إلهام شاهين: «خلطة فوزية».. فيلم مغايرمحليا وعالميا

قالت إنها تعايشت فيه مع 5 رجال في حالة إنسانية جميلة

الهام شاهين («الشرق الاوسط»)
TT

شكلت إلهام شاهين مع جيلها الذي صعد في أواخر سبعينات القرن الماضي، ومنه، ليلى علوي ويسرا وهالة صدقي ملمحا مهما في المشهد السينمائي المصري، كان من أبرزها التنوع في الأدوار، وفي الرؤى الفنية المرتبطة بما يفرزه مناخ المجتمع من قضايا وهموم اجتماعية وسياسية.. تربع هذا الجيل لفترة طويلا على عرش الشاشة الفضية، ولا يزال يفرض حضوره وخصوصيته في الكثير من الأفلام.. حول أحدث أفلامها «خلطة فوزية» الذي تقتحم به مجال الإنتاج السينمائي لأول مرة حاورتها «الشرق الأوسط» في القاهرة فإلى نص الحوار...

> «خلطة فوزية» أول إنتاج سينمائي لك ما السر في ذلك ولماذا قمت بإنتاجه؟

ـ أبدا أنا كنت أفكر في الإنتاج منذ مدة طويلة ممكن من عشرة أعوام، وفعلا قمت بشراء حق تنفيذ ثلاثة سيناريوهات لأفلام ولا أعرف لماذا حتى الآن لم أقم بإنتاجها، وكنت كلما أخذني الحماس وخصوصا في إنتاج فيلم جاد ومتميز، كانت تأتي لي أعمال أخرى تأخذني ويضيع الوقت فأنشغل وأعمل في إنتاج منتجين آخرين. شي آخر يمكن أن يكون أخرني في عملية الإنتاج، أنا أخاف من الحسابات لأني لست شاطرة فيها نهائيا، وهذه الفكرة كانت تضيعني فأضطر للانتظار وأنا أعتقد أن الفنان لا يعرف كيف يحسب وينتج، فالسينما فن وصناعة وتجارة والتجارة بالنسبة للفنان تأتي في ذيل القائمة رغم أنها أساسية في الإنتاج. أنا كفنانة اهتمامي أساسا وبشكل كبير بالفن، وممكن أن أهتم بالصناعة لأني محتاجة، وأريد أن أقدم نوعية فنية عالية، لكني في الجزء التجاري، أنا متأكدة بأني لن أمتلك كفاءة في هذا المجال وقد يكون ذلك هو سبب تأخري في القيام بإنتاج الأفلام التي اشتريتها.

> إذن ما هو المختلف في هذا السيناريو الذي جعلك تتحمسين لإنتاجه؟

ـ الذي شجعني على إنتاج هذا السيناريو بصراحة هو موضوع الفيلم، لأنه موضوع طازج جدا، ولا أجد أي تعبير آخر أصف به هذا السيناريو لأنه لا يشبه أي فيلم قدم في السينما حتى الآن. وأنا درست في المعهد العالي للمسرح ومن الذي تعلمته لا يوجد أكثر من 37 فكرة أو رؤية (تيمة) مهما تغيرت الاتجاهات لا يمكن أن تتجاوز هذا الرقم في كل الدنيا. هذه الأفكار فيها 37 خطا دراميا كما درسناها، وكما شاهدناها مهما تغيرت الصورة. من هنا فأي عمل لا بد أن يكون فيه جزئية أو شيء من دور قدمته، أو قدمه أحد غيري في السينما الحديثة أو السينما القديمة المصرية أو في السينما العالمية، يعني لا بد أن يكون فيها جزء يشبه جزءا من أعمال أخرى. أنا شعرت عندما قرأت سيناريو «خلطة فوزية» لهناء عطية أن فيه مواقف أراها وأقرأها للمرة الأولى في حياتي، ويتم تنفيذها على الشاشة أيضا للمرة الأولى.

> ما هو الجديد الذي رأيته في هذا الفيلم؟

ـ إنها قصة جديدة بكل ما تحمله الكلمة، فأن تجد امرأة تعيش في أسرة فيها خمسة رجال، هذه الفكرة لم أرها سابقا، لا في فيلم مصري ولا في فيلم أجنبي، ولا في أي مسلسل من المسلسلات. من العادي في السينما أن نشاهد امرأتين تتصارعان على الوصول إلى رجل، ولكن أن نجد امرأة تتعايش مع خمسة رجال في علاقة إنسانية متميزة لا تخطر على بال أحد، فكيف تستطيع امرأة، طُلقت في حياتها أربع مرات، وتتزوج الخامس وتحافظ على علاقة إنسانية جميلة بينها وبين أزواجها السابقين والأبناء الذين أنجبتهم منهم، وبينهم وبين زوجها الأخير. لا أعتقد أن أحدا حققها قبل ذلك ضمن رؤية إنسانية شفافة في وسط اجتماعي مهمش.

