مقتنيات وأوسمة وأغاني ومذكرات خاصة في أول متحف يحتضن تراث سيدة الغناء العربي

TT

يترقب الكثير من عشاق «كوكب الشرق» أم كلثوم افتتاح متحفها ـ خلال الأيام القادمة ـ بقصر المانسترلي التاريخي على ضفاف نهر النيل بجزيرة الروضة بالقاهرة. اقيم متحف ام كلثوم على مساحة 250 متراً مربعا مطلا على نهر النيل الذي طالما عشقته وغنت له الكثير من أغانيها، كما عاشت بين احضانه في منزلها الشهير بشارع أبو الفدا بحي الزمالك، والذي تحول الى برج سكني بعد ان رفض ورثتها تحويله الى متحف خاص بها.

استغرق الاعداد لمتحف أم كلثوم واتمام تنفيذه أكثر من ثلاث سنوات بالتعاون مع أشهر بيوت الخبرة الايطالية التي نفذت أشهر المتاحف الخاصة بالفنانين في أوروبا كلها، ويضم متحف ام كلثوم أغلب تراث سيدة الغناء العربي، بالاضافة الى وثائق خاصة بالعديد من الشخصيات الفنية والسياسية التي كانت لها صلة بأم كلثوم.

ويقول الشاعر احمد عنتر مدير المتحف: منذ أواخر ابريل عام 1998 بدأنا الاعداد لتنفيذ هذا المتحف عرفاناً بالدور الذي لعبته سيدة الغناء العربي في اثراء الوجدان العربي. وتقديراً لفنها الأصيل وحرصاً على تراثها الشخصي والعام، شكلت وزارة الثقافة المصرية لجنة خاصة منذ ثلاث سنوات لجمع مقتنيات أم كلثوم وآثارها العامة والخاصة، وبالفعل حصلنا من ذويها ومحبيها على مقتنيات قيمة وثمينة خاصة بأم كلثوم بالتعاون مع أسرتها، خاصة الاستاذ محمد الدسوقي والسيدة فردوس الدسوقي والدكتور محمد حسن الحفناوي الذين قاموا بالتبرع بمقتنياتها الثمينة والشخصية، ولم يقتصر الأمر على أسرتها فقط، بل طالبنا في الصحف كل من له صلة بها أو يملك تسجيلا نادراً بأن يتبرع به لصالح المتحف، وأهدانا أحد عشاقها المقيم بفرنسا مجموعة من التسجيلات والصور النادرة لها، بالاضافة الى أرشيف كامل عما كتب عنها في أوروبا أثناء رحلاتها.

ويتابع احمد عنتر: هذا غير ما قام به فريق العمل من جمع لكل ما كتب عن أم كلثوم في الصحافة المصرية والعربية منذ حضرت من قريتها «طماي الزهايرة» الى القاهرة عام 1923 وحتى الآن ليتاح للباحثين في مجلدات ضخمة توثق لقرن من الغناء في تاريخ مصر، علاوة على ما تم جمعه في C.D أو على أقراص كومبيوتر من أغاني أم كلثوم النادرة، وأغاني أفلامها، وأحاديثها الصوتية في الاذاعة، وكذلك ما كتب عنها.

مذكرات ونياشين وبمجرد ان تطأ قدماك عتبة المتحف حتى تجذبك من بعيد آلة «الهارب» بأوتارها الفرعونية المميزة، والتي تعلو المتحف لتدل على انه متحف سيدة الغناء، وسيرى السائرون على جانبي النيل صباحاً هذه الآلة، وهي تعكس أشعة الشمس فتخطف أنظارهم، وليلا عندما تتلألأ تحت الاضاءة الخاصة التي ستسلط عليها.

وعندما تصل الى باب المتحف الذي سيزود بنظام تأميني خاص للحفاظ على مقتنيات سيدة الغناء العربي، سيستقبلك في المقدمة عود أم كلثوم وإحدى نظاراتها وأحد مناديلها الجميلة الألوان التي كانت تحرص على الامساك بها أثناء الغناء، داخل فاترينة عرض خاصة، ثم فاترينات عرض أخرى، بعضها مخصص للنياشين والأوسمة، والأخرى للفساتين والثالثة لمتعلقات أخرى كالنظارات والأحذية والحقائب، والمذكرات وجوازات السفر والوثائق، وسجادة للصلاة، ووثائق وأسرار، ورابعة لمقتنيات أخرى كالأقراط التي كانت ترتديها وحقائب اليد وصور فوتوغرافية نادرة وهي في بيتها، وفي الحفلات الخاصة، وغير ذلك، ولن تكون هذه المعروضات ثابتة، بل سيتم تغييرها باستمرار لان مقتنيات أم كلثوم كثيرة وما زال الكثيرون من عشاقها يتبرعون ببعضها.

