نجاح أي مهرجان مرهون بأهدافه

محمد الظاهري

TT

لقد كان الإعلان قبل ستة أشهر وضمن فعاليات مهرجان "كان" السينمائي عن إنشاء مهرجان سينمائي في إمارة ابوظبي يحمل اسم "مهرجان الشرق الأوسط السينمائي" إعلانا فجائيا للبعض، وأشار البعض إلى كون هذه الخطوة تمثل رد اعتبار إلى الإمارة ووضعها الثقافي بعد عزم دبي قبل ذلك بسنوات قليلة على الإقدام على إنشاء أول مهرجان سينمائي دولي يقام في منطقة الخليج ، وعندها تعالت الأصوات حول فعالية هذا الزخم الاحتفالي والاحتفائي وخصوصا في بلد لا توجد فيه صناعة للسينما، وهو ما يمثل في واقع الأمر نظرة قاصرة ترمي إلى اختزال كل المآرب التي يمكن أن تقود إلى قيام مهرجان سينمائي في مأرب واحد مقصور على تسويق وتدويل الصناعة السينمائية المحلية. والحقيقة أن الواقع لم يكن كذلك دائما، فقد سبق وان قررت العديد من المهرجانات التي أثبتت مع مرور الوقت بأن نجاح أي مهرجان مرتبط بتحقيقه لأهدافه المرسومة أيا ما كانت هذه الأهداف سواء كانت فنيه أو اجتماعية أو اقتصادية أو حتى سياسية أو من هذا وذاك. ولا يخفى على احد الأسباب السياسية التي ارتبطت بفكرة إنشاء مهرجان في "كان" معارضة للسياسات اليسارية والفاشية التي كانت تحيط بمهرجان فينيسيا في ايطاليا قبل الحرب العالمية الثانية. وفي دبي مثلا كان لإدارة المهرجان أهدافها الاقتصادية والسياحية من إقامة المهرجان، ولا شك أن نجاحه بتحقيقه لأهدافه بدأت منذ دورته الثانية بإعلان تأسيس استوديوهات دبي السينمائية وتوقيعها لعدد من العقود مع منتجين من هوليوود وأوروبا، ثم الإعلان عن شراكة مع استوديوهات وارنر بروذو الهوليوودية قبل عدة أشهر إضافة الى أن المهرجان قد اتخذ التقارب الثقافي والمعرفي بين الشعوب شعارا له مما أعطاه بعدا توافقيا يسترعي اهتمام شرائح واسعة في مختلف أنحاء العالم. وعودا على مهرجان الشرق الأوسط، فهو الآخر حدد منذ الإعلان عنه السياسات الأساسية للمهرجان والتي تهدف بشكل أساسي لدعم الصناعة الشابة وتأهيل المواهب المحلية والعربية، وقد بدأ أولى خطواته العملية قبل بدء المهرجان بالإعلان عن أكاديمية سينمائية ستقام في ابوظبي تقوم بتأهيل الكفاءات الفنية الشابة. المهرجان سيبدأ أول أيامه منتصف هذا الشهر وهو ما سيشكل انطلاقة حقيقية له إلا أن الأمل كل الأمل في أن يستمر ذلك الوهج بما يعود إيجابا على تأسيس الصناعة واستيعاب الطاقات، وان لا تتبدد أهدافه التي قام عليها جريا وراء الاستحواذ الإعلامي والمساومات التي لا طائل منها والتي تحدث بين المهرجانات العربية بين الفينة والأخرى، وسنشهد حتما خلال سنوات قليلة فقط سينما إماراتية وخليجية متميزة تتكامل وبقية الدول العربية الأخرى نحو سينما عربية رزينة وراقية.