الفائزون بأوسكار 2009

TT

أصبح من المألوف كل عام أن يأتي من خلف الصفوف فيلم لم يعلن عنه مسبقاً يحقق نتائج غير متوقعة. فيلم هذا العام هو دون شك «Slumdog Millionaire». فقبل عدة أسابيع فقط من نهاية العام الفائت كان الفريق الفني للفيلم يسابق الوقت لإنهاء الفيلم قبل نهاية ديسمبر لعله ينال نصيباً من ترشيحات الأوسكار هذا العام، وها هو يحصد الجوائز، ويحقق نتائج عالية على المستويين النقدي والجماهيري، فقد احتل مرتبة متقدمة جداً في قائمة IMDB الشهيرة وتصدر العديد من قوائم النقابات والنقاد الأميركيين لأفضل أفلام العام الفائت. الفيلم يدور حول مراهق هندي من طبقة فقيرة (من أولاد الشوارع) يحلم بالمشاركة ببرنامج «من سيربح المليون» بنسخته الهندية. ينجح في المشاركة في البرنامج ولكنه أيضاً ينجح في تحقيق نتائج غير متوقعة، مما يؤدي بالمنتجين لاستدعاء الشرطة والتحقيق معه للاشتباه بتلاعبه في المسابقة. الفيلم يمزج بين الثقافة الهندية الشعبية بروحها المتفائلة والواقع الصعب التي تعيشه تلك المجتمعات. الفيلم بنى جسراً سينمائياً بين السينما الهندية بطابعها الشرقي من جهة والسينما الإنجليزية بطابعها الغربي من جهة أخرى عبر استعارته لبعض من أهم العلامات الفارقة في السينما الهندية.

* أفضل مخرج: Danny Boyle كان المخرج الإنجليزي داني بويل أحد أهم البريطانيين الذين أعادوا إحياء أفلام الجريمة الكوميدية في التسعينات الميلادية وألبسوها طابعاً جديداً عندما أطلق فيلمه الشهير «Trainspotting» عام 1996 وقبل ذلك بعام فيلم « Shallow Grave»، أول أفلامه السينمائية، والذي فتح باب الشهرة لعدد من أبطاله مثل الممثل الإنجليزي إيوان مجواير. وهو يأتي إلى جانب مخرجين بريطانيين اشتهروا لاحقاً في النمط ذاته كجاي ريشتي مخرج الفيلمين الشهيرين «Lock، Stock and Two Smoking Barrels، Snatch». انتقل بعد ذلك للعمل في هوليوود وقدم عدداً من الأفلام مثل فيلم «A Life Less Ordinary«، «TheBeach» التي لم ينجح بها كنجاحه في السينما البريطانية، عاد إلى الأضواء مجدداً عام 2002 من بريطانيا بفيلم الرعب «28 Days Later» الذي حقق نجاحاً جيداً في شباك التذاكر كما لقي ردود فعل نقدية جيدة. فيلم «Slumdog Millionaire» هو العمل الذي سينقل بويل إلى مستوى مخرجي الصف الأول في هوليوود وبريطانيا على حد سواء، وفوزه بجائزة أفضل مخرج هو نجاح ليس لبويل وحسب، وإنما للسينما البريطانية التي لا تزال تفرض نفسها على السينما الأميركية مراراً وفي عقر دارها.

