قراءة في جوائز المهرجان القومي الرابع عشر للسينما

اقتصرت الجوائز على 3 أفلام فقط.. وتم تتويج «حين ميسرة» كأفضل فيلم

مشهد من فيلم «حين ميسرة» («الشرق الاوسط»)
TT

اختتمت أعمال المهرجان القومي للسينما في دورته الرابعة عشرة يوم الأربعاء 31 إبريل 2008، وتم توزيع جوائز مسابقة الأفلام الروائية الطويلة التي جاءت كالتالي، جائزة أولى لفيلم حين ميسرة والجائزة الثانية لفيلم في شقة مصر الجديدة، بينما ذهبت الجائزة الثالثة لفيلم الجزيرة، وهي الأفلام الثلاثة التي اقتصرت عليها بقية جوائز المسابقة، وعلى الرغم من أن فيلم في شقة مصر الجديدة هو الفيلم الأفضل من وجهة نظر الكثير من النقاد، إلا أن الجائزة الأولى تذهب لفيلم حين ميسرة الذي صاحبته ضجة لا مثيل لها، ويبدو أن وجود الناقد سمير فريد كرئيس لجنة التحكيم لمسابقة الأفلام الروائية الطويلة، كان دافعاً كبيراً وراء فوز الفيلم بالمركز الأول خاصة مع إعجابه الكبير به واصفاً إياه «بأولى روائع المخرج خالد يوسف»، في عموده اليومي بجريدة المصري اليوم بتاريخ 22 / 12 / 2007، وسواء اتفق الجميع أو لم يتفق على كون فيلم حين ميسرة يستحق المركز الأول أم لا، فوجود فيلم في شقة مصر الجديدة في المركز الثاني كان مفاجأة حقيقية نظراً للموقف السلبي للناقد سمير فريد تجاهه، أما المركز الثالث فلم يكن من الممكن أن يذهب سوى لفيلم الجزيرة الذي اعتبره كثير من النقاد ثاني أفضل أفلام العام بعد فيلم في شقة مصر الجديدة.

ويبدو أن تكريم المخرج محمد خان هذا العام، قد جعل المنافسة على جائزة الإخراج تقتصر بين المخرجين خالد يوسف وشريف عرفة، وعلى الرغم من أن فيلم الجزيرة كان صاحب النصيب الأكبر من الجوائز المهمة، وعلى الرغم من أنه يتفوق على منافسه في جميع النواحي الفنية، والتقنية بالذات، (تصوير وموسيقى وجائزة خاصة للمؤثرات إضافة لجوائز التمثيل الرئيسية)، فإن جائزة الإخراج ذهبت للمخرج خالد يوسف، ربما لأنه مخرج فيلم المركز الأول، بالرغم من أن المنطق الفني يقول أن من يستحق الجائزة هو شريف عرفة، أما جائزة الإخراج للعمل الأول فكانت من نصيب المخرج سعد هنداوي عن فيلمه «ألوان السماء السبعة»، بالرغم من أن الفيلم هو الفيلم الثاني للمخرج وليس الأول، حيث كان فيلم «حالة حب» هو أول أفلامه كمخرج، وهو ما يضع أمامنا احتمالين، الأول هو أن الجائزة ذهبت لسعد هنداوي لأن فيلمه شارك في العديد من المهرجانات الدولية، وله ثقل فني بوجود نجوم مثل فاروق الفيشاوي وليلى علوي، ولم يكن من الممكن أن يفوز بأي جائزة أخرى نظراً لمستواه الفني المتواضع، الاحتمال الثاني أن جميع المخرجين الجدد الذين قدموا أعمالهم الأولى عام 2007، والذين يصل عددهم إلى عشرة مخرجين، لم يكن من بينهم مخرج واحد يستحق التقدير على عمله الفني الأول، وهو ما يعني بالضرورة تراجع المستوى العام للأفلام الجديدة في العام الماضي.

