خلطة جميلة لأهم أفلام العام في مهرجان دبي الدولي

بعد 3 أشهر مزدحمة بأهم وأكبر المهرجانات السينمائية العربية

من فيلم «فراق»
TT

يأتي مهرجان دبي السينمائي الدولي الذي تفتتح أولى فعالياته يوم الخميس المقبل كآخر المهرجانات العربية الكبرى بعد ثلاثة اشهر مزدحمة بأهم واكبر المهرجانات السينمائية العربية، ابتداء من "الشرق الأوسط" بأبو ظبي ثم أيام قرطاج بتونس ومهرجاني بيروت ودمشق، تلاها مهرجان آخر في مراكش ثم القاهرة. وقد سعى كل منها أن يجد له بقعة ضوء في مسرح المهرجانات العربية واحتفالاتها. وكان مهرجان دبي ـ كما هو قرينه في مراكش ـ قد أحدث بلبلة في شكل ومفهوم المهرجانات العربية السابقة، حيث بعثت فيها دماء وروح جديدة، مبنية أولا على حسن التنظيم، وثانيا على وضع استراتيجيات واضحة للمستقبل تسعى من دون أدنى شك للارتفاع بها وإيصالها للعالمية، وأخيرا الابتعاد قدر الإمكان عن المحسوبيات التي تعاني منها بقية المهرجانات. وبنظرة أولى إلى البرنامج الذي يعد به مهرجان دبي رواده هذا العام نلاحظ وبصورة واضحة ذلك التطور الذي نتحدث عنه، حيث ارتفع عدد الأفلام المشاركة إلى حوالي الضعف منذ أول دورة له قبل أربعة أعوام، كما قام بتطوير برامجه السابقة واستحدث برامج جديدة تقوم بإيجاد تصنيف للمواد السينمائية المبعثرة التي أنتجت طوال عام كامل، ثم تسلط الضوء عليها ضمن برنامج محدد المعالم. ومن بين ابرز البرامج المستحدثة لهذا العام يأتي برنامج خاص بسينما التحريك. ففي الوقت الذي اعتاد المشاهد على مشاهدة أفلام شركات التحريك الهوليوودية أو اليابانية الكبرى، يأتي المهرجان بأوجه أخرى لهذا النوع من السينما من خلال عرضه لبعض الأفلام الرسومية المستقلة والنخبوية الطابع. فمن أميركا يأتي فيلم "سيتا تغني البلوزSITA SINGS THE BLUES" للأميركية نينا بالي الذي عرض في مهرجان برلين في دورته السابقة وفاز بإحدى جوائزه الفرعية. الفيلم مقتبس من حكاية شعبية هندية كلاسيكية تحكي الحب والفراق ضمن ملحمة شعبية أسطورية. ومن أفلام البرنامج الأخرى يأتي الفيلم الكوري " حكاية السيد آسف THE STORY OF MR. SORRY الذي قام بإخراجه ستة مخرجين كوريين وهو حول رجل كوري بسيط يمتهن مهنة تنظيف الآذان إلا انه وبعد لعنة سحرية يتضاءل حتى يتمكن من الدخول بنفسه إلى الأذن التي يكتشف فيها عالما آخر غير الذي كان يتوقعه. أما ابرز الأسماء الحاضرة في هذا البرنامج فهو المخرج الياباني الشهير مامورو اوشي الذي كان فيلمه براءة Innocence الذي أخرجه عام 1994 أول فيلم تحريك ياباني ينافس على السعفة الذهبية في مهرجان كان. فيلمه الجديد "الزاحفون من السماء The Sky Crawlers" نافس أيضا هذه السنة على الأسد الذهبي في مهرجان فينيسيا وفاز بإحدى الجوائز الفرعية في المهرجان، وهو يدور حول مجموعة من المراهقين الذين لا يهرمون أبدا وتستخدمهم احدى الشركات في القيام بغارات جوية بهدف تسلية المواطنين. أما الاسم الآخر المهم في هذا البرنامج فهو الأميركي بيل بلايمبتون الذي سبق ان رشحت أفلامه الرسومية القصيرة للعديد من المسابقات الدولية بما فيها مهرجان كان وسندانس، كما رشح مرتين