة وطغيان المادة والمصالح على العلاقات الاجتماعية بشكل كبير وهذا النوع من المسلسلات يذكر بحميمية هذه العلاقات والفيء الذي كان في علاقات اهل الشام في فترة سابقة. > هل تعتقد بأن الجزء الثاني من «باب الحارة» كان اجترارا لنجاح الجزء الأول؟

- ما حدث ليس اجترارا للنجاح وهذه تهمة ظالمة، والاجترار هو ان تعلك نفس اللقمة، ولكن اللقمة في "أيام شامية" مختلفة عن اللقمة في "ليالي الصالحية" أو "أيام شامية" أو حتى عن الجزء الأول من باب الحارة، فما قدمناه كان مختلفا عما عرض سابقا، والناس يفرقون بين ما يقدم لهم، ومتابعتهم الكبيره للعمل تثبت صحة قولي. ولا اخفيك انه قد يكون هناك تكرار لبعض الأفكار وهذا لا يعني أنه قد حصل اجترار للقيمة الفنية للعمل، بدليل أنني قدمت شخصيات مختلفة أنا ومعظم من شاركوا في الأعمال الدمشقية منذ عدة سنوات. ونحن لم نقدم انفسنا في هذه الأعمال بل قدمنا شخصيات مختلفة فيها.

> نجاح العمل عربيا ومتابعته من قبل المغرب العربي أوالخليج ما هو سببه في رأيك؟

- سببه حب الناس للشام ولأهله، وصدق العمل هو الذي شدهم، بالإضافة إلى كون الشام يتمتع بسمعة طيبة عند كل العرب، والمجتمع الشامي مجتمع محبوب حتى الآن يقولون (هلي بدو يعيش عيشة هنية يأخذ واحدة شامية) وهذا المثل لم يأت من فراغ بل يدل على ان الشاميين يحبون الحياة ويعرفون كيف يعيشونها، وبالتالي العمل مثل البيئة الشامية بكل تفاصيلها وعاداتها، وما كان فيها من حب وعاطفة واخلاص وصفات حسنة، وهذا بحد ذاته يجلب الناس لمشاهدة العمل من باب حب الاستطلاع والتعرف، ولمشاهدة كل ما نفتقر اليه في زماننا هذا من قيم نبيلة وجميلة.

> من الملاحظات التي وجهت للجزء الثاني من «باب الحارة» الإطالة الزائده التي بلا معنى وتهويل بعض العادات الدمشقية وتكبيرها أكثر من اللازم كظاهرة الطلاق التي كانت مرفوضة في تلك الفترة والتي كانت تسبب المشاكل الكثيرة لأصحابها فهل أنت مع هذه الملاحظات؟ - أنا مع كل مشاهد نقد ما يراه، وهذا من حقه من حيث المبدأ، وحتى لو كان الرأي سلبيا في العمل فأنا أتقبله بكل صدر رحب. أما موضوع الإطالة في العمل فهي ميزة ليست لهذا العمل فقط بل لكل الأعمال العربية، فنحن نمتلك فن الثرثرة والعرب قوالون وليسوا فعالين. فالمسلسل العربي فيه الكثيرمن الثرثرة ويمكن ان يؤسس لحدث صغير جدا ويقوم بعرضه في ست حلقات كاملة، وكل شيخ له طريقة، أما ما ذكرته من التركيز على بعض الظواهر والعادات الدمشقية كالطلاق وعدم ظهور المرأة أمام الرجال إلا متحجبة فهي عادات كانت موجوده في بعض الأحياء، فأنا ابن دمشق ولا نستطيع اطلاق احكام مسبقة على المجتمع ككل، وليست كل دمشق على سوية واحدة في كل العادات والتقاليد، وفي رأيي ما قدم كان معقما قليلا، وأصابه بعض التعقيم وخرجت منه بعض الوثائق، فالمسلسل ينتمي لحقبة تاريخية ينساها البعض، وهذه الحقبة التاريخية هي تلك الحارة الشعبية التي كان يوجد فيها كل شيء، المثقف والمتنور والجاهل والمناضل والسيئ والجيد، وكان هناك حضور للمرأة على المستوى النضالي والانساني، وهذا ما لم نشاهده في «باب الحارة»، وطبعا في «باب الحارة» لم نر أي مثقف، وكان هم العمل تقديم صورة محددة لحارة دمشقية خاصة لها ظروفها الخاصة، أعتقد بأن العمل أغفل حقائق كثيرة كانت موجودة في الحارة الدمشقية، وهو تنوع من يعيشون فيها. وفي تقديري دائما لدينا مشكلة مستمرة نحن العرب مع الدراما ومع التاريخ فعندما نقدم عملا ما في مرحلة معينة بنظري يجب ان نكون امناء وحريصين على تقديم شيء يتوافق مع الوثيقه التاريخية الصحيحة دون مجاملة لأحد. ما قدم في باب الحارة ليس المجتمع الشامي على الاطلاق بل هي عينة منه في مكان ما من دمشق، وتدور احداثها ضمن قصة جرت في احدى حارات دمشق القديمة. ما قدم في باب الحارة هو زمن مغلق على حارة بسيطة في علاقات بسيطة ولم يدخل في فضاءات أخرى ولا يستطيع هذا المسلسل ان يدعي بانه يمثل الشام كاملا في ذلك الزمان واذا ادعى ذلك فأنا أول المنتقدين له. > وجه البعض انتقادات لـ«باب الحارة» بانه لوحة دمشقية لا يقدم حدثا بل قدم صورة للحياة الدمشقية، فكيف ترى هذه الانتقادات؟