> فعلا فكرة جريئة لكن هل يكفي هذا لمغامرة إنتاجية مكلفة؟

ـ نعم الفكرة جديدة وتقف أمامها أفكار أخرى أيضا جديدة، مثلا في مشهد الحمام الذي تقوم فيه البنت بمشاركة الحمام مع أمها دون أن تكون الأم عاجزة أو بحاجة إلى المساعدة، والبنت تجاوزت سن الصبا، بل إنها تزوجت خمسة رجال، وأنجبت عدة أبناء. نحن معتادون أن تظهر الأم عاجزة وبحاجة لمساعدة ابنتها أو أن يجمع مشهد الحمام ما بين رجل وامرأة، لكن بين امرأة وأمها، وهما في حالة صحية سليمة، فأنا طيلة عمري لم أر ذلك في أي فيلم.. وكذلك مشهد يجمعني وجارتي في الفيلم غادة عبد الرازق، وهي تطلب مني أن تستلف زوجي الأخير فتحي عبد الوهاب لمدة يومين في الأسبوع. هذا الموقف عندما قرأته دراميا كان صادما، وتكتمل غرابته بعد أن كنت رفضت طلبها، في أن أعود إليها مجددا معتذرة لها عن عنفي بالرد عليها، وأبين لها أني أحب زوجي، ولا يمكنني أن أعيره لها. وهذا خلق سؤالا في داخلي كيف أعتذر لامرأة تريد استعارة زوجي مني ليومين في الأسبوع. وكذلك مشهد الفنانة نجوى فؤاد التي قدمت في الفيلم شخصية راقصة متقاعدة، عندما تقوم بتجربة القبر الذي قامت بشرائه تحضيرا لرحيلها عن عالمنا كان غريبا، ضمن شخصيتها المقبلة على الحياة وفي نفس الوقت متقبلة تماما لفكرة موتها.

في الحقيقة أن السيناريو حفل بالمواقف الجديدة في السينما. إنه فعلا سينما جديدة جدا، سينما جديدة على العين وعلى الأذن، لأننا للمرة الأولى نستمع فيها إلى حوار بمثل هذا الشكل، أو نرى مثل هذه المواقف وقد أعجبني جدا، لان تجربتي ترافقت دائما بالسؤال وماذا بعد، ما هو الجديد، فأنا قدمت كل شيء على الشاشة، حتى «خلطة فوزية» التي قدمت جديدا بالنسبة لي بعد 86 فيلما وأكثر من خمسين مسلسلا غير المسرح، خصوصا وأنني قدمت كثيرا من الشخصيات بتلويناتها المختلفة.

> لوحظ في العرض الخاص للفيلم للمرة الثانية بعد عرضه في مهرجان أبوظبي الذي فزت به بجائزة أفضل ممثلة، وبعد عرضه في مهرجان القاهرة أن مشهد الغرافيك الذي يصور مقتل أحد أبنائك خلال حفلة زواج أحد مطلقيك، أن المشهد قد تغير وأصبح أفضل، وكان هذا المشهد قد تعرض للانتقادات؟

ـ لا، لم يتغير لكنا اختصرناه، فبعد أن كان 9 لقطات، تم تحويله إلى ثلاث لقطات، حتى تشعر أن المشهد أصبح جزءا عضويا من نسيج الفيلم، وليس خارجه. فأصبح المشهد يصور الولد مجرد أن يحلم بالطيران يطير وفي اللحظة هذه يغمض عينيه فتحصل الحادثة مع السيارة التي تودي به.

بصراحة أنا أنتجت فيلما ومثلت فيه مع المخرج المتميز مجدي أحمد علي ومع كاتبة السيناريو هناء عطية التي كانت مفاجئة للناس. أنا أهنئها فعلا بكل مشاعري على الأفكار التي لم يفكر فيها أحد قبلها، وهي أفكار بالرغم من غرابتها فإنها موجودة في الواقع بشده خصوصا في الأوساط الشعبية، حيث الطلاق والزواج قضية سهلة لأنه لا يوجد مصالح مادية تعيق مثل هذه الخطوات، ومجتمع هذه الأوساط أكثر تسامحا من غيره.

> ماذا تقولين في نهاية هذا الحوار الخصب؟

ـ أتمنى طبعا أن يحقق فيلمي هذا نجاحا، ويحقق الحد الأدنى من تكلفة إنتاجه حتى يشكل بداية لي لإنتاج أفلام أخرى، وأشير إلى أن تعاوني مع المخرج مجدي أحمد علي قد حمله مسؤولية كبيرة في الفيلم الذي وضعت فيه كل إمكاناتي المادية كمنتجة، والفنية كفنانة تقوم بدور بطولة فيه.