* أفضل ممثل في دور رئيسي: Sean Penn هل هو أفضل ممثل في هوليوود حالياً؟ ربما لا يتفق الجميع على ذلك، لكن الجميع يتفق على أنه فنان من الطراز الأول، يؤدي باقتدار إذا أسند إليه أي دور، كما أنه مخرج وكاتب متمكن. قدم العام الفائت أحد أهم أعماله التي قام بإخراجها وكتابتها «Into the Wild»، ودخل بجداره إلى قوائم أفضل أفلام العام الفائت لدى العديد من دوائر النقاد والجمعيات السينمائية. عاد هذا العام ليقدم – كما يقال - أفضل أدواره السينمائية على الإطلاق، ورغم أن المنافسة على جائزة الأوسكار صعبة، خصوصاً بوجود ميكي رورك التي كانت الأضواء كلها مسلطة على عودته بقوة إلى السينما بعد أن خاض تجربة مريرة وطويلة في عالم المصارعة. وشون إذ يقدم في فيلم «Milk» دوراً جيداً فهو أيضاً يتواءم مع توجهاته السياسية الليبرالية. في هذا الفيلم يقوم شون بين بدور السياسي الأميركي الشهير هارفي ميلك الذي أصبح أول سياسي في أميركا يعلن صراحة عن ميوله المثلية، وهو ما دفع ثمنه غالياً حينما اغتيل بعد ذلك أواخر السبعينات الميلادية.

* أفضل ممثلة في دور رئيسي: Kate Winslet عرف عن الممثلة الإنجليزية كايت ونسليت سوء طالعها في المسابقات والجوائز السينمائية، على الرغم من أن لا أحد يشك في أنها وخلال العشر سنوات الفائتة أصبحت إحدى أفضل ممثلات جيلها. رشحت خلالها لست جوائز أوسكار لم تنل أياً منها. هذا العام قدمت اثنين من أهم أدوارها وذلك في فيلم «The Reader» وفيلم «Revolutionary Road»، واستطاعت بجدارة أن تنال عن كل منهما جائزة ضمن جوائز الغولدن غلوب، ولكن الأكاديمية الأميركية اختارت الأول فقط للمنافسة على أوسكار أفضل ممثلة، واستطاعت أخيراً أن تنالها. وينسلت تؤدي في فيلم «The Reader» دور امرأة تقع في حب شاب تكبره بسنوات، إلا أنها تختفي عن حياته بشكل مفاجئ، وبعد سنوات من تلك الحادثة وعقب انتهاء الحرب، وبينما يحضر الشاب الذي أصبح طالب قانون جلسات محاكمة جرائم الحرب يصادف وبشكل مفاجئ بتلك المرأة التي أصبحت أحد المتهمين بجرائم حرب وهي تقوم بالدفاع عن نفسها..

* أفضل ممثل في دور مساعد: Heath Ledger ربما كانت هذه الجائزة، أكثر الجوائز المضمونة سلفاً للممثل الأسترالي الراحل هيث ليدجر، وهو بهذا يكون قد مثل الحضور الأكبر لظاهرة العام الفائت «The Dark Knight»، وقد كان هيث ودون أدنى شكل أحد عوامل نجاح الفيلم وتحقيقه لتلك النتائج القياسية في شباك التذاكر سواء من ناحية أدائه الصرف أو من ناحية صورته الأسطورية التي بدأت بالتشكل حول ممثل شاب توفي في سن صغيرة. الفيلم يؤدى فيه هيث دور الجوكر وهي شخصية عصابية متجردة من كل أخلاقيات وتمثل الشر الجديد وتحدياً جديداً يصارع باتمان للتخلص منه وذلك بعد أن أسهم الأخير كثيراً في محاولة تنظيف مدينة جوثام من الفساد والجريمة.