- أولا كونها لوحة فهذا كلام ايجابي، وهذا يعني ان العمل تحفة فنية، أما أنه عمل خال من الدراما فهذا كلام مردود، ولا اعتقد بأن مخرجا على سوية فنية جيدة يمكنه قول ذلك، وعليه ان قاله اعادة مشاهدة العمل ليخرج برأي ناقد صحيح. العمل فيه دراما جميلة جدا وحميمية، ودعني ألفت النظر الى ناحية بأنه ومنذ أن بدأت تنتج الأعمال الشامية منذ عام 1992 سميت الدراما التي يقدمها المخرج بسام الملا حول الشام بانها دراما بيضاء، بمعنى انها ايجابية ومثيرة وتقدم نفسها بشكل مختلف، عما هو حولها من انواع الدراما الموجودة على الساحه الفنية. دراما «باب الحارة» قدمت نفسها بصورة لم يتعود عليها الاخرون، واعتقد بان هذا مخزونه موجود بالضبط في دماغ بسام الملا تحديدا وهو من يبدع في هذا النوع من الاعمال ذات الطبيعة الدمشقية الصرفة. > في فترة التسعينات كانت الأعمال الشعبية المصرية هي السائدة عربيا بينما نلاحظ الآن أن الأعمال الشعبية السورية هي الأكثر متابعة، فهل استطاعت الدراما السورية تقديم العمل الشعبي بشكل أكثر قربا وحميمية لقلوب وعقول الناس من المصرية، وهل تفوقت على الدراما المصرية في هذا المجال؟

