شذى الوعد

TT

قد تبدو أحياناً فكرة وجود سينما سعودية حلماً بعيد المنال، فالعوائق كثيرة، أولها عدم قناعة الكثير من السعوديين بأهمية هذا الفن ودوره في تطور الشعوب والرقي بثقافتها، وآخرها عدم وجود توجه حكومي واضح لدعم الفنون في السعودية.

لكن نظرة متفحصة أخرى، تكشف عن بذور آخذة في التبرعم، تستمد وجودها من قنوات وأشخاص يعملون بشكل جاد وحقيقي لإيجاد سينما تعبّر عن الواقع المحلي. هذه البراعم والبذور هي الأعمال والأفلام السعودية التي نسمع عنها بين حين وآخر. وعلى الرغم من بساطة أدواتها الفنية وتواضعها على المستوى الفني، وهو أمر طبيعي في ظل الوضع القائم، وكونها ما زالت تجارب في طور التشكل، إلا أنها تشترك في أن لديها هماً ما، أو رأياً ما تريد أن تعبر عنه، وهو المرتكز الأساسي لدى أي صانع فيلم، وهو يعني، بشكل آخر، أننا أمام مواهب يمكنها أن تقدم الكثير وهو ما ننتظره منها. هناك أمر آخر مهم في هذا المضمار، وهو أنه على الرغم من عدم وجود احتضان لهذه المواهب على الصعيد الرسمي، هناك، على صعيد آخر، دعم لها من قِبل المهتمين بهذا المجال من كتّاب وصحافيين ومن القائمين على بعض المنتديات في الانترنت. وهو أمر يستحق الإشادة، لأن وجودهم يخفف من غياب الدور المؤسساتي، على أهميته، في رصد لهذه التجارب، وتوجيهها بالنقد البنّاء، الذي يهدف للنهوض بها، وتأسيسها على أسس فنية صحيحة. وتجربة مجلة «قوافل» الأخيرة، في تخصيص ملف عن السينما السعودية، هي أبرز مثال على ذلك. ولا ننسى أيضاً وجود المهرجانات الدولية الخليجية، خاصة مهرجان دبي وأبوظبي الدوليين، ودورهما في تثقيف وزيادة وعي المشاهد الخليجي بالفن السينمائي، وفي إتاحة الفرص للهواة والراغبين في خوض المجال السينمائي، للالتقاء بمحترفين ومتخصصين ومنتجين سينمائيين من كافة أنحاء العالم، وما يمكن أن تسفر عنه هذه الفرص من مشاريع سينمائية مستقبلية. ومن المتوقع أن يكون لمهرجان السينما الخليجية، المزمع عقده في ابريل (نيسان) من هذا العام، دور في تطوير التجارب السينمائية الخليجية وإثرائها. لذا فأنا أقول، لكل من يرى أن هناك من العوائق والصعوبات ما لا يسمح بوجود سينما سعودية، ما قاله طاغور ذات قصيدة: «ومع هذا، فإن الفضاء معطر بشذى الوعد».

[email protected]