* أفضل ممثلة في دور مساعد: Penélope Cruz يقال إن بينيلوب كروز تتجلى في أدوارها التي تؤديها بالأسبانية، بينما تسقط كثيراً في أدوارها التي تقوم بها في هوليوود، وهو صحيح إلى حد كبير، على العكس من مواطنها الممثل خافير بارديم الذي تميز كثيراً في السينما الأميركية. إلا أن مشاركتها فيلم وودي آلن الأخير، لم تكن بالمشاركة العادية أبداً، وهي إذ تؤدي دور زوجة إسبانية غير مستقرة، فهي تؤديه على مستوى عالٍ من السخرية والإتقان. فيلم «Vicky Cristina Barcelona» يدور حول فيكي وكرستينا، شابتين أميركيتين تقرران الذهاب في رحلة سياحية طويلة إلى برشلونة. فيكي «ريبيكا هال» فتاة عملية وتعيش حياة عاطفية مستقرة، وهي تحضّر لحفل زفافها من شاب ناجح. على العكس من ذلك تقف كريستينا «سكارليت جوهانسون» العفوية والعابثة واللعوب والتي ليس لديها أدنى فكرة عما يمكن أن يكون عليه مستقبلها العاطفي والمهني. وفي صدفة غير محسوب لها تلتقي الفتاتان بفنان تشكيلي إسباني «خافير بارديم» صريح وعابث وجذاب في الوقت ذاته. إلا أن العلاقة التي بدأت تتكون بين الثلاثة ستشهد مفارقات ساخرة ولاذعة، خصوصا بعد دخول زوجة سابقة للفنان التشكيلي «بينيلوب كروز» بشكل عرضي وأداء جذاب في خضم هذه العلاقات..

* أفضل فيلم أجنبي: Okuribito» Departures» يأتي فوز الفيلم الياباني «Departures» بأوسكار أفضل فيلم أجنبي كأحد أهم مفاجآت أوسكار هذا العام، فعلى الرغم من أن كل التوقعات كانت تشير إلى صالح الفيلم الإسرائيلي الوثائقي «فالس مع بشير»، استطاع «Departures» أن يحقق مفاجأة كثيراً ما تتكرر في هذا الفرع من المسابقة بالتحديد. الفيلم لم يجُب مهرجانات العالم كما حدث مع بقية الأفلام المنافسة، وإنما جاء من خلف الصفوف. قام بإخراج الفيلم المخرج الياباني يوجيرو تاكيتا وهو يدور حول عازف كمان محترف ومتفانٍ ويحب عمله بشده، يجد نفسه ودون أي مقدمات دون عمل بعد أن انفصلت الفرقة التي كان يعمل لديها مما اضطره للعودة إلى بلده والبحث عن عمل، وهناك استطاع أن يجد عملا لدى حانوتي. وعلى الرغم من أن عائلته لم تكن محبة لهذا النوع من العمل، إلا أن هذا العازف عاش تلك التجربة بروحانيه لم يسبق أن قام بتجربتها.

* أفضل فيلم وثائقي: Man on Wire قبل اثني عشر شهراً من الآن عرض هذا الفيلم لأول مرة في مهرجان سندانس الدولي للأفلام المستقلة، واستطاع حينها أن ينال جائزة لجنة التحكيم الكبرى وجائزة الجمهور، ومنذ ذلك الوقت والفيلم يحصد وبصورة هستيرية الجائزة تلو الأخرى في أميركا وخارجها. كان آخرها قبل عدة أيام عندما استطاع وبجدارة أن يفوز بأوسكار أفضل فيلم وثائقي. والفيلم أيضاً إنجليزي الجنسية كما هي معظم أفلام الأوسكار لهذا العام. وهو من إخراج المخرج الإنجليزي جيمس مارش في أول تجربة وثائقية له بعد أن قدم قبل 3 سنوات فيلم «The King» وحقق حينها نجاحاً نقدياً واسعاً. وفي هذا الفيلم الوثائقي يستعرض التحضيرات التي سبقت خوض المغامر الفرنسي فيليب بتيت إحدى أكثر مغامرات القرن الفائت جرأة حيث خالف كل الإجراءات الأمنية وقام بالسير على حبل معلق بين برجي التجارة العالمي.

