سلسلة «شوفلي حل» على «تونس7» تستقطب الكثير من المشاهدين

المشاهدون مستمتعون.. والنقاد غاضبون

تونسيون يتابعون أحد المسلسلات في احد المقاهي («الشرق الاوسط»)
TT

تتنافس القنوات التلفزيونية التونسية على شد المشاهد بكل الوسائل خلال شهر رمضان، وعادة ما تنطلق عمليات البحث عن الأعمال الدرامية الجديدة خلال الأشهر القليلة التي تلي شهر رمضان، فيحاول المخرجون الحصول على أجود النصوص وأفضل الأفكار بصفة مبكرة، ويبقى المشاهد التونسي وفيا لقنواته التلفزية الثلاث سواء الفضائية منها أو الأرضية، فآخر المعطيات تؤكد أن نسبة المشاهدة للأعمال الدرامية والكوميدية التونسية خلال السهرات الرمضانية تعد قياسية، وهذا ما يفرض ضغطا إضافيا على المشرفين على البرمجة سواء عند اختيارهم للأعمال أو عند انتقاء توقيت بثها، إذ تتنافس معظم الأعمال على الفترة التي تلي الإفطار مباشرة.

ويتراوح تقييم البرمجة الرمضانية لهذه السنة بين الغث والسمين، وان كان جل الممثلين يحاولون استغلال فرصة ذروة المشاهدة لتحقيق الشهرة والنجومية، وهي غاية صعبة المنال في ظل ظروف المنافسة العالية خلال رمضان. ولا شك أن الفرق واضح بين إضحاك المشاهد والضحك عليه، فالإنتاجات الكوميدية والدرامية التلفزيونية قد لا ترقى في معظمها إلى مرتبة العمل الإبداعي الجيد، ومع ذلك يقبل المشاهد التونسي على التهام كل الأطباق المقدمة.

محمد بن موسى (رجل تعليم)، أشار في البداية إلى ضرورة الفصل بين الإضحاك كعملية إبداعية خالصة والتهريج المجاني، وذلك عبر البحث عن الخيط الرفيع الذي يفصل بينهما. ولا يكفي أن يطل علينا الممثل أو الكوميدي ليضحك في وجوهنا كي يقنعنا بإبداعية المشاهد التي يقدمها، بل عليه إن لم يجد الفكرة الجيدة والأحداث التي تشد، أن ينأى بنفسه عن المشاركة لمجرد المشاركة. ولا بد للمشاهد التونسي أن تكون له الكلمة الفصل في الحكم على كل الأعمال الإبداعية المقدمة.

ولعل التعرف الدقيق على نسبة الإقبال على مشاهدة البرامج التونسية والتي نفذتها إحدى القنوات الخاصة، ستفيد تلك الأعمال التلفزيونية، فإما أن يواصلوا التجربة ويثروها أو أن يعيدوا النظر في حساباتهم قبل أن يفقدوا رصيدهم لدى المشاهد. أما عن الأعمال التلفزيونية التي اعتبرها موسى جيدة، فإن السلسلة الكوميدية «شوفلي حل» التي تبث للسنة الثالثة على التوالي، عدها أفضل الأعمال الاجتماعية التي تنقد الواقع الاجتماعي التونسي من دون تهجم أو انتقاد أو ملل.

ويذهب عبد المجيد المعلاوي (فني في الفلاحة)، إلى أن البرمجة الرمضانية على القنوات التونسية كانت معظم مواضيعها مستهلكة، ولم تستجب تبعا لذلك لانتظارات الجمهور، وإن كانت سلسلة «شوفلي حل» التي تبث على قناة تونس 7، وسلسلة «الكيوسك» التي تعرض على قناة حنبعل الخاصة، قد أفلتتا من دوامة الرتابة. ويبقى النص الجيد أساسيا لإنجاح العمل الدرامي ككل.