بالنسبة لجوائز التمثيل فقد كانت لها حسابات أخرى، جائزة التمثيل للدور الأول رجال، ذهبت إلى أحمد السقا عن فيلم «الجزيرة»، ويبدو أنه كان الاختيار الوحيد المتاح، لأن هناك غضبا تاما على فيلم يوسف شاهين الجديد «هي فوضى» حرمه الفوز بأي جائزة، وبالرغم من أن الفيلم لم يكن في مستوى المنافسة مع الأفلام الأخرى، ولكن بالتأكيد فإن خالد صالح يستحق جائزة التمثيل بجدارة مستحقة عن أدائه في الفيلم، ولكن يبدو أن الغضب العام على الفيلم قد حرم خالد صالح من الفوز بالجائزة، الجائزة المثيرة للدهشة هي جائزة التمثيل للدور الأول نساء، التي ذهبت إلى هند صبري عن فيلم «الجزيرة»، مصدر الدهشة نابع من مساحة الدور الصغيرة الممنوحة لهند صبري في الفيلم، ولأدائها غير المتقن لشخصية الفتاة الصعيدية، بالإضافة إلى الثغرات التي عانت منها الشخصية في سيناريو الفيلم، وبخاصة في النصف ساعة الأخيرة من زمن الفيلم، وربما لو ذهبت لأي من المنافستين الوحيدتين لها لكان الأمر أكثر منطقية، ولكن لأن فيلم «هي فوضى» خارج حسابات الجوائز فلم تذهب إلى منة شلبي بالرغم من أدائها الجيد جداً، وكان سيكون أكثر منطقية لو ذهبت لغادة عادل عن فيلم «في شقة مصر الجديدة»، والذي اعتبره معظم النقاد أفضل أداء لعام 2007، ويدعم ذلك كم الجوائز التي حصلت عليها غادة عن دورها بالفيلم، الاحتمال الوحيد القائم لفوز هند صبري بالجائزة هو رغبة لجنة التحكيم، في التأكيد على أهمية حصول فنانة تونسية عربية على جائزة، رداً على القرارات الأخيرة لأشرف زكي نقيب الممثلين، التي تدعو إلى تحديد عمل الممثلين العرب في مصر، أما جائزتا التمثيل للدور الثاني فذهبتا لمن يستحقها بالفعل، فهالة فاخر وعمرو عبد الجليل في فيلم «حين ميسرة»، كانا بمثابة إعادة اكتشاف لقدراتهما الأدائية، بالرغم من وجود منافسين أقوياء مثل عايدة رياض في فيلم «في شقة مصر الجديدة»، وخالد الصاوي في فيلم «الجزيرة».

فيما ذهبت جائزة السيناريو لوسام سليمان عن فيلم «في شقة مصر الجديدة»، وهو بشهادة الكثير من النقاد أفضل سيناريوهات العام المنصرم، إلى جانب وجود خلل كبير في بناء السيناريوهات الأخرى للفيلمين المنافسين، بقية الجوائز كانت في محلها، التصوير لأيمن أبو المكارم في «الجزيرة»، بالرغم من شاعرية كاميرا نانسي عبد الفتاح بفيلم «في شقة مصر الجديدة»، ولكن تصوير الجزيرة شهد الكثير من الصعوبات التقنية، وجائزة المونتاج لدينا فاروق عن فيلم «في شقة مصر الجديدة» وهو الأكثر الأعمال المونتاجية تماسكاً وانسيابية من بين منافسيه، وجائزة الديكور لحامد حمدان عن «حين ميسرة»، وهو ديكور مميز ودقيق يرصد مساكن العشوائيات بدقة كبيرة، وجائزة الموسيقى لعمر خيرت عن فيلم «الجزيرة»، بالرغم من تقليديتها الشديدة في مشاهد الحركة التي امتلأ بها الفيلم، الملحوظة الختامية على جوائز المهرجان، هي اقتصارها على ثلاثة أفلام فقط من مجموع أربعين فيلما عرضت في العام الماضي، وهو إن دل إنما يدل على تراجع المستوى العام للسينما المصرية في عام 2007.

[email protected]