نايف الراشد: بعض الشخصيات جسدت من الواقع.. والنيابة الكويتية لم تستدعني

صاحب مقولة «إن شاء الله مستانسين».. الأفضل خليجيا

نايف الراشد («الشرق الاوسط»)
TT

شخصية تلامس الواقع العربي بكل شفافية، انطباعاته طبعها بشكل محايد لتتجسد في عدد من الأعمال الدرامية التي أثير حولها كثير من اللغط، لدرجة أنها وصلت إلى أروقة النيابة العامة.

«سيف» يدافع عن أعماله قائلا: «المحسوبية والمال المدفوع هما السبب وراء الهجوم الذي يشن عليّ في الكويت»، ومع ذلك تحدى الواقع في مسلسل «للخطايا ثمن»، إلا أن الرقابة كانت أقوى من عزيمته ليمنع عرضه على الشاشة الفضّية في الشهر الكريم.

«نايف الراشد» الممثل والمنتج والكاتب الكويتي التقته «الشرق الأوسط» من جدة لتقف على اشكالياته الأخيرة، وما هي حقيقة «شر النفوس» الذي بات حديث الشارع العربي، وسر النهاية المفتوحة، وفيما يلي نص الحوار.

> هل جسّدت رواية شر النفوس قصة واقعية لأحد الأشخاص على أرض الواقع؟

ـ تم استقاء الأحداث من شخصين تربطني بهما علاقة معرفة، تعرّض الأول للسحر من قبل امرأة أصبحت زوجته، فيما سحر الآخر من رجل ما. > رغم النجاح الذي حققه مسلسل شر النفوس، غير أنه لاقى انتقادات حول ضعف الإخراج والحبكة الدرامية ومبالغة الممثلات في وضع الماكياج، فما أسباب تلك الثغرات؟

ـ من المستحيل وجود عمل درامي كامل من جميع النواحي، خصوصا أن الوقت المخصص لتصوير المسلسل عادة ما يداهمنا، إلا أن أساس نجاح العمل هو القصة بغض النظر عن المخرج والممثلين، وقد نالت قصة المسلسل إعجاب الجمهور كثيرا، غير أنه توجد هناك بعض النقاط التي اتسمت بشيء من الضعف، وكانت المبررات من الممثلات بالنسبة لوضع الماكياج تتمثل في طبيعتهن، حيث إن الفنانة الجوهرة التي جسّدت شخصية «نورا» هي أساسا موظفة في أحد المستشفيات وترى بأن هيئتها بالمسلسل مشابهة لما عليه في حياتها الحقيقية، وفيما يتعلق بالأمور الأخرى فأتقبّل فيها النقد البنّاء الصادر عن جمهوري، والذي أهتم به جدا.

> وهل تم استخدام العنصر النسائي فيه بابتذال؟

ـ مطلقا، بل تم التنويع في الشخصيات النسائية، إذ وجدت «حصة» و«أم سيف» و«عبير» كشخصيات نسائية معتدلة، فيما تم إظهار شخصيات السحرة على عكس ذلك، لا سيما وأن الساحر لا يخشى الله عز وجل، فكان لا بد من إظهار «شيماء» و«أم محمود» بهذا الشكل، إضافة إلى أن شخصية «شيماء» أثارت حفيظة بعض المذيعات اللاتي اعتبرن أنها قد تمسهن.

> وماذا عن مشاهد قراءة المعالجين للمسحورين التي تم تصويرها في المسلسل؟

ـ تعمّدنا تصوير مشاهد حقيقية لدى بعض الشيوخ إلا أنه تم حذفها في اللحظات الأخيرة بالاتفاق معهم تفاديا لحدوث أي لبس من قبل الجهمور. ولم تعجب شخصية «إبراهيم» الصحافيين، خاصة أنها أظهرت الإنسان المتدين المعتدل، إذ يضايقهم مشاهدته بهذا الشكل في الدراما الخليجية باعتبار أنهم يريدونه دائما إرهابيا، الأمر الذي جعلهم يكتبون بشكل يومي لتشويه صورة المسلسل بصورة أو بأخرى، ويعد شر النفوس أول مسلسل يبرز الشخص المعتدل الوسطي الذي يحب الخير للجميع، بينما معظم الأعمال الدرامية تهتم بالتعبير عنه من الجانب الإرهابي والمتشدد.

