يحيى الفخراني: أرفض شروط القنوات الفضائية والنعرات العنصرية

الفنان المصري قال لـ «الشرق الأوسط» ان «شرف فتح الباب» شخصية حقيقية

يحيى الفخراني في لقطة من مسلسل «شرف فتح الباب»
TT

حتى الأيام الأولى من رمضان 2008، كانت شهرة «حمادة عزو» تطارد «شرف فتح الباب» الموظف البسيط الذي اتخذ الرشوة سبيلاً من أجل الحفاظ على مستقبل أولاده المتفوقين، وبين «حمادة» و«شرف» وقف الممثل المخضرم يحيى الفخراني يحمل بمفرده التحدي الأكبر كونه اختار تقديم عمل اجتماعي خال من الكوميديا، بعد عمل كوميدي صرف ضاعف من شعبيته المتزايدة عاما بعد الآخر، واحتاج الفخراني ومعه «شرف فتح الباب» لفترة حتى نسي الجمهور «حمادة عزو» وتابعوا خروج الموظف الشريف أمام الجميع من السجن، وكيف تعامل مع المال الحرام وخطط لحياة قائمة على وضع جديد متجاهلاً أصل هذا المال، الذي أوصله في النهاية إلى لا شيء.

المسلسل أثار تساؤلات عديدة كونه يناقش للمرة الأولى بشكل اجتماعي قضية الحلال والحرام وكيف تحول قرارات حكومية موظفين صمدوا لسنوات من أجل الشرف إلى لصوص تحت وطأة الضغط المادي، وكيف يتحول الموظف بالتدريج إلى إنسان يعيش من الحرام دون أن يعترف بذلك، وبعدما ربح الفخراني الرهان بعيدا عن «حمادة عزو» رد على أسئلة «الشرق الأوسط» حول المسلسل والدراما المصرية ومشروعه القادم فيلم «محمد علي». وكانت بداية الحوار حول قرار التراجع عن مشروع مسلسل كوميدي هو «واحد اسمه نجيب» واختيار «شرف فتح الباب»، وهل كان القرار مبيتاً بعد نجاح «يتربى في عزو» أم كانت هناك ظروف أخرى، وكيف كانت المغامرة بتقديم عمل درامي بعد نجاح كوميدي كبير في رمضان 2007، ورد الفخراني: القضية التي تناولها المسلسل كانت تشغلني منذ سنوات طويلة، أن تذهب إلى أي مصلحة حكومية وترى نسبة غير قليلة من الموظفين يريدون زيادة دخلهم بأي شكل معتمدين على ثغرات القانون، أو أن تقابل موظفاً في شركة حكومية قررت الدولة خصخصتها والاستغناء عن موظفيها، وعندما عرض عليَّ المؤلف محمد جلال عبد القوي الفكرة، تمسكت بها لأنها عن شخصيات حقيقية، فيما كان مشروع «واحد اسمه نجيب» ليوسف معاطي ما زال قيد الدراسة، بالتالي بدأنا العمل في «شرف فتح الباب» مباشرة، ويكمل: في رأيي ان الفنان يجب أن يثق في الجمهور ويعطيه المضمون المميز بدلا من التكرار انتظارا لنجاح سهل يعتمد على مجهود بذل في سنوات سابقة. وأكد الفخراني أن تأثير «حمادة عزو» استمر لفترة على المسلسل الجديد، لأن الجمهور كان ينتظر بعض اللمحات الكوميدية خصوصا أن «يتربى في عزو» كان يعاد بكثافة قبل رمضان 2008، بالتالي كان لا بد من بعض الوقت حتى يعيش الجمهور ويتعايش مع «شرف فتح الباب». وحول الانتقادات الموجهة للمسلسل، كون الشخصية لم يكن لديها مبرر قوي للحصول على الرشوة، وأن البداية الحقيقية للحلقات كانت مع خروج «شرف» من السجن في الحلقة الرابعة عشرة، أوضح الفنان المخضرم بأن هذا الكلام مردود عليه، بأن التمهيد جاء من خلال الأزمة المالية التي تعانيها الأسرة عموما وكان ذلك واضحا منذ المشاهد الأولى، ثم بعد صدور قرار المعاش المبكر حاول الموظف كثيرا مع رؤسائه للحصول على استثناء، لكن كل المحاولات فشلت بسبب خطة رئيس القطاع