تطور سردي ولكن..

TT

المشاهدات الاخيرة لعدد من الافلام المصرية أوجدت عندي قناعة ربما متأخرة بعض الشيء تتعلق بالتطور الملحوظ في جانب السرد السينمائي وكتابة السيناريو لعدد من الافلام الجيدة. وربما يقف وراء هذا الامر جيل جديد من كتاب السيناريو يملك اطلاعا كافيا على انتاجات العالم السينمائي من حوله. وإن كان بعض هذه النصوص قد استفاد من بعض الثيم والأطر السينمائية السردية المشهورة في السينما الاميركية وغيرها، الا انه استطاع «اقتباسها» بطريقة جيدة لصالح الفيلم في الشكل النهائي. لنتحدث عن بعض الامثلة السريعة لبعض افضل الافلام المصرية هذا العام مثل فيلم «آسف على الازعاج» للنجم أحمد حلمي الذي يثبت كل سنة انه الافضل والاكثر نجاحا من بين جيل الشباب الكوميدي بسبب ذكائه في اختيار نصوص افلامه. ففي هذا الفيلم كان الغموض غير المفتعل ينكشف عن مفاجأة مهمة في مسار الفيلم. فيلم آخر ربما هو الاكثر إمتاعا وثراء بشخصياته من بين الافلام المصرية وهو فيلم «كباريه» لسامح عبد العزيز الذي وظف احداث يوم واحد لعدد كبير من الشخصيات الغريبة والمتنافرة والمؤثرة لملء فيلمه وهو الاسلوب الذي يلحظه المشاهد في عدد من الافلام العالمية الشهيرة. وهناك الفيلم الشبابي الجديد «زي النهار ده» الذي هو الآخر اعتمد عامل الزمن كثيمة اساسية في السرد وهو النمط المتبع ايضا في عدد من الافلام الاميركية كذلك.

والاقتباس هنا ليس مشكلة بحد ذاتها ما دامت تفضي لصنع شكل جيد في الفيلم، ولكن المشكلة الأساسية بالرغم من هذا التطور السردي الجيد يتعلق بمشكلة قديمة في نصوص الافلام المصرية وحتى طريقة اخراجها مما يفقد شيئا من القيمة الفنية لهذه الافلام الجيدة، واعني بها مشكلة العرف المصري في السينما في تركيبة المشاهد ورسم الشخصيات وهو العرف الذي سنجده للأسف حتى في كل هذه الافلام الثلاثة الجيدة. ولنأخذ «كباريه» مثلا حيث نلحظ هذه المشكلة في عدد من المشاهد مثل مشهد التوبة السريع للنادل «احمد بدير»، ومشاهد إقحام عدد كبير من المشكلات الاجتماعية بصورة سريعة من خلال شخصية واحدة، ومشاهد الافتعال التراجيدي للمواقف، وتمرير الفكرة من خلال الحوار المباشر، والاستخدام المبالغ فيه للموسيقى التصويرية لتكثيف حالة الحزن او التوتر، وكذلك التصوير البطيء لبعض اجزاء المشهد للتركيز على حالة الممثل. ومن قبل كنت تعرضت لهذه المشكلة حينما تحدثت عن فيلم «حسن ومرقص» وهو فيلم جيد في فكرته وهدفه هو الاخر. أما الافلام الرديئة التي لا تثير جدل المشاهدين وإعجابهم فهي لكثرتها ابعد من ان تكون هذه مشكلتها الاساسية.

[email protected]