- نحن في سورية قدمنا دراما رائدة في هذا المجال لكنه ينقصنا كتاب الرواية الشعبية، فلا يوجد لدينا كاتب روائي شعبي، ولا أقصد هنا الشعبي بمفهوم الابتذال، ولكن اقصد الكاتب الذي يغوص في مكنونات المجتمع وتاريخه ليستخلص منها القصص والروايات الجريئة والصريحة دون مواربة أو ابتذال أو رقابة أو فبركة لما هو على أرض الواقع. نجيب محفوظ في مصر لم يأت من فراغ وكذلك معظم الكتاب الذين أسسوا للرواية الشعبية في مصر، وفي هذه النقطة بالذات المصريون متقدمون علينا بمسافات طويلة لأنهم يمتلكون تراثا حقيقيا استندوا إليه، وبالتالي تحول التراث الى روايات في ما بعد، وهناك الآن في مصر الكثير من الكتاب ممن يكتبون باتجاه الرواية الشعبية. وحتى الروائي الجديد علاء الاسواني كاتب عمارة «يعقوبيان» و«شيكاغو»، حين أقرأ رواياته وأرى شخوصها أرى أنها شخوصا شعبية تنتمي للحياة في مصر وفي كل حواري وأزقة القاهرة. نحن في سورية متخلفون في هذا المجال، ومن هنا أناشد وانادي الكتاب في سورية ليلتفتوا إلى هذه الناحية لأننا لم نقدم إلا الرواية ذات المفهوم القروي فقط، ولم نقدم الرواية ذات المفهوم المدني، والحارة هي مفهوم مدني، وان كان صغيرا ومتخلفا ويشبه القرية في بعض نواحيه كونها مغلقة في مفاهيم معينة. نحن لا يوجد لدينا في سورية كتاب للرواية الشعبية باستثناء خيري الذهبي، وهو لا يكفي لنا، ونحن نحتاج لأكثر من كاتب ليغوصوا في المجتمع الشامي لتتحول رواياتهم الى عالم حقيقي من الابداع في ما بعد. والعمل الوحيد الذي قدمته ويعتمد على وثيقة تاريخية وسيحاكم عليه حصرا هو مسلسل «الحصرم الشامي» الذي كتبه فؤاد حميره واخرجه سيف الدين سبيعي، وهو عن نص لرواية شعبية دمشقية قديمة لكاتبها أحمد البديري الحلاق. ولا شك بان مخرج العمل قدم الرواية بامانة كبيرة وأضاف عليها اللمسات الجميلة، وأعتقد بأن هذه هي الصورة الأقرب للشام في تلك الفترة ولكنها ليست مائة بالمائة. > لم تجب عن سؤالي هل الدراما الشعبية السورية تفوقت على المصرية؟

- كان لدينا بعض النثرات الابداعية التي لجأ اليها كتاب كتبوا عن الشام وبشكل معقم، ومع ذلك لاقت نجاحا منقطع النظير، وهي تجارب فردية، فكيف إذا كان هناك اهتمام حقيقي بتاريخ الشام وتمت الكتابة عنه بصدق شديد وبصراحة. المشكلة تكمن في عدم وجود الكتاب، وفي وجود الشرطي الذي في عقولنا والذي يمنعنا من كتابة كل شيء بصدق واخلاص خوفا من مقص الرقيب المخيف. النظرة للتاريخ حتى الآن تشبه النظرة الى محضر ضبط الشرطة، والمثقف والكاتب الذي يقرأ التاريخ بشكل جريء حتما سيعمل له محضر شرطة تأديبي. فنحن يمنع علينا التحدث بجرأة عن مجتمعنا وعرض ما فيه من حقائق ومشاكل. مسلسل «الحصرم الشامي» الذي يقوم على وثيقة تاريخية منع من العرض في سورية بسبب رأي حكومي متسلط يرى ان هذا العمل يؤذي مشاعر الدمشقيين، وهي حجة غير واقعية، انهم يريدوننا ان نعرض الايجابي فقط في تاريخنا ويطلبون منا عدم ذكر الجانب السلبي، وكأن تاريخنا على مرور أكثر من ألف وأربعمائة عام كان نظيفا، وتناسوا أن ثلاثة من الخلفاء الراشدين قضوا قتلا، وكأن تاريخنا كان خاليا من المذابح والاغتيالات والقتل والاغتصاب والسلب والنهب، يريدوننا ان نقدم تاريخنا وكأانه دائما كان رحيما وجيدا وفيه كل أسباب العزة والكبرياء والافتخار. انا لا أهاجم تاريخنا بل أطالب بعرض الحقيقة كما هي ودون ممالأة أو مواربة بل بجرأة ومصداقية لنستفيد من دروس التاريخ. حاليا محرم علينا تقديم التاريخ الذي يتعرض للعثمانيين وللمارساتهم السلبية بحجة ان علاقاتنا جيدة معهم، ولا ندري غدا ربما يقولون لنا لا تتحدثوا عن الفرنسيين لأننا لا نريد لعلاقاتنا أن تسوء معهم. وهنا نتساءل ماذا علينا أن نقدم اذن اذا كان كل موضوع نريد طرحه فيه الممنوع أكثر من المسموح. ولا أريد أن أشط كثيرا في الحديث كبعض المتكلمين من المنتسبين لبعض الأحزاب القومجية.