وعادة ما يصاب المشاهد التونسي وربما العربي خلال شهر رمضان بثلاث تخم في نفس الوقت، تخمة أولى بسبب الأطباق المتعددة التي يتناولها في وقت قياسي، وتخمة ثانية بسبب الأعمال التلفزية التي تتزاحم أمام أعينه، وتخمة ثالثة وأخيرة وراءها الكم الهائل من الإشهار الذي يرافق برمجة شهر الصيام، لذلك دعا المنجي بن جلول (مدير مدرسة ابتدائية)، إلى ضرورة البحث عن التوازن المفقود بين مختلف الأطباق المقدمة للمشاهد التونسي، فحسب رأيه وحسب ما يشهده من تقييم يومي للأعمال التلفزية من قبل المشاهدين، فإن الجمهور العريض سعيد للغاية بـشخصية «السبوعي» في سلسلة «شوفلي حل» التي يؤديها الممثل الظاهرة سفيان الشعري، وهو يتفاعل مع البساطة الذكية للشخصيات التي تقدمها سلسلة «الكيوسك»: وتشد بعض الأعمال الأخرى على غرار «كمنجة سلامة" و"الكاميرا الخفية"، انتباه المشاهد.

واعتبر أن سلسلة «شوفلي حل» ظريفة وطريفة وهي بعيدة عن السخرية المباشرة. ولاحظ كذلك أن هذه السلسلة ببساطة شخصياتها لا تحرج العائلات وهذا بالرغم مما فيها من نقد خفي وإيحاءات خفيفة لا تخدش الحياء. وترى فائزة البوجبلي (ربة بيت) أن التلفزة تستقبل كل الألوان خلال شهر رمضان، وما على المشاهد إلا مواصلة المشاهدة أو الضغط على الزر لتغيير المحطة. أما بالنسبة لها كمشاهدة دائمة للتلفزة، فإن برامج الطبخ المختلفة تسترعي اهتمامها...كما أن بساطة بناء بعض الأعمال التلفزيونية تشدها، فسلسلة «شوفلي حل» تمتعها، أما سلسلة «كمنجة سلامة» فقد اعتبرتها حكاية عادية لا تراها تعكس الواقع الاجتماعي التونسي، بل إنها قريبة كل القرب من حكايات العائلات البرجوازية في بريطانيا، أو المسلسلات المكسيكية التي لا تنبني على قضية تعالجها.

واعتبرت نبيلة الشواشي (فني سامٍ في العلاج الطبيعي) أن البرمجة هذه السنة يمكن اعتبارها متوازنة فهي تجمع بين الجوانب الترفيهية والجوانب الجدية وان كانت البرامج ذات الطابع الاجتماعي المرح لها قصب السبق.. وأشارت كذلك إلى جدية بعض الأعمال الدرامية، فقد استطاعت بذكاء أن تجمع بين الإشارة اللماحة - واللبيب من الإشارة يفهم - والبناء الدرامي المقنع. أما عن الأعمال التي شدت انتباهها، فقد لاحظت أنها تتابع الكثير من الأعمال ذات الطابع الاجتماعي وقد وجدت فيها الكثير من المتعة. وقد عبر النقاد والمتابعون بصفة عامة عن عدم رضاهم عن الأعمال التلفزية المقدمة خلال شهر الصيام الحالي، ولم يستثنوا من ذلك الأعمال التي تحقق أرقاما قياسية في المشاهدة وتلقى صدى جيدا لدى الشرائح الاجتماعية المختلفة، بل إن الكثيرين منهم انتقد سلسلة «شوفلي حل» الناجحة معتبرا أنها لم تحتو على الأفكار الجديدة وأن أداء بعض الممثلين اتسم بالرتابة ولم يطوروا بالتالي مشاركاتهم بالشكل المطلوب، ودعوا عبر الصحافة المكتوبة التي تتناول الأعمال التلفزية بإسهاب، إلى التفكير منذ الآن في أعمال كوميدية تطبع الفرحة على وجوه المتفرجين، وهذا لن يتم إلا عبر إعطاء الفرصة كاملة أمام الأقلام الجيدة وعدم الاكتفاء بنفس النصوص التي أصبحت تكرر نفسها.

ويبقى رضا المشاهد غاية لا تدرك، فللنقاد الحق كل الحق في إبداء عدم رضاهم عما يقدم فهم يطمحون دائما إلى ما هو أفضل ويضعون تبعا لذلك مقاييس صارمة عند تناولهم للاعمال التلفزية بالنقد، ولكن من حق الجمهور العريض كذلك أن يستمتع ببعض الأعمال التي تعكس الواقع الاجتماعي التونسي بمختلف اشكالياته وتسعى تبعا لذلك إلى المساهمة الفعالة في طرح واقع اجتماعي أكثر تطورا.