لأوسكار أفضل فيلم تحريك قصير. وفيلمه الجديد "أغبياء وملائكة" Idiots and Angels الذي قام برسم كل لقطة من لقطاته بنفسه يدور حول رجل فظ وبغيض يكتشف في احد الأيام انه يمتلك جناحين، مما يدخله في دوامة ما بين استخدامهما في الخير واستغلال الآخرين له. ومن المستجدات المهمة في هذا العام توسيع دائرة مسابقة "المهر" لتشمل إضافة للمسابقة العربية، مسابقة عربية أفرو ـ آسيوية في فرعين احدهما للأفلام الروائية وآخر للأفلام الوثائقية يشارك فيها 28 فيلما من مختلف الجنسيات الأفريقية والآسيوية. من بين أهم الأفلام المشاركة في هذه المسابقة يأتي الفيلم الذائع الصيت "Tulpan" للمخرج الكازاخستاني سيرغي دفورتسيفوي الفائز بجائزة "نظرة ما" في مهرجان كان السابق حول راع شاب يجد صعوبة بالغة في إقناع فتاة أحلامه تولبان وإقناع أهلها بالزواج منه. أما عن أهم الأسماء الحاضرة في المهرجان فهو المخرج الأثيوبي القدير هايلي جيريما الذي كان أول ظهور عالمي له في مهرجان لوكارنو عام 19975 وذلك في فيلم "Mirt Sost Shi Amit" وفاز عنه بجائزة النمر الذهبي ثم في برلين عام 1983 عندما فاز بجائزة الفيبريسكي كأفضل فيلم وذلك عن فيلم "Ashes and Embers ". وفيلمه الجديد "Teza"حقق عن عرضه في مهرجان فينيسيا السابق نجاحا كبيرا نال به جائزة لجنة التحكيم الخاصة. الفيلم يسلط الضوء على الوضع الاجتماعي والأمني المتدهور في إثيوبيا من خلال قصة شاب إثيوبي يعود إلى بلده بعد أن قضى سنوات طويلة في ألمانيا ليجد ذكريات طفولته قد تحطمت وحل محلها مجتمع يملؤه الفساد. تركيا ستكون أيضا حاضرة في المسابقة في فيلم آخر جاب العديد من المهرجانات الدولية وذلك عن فيلم "مثل مارلون براندوGitmek: Benim Marlon ve Brandom" حيث عرض لأول مرة في مهرجان روتردام، ثم فاز بجائزة أفضل فيلم أول في مهرجان ترايبيكا في نيويورك لمخرجه التركي حسين كارابي. الفيلم يعتمد على قصة حقيقة لممثلة تركية تقع في حب ممثل عراقي كردي، وبعد الحرب على العراق نتقطع أخباره مما يضطرها للذهاب إلى العراق، بحثا عن حبها المفقود. من كوريا الجنوبية يأتي فيلم "Dada" الذي عرض لأول مرة في مهرجان بوسان الدولي وهو من إخراج المخرج الكوري سوان جانج الذي حقق وطوال 20 عاما العديد من الأفلام التي حققت نجاحا كبيرا على صعيد المهرجانات السينمائية وذلك في مهرجانات مثل برلين وفينيسيا وروتردام ولوكارنو وسندانس. الفيلم يدور حول رحلة فتاة تعيش أزمة ثقة بمن حولها مما يضطرها للانطلاق في رحلة للبحث عن أمها وعن هويتها. ومن الهند تقوم الممثلة الهندية الشهيرة ناديتا بأول عمل إخراجي لها وذلك في فيلم "فراق" الذي سبق وان عرض لأول مرة في مهرجان تورنتو السابق. الفيلم يدور حول الصراع الإثني الذي نشب في ولاية غوجرات الهندية عام 2002 بين الهندوس والمسلمين في رؤية محايدة إلى تلك الأحداث المأساوية. وتأتي احد ابرز مزايا مهرجان دبي السينمائي في جلبه لعدد من الأفلام من دول غير معروفة بإنتاجها السينمائي حول العالم واحد تلك الأمثلة هو الفيلم الباكستاني "راماجاندا الباكستاني Ramchand Pakistani" لمخرجته الشابة الباكستانية مهرين