> شاركت في «الحصرم الشامي» بشخصية شعبية شامية مختلفة عما شاهدك الناس عليه في «باب الحارة» فهل تحدثنا عن تجربتك في "الحصرم الشامي"؟

- العمل مهم وموثق وفيه كم كبير من نجوم سورية، وهو يعرض على قناة اوربت المشفرة. والعمل منع من العرض في سورية بحجة انه يسيء الى المرأة الدمشقية. وللمصداقية هو عمل جريء ومهم وسينجح حتما وسيصدم الناس بحقائقه التي سيشاهدونها عند عرضه، فهو لا يقدم دمشق على طريقة المخرج بسام الملا، وانما هو عمل تاريخي، ولذلك ينظر له على انه عمل موثق، وهو يقدم فعلا صورة جريئة عن المجتمع في ذلك الزمان، يتجرأ على ان يظهرالحياة الاجتماعية بكل تفاصيلها في ذلك الزمان، وبناء على وثائق ومستندات، والعمل لم يخترع تاريخا له وانما تاريخه موجود وواقعي. أما عن دوري في الحصرم الشامي فهو مهم ومختلف وسيحتار الناس في أمره، وسيحبونه وسيكرهونه في نفس الوقت، وسيأخذون منه مواقف ايجابية واخرى سلبية. وأعتقد بأنني أقدم فيه شخصية لها ميزة ونكهة مختلفة جدا. وسأترك تفاصيل الشخصية الأخرى ليتابعها الناس على الشاشة بانفسهم ليكتشفوا الجديد فيها.

> هل انت مع الجرأة في الطرح دائما حتى لو أدت لاشكاليات اجتماعية؟

- المجتمع لا يرفض عرض الحقيقة إذا كانت قريبة من مفاهيمه وقيمه، وعندما تحترم قناعاته فلن يرفض العمل، وبالتالي ستثار مجموعة من المشاكل يجب ان تثار ويتحدث عنها، ومن السيئ السكوت عنها ودفن الرؤوس في الرمال والتغاضي عنها وتجاهلها، ويجب أن نصل لمرحلة ان يعرى التاريخ لنصل للحقيقة، يجب ان نعري ابطالنا وكل من افتخرنا بهم ليس بسبب الاساءة لهم، بل بقصد أن نشاهدهم أناسا حقيقيين من لحم ودم يخطئون ويصيبون وليس تابو ممنوع الاقتراب منه او انتقاده. > هناك من يقول بأن غياب النجم بسام كوسا عن الجزء الثاني ساهم في بروزك كنجم أوحد للعمل هل هذا صحيح؟

- يمكن أن يكون هذا الكلام صحيحا في بعض الحدود وليس على الاطلاق أو على المستوى الفني، وبسام كوسا نجم وصديق ونعتز بوجود هكذا فنان في سورية. والناس تعودوا وجودي انا وبسام مع بعض في هكذا اعمال منذ «ليالي الصالحية» عندما قدم هو شخصية المخرز وقدمت أنا شخصية المعلم عمر، وهنا قدمت أبو عصام بينما قدم هو الأدعشري، وكلانا قدم شخصية مختلفة عن الآخر، فهو قدم الشر وأنا قدمت الخير في العملين. أما في الجزء الثاني من «باب الحارة» لم انفرد بالبطولة، بل شاركني فيها فنانون آخرون، والعمل شهد عودة النجمة صباح جزائري للعمل الفني من جديد، كما برز فيه فنانون آخرون أمثال ميلاد يوسف وتاج حيدر واناهيد فياض ونزار ابو حجر ووفاء موصلي وهدى شعراوي وسامر المصري وغيرهم ممن ساهموا في نجاح العمل.

