الشناوي: سيناريو «ليلة البيبي دول» ضعيف وخال من المتعة

سلاف شاركت من دون إحساس.. المصريون يهاجمون فيلما ميزانيته 40 مليون جنيه

مشهد من فيلم «ليلة البيبي دول» («الشرق الاوسط»)
TT

انطلق منذ ايام الماراثون السينمائي على الرغم من ان هذا الموسم مختلف كثيرا من حيث حجم النجوم المشاركة في الافلام واكبر ميزانية انتاجيه في تاريخ السنيما المصرية وقد يشاهد الجماهير اكثر من 18 فيلما يحمل توقيع اكبر النجوم في انحاء الوطن العربي ويأتي في مقدمة الانتاج الضخم فيلم «ليلة البيبي دول» الذي وصلت تكاليفه الانتاجية اكثر من 40 مليون جنيه وصاحبته حملة ضخمة جدا من الدعم الاعلاني على مستوى الوطن العربي عن هذا الفيلم العملاق الذى يشارك فيه كل نجوم العالم العربي منهم محمود عبد العزيز ونور الشريف وغادة عبد الرازق وليلى علوي ومحمود حميدة ومحمود الجندي وجمال سليمان وسولاف فواخرجي وهو من تأليف عبد الحي اديب وانتاج جودنيوز وتدور قصة الفيلم حول الاحداث التي تدور في الوطن العربي والضغوط التي تفرضها اميركا على الشرق الأوسط من خلال قصة مرشد سياحي يعمل في أميركا ويزور القاهرة كل فترة وتتحول هذه الرحلة السياحية الى محاولة اغتيال على يد إرهابيين تعرضوا الى الظلم والقهر على يد القوات الاميركية في العراق ولكن هذا المخطط يفشل بسبب الظروف التي غيرت سير العملية وقد استعرض الفيلم مشاهد التعذيب في سجن ابو غريب في العراق والمذابح التي تدور كل يوم في فلسطين ومحرقة اليهود «الهولوكوست» وقد سبق العرض في القاهرة عرض الفيلم في مهرجان كان السينمائي وقد صاحب الفيلم معظم فريق العمل في طائرة خاصة الى فرنسا للمشاركة في السوق الخارجية وقد بررت الشركة المنتجة عدم اشتراكها في المسابقة الرسمية بأن الفيلم يحمل عبارات ومشاهد لا يقبلها الاميركان وهذه التصريحات يراها المراقبون، خاصة المشتغلين في الفن أنها غير صحيحة لان الفيلم بمنتهى البساطة تم عرضه في فرنسا وجاء الفيلم من هناك من دون ردة فعل قوية وعلى الرغم من الحملة الضخمة وعدد الدول التي سافر فريق العمل اليها مثل سورية ومصر وبلغاريا واستغرق تصويره اكثر من اربعة أشهر على التوالي خرج الفيلم يحمل توقيع المخرج عادل اديب الابن الاصغر للكاتب عبد الحي اديب وفي مجال الاخراج السينمائي كان له تجربة واحدة حكم عليها الجميع بأنها فاشلة وبعدها اتجه الى اخراج الاغاني المصورة وجاءت له فرصة ذهبية لكي يضع توقيعه على فيلم يحمل كل مقومات العمل السينمائي الناجح التي لم يتوقعها أي مخرج ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن وظهر الفيلم الذى كان ينتظره الملايين بشوق ولهفة بأخطاء لا تأتي من مخرج يتعامل مع نجوم لهم تاريخ واضح في مجال السينما وعلى الرغم من الظهور الاول للنجم محمود عبد العزيز بعد غياب دام أكثر من عشر سنوات عن الشاشة الفضية ويشاركه عدد ضخم من نجوم العالم العربي.