> لم يقتنع المشاهد بنهاية مسلسل شر النفوس، فهل كان من المفترض أن ينتهي بشكل مختلف عن ذلك؟

ـ لا يحتمل المسلسل نهاية أخرى، فلا يمكن أن ينتقم «سيف» من «أم محمود» لأنه كان مسحورا، ولا يوجد قانون حكومي في ذلك، إذ إن الأموال التي أخذوها بإرادته ولم يكن هناك تزوير لشيء، ولو أردنا تجسيد الانتقام الإلهي من السحرة فمن غير المعقول أن نطبّقه على ثلاثة أفراد، الأمر الذي جعلني أختمه بآية قرآنية، باعتبار أن السحر لا يمكن التعامل معه بشيء ملموس، وإنما يتم علاجه بالقرآن الكريم، وهذا ما تم توضيحه في مسلسل «شر النفوس»، خاصة أنه ليس من الممكن إظهار انتقام الله عز وجل على الشاشة، إلا أن المشاهد في بعض الأحيان يصعب عليه تقبّل النهايات الواقعية.

> تردد كثيرا في بعض الصحف الكويتية بأنه لا بد من استدعائك من قبل النيابة العامة بالكويت عقب كل عمل درامي تقوم به، فما السبب وراء ذلك؟

ـ ليس صحيحا، غير أن هناك صحيفة واحدة مغمورة لها أهداف سياسية خارج البلاد، إضافة إلى أن وزير الإعلام لاقى ضغوطات من أجل مسلسل «الوزيرة» وتحول إلى النيابة من دون مبرر، إذ إن المسلسل تناول أحداثاً موجودة في البلد، ولا توجد أي أمور أخرى.

> لماذا يهاجمك الكثيرون في وسائل الإعلام الكويتية؟

ـ ثمة هجوم يشنّه عليّ بعض الأفراد لمصالح شخصية، حيث هناك كتّاب يهاجمونني مقابل مبالغ مادية تدفع لهم من جهات أخرى، ولا يؤثر هذا الموضوع في مطلقا، فالشمس لا تحجب بغربال.

> يتهمك البعض بتعمّد تشويه صورة المجتمع الكويتي، فما هو رأيك؟

ـ هناك مجموعة من الكتّاب المحسوبين على شركات الإنتاج يضايقها الظهور القوي لمنتج ما في فترة وجيزة، حيث إننا خلال ثلاث سنوات حققنا نجاحات تصل إلى درجة الاكتساح مع مجموعة من الشباب الذين يشكّلون فريق العمل معي، والأعمال التي نقدمها دائما ما يسلّط عليها الضوء باعتبارها ناجحة وتلاقي صدى جماهيرياً واسعاً في الوطن العربي بأكمله، وفي هذا العام قدمنا عملاً نظيفاً خالياً من الجرأة، فيما طرحت أعمال أخرى لوحظ عليها الابتذال لم تتعرض إلى أي انتقادات.

وبعض المنتجين والكتاب من ضعاف النفوس يتابعون أعمالنا بقوة لتصيّد أي هفوة يثيرون من خلالها المواضيع، وما زلت مصرّا على مواصلة النقد والجرأة في الطرح وليس في العمل الدرامي الذي عادة ما يناقش قضية مهمة تفيد المجتمع العربي والخليجي، وأرفض تماما تقديم دراما اللهو والفرجة.

> ما هو الغرض من تناولك لقضية «عبدة الشيطان» في مسلسل «للخطايا ثمن» الذي منع عرضه على شاشات التلفاز؟

ـ طرحت تلك القضية واستعنت في التصوير بعبدة شيطان حقيقيين تم لقاؤهم بالصدفة، وكان الهدف من ذلك هو الإلمام بأدق التفاصيل عن تلك الفئة، وإظهارهم بصورة مقززة، إضافة إلى ضرورة معرفة الآباء بتلك الظاهرة ومراقبة تصرفات أبنائهم، حيث إنني اكتشفت بأن المنتمين إلى عبدة الشيطان يرتدون شكلا محددا من السلاسل في الرقبة، والطريقة الغريبة التي يمسكون بها السيجارة، الأمر الذي جعلني أسلط الضوء عليهم للهدف الذي ذكرته، إلا أن البعض فسّر ذلك من باب الترويج لعبادة الشيطان، على الرغم من أنني خلال السنوات الخمس الماضية كنت ملتزما دينيا «مطوّع»، ما يجعلني أحرص دائما على تقديم الدراما التي تقدّم علاجا للكثير من الأمور، فبعد مسلسل «الوزيرة» أصبحت بعض الفتيات يبتعدن عن إقامة العلاقات الخاطئة مع الشباب، خوفا من حدوث ما كان يفعله «غالب» في المسلسل، حيث كان يخدع الفتيات للحصول على أغراض شخصية ومصالح خاصة.