وعلى يمين الداخل الى المتحف ستجد بانوراما كبيرة مساحتها حوالي 15 متراً مربعاً متصلة بجهاز كاشف تعرض تاريخ أم كلثوم من خلال الاحداث التاريخية التي مرت بها مصر والعالم العربي منذ أوائل القرن الماضي وحتى وفاتها، وبصمات أم كلثوم في الأحداث التاريخية التي مرت بمصر والعالم العربي وحرب فلسطين وما قامت به من جهود لبناء الجيش المصري بعد ثورة يوليو 1952.

وهناك أيضاً مكتبة سمعية تضم العديد من أغاني أم كلثوم النادرة وتسجيلاتها المختلفة لعدد من الحفلات وأغاني الأفلام، يمكن للزائر الاستماع والاستمتاع بها من خلال أحدث أجهزة الاستماع الخاصة، هذا غير المكتبة التي تقع على شمال الداخل للمتحف وتضم كل ما كتب من أبحاث ودراسات وكتب ثقافية واجتماعية وسياسية عن أم كلثوم وحياتها ودورها في تاريخ مصر والعالم العربي اجتماعياً وسياسياً وثقافياً وفنياً، بالاضافة الى ما تم تسجيله منها على الكومبيوتر ويمكن للباحثين الحصول على نسخ منها كما يؤكد مدير المتحف احمد عنتر، هذا غير النوت الموسيقية لأغانيها، والتي تعرض بالمتحف النسخ الأصلية لها وما كانت تضيفه أم كلثوم على كلمات الأغاني أو الألحان، وكل ما كتبته الصحف والدوريات عنها مفهرسة ومبرمجة بأحدث الوسائل العلمية لتكون بين أيدي الباحثين والمعنيين بتراث الأغنية العربية.

وثائق وأسرار وخلال رحلة البحث عن مقتنيات أم كلثوم التي بدأت منذ 3 سنوات وما زالت مستمرة. يقول احمد عنتر مدير المتحف من أهم مقتنيات أم كلثوم التي حصلنا عليها مصحفها الخاص المطعم بالصدف، وجهاز استماع ومسجل «بيك اب»، الذي كانت تجري عليه بروفات الأغاني، وراديو كبير من الطراز القديم، وجهاز سينما خاص 16مم، ومنها أيضاً نوط الامتياز الذي حصلت عليه من سفارة باكستان، الذي لم يحصل عليه أي مصري غيرها، بعد ان غنت «حديث الروح» للشاعر محمد اقبال، والهلال الماسي الذي كانت اودعته دار أخبار اليوم وأيضاً حصلنا عليه، وما يقرب من 3000 صورة قام بتصويرها لها كبار المصورين أمثال انطون ألبير وسعد سويلم وغيرهما وهي في بيتها وفي بعض الحفلات والزيارات ورحلاتها في الوطن العربي، وهناك أيضاً مجموعة من شرائط لبروفات الأغاني، والمسودات الأولى للأغاني وعليها تعديلات بخط يد أم كلثوم، هذا غير الكثير من فساتينها وعدد من المعاطف الجميلة التي ما زالت تحتفظ بألوانها وجمالها بفضل حفاظ فردوس الدسوقي ابنة شقيق السيدة على هذه المقتنيات، وهناك عدد من الأحذية الجميلة التي كانت تهدى إليها من بعض الدول العربية من الجلود الخاصة وبعضها مرصع بالأحجار الكريمة، وبعض القفازات وسجادة للصلاة، وقيثارة من العاج اهديت إليها من السودان، ومظلة، وعدد كبير من النياشين والأوسمة التي حصلت عليها من تونس والمغرب وليبيا والسودان والامارات وغيرها من الدول العربية في مناسبات مختلفة، وهناك عدد كبير من الوثائق والصور التي تشير الى علاقتها بالكثير من الشخصيات الهامة مثل أمير الشعراء احمد شوقي والزعيم المصري سعد زغلول ومصطفى النحاس، والصحافي الكبير محمد التابعي وهيكل وغيرهما، وبالزعيم جمال عبد الناصر، وبالكثير من الملحنين والمطربين مثل السنباطي وعبد الوهاب والقصبجي وبيرم التونسي.