سلطة اللون الواحد في معرض البحتوري بالرباط

TT

استقبل رواق «التميرا» بالرباط اخيرا معرض للفنان التشكيلي المغربي عبد الكبير البحتوري، ضمن فقرات البرامج الفنية لمهرجان الرباط الدولي، وعرض الفنان 25 لوحة مثلت امتدادا لتجربته الفنية «عبور» التي اعتبرها الرسام نقطة تحول في مسيرته التشكيلية منذ معرضه الاول في سنة 1989.

وتجسد اعماله الاخيرة المعاناة الانسانية من خلال أجساد هلامية متوترة وممزقة، تملأ مساحات اللوحة، فيرسمها البحتوري في عدة اوضاع وابعاد مرتبطة بالارض والامومة، وعنف الصراع البشري لعبور تداعيات القرن الماضي. ولكن سمة الاعمال التشكيلية الاخيرة للفنان المغربي يغلب عليها تكثيف الالوان القاتمة وخاصة اللون البني الذي يتدرج نحو ألوان أكثر انفتاحا وتوهجا، وسيطرة اللون الواحد فسرها بأنها رؤية خاصة لتفسير عالم اليوم بكل متناقضاته حيث الاقوياء يجرفون امامهم بقسوة من هم اضعف منهم. كما لا يبدو ان المادة تقف عائقا امام تقنيات الفنان، فلوحاته رسمت على الورق والقماش والجلد، وبعض اعماله تضم اكثر من اطار داخل اللوحة، ويحاول بذلك ان ينفرد بتقنية مميزة، فيستخدم ادوات مختلفة: زيت، وحبر، وباستيل، يرسمها في اتجاهات عدة، ويعتبر التعامل بالمواد المختلفة امرا مهما للفنان لكي يكتسب الخبرة والتنوع لتوسيع خياله الفني.

واجمالا للرسام سعي دؤوب لا تخطئه العين، وهو تحطيم التعبير التقليدي لموضوع اللوحة. ولعل التمويه الذي يلحقه بالاجساد البشرية لا يقتصر عليها وحدها، بل يلحقه بكائناتاخرى حية وجامدة واشجار وحيوانات تولد الريشة والالوان منها اشكالا عدة، وهناك سمة اخرى لأعمال البحتوري ربما اكتسبها من كونه يعمل استاذا لمادة الرياضيات حيث يبدي حرصه في العديد من الاعمال على أن تأخذ عدة مراحل للوصول الى النتيجة النهائية بدقة وسلامة، كما ان بعض اللوحات في المعرض تأخذ اشكالا هدنسية مختلفة، ويعتقد الرسام انه قدم الى الفن التشكيلي من خلال «الحساب» وليس من قاعات دراسة الفن الاكاديمي.