جبار في أول عمل روائي طويل. الفيلم حصل على تنويه خاص في مهرجان لندن السينمائي كما عُرض في كل من مهرجان ترابيكا وبوسان وأخيرا مهرجان القاهرة السينمائي. الفيلم كما هو الفيلم الهندي "فراق" يدور حول صراح اثني وسياسي في المنطقة الحدودية بين باكستان والهند وهو أيضا يعتمد على قصة حقيقية لعائلة باكستانية عبرت الحدود الباكستانية للبحث عن ابنها الذي عبر الحدود إلى الهند عام 2002. وفي مسابقة "المهر" للأفلام الروائية العربية، يشارك 11 فيلما طويلا منها ثلاثة أفلام جزائرية وثلاثة من المغرب وفيلم من كل من فلسطين ولبنان وسوريا ومصر والعراق. فمن مصر سيشارك يسري نصر الله في فيلم "جنينة الأسماك" الذي سبق وان عُرض مطلع هذا العام على هامش مهرجان برلين، ثم عرض في أيام قرطاج، وها هو يحط الرحال في دبي في فيلم تأملي عاطفي وحالم حول شاب وشابة يلقي بهما القدر في لقاء عابر. ومن بين الأفلام التي عرضت في مهرجان كان السينمائي يعرض في دبي وضمن مسابقة المهر ثلاثة أفلام أولها فيلم المخرج الجزائري المتميز رباح عامر زعيمش "آذان" الذي يدور داخل مصنع في إحدى ضواحي باريس، والذي يديره جزائري مسلم ويسعى لإقامة مسجد داخل المصنع وتعيين إمام لا يرتضيه بقية العاملين. أما الفيلمان الآخران فهما "ملح هذا البحر" لان ماري جاسر و"بدي شوف" لجوانا حاجي وخليل جريج. من العراق يسلط المخرج عباس فاضل في فيلمه "فجر العالم" الضوء على حرب الخليج الأولى وقصة حقيقية حول عاشقين فرقتهما الحرب بعيد زواجهما. وفي عرض أول حول العالم يقدم المخرج والمنتج الجزائري احمد راشدي فيلم "مصطفى بن بو العيد" الذي يعد احد أضخم الأفلام الجزائرية في تاريخها وهو يدور حول القائد الجزائري بو العيد الذي كان الشعلة الأولى في الثورة الجزائرية. وتجدر الإشارة إلى أن احمد راشدي سبق وان رشح كمنتج للأوسكار أفضل فيلم وذلك عن فيلم "Z". وخارج مسابقة المهر سيواصل المهرجان سياسته بأن يكون مهرجانا للمهرجانات وذلك بعرض بعض من أهم الأفلام التي عرضت في مهرجانات العالم طوال العام الفائت وذلك من خلال برامجه الأخرى من "جسر العالم" إلى "احتفال بالسينما الهندية" و "سينما العالم" وغيرها من البرامج الأخرى. ومن ابرز تلك الأعمال تأتي الأفلام الخمسة الحائزة على ارفع جوائز مهرجان كان السينمائي وهي الفيلم الفرنسي " THE CLASS" الحائز على سعفة كان والتركي "Three Monkeys " الحائز على جائزة افضل مخرج والإيطالية " IL DIVO" و " GOMORRA" الحائزة على جائزة لجنة التحكيم والجائزة الكبرى على التوالي والفيلم الأمريكي " HUNGER" الحائز على جائزة الكاميرا الذهبية. ومن المسابقة الرسمية في مهرجان كان أيضا سيعرض فيلم المخرج الأمريكي ستيفن سودبيرغ " CHE" بنسخته الطويلة، وفيلم المخرج البرازيلي فرناندو ميرييّس " BLINDNESS". ومن أفلام كان أيضا سيعرض الفيلم البوسني " SNOW" والفيلم الأرجنتيني " SALAMANDRA". إضافة إلى أفلام أخرى لا يتسع المقال لعرضها مما عرضت في مهرجانات مثل برلين وفينيسيا وتورنتو وسندانس مما يشكل خلطة جميلة لأهم أفلام العام تقدم للمشاهد الخليجي والمحلي.

[email protected]