أحمد حلمي «يزعج» محمد سعد وهنيدي بالكوميديا الهادفة

ناقد سينمائي: المصريون يفتقدون لإحصائيات رسمية توضح إيرادات السينما

لقطة من فيلم «آسف على الإزعاج» («الشرق الاوسط»)
TT

معادلة صعبة حققها الفنان المصري أحمد حلمي في فيلمه الجديد «آسف على الإزعاج» والذي يحصد إيرادات مميزة يومياً وعلى مدى أسبوعين منذ انطلاقه في صالات العرض المصرية، حيث نجح حلمي في تقديم فيلم يرضي الجمهور والنقاد، ودون الاعتماد على أي وسائل دعاية من تلك المتعارف عليها في الوسط السينمائي، وحقق حلمي ما وعد به في انطلاقاته الأولى عندما كان ينتقد لتقديم أفلام كوميدية خالية من المضمون، وقتها صرح بأنه ينتظر اكتساب ثقة الجمهور قبل أن يقدم أفلاما عالية الجودة مثلما فعل المثل الأعلى للجيل الحالي «عادل إمام» عندما حولت مسيرته في منتصف التسعينيات مع «شريف عرفة» و«وحيد حامد». غير أن البعض تعامل مع تصريحات «حلمي» على أنها للاستهلاك الإعلامي، كون رفاقه في هذا الجيل، مثل «محمد سعد» و«محمد هنيدي» فشلوا في تقديم سينما لا تعتمد على الضحك في الدرجة الأولى رغم ما حققوه من إيرادات، لكن ثقتهم في اقبال الجمهور على نوعية مختلفة ظلت مهتزة طوال الوقت، لكن حلمي انطلاقا من فيلمه قبل الأخير «كدا رضا» والذي قدم فيه مجهود كوميديا مميزا، مهد لتقديم صيغة سينمائية مختلفة، لم تخيب ظن الجمهور ونالت إعجاب النقاد، لدرجة أن الفيلم الجديد لحلمي طرح في 120 دار عرض، ليضرب الرقم القياسي لعادل إمام الذي حققه في حسن ومرقص حيث طرح في 100 دار عرض فقط، وأجبر نجاح فيلم «آسف على الإزعاج» المجمعات السينمائية على طرح الفيلم في عدة صالات دفعة واحدة، مثال، لو كان المجمع عبارة عن ست شاشات، لم يعد يعرض فيها ستة أفلام بينها «آسف على الإزعاج» بل يستحوذ حلمي بمفرده على ثلاث صالات، ويترك ثلاثة فقط لباقي الأفلام المصرية والأمريكية.

نجاح الفيلم لا يحسب لحلمي بمفرده بكل تأكيد، فقد استفاد منه كل فريق العمل، في مقدمتهم الشاعر «أيمن بهجت قمر» الذي يعد الفيلم تجربته الثالثة كسينارست، وأكد قمر للشرق الأوسط أن نجاح الفيلم وراءه عام كامل من الاستعداد والدراسة لطبيعة الشخصية والمرض الذي يعاني منه البطل، حيث يظهر أحمد حلمي في شخصية «مهندس طيران» مصاب بمرض نفسي نعرف تفاصيله من أحداث الفيلم، لكن هذا المرض يظهر شخصيات غير حقيقية في حياته، حتى أنه يتخيل تلقيه دعوة لزيارة السيد رئيس الجمهورية، ويضيف قمر أن حلمي يحفز فريق العمل دائما على تقديم أفضل ما لديهم في كل المجالات، كما أن الثقة في ذوق الجمهور كانت وراء تقديم فيلم لا يتمتع بكمية من الضحك كتلك التي اعتادها جمهور النجم الكوميدي، ومع ذلك خرج الناس من صالات العرض سعداء، وأشاد أيمن بهجت قمر كذلك بأسلوب المخرج «خالد مرعي» الذي قدم صورة مميزة في كل مشاهد الفيلم، الذي يعد تجربته الثانية بعد «تيمور وشفيقة». وبجانب المؤلف والمخرج نجح حلمي في استغلال طاقات الكبار «محمود حميدة» في دور الأب، و«دلال عبد العزيز» في شخصية الأم، وكلاهما غائب عن السينما منذ فترة، كذلك كرر الاستعانة بالفنانة الشابة «منة شلبي» وبدا أن هناك تفاهما مميزاً بينهما أمام الكاميرا. وحتى فيما يخص العناصر المساعدة كان الاختيار موفقاً خصوصا فيما يتعلق بالممثل الكوميدي «محمد شرف» الذي ظهر في ثلاثة مشاهد فقط نجحت في اطلاق ضحكات الجمهور وأعطى له «احمد حلمي» مساحة واسعة لجذب الكاميرا في شخصية الإنسان الذي يعيش على الهامش ويسخر بشكل غير مباشر من اعلانات مواجهة البطالة التي يبثها التلفزيون المصري. من جانبه يؤكد المحلل السينمائي علاء كركوتي للشرق الأوسط أنه لا يوجد حاليا في السينما المصرية إحصاءات موثقة فيما يتعلق بإيرادات الأفلام الجديدة، نتيجة عدم وجود مصدر محايد لرصد مداخيل الأفلام، لكن الثابت بالنسبة لحلمي أنه الوحيد في الجيل الحالي الحريص على التغيير والمخاطرة وعدم التوقف عند نقطة نجاح واحدة، مشيرا إلى أن هناك عدة عناصر ساعدت على نجاح فيلمه الأخير «آسف على الإزعاج» أبرزها تقبل جمهور موسم الصيف لمشاهدة أفلام لا يمكن تصنيفها باعتبارها كوميدية خالصة، ففيلم عادل إمام وعمر الشريف «حسن ومرقص» ليس كوميديا وهو ما ينطبق على «أحمد حلمي»، ومهد لذلك عدم طرح أفلام كوميدية بكثافة في بداية الموسم، من جهة اخرى نجح حلمي في التوصل لتوليفة سينمائية جذبت مشاعر الجمهور بعيدا عن الضحك، فعلاقة الأب مع الابن «فريدة من نوعها» خصوصا في السنوات الأخيرة من تاريخ السينما المصرية، كذلك ما تعانيه الشخصية الرئيسية من وحدة عائلية وعاطفية بالتأكيد لمست مشاعر الكثيرين الذين يمرون بنفس التجربة، بالتالي لم يعد الفيلم قاصرا على قصة البطل والحالة المرضية التي يعيشها وإنما قدم تنويعات إنسانية تناسب الجمهور الذي يبحث دائما عن نفسه في شاشة السينما.