> هل تتعرض للتهديدات في حياتك الشخصية؟ وكيف تتعامل معها؟

ـ كنت أتلقى تهديدات سابقة عبر رسائل الجوال، والتي كانت بعد مسلسل «للخطايا ثمن»، غير أنني الآن لا أتعرض لمثل تلك الأمور مطلقا.

> سبق وأن ذكرت بأن مسلسل «للخطايا ثمن» الذي منع عرضه على القنوات يمثّل مساحة خصبة للإعلاميين والفنانين من أجل الشهرة، فكيف كان ذلك؟

ـ منح هذا العمل شهرة لبعض الإعلاميين والفنانين المغمورين، حيث إنه في ذلك الوقت من أراد أن يشتهر يكفيه أن يتخذ من اسم المسلسل عنوانا لمقالته كي يجذب القرّاء لها، خاصة وأن الكثير كانوا يبحثون لمعرفة الأحداث التي يقوم عليها العمل.

> هل ترفض عرض أعمالك على الفضائيات الكويتية؟

ـ على العكس، فأساس ظهوري كمنتج وممثل كان على تلفزيون الكويت من خلال مسلسل مكوّن من خمس عشرة حلقة ويحمل اسم «مصنع الرجال»، مفاده تشجيع الشباب الكويتي على الالتحاق بالسلك العسكري، وقد عرض في إحدى القنوات الكويتية على المستوى المحلي، وسيتم التعامل بيننا في أعمالي القادمة، خاصة أن التلفزيون الكويتي يعد نقطة انطلاق جميع الفنانين الكويتيين.

> ظلت الدراما الخليجية لفترة من الزمن محصورة ضمن إطار أسماء محددة، ولوحظ عليها التكرار في طرح المواضيع، فهل سيعد خط سيرك مجددا لها؟

ـ نحن نسعى كمنتجين شباب لتطوير الدراما، إلا أنه في نهاية المطاف يعود الفضل في تأسيس الدراما الخليجية للفنانين الكبار، ما يجعلنا نحاول إكمال مسيرتهم التي بدأوها.

> وما تقييمك للدراما الخليجية في الوقت الحالي؟

ـ الدراما الخليجية متميزة جدا وحاضرة بقوة، وفي رمضان حققت تفوقا كبيرا وظهرت بوضوح مقارنة بالدراما المصرية والسورية، حيث إنها باتت تسيطر على معظم الفضائيات، ومن وجهة نظري ان الأعمال الخليجية هي المتربعة على عرش الصدارة في الآونة الأخيرة.

> كيف ترى تجربتك الكوميدية في مسلسل «مصدّق نفسه»؟

ـ أعتبرها محطة استراحة للشركة، حيث إنها كانت تجربة خفيفة ومحدودة تجسد شخصية شاب حصل على إرث وكلما أراد الدخول في أي مشروع يفاجأ بالفشل، ولاقى نجاحا كبيرا، إلا أنه لا توجد كوميديا قوية بالكويت، ومن الممكن طرح قضية مهمة بقالب كوميدي رغم أنها قد لا تصل للمشاهد بالشكل المطلوب.

> كيف تصنّف نفسك، ممثلاً أم كاتباً؟

ـ أرى ذاتي ممثلا أكثر من كوني كاتبا، حيث يهمني في الأساس تمثيل الفكرة.

> وعلى أي أساس تختار مواضيع رواياتك؟

ـ أبحث دائما عن لوحات واقعية من الشارع الكويتي والأحداث التي تهم المواطن الخليجي بشكل عام، فقد كتبت «شر النفوس» بعد أن وجدت السحر منتشرا في الوطن العربي أجمع، والذي يكسب من ورائه السحرة مبالغ كبيرة من الأموال.

> ما هو رأيك في المسلسلات التي تتكون من عدة أجزاء وتعرض سنويا على شاشات التلفزيون؟

ـ ليس كل عمل درامي يحتمل أن يكتب على صورة أجزاء، فذلك يعتمد على القصة، إلا أنها تعد مجازفة، ومن الممكن أن تكتب الأعمال التاريخية والتراثية في أكثر من جزء، غير أنه من المستحيل طرح العمل الحديث في أكثر من 30 حلقة والتي في بعض الأحيان تكون كثيرة، ولا أحبذ إظهار أعمالي بأكثر من جزء.

> وما هي المواضيع التي من المفترض أن يناقشها نايف الراشد في أعماله المقبلة؟ ـ تحديد المواضيع يعود إلى ما يفيد المجتمع الخليجي والعربي، ولن أفكر بتقديم أعمال لا تكون مهمة، وستكون قصصاً مستقاة من الحياة الواقعية.