بين أوباما وإمام.. ثمة فجوة!

TT

عندما نجح الرئيس الأميركي أوباما في حملته الرئاسية، عزا كثير من المحللين نجاحه إلى خطة حملته الانتخابية المنفذة بإحكام، وأهم توجهاتها في استفادتها الكبيرة من نجوم ومشاهير السينما والتلفزيون ورموزها، حتى أصبحت نهاية الحملة أشبه بليلة من ليالي الأوسكار وحفلة من حفلات الإيمي. لكن مهما يكن من أمر فقد كان أوباما على يقين تام بالتأثير البالغ لهذه الطبقة من النجوم لتحفيز الجيل الشاب على الذهاب إلى صناديق الانتخاب، واختيار مرشحهم للرئاسة. والنجم على يقين تام هو أيضا بحضوره المهم وتأثير على الرأي العام، وهم لذلك اقدر وأجرأ على التعبير عن توجهاتهم ورؤاهم الشخصية، لأن الجماهير هي من ستستمع إليهم وليس العكس. المفارقة التي حثتني لكتابة هذا المقال هو ما حدث على خلفية أحداث غزة، وتحديدا الهجوم البالغ الذي واجهه عادل إمام بعد تصريحاته التي قد لا تروق لعواطف الشعوب العربية المجيشة تقليديا. المفارقة المؤذية والمؤلمة ليست في فتوى إهدار الدم التي نشرها تنظيم القاعدة في المغرب العربي، ولا الهجوم الذي واجهته به جماعة الإخوان المسلمين في مصر، فهو أمر متوقع في مجتمعات لا تزال مخترقة بصورة فاعلة من قبل تلك الجماعات المتطرفة. لكن ما يثير الاشمئزاز هو محاولة مصادرة رأي فنان له اعتباره ومكانته الاجتماعية والتاريخية من قبل زملاء المهنة وطبقة الفنانين والمثقفين، والذي يبدو أن البعض منهم أراد أن يستثمر ذلك الرأي لمصلحته الشخصية، وكسب حضور جماهيري ونضالي على حساب تخوين نجم أراد أن يعبر بشيء من المنطقية والمعقولية في قضية شغلت الشعوب العربية. إمام لم يكن في تصريحاته الأولى ولا في تعقيباته الأخرى ضد النضال الفلسطيني وحقوق الشعب في تقرير مصيره، إنما هو بالدرجة الأولى ضد استنزاف ذلك الشعب المحاصر في حرب غير متكافئة، وتحت قيادات متناحرة. يوما ما كانت شبهة الانتماءات الشيوعية في أميركا سببا في الاتهام بالخيانة الوطنية والإقصاء المهني والاستلاب الاجتماعي، وشنت حملة شعواء على مشاهير هوليوود ونجومها جراء تلك الاتهامات التي اتهم بها بعضهم، إلا أن ذلك لم يكن ذريعة لأن لا يتكاتف النجوم جميعا لضمانة استقلالية الفنان بغض النظر عن اتفاقهم الضمني وعدم اتفاقهم. إن شجاعة إمام ليست في رؤيته التي قد لا تكون ذات شيوع شعبي، وإنما في إقدامه على طرحها رغم معرفته المسبقة أننا في مجتمعات تؤثر الشعوب على نجومها لا أن يكون للنجوم تأثير على شعوبها.