لإجباره على قبول المال الحرام، وبصراحة أرى أن التمهيد ليس مهما بقدر أن نبدأ مع الرجل وكيف استحل المال الحرام وتعامل معه، لدرجة أن صلى صلاة استخارة ليقنع نفسه أنه على حق، وبخصوص الحلقات الأولى كان ضروريا أن نرى كل عناصر المسلسل كيف تأثرت باتهام الأب، وساندته في المحنة، حتى نتوقع الصدمة التي ستقع عليهم عندما يعرفون الحقيقة المرة في النهاية. الجدل الصحفي حول المسلسل جعل الفخراني يرد في أحد الحوارات بأنه مسلسل ديني ليشرح تلك الفكرة أكثر لـ«ألشرق الأوسط» بقوله انه أراد التأكيد على أن المسلسل يهدف لإعلاء قيم سامية يحتاجها المجتمع، وذلك ردا على قول البعض بأنه لا يصح تقديم عمل عن موظف مختلس في رمضان، وكأن دور الدراما هو الترفيه فقط، ومنذ 28 عاما قدمت مسلسل «صيام صيام» عن شاب لم يعتد الصوم ثم جرب الصيام وكيف اكتشف أهميته لكن في قالب كوميدي ونحن بحاجة لهذه الأنماط لنواجه خللا أخلاقيا ضرب مجتمعنا بقسوة، والأفضل أن نواجهه بشكل غير مباشر. أما عن علاقته بـ«شرف فتح الباب» فيقول يحيى الفخراني ان «شرف» إنسان غلبان جدا، والدليل أنه خسر كل شيء في النهاية لأنه خاف من المستقبل دون أن يراعي القيم التي ربى هو أولاده عليها، لكنني لا أحب أن أعيش معه لأنه أصابني بالكآبة طوال الوقت. وحول تفاصيل المشهد الأخير الذي ظهر فيه جالسا على الكورنيش يرتدي ملابس ممزقة وملامح تغيرت بالكامل، فيروي الفخراني قصة هذا المشهد بأنه كان بالفعل مكتوبا منذ البداية، وهناك أناس على هذه الشاكلة نراها في الشارع ولا نعرف كيف كانت في مرحلة سابقة، وقد خيرني المؤلف بين بدء الأحداث بالمشهد على أن نعرف كيف وصل لهذه الحالة، أو نبقيه للنهاية واخترت الحل الثاني من أجل مفاجأة الجمهور الذي كان ينتظر مصير شرف فتح الباب، وهنا على الجمهور أن يتوقع ماذا حدث له بعد دخوله السجن للمرة الثانية وكشف حقيقته، وأين ذهب أولاده وماذا فعلوا بالمال، وماذا جنى من كل ما فعل. وعن الفرق بين المخرج المصري والمخرج السوري بعد التعامل مع رشا شربتجي يقول: هناك مخرج جيد ومخرج سيئ، والأمر لا علاقة له أبدا بالجنسيات، ويجب أن نتعلم من هوليوود كيف تستفيد من المبدعين في كل مكان بالعالم لدعم السينما الأمريكية، وأحيي شربتجي على تميزها في هذا المسلسل، وقد وثقت فيها بشدة، خصوصا بعد اختياراتها الجيدة للممثلين أيا كانت مساحة أدوارهم. وحول القضية المستمرة عن صراعات الفنون العربية في مجال الدراما، رأى الفخراني أن صناع كل دراما عليهم أن يجيدوا ما يفعلونه حتى لا يملي أحد شروطه، وأنه شخصيا يرفض أن تشترط أي فضائية عدم عرض مسلسله على التلفزيون المصري، ويضيف في الوقت نفسه كل القنوات العربية والحمد لله تعرض مسلسلاتي فالعمل الجيد يفرض نفسه بعيدا عن تلك النعرات العنصرية. وفي النهاية أعرب عن سعادته بعدما بدأت ملامح خطة فيلم «محمد علي» تظهر، والمخرج حاتم علي في طريقه إلى القاهرة مطلع الاسبوع الجاري، من أجل اجتماع مع المنتج عماد الدين أديب لاستكمال التحضيرات، على أمل أن يكون بدء التصوير في يناير المقبل، ووقتها قد لا يكون هناك وقت كاف لتقديم مسلسل في رمضان 2009، لكن ليس عندي أي مانع من إعداد مسلسل لعرضه في أي وقت بعيدا عن موسم رمضان.