«الغابة» فيلم عن أولاد الشوارع يتطلع لنجاح «حين ميسرة»

يخلو من المشاهد الساخنة رغم جرأة الموضوع

مشهد من فيلم «الغابة» («الشرق الاوسط»)
TT

كثيرون لم يتوقعوا أن يحصل فيلم «الغابة» للمخرج أحمد عاطف على مساحة للعرض التجاري بعد مرور قرابة العام على انتهاء تصوير الفيلم الذي شارك في المسابقة العربية لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي في نوفمبر الماضي، صحيح أن الفيلم خرج بدون جوائز وهو ما تكرر في المهرجان القومي للسينما المصرية الشهر الماضي، لكن هذا لم يمنع صناعه من التفاؤل برد فعل الجمهور عندما يطرح العمل في الصالات نهاية الشهر الجاري، السبب لا يعود فقط للجرأة التي يقوم عليها السيناريو الذي كتبه ناصر عبد الرحمن، وإنما للنجاح الكبير الذي حققه فيلم «حين ميسرة» الذي حصد حتى الآن قرابة الـ 17 مليون جنيه من العرض التجاري كما حصد خمس جوائز في المهرجان القومي الأخير عكس كل التوقعات، الأمر الذي أثار غضب بعض الأقلام الحكومية كون الشريط الذي وقعه خالد يوسف حمل الكثير من الانتقادات لسياسة الدولة ومع ذلك فاز في مهرجان ترعاه وزارة الثقافة.

أما «الغابة» فطالته اتهامات من نوع آخر لدى عرضه في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي تتعلق بجنوحه للطابع التسجيلي وتقديم الحكايات كما يقرأها الناس في الصحف، والمفارقة أن مؤلف الفيلم هو نفسه صاحب «حين ميسرة»، فيما المخرج هو أحمد عاطف الذي يعود للسينما بعد غياب حيث قدم من قبل «عمر 2000» و«ازاي البنات تحبك» وأراد تغيير المسار تماماً في فيلمه الثالث، واختار مجموعة من الممثلين الشباب لبطولة الفيلم الذي حمل في البداية اسم «وحوش القاهرة» حيث يقوم بالبطولة، أحمد عزمي وحنان مطاوع وباسم سمرة وريهام عبد الغفور، مع مجموعة من أطفال الشوارع الحقيقيين، وتميزت القصة بأنها بدأت من الجيل الذي تخطى العشرين وهو في الشارع، بعدما ركزت الأعمال والبرامج التي تناولت تلك الظاهرة التي تقلق الشارع المصري، على الأطفال فقط دون مراعاة أن الأطفال الذين وجدوا أنفسهم في الشارع في بداية التسعينات كبروا الآن وأعمارهم تعدت العشرين عاما وبالتالي خطورتهم أصبحت أكبر مما كانت تحذر منه تلك الأعمال في الماضي.

وقال ناصر عبد الرحمن – مؤلف الفيلم – لـ«الشرق الأوسط» انه لا يفصل بين الهدف الذي قدم من أجله «الغابة» والهدف الذي على أساسه كتب فيلمي «هي فوضى» و«حين ميسرة» رابطاً بين الأفلام الثلاثة كونها تحاول الإشارة لمشكلات وأزمات يعانيها الإنسان المصري في السنوات العشر الأخيرة، محاولاً من وجهة نظره رصد المتغيرات التي أصابت المجتمع الذي ظل لفترة تاريخية طويلة يحمل صفات اجتماعية ونفسية وانسانية محددة وتتوارثها الأجيال، قبل أن تأتي مرحلة فاصلة تجعل المصريين يتكيفون مع ظاهرة أطفال الشوارع وتحول القاهرة إلى «غابة» حتى لو رفض أهلها الاعتراف بذلك.

واستنكر عبد الرحمن الاتهامات التي توجه لصناع هذا النوع من الأفلام بأنهم يشوهون سمعة مصر، مؤكداً أن تقديم الحقيقة لا يعني أبدا تشويه الصورة. من جانبها اعتبرت الممثلة حنان مطاوع الفيلم بمثابة التجربة الصادمة للجمهور ولفريق العمل ككل، متوقعة أن يدق «الغابة» جرس انذار يضاف لما قدمته السينما أخيراً من أصوات تنبه المجتمع للازمات التي يعيشها الناس، خصوصا البسطاء منهم، وقالت إنها تقدم شخصية «فتاة ليل شارع» وهو نوع من «فتيات الليل» لم يقدم من قبل على شاشة السينما، فهناك في المجتمع «فتاة ليل» تمارس عملها من أجل وجبة طعام أو مقابل مادي لا يزيد عن خمسة دولارات، والفيلم بشكل عام – حسب مطاوع- يقدم نماذج إنسانية تعرضت لقهر وكبت من المجتمع ويكشف كيف يمكن لهذه النماذج أن ترد الدين للذين تركوهم يجوعون وينامون في الشوارع.

إذاً وحتى تستقبل الصالات «الغابة» يبقى السؤال. هل يحقق نجاحاً متقارباً لما حدث مع «حين ميسرة» أم يعاني من نقاط ضعف، بسبب غياب أي مشاهد ساخنة عكس «حين ميسرة» بجانب القوة الإعلامية والدعائية التي يتمتع بها المخرج خالد يوسف بالمقارنة مع معظم مخرجي السينما هذه الأيام.