> أفضل فيلم تحريك: WALL·E WALL·E هو وبصورة مقتضبة أحد أفضل أفلام العام الفائت على الإطلاق، وهو إذ ذاك يأتي كأحد أجمل أفلام التحريك الهوليوودية خلال السنوات الماضية. يقوم المخرج أندرو ستانتون في هذا الفيلم بخوض تجربة جديدة مليئة بالعواطف والأحاسيس والصفاء على خلفية عالم سوداوي اختفى عنه الإنسان، ولم يتبق إلا «وال أي» وهو روبوت يعمل في جمع النفايات التي خلفها الإنسان، وفي ظل وحدته الصامتة يصل إلى الأرض روبوت «أنثى» فائقة التطور وذلك للبحث عن سر الحياة، فتنشأ بين الاثنين علاقة حب أفلاطونية صامته ومليئة بالحياة. أندرو مخرج وكاتب ورسام متميز، يمتلك خيالا واسعاً، ويعرف كيف يخلق عوالم مختلفة تتناسب والمادة التي يريد تقديمها، قام بكتابة أهم أفلام شركة بيكسار مثل «Toy Story» بجزءيه و«Monsters،Inc.» و «Finding Nemo» وقام بإخراج الأخير.

* أوسكار 2009: حقائق وأرقام امتد حفل الأوسكار الحادي والثمانون لأكثر من ثلاث ساعات ونصف الساعة، كما شاهده حوالي 34 مليون مشاهد في أكثر من 220 دولة حول العالم. ولا يزال ذلك الأوسكار السبعون أكثر حفلات الأوسكار مشاهدة حول العالم لحوالي 60 مليون مشاهد، وهي السنة التي فاز بها التايتانك بثلاث عشرة جائزة أوسكار ليحقق أعلى فيلم تحقيقاً لجوائز الأوسكار.

* من بين الجوائز الخمس الرئيسية في أوسكار هذا العام، كان شون بين هو الأميركي الوحيد الذي استطاع أن ينال واحدة منها، بينما ذهبت البقية لفنانين من أصول أجنبية، فإلى بريطانيا ذهبت جائزة أفضل فيلم، مخرج، ممثلة رئيسية، وإلى أستراليا أفضل ممثل مساعد، وإلى إسبانيا أفضل ممثلة مساعدة.

* على الرغم من أن حظوظ الممثلة الأميركية الشهيرة ميريل ستريب في نيل أوسكار هذا العام كانت ضعيفة، إلا أن ذلك لم يمنعها من تحقيق رقم قياسي جديد في عدد ترشيحات الأوسكار، فبترشيحها هذا العام للأوسكار أفضل ممثلة رئيسية عن فيلم «Doubt» وصل عدد المرات التي دخلت فيها هذه المنافسة إلى خمس عشرة مرة، وفازت مرتين عن فيلم «Sophie"s Choice» عام 19983 وفيلم «Kramer vs. Kramer» عام 1980.

* يذكر أن المؤلف الموسيقي المتميز الهندي أي ار رحمان الذي استطاع بجدارة أن يفوز بأوسكاري أفضل موسيقى أصلية وأفضل أغنية وذلك عن فيلم «Slumdog Millionaire» استغرق منه العمل أسبوعين فقط لتأليف موسيقى وأغاني الفيلم. ورحمان هو ليس بغريب على السينما البريطانية فقد سبق أن قام قبل ذلك بتأليف موسيقى فيلم «Elizabeth: The Golden Age» كما قام بتأليف موسيقى الفيلم الهندي المرشح لأوسكار أفضل فيلم أجنبي عام 2001 «Lagaan: Once Upon a Time in India».

* بفوز شون بين بجائزة أفضل ممثل للمرة الثانية في تاريخه، انضم هو الآخر إلى قائمة من 8 ممثلين نالوا أوسكار أفضل ممثل في دور رئيسي لمرتين وهم: سبينسر تراسي، فريدريك مارش، جاك نيكلسون، توم هانكس، مارلون براندو، دستن هوفمان، جاري كوبر، وأخيراً دانيال داي لويس الذي فاز العام الفائت بجائزة أفضل ممثل عن دوره في «There Will Be A blood». إلا أن نيكلسون لا يزال يتصدر الممثلين في مجموع الجوائز التي فاز بها بإضافة أوسكار أفضل ممثل مساعد. كما أنه أيضاً يتصدر الممثلين في عدد الترشيحات باثني عشر ترشيحاً.