الزحام والمشاجرات ظاهرة تنتشر في الفعاليات الفنية المصرية فوضى وعشوائية سببها «أشباه الصحافيين» في القاهرة

زحام ومشاجرات في الفعاليات الفنية المصرية («الشرق الإوسط»)
TT

على كل فنان وصحافي سيوجد في احتفال ببدء تصوير عمل فني جديد، أن يؤمن على حياته أولاً، النكتة انتشرت بعدما تكررت في الآونة الأخيرة حالات الزحام الذي يتطور لنزاعات ومشاجرات وتبادل الضرب، ليس في مظاهرة أو ندوة سياسية ساخنة، وإنما في الاحتفال ببدء تصوير أعمال فنية جديدة خصوصا في مجال الدراما، الصورة السلبية التي تحولت لظاهرة يحاول المنتجون معالجتها في المرحلة المقبلة تستحق التوقف والانتباه، لأنها تؤكد حجم العشوائية الذي بات مسيطرا على الإعلام الفني الفضائي، ويمكن القول ان الوصول لتلك الازمة جاء من خلال مسارين، أولهما الزيادة الكبيرة في عدد المحطات الفضائية والصحف الجديدة التي ترسل أحيانا عدة ممثلين لها، سواء بشكل رسمي من أجل حصد المزيد من الأخبار وتشغيل العمالة الزائدة لديها، أو بأن يذهب «أشباه الصحافيين» بحثا عن رقم تلفون نجم أو مشاهدة الممثلين مجانا تحت غطاء الصحافة، لكن عدد الصحافيين الزائد عن الحد يمكن أن يؤدي للزحام، من أين تأتي المشاجرات، من الفضائيات، فحاليا لا توجد قناة فضائية منوعة ليس بها برنامج أخبار فنية، وفيما ينتظر الفنانون حضور قنوات مثل «روتانا» و«دريم» و«أبوظبي» و«الفضائية المصرية»، تأتي قنوات اخرى لا مجال لذكر أسمائها ولا يعرف عنها أصحاب المكان شيئا، فالمعتاد حاليا ان العاملين في هذا المجال يعرفون موعد الحفل ويأتون دون دعوة، والمسؤولون عن الحفل لم يعودوا يجهدون انفسهم في حشد الحضور الاعلامي، يكفي أن تقول الموعد لثلاثة أشخاص من فضائيات مختلفة قبل موعده بيومين، لتضمن وجود عشر محطات فضائية على الأقل، ويرتفع العدد أحيانا ودون مبالغة إلى عشرين محطة أيا كان الحدث، فهناك شرائط يجب أن تعبأ، ومهمة عمل يجب أن تتم، ولو فرضنا أن الحد الأدنى لعدد المرافقين لكل كاميرا خمسة أشخاص، فلنتخيل إذن حجم الحضور والكاميرات والميكروفونات في مكان ضيق لا يكون معدا من الأصل لاستقبال كل هذا العدد.

هذا عن المسار الأول في تكوين تلك الظاهرة، المسار الثاني يأتي بسبب زيادة النشاط الفني في القاهرة أخيراً، أو بمعنى ادق اتجاه المنتجين للاحتفال بأعمالهم السينمائية والتلفزيونية، فيما كان السائد قبل عدة أعوام فقط هو الاحتفال بعرض بعض الافلام السينمائية، الآن منتجو الدراما غيروا افكارهم، بعدما اتجهت لهم أموال الفضائيات العربية وأصبحت الدعاية واجبة لنجوم التلفزيون تماما كنجوم السينما، غير أن الفكرة فقط هي التي تغيرت، التنفيذ كما هو، تجهيز «تورتة» عليها اسم المسلسل، ودعوة الفضائيات لموقع التصوير، لاخذ تصريحات من النجوم، على أن يبقى الصحافيون في الاولوية الثانية، مكان غير معد للنشاط الصحافي والاعلامي، عشرون ميكرفونا كل واحد منهم يريد التسجيل مع كل فنان عشر دقائق على الاقل، لو فرضنا أن هناك خمسة فنانين فقط، مع مراسلين بدون خبرة اخبارية، يسألون عن كل شيء عدا سبب الحفل، بعضهم يجري حوارات صحافية من خلال الميكرفون، أي يكتب ما يقوله النجم لاحقا، فيما يصل للقناة دقيقتان فقط مما قاله الممثل، فكلهم يريدون ملء الشريط حتى لو كانت طاقة البرنامج لا تحتمل، فلنتخيل اذن حجم الازمة، التي ادت إلى هروب الفنانات مثلما حصل مع «غادة عادل» في افتتاح مسلسل «قلب ميت» وصعود شريف منير على الطاولة لتهدئة الحضور في المسلسل نفسه، وجلوس ميرفت امين في غرفتها تدخل كل قناة لمدة عدة دقائق وتخرج بعدما شعرت بطلة مسلسل «طيارة ورق» بالاجهاد وكادت تفقد الوعي، فيما مراسلو الفضائيات في الخارج يتشاجرون على أولوية الدخول، فمعظم هؤلاء لا يعترفون بانهم يمارسون عملا مهنيا، المهم هو التسجيل مع كل الفنانين في وقت قياسي والعودة إلى السيارة للاتجاه إلى حفل فني اخر، لا يفكر أحد منهم على الإطلاق في تصوير الزحام نفسه كخبر يستحق البث، مرة واحدة حدث هذا عندما رفض تامر حسني الكلام مع اي قناة في افتتاح فيلم «عمر وسلمى» وقتها فقط اتحدوا جميعا ضده وصوروا ما حدث، لكن لو قرر الفنان التسجيل مع ثلاث قنوات فقط على سبيل المثال، فكلهم مستعدون للدخول في معركة جسدية من أجل ان يظفر الناجون منها بشرف استضافة هذا الفنان والعودة لمقر القناة بنصر عظيم.

وبين مصوري الفضائيات والصحافيين يقف مصورو الصحف، الذين يعتبرون أنفسهم الأكثر تضررا، فالكاميرات التي تصطف افقيا من أجل لقطة «التورتة» وقطعها بالسكين، تحجب عنها الرؤية، فيما لو وقف المصور أمام الكاميرا، يسمع ما لا يسره، وتبدأ المعركة، وطالما لا يريد المنتجون – خصوصا مدينة الانتاج الاعلامي – صرف بضعة ألوف من أجل اقامة الحفل في فندق، وطالما لن يعود تقليد ارسال الدعوات مسبقا للفضائيات المهمة فقط، سيظل الوضع على ما هو عليه، لكن النتائج قد تتطور، فإذا كانت المشاجرات مستمرة بين المصورين والصحافيين، فمن يكون الضحية في المرات المقبلة؟