وقد لعب النجم محمود عبد العزيز دور حسام المرشد السياحي وهو صنع خلطة بين الكوميدية والسياسة وابرز دور العربي الذي يحب عروبته ويدافع عن كل عربي ويفكر في كل مشاكل الوطن العربي ولكن بشكل من النضج بعيدا عن التعصب الذي لا يحقق أي هدف. اما الفنانة سولاف فواخرجي لم تستطع ان تتقن اللهجة المصرية كما ان اداءها كان بعيدا كل البعد عن الصدق ولم تمسك مفاتيح الشخصية التي تعاني من عدم الانجاب وانفعالها الشديد في الاحداث وظهرت الفنانة ليلى علوي في اداء لا يتناسب وتاريخها السينمائي ومع التصريحات الكثيرة ان هذا الدور سوف يضيف الى تاريخها الفني وانه مختلف عن اعمالها السابقة. في ما كان هناك خطأ كبير في تسكين الادوار والاخطاء في اللهجات في انحاء الوطن العربي فكان لا بد من استخدام مصحح اللهجة وترتيب الاحداث حتى النهاية التي ظهرت بها المطربة روبي وهي تغني احتفالا بالسنة الجديدة باغنية ليست لها علاقة بالليلة اعتقد من الصعب ان يظل المشاهد العربي يجلس في قاعة العرض ثلاث ساعات ونصف الساعة وهو يسمع عبارات لن تتغير عن الليلة التي يتمنى ان يقضيها حسام مع زوجته من اجل الانجاب ومن اجل هذا حمل الفيلم اسم «ليلة البيبي دول» واعتقد ان هذا اسم من اجل جذب عدد كبير من الجمهور فهو اسم تجاري ليس له علاقة بالأحداث التي يتناولها الفيلم. الناقد السينمائي طارق الشناوي قال لـ «الشرق الاوسط»: «شاهدت الفيلم أكثر من مرة وأول مرة كنت في مهرجان كان السينمائي ثم عدت الى القاهرة وشاهدته مرة اخرى حتى لا أظلم الفيلم، الفيلم يطرح كل قضايا الحياة منها الصراع العربي الاسرائيلي والارهاب في الشرق الاوسط والاخوان المسلمون والشيوعيون والصراع بين المسلمين واليهود فمن ناحية مستوى السيناريو كان ضعيفا وخاليا من المتعة الابداعية والوعي الابداعي ومن الابتكار الفني، والمخرج لم يستطع ان يضع البصمة والحالة المزاجية للفيلم والمود العام ولم يحدد له رأسا من رجل وتجاه الفيلم اقرب الى العمومية ويقدم اخراجا عاما وظلم النجوم الكبار، فمع جمع كل هذا الكم من الاسماء العريقة في المجال السينمائي الا انه تسبب في ثقل تفاصيله وكان يحاول ان يرضي جميع الأطراف، وخرج الفيلم بمنتهى الضعف الفكري حتى فكرة التسامح لم يستطع ترجمتها بالمعنى المفروض. ومن اهم الدروس التي يجب ان يتعلموها انه مهما بلغت الدعاية وقوة حجمها والاموال الضخمة التي استخدمها الفيلم فلن تستطيع ان توجد من القبح جمالا، ويضيف الشناوي قائلا: «مهما حاولوا ان ينشروا الاكاذيب والدعاية قبل الفيلم عندما قال ان الجهات الاميركية تحاول منع الفيلم من المهرجان ثم نفوا هذا الكلام ثم يذهب الفيلم الى مكان ويأتي الى القاهرة وتصاحبه كل اغلفة المجلات المدفوعة فكل هذا يخاصم المنطق، وكل هذه المبالغة في حجم الدعاية لم تحقق اهدافها، فالفيلم لم يلق أي صدى في الشارع المصري وذكر انه في سينما جالكسي خصص لهم دار عرض. ولكن في اليوم التالي تم تخصص دار عرض واحدة وهذا اكبر دليل على ان الفيلم لم يلق صدى جماهيرياً او حتى على المستوى الفني. واكرر على ان الدعاية لن تكون وسيلة لنجاح عمل فاشل» فيما تقول الناقدة السينمائية المصرية ماجدة خيرالله لـ «الشرق الأوسط»: «ان الفيلم عيوبه كثيرة جدا فهي أكثر من ان تحصى وهناك خلل في السيناريو لا توجد فكرة واضحة والشخصيات غير منطقية ومحمود عبد العزيز اكبر من الشخصية، هل من المعقول ان رجلاً فوق الستين يلعب هذه الشخصية! كما ان هناك خلطا بين جدية القضايا وبين الكوميديا، والفلاش باك ليس مفهوما وظهر في منتهى الجهل والغباء وأهم شيء عدم وضوح رؤية معينة ولغة الخطاب ليس من الممكن أن تكون لغه حوار سينمائي. وهل من المعقول ان الاميركان يتحدثون العربية العامية، اين المصداقية والاتقان والدقة في هذا؟ ما هو دور علا غانم، ليس له قيمة وغير مفهوم وهناك ادوار ليست لها اي قيمة في القصة حتى ليلى علوي دورها ليس له قيمة أيضاً، وهناك عدم منطقية واضحة في كل احداث الفيلم وهذا الفيلم يخلو من المتعة الموجودة في افلام فيها عيوب كثيرة لكنها في النهاية ممكن تحاول أن توجدها أو تدخل البهجة على المشاهد. اما هذا فلا توجد فيه لحظة واحدة من الابداع أو صدق، وما علاقة روبي بالاحداث وهل استيقظ ضميرها فجأة أم انها تشاهد للمرة الأولى المجازر التي تحدث كل يوم. والنهاية سيئة جدا هذا الفيلم لعبة وضحكة كبيرة واعتقد لو ان محمد سعد عمل فيلماً فلن ينهي الفيلم بهذه الجمل القبيحة مثل «الموز الموز الموز».