الكندي الموسيقية .. مجموعة استثنائية تحافظ على التراث العربي الأصيل

TT

أحيت مجموعة الكندي الموسيقية برئاسة عازف القانون الفرنسي المسلم جوليان جلال الدين فايس وبابداع مشترك للشيخ عمر سرميني والفنان أديب الدايخ، ليلة من ليالي مهرجان فاس السابع للموسيقى العالمية العريقة تكريما للمتصوف العربي الكبير محيي الدين بن عربي، فكانت تلك الليلة من أروع ليالي المهرجان التي أصاخ فيها الجمهور السمع لأناشيد لمحيي الدين بن عربي ومتواليات من قصائد الغزل العفيف ومقطوعات موسيقية منفردة أبدع فيها عازف القانون البارع جوليان جلال الدين فايس وعازف الناي زياد القاضي أمين وعازف العود قدري دلال وهما من سورية، اضافة الى عازف آلات القرع المصري عادل شمس الدين.

وفد تأسست مجموعة الكندي في عام 1983 من قبل الفنان جوليان فايس، الذي اعتنق الاسلام عام 1986، تكريما لروح منظر الموسيقى العربي أبي يوسف الكندي. وتنتظم مجموعة الكندي الاستثنائية التي تحافظ على التراث العربي الأصيل، على شكل تخت، أي مجموعة موسيقية مصغرة تتكون أساسا من قانون وعود وناي وآلات قرع. وقد أدت مجموعة الكندي في البداية الربرتوار العالم ذي الصبغة الموسيقية الخالصة للعالم العربي الاسلامي مصحوبة بموسيقيين من مرتبة رفيعة. وبعد أن حققت التناغم الأولي والقوة المطلوبة اتجهت المجموعة نحو الربرتوار الصوتي للموسيقى العالمية العربية، فمكنت الجمهور الغربي والعربي من التعرف على مغنين عرب رائعين مثل: التونسي لطفي بوشناق، الشيخ حمزة شكور، عمر سرميني مؤذن الجامع الأكبر بدمشق، حسين الأزمي أستاذ مقام بغداد وأديب الدايخ مغني الغزل بحلب. ويتمثل الاكتشاف الأخير لمجموعة الكندي في احتضانها لصبري مدلل أكبر مؤذن في مدينة حلب، وأحد أعمدة الانشاد العربي المتخصصين في الوصلة، الذي سار بفن التحسيس الى درجة عالية بحيث طور تقنية صوتية تمكنه من التنفس أثناء الانشاد.

وللأسف لم يتمكن الجمهور في مهرجان فاس من الاستمتاع بصوت صبري مدلل الذي غاب عنه لظروف صحية، ولكن في المقابل استمتع الحاضرون بأناشيد عمر سرميني الدينية الرائعة وبمتواليات قصائد الغزل التي أبدع فيها أديب الدايخ صوتا وأداء. كما تمكن جوليان فايس باشراف بارع واندماج بالغ في تقديم وصلات من فن الموسيقى العربية الرفيعة. وقد عرف فايس بدينامية خاصة في متابعة الأصوات العربية غير المعروفة في الغرب وتسجيلها ومصاحبتها عزفا، وهو ما جعله صلة وصل بين عالمين. وستتعمق هذه الصلة بعد استقراره بحلب بقصر مملوكي يعود للقرن 18، حيث يسهر بانتظام على عقد منتديات الموسيقى الكلاسيكية. وقد قال في حقه الراحل منير بشير منذ سنوات: «جوليان جلال الدين هو السفير الفرنسي للمبادلات الموسيقية مع العالم العربي. إنه الشخص الغربي الوحيد الذي اندمج فعلا في جمالية التراث العربي الأصيل».