> شاركت هذا الموسم أيضا بمسلسل «الاجتياح» مع المخرج التونسي شوقي الماجري في مسلسل تحدث عن مأساة فلسطينية هل انت راض عن تجربتك في هذا المسلسل؟

- "الاجتياح" عمل سياسي ولكنه يؤرخ لشيء جميل جدا في حياتنا المعاصرة وهي احداث جرت في فلسطين عام 2002، وهو حادث اجتياح جنين وحصار رموز السلطة في رام الله في تلك الفترة القريبة، حيث حدثت مجزرة هناك، ويعرض العمل لمقاومة الشعب الفلسطيني الاعزل لهذا الاجتياح الغادر. والعمل سياسي بامتياز وهو يعتمد على وثيقة، والحقيقة أنني أفتخر بأنني أشارك في عمل وطني فلسطيني كهذا وهو واجب علينا وقد جسدت في العمل دور ضابط فلسطيني مقاوم. > يقال بأن مسلسل الاجتياح كان ممولا من حزب الله ولهذا لم يعرض على الفضائيات العربية.

- العمل ليس ممولا من قبل حزب الله، ولو كان كذلك لعرض على قناة المنار التابعة للحزب، فتمويله عربي خاص، وحتى الآن لا يزال العمل يواجه مشاكل مالية شائكة، لأنه عمل ضخم وكلف الكثير من الجهد والوقت والمال، وكان يفترض دعمه وعرضه على كل القنوات العربية وهو لم يعرض سوى على قناة (إل بي سي) اللبنانية، وكان يفترض ان يدعم عربيا وان تقدم له كل وسائل الدعاية ولكنه رفض للأسف وحتى في سورية رفض عرضه مع انني قدمته لهم بنفسي ولم يعرضوه.

وهنا اطالب وزراء الاعلام العرب بعدم اقحام السياسة الاعلامية العربية في الفن، وأدعوهم لعدم ظلم فناني الدراما من خلال سياسات تقصي أعمالهم ولأسباب لا علاقة لهم بها، وهنا أقول لماذا تحاربون بعض الاعمال العربية وتمنعونها في زمن لا مكان فيه للمنع، فما يمنع لديكم بات يعرض عند غيركم.

> مشاركة نجوم الدراما السورية هل أضرت بالدراما السورية؟

- هناك سجالات بين بعض مخرجي سورية وبعض نجوم مصر، ولا أدخل نفسي في هذه السجالات مع احترامي للجميع، ولا أعتقد كما يقال بانه توجد مؤامرة في مصر لسحب البساط من تحت أقدام الدراما السورية لافراغها من نجومها. الساحة في نظري موجودة وتتسع للجميع، العقل المؤامراتي ما زال مسيطرا علينا، أنا أدعو للتفكير فيما سنقدم، والعمل على تطوير اعمالنا بشكل منطقي وجيد ليلائم احتياجاتنا ومتطلباتنا على الصعيد الفني وعلى صعيد المجتمع ليكون الفن مرآة حقيقية لمجتمعنا. لا أستطيع فهم بعض مواقف الفنانين المصريين الممانعين من مشاركة سوريين في الدراما المصرية وخاصة الشاب تيم الحسن الذي حورب كثيرا حتى قيل «من هذا الشاب السوري الذي جاء الى مصر ليتقلد دور رمز مصري كبير» وطولب باقصائه عن الدور، والحقيقة أنه فنان موهوب وله تجارب سابقة أثبتت نجاحه، وقد ابدع المخرج حاتم علي والنجم تيم حسن في ما قدماه في «الملك فاروق».