سعاد حسني وسيد خليفة

TT

* لماذا يكون الاحتفاء دائماً، وبقدر هائل من الكرم، بالذين يرحلون ونتذكرهم فقط في هذه المواقف؟ بالأمس تساقط عدد من النجوم، وبدأ كرم الاحتفاء بهم بشكل لافت للنظر يصعب علينا ان نتذكر من خلاله معاناة هؤلاء وكيف عاشوا.

القاهرة استقبلت جثمان الفنانة المصرية سعاد حسني بتظاهرة حب كبيرة لم تحصل عليها خلال سنوات علاجها في الغربة، واهتمام محموم لم يتوفر لها خلال حياتها.

ما ينطبق على سعاد حسني قد ينطبق على الفنان سيد خليفة الذي رحل وهو بعيد عن بلاده، وعجل هو الآخر ايضاً برحيل الأغنية السودانية من خارطة الغناء العربي! فالمتابع للأغنية السودانية لا يعرف غير هذا الاسم. وللأسف ليس هناك في مخيلة أي متابع للفن السوداني غير «المامبو السوداني» و«إزيكم.. كيفنكم». ولا يعرف العرب غير هذا الفنان الذي خدم بلاده. قد يكون هناك فنانون مهمون جداً في السودان، ولكنهم للأسف مُهمَلون ولم نسمع بمشاركة أي منهم في أي مهرجان عربي، أو يطل علينا احدهم من الفضاء عبر إحدى القنوات.

قد يكون الاعلام السوداني مقصراً في التعريف بفن بلاده أو قد يكون الفنان هو السبب، ولكن يبدو ان اهتمام المواطن السوداني بالسياسة فقط، جعله يتابع تحركات أهلها بدءا من قرنق وانتهاء بالترابي.

هل لنا ان نحزن او نتعجب او نرفع اصابع الاعتراض؟!

* المريخي.. غير ـ رغم النجاح الذي حصده في أمسيته الشعرية الأولى في جدة يظل الشاعر الغنائي خالد المريخي في نظر الناس الشاعر الذي اقترف غلطة فادحة كنت أتمنى ألا يفعلها لأنها لا تأتي من مثقف وحضاري مثله.

هل يعقل ان يقطع اشارة مرور حمراء وهو منشغل بالحديث عبر الهاتف الجوال.. طبعا؟! الخبر الذي نقل عن توقيفه خلف القضبان ودفعه الغرامة لاقترافه هذا الخطأ المحيق، قد يكون سببا لأن نقول ان الشعر غير، والنظام والقدوة الحسنة غير.

* عصر الصخب وزمن التصفيق

* من مساهمات الاحبة وصلني هذا التعقيب من محمد صالح عثمان يفجر فيه غضبه على عصر الصخب ـ أخي عبد الله القبيع للأسف لم أقرأ الموضوع الذي كتبتمونه في ملحق «تي في» بعنوان مجاعة عاطفية ولكني فهمت من ردك على أحد المعقبين في عمودكم «شاهد عيان» بجريدة «الشرق الأوسط» الجمعة 15/6/2001 انك كتبت بأسلوب ساخر فهناك من يفهمه من القراءة الاولى وهناك من يحتاج الى الرجوع اليه ولكن بذلك يؤدي الموضوع دوره المطلوب اذ لا يفيد في هذا الزمن الصاخب بموج الاسفاف الهادر الا أن تكتب بأسلوب ساخر حتى يسمعك الغارقون في التصفيق والرقص.

نحن بحاجة اخي الى تعريف الفن والفنان، فهو اليوم أي الفن ليس اكثر من ايقاع واحد محفوظ تؤديه الالة الكهربائية بكل اتقان مع تغيير سرعته حتى تختلف هذه الاغنية عن الاخرى ثم تضع يديك على الالة الكهربائية وهي سوف لن تخذلك وستقوم بالباقي على اكمل وجه ويكون حولك بل ضروري من حبتين ثلاث من ذوات الكون اللحمي المتفسخ. وحتى تكون الاغنية هادفة يجب ان تركز على الجميلات (القشرة الخارجية بالطبع) فالجمال المطلق لا يجب ان يذكر في هذا الموضع.

أنني قد نسيت شيئا اخر الا وهو كلمات الاغنية... بسيطة... ولا داعي للقلق فلنلتقطأقرب قصاصة من أي جريدة من حولنا وتكون السهرة قد اكتملت.

وبهذه المناسبة انا فنان عالمي كبير ولي جمهور ونادي معجبين وسأتصدر قائمة الـ«توب تين» أو الـ«توينتي» في أي قناة فضائية أو صحيفة... طالما انا املك هذه الوصفة. فقط على ان أشتري «عدة الشغل» واستعمل صداقاتي في اجراء حوارين ثلاثة في بعض الصحف والمجلات ولا انسى وانا اعد نفسي لهذه اللقاءات المهمة ان اكتب في مفكرتي:

1ـ مدح الصحيفة المعنية ولا انسى ان أؤكد بأنني من قرائها.

2 ـ بعض الابتسامات وتخفيف الظل.

3 ـ انتقاد بعض الفنانين العمالقة (لزوم لفت الانظار).

وبكده يكون الجمهور متكونا وجاهزا للرقص والتصفيق. آه من وجع القلب وصمم الآذان ايها الفن الصفيق.

نحن في عصر يا عبد الله تبلد فيه الاحساس والذوق. عصر الصخب والهرجلة، عصر الهوس والمسخرة. لقد انتهى عهد الكلمة من اجل معناها والنغمة وفحواها ومغزاها. عهد الفن الذي يجري في العروق ويحرك الاحاسيس والمشاعر وينسجم مع خفقات القلوب.

* محمد صالح عثمان ـ مكة المكرمة