أغاني المناسبات القديمة «عبق الماضي» الذي أفشل محاولات جيل الشباب

أبرزها «فوق هام السحب» و«يا بلادي» «ومن العايدين»

محمد عبده («الشرق الإوسط»)
TT

ترتبط المناسبات التي يعيشها المجتمع بأغان قديمة لها أثر كبير في زيادة الإحساس بالحدث، إذ حينما تعلن وسائل الإعلام عن دخول موسم العيد فإن الكثير من الناس يسترجعون كلمات «من العايدين» بصوت الفنان محمد عبده الذي صدح بها منذ سنوات عديدة، بينما علقت في الذاكرة «فوق هام السحب» مع كل ذكرى لليوم الوطني في السعودية، باعتبار أن أغاني المناسبات والمحافل القديمة لها النصيب الأكبر من الخلود في الأعماق رغم صدور أغنيات كثيرة غناها الجيل الشبابي من المطربين.

ولا يزال الشباب السعودي يحتفي بإنجازات المنتخب الوطني على أثير أغنيات لا تنسى مثل «جاكم الإعصار»، و«خضر الفنايل» وغيرها من العبارات التشجيعية التي جسدتها أصوات أصيلة تخترق الوجدان.

ولا تغيب أغنية أبو بكر سالم بالفقيه التي شدا بهد قبل نحو 3 عقود عن محافل العروض العسكرية وهو يطلقها سيمفونية «يا بلادي وأصلي.. والله يحميك.. يحميك..».

وهنا يرى فنان العرب محمد عبده أن أغنية المناسبة لا بد أن ترتبط بحدث ما، سواء كان سعيدا أو تعيسا «حسب وصفه»، وقال في حديث إلى «الشرق الأوسط»: «عندما نصف حياتنا بصورة جميلة من خلال أغنية ما مغايرة للواقع المر الذي نعيشه فإن ذلك العمل الفني مصيره الفشل، إذ لو كنت أصدرت «من العايدين» في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها المجتمع الآن فلن يكون لها أي تأثير»، مرجعا سبب نجاحها إلى الزمن الذي تغنّى بها فيه.

وأضاف: «ينبغي أن يراعي المطرب مواكبة الحياة الاجتماعية في أغانيه المخصصة للمناسبات، خاصة أن القنوات الفضائية أصبحت تبث الغث والسمين».

بينما يؤكد الفنان الدكتور عبد الله رشاد على أن سبب نجاح أغاني المناسبات القديمة هو الإعلام الذي يعد عائقا أيضا أمام انتشار الأغاني الجديدة، ويقول: «بالحديث عن المناسبات الوطنية فإن هناك الكثير من الأغنيات المتعلقة بذلك الحدث، لا سيما أنه سنويا تظهر أعمال فنية جديدة، إلا أن الإعلام يكثف بث الأغاني الموجودة لديه في الأرشيف، مما يجعل عدم نجاح الجديد منها ليس بسبب الفنانين وإنما الجهات الإعلامية»، مشيرا إلى أن الإعلام باستطاعته توجيه دول وقضايا تحرك المجتمع، فلن يصعب عليه نشر الأعمال الفنية أو إهمالها.

ويضيف: «إن الكثير من مطربي الجيل الحديث يتمنون المشاركة بأعمالهم في مناسبات عديدة، ورغم ما تكلفهم من المبالغ والجهد في اختيار الكلمات والألحان، فإنها لا تخدم ولا توظف بالشكل الصحيح من قبل وسائل الإعلام»، مفيدا أن الإعلام السعودي يفتقد وجود أشخاص محترفين في عمل «الريمكس» بين القديم والحديث.

فيما اكتفى الفنان طلال سلامة صاحب الأغنية الشهيرة «الله الله يا منتخبنا» بالمثل المعروف «الأولات الروابح»، وقال: «عادة ما يكون للذكرى صدى، ودائما ما ترتبط أغنيات المناسبات القديمة بالحنين الذي يشعر به الإنسان، إلى درجة أنه في بعض الأحيان يبحث حتى عن الروائح القديمة التي تذكّره بذكريات قريبة إلى القلب»، مؤكدا أن الإعلام كان منصفا مع الجميع، غير أن لكل زمان دولة ورجالا، إذ مع مرور الزمن ستصبح أغنيات الجيل الشبابي في تلك المناسبات من الأغاني القديمة التي ترسخ في أذهان الأجيال القادمة.

ويرجع الفنان إبراهيم الحكمي أحد أبرز النجوم الشبابية على الساحة الفنية سبب اختلاف مستويات نجاح الأغاني المتعلقة بأحداث معينة إلى اختلاف الفنانين أنفسهم، ويقول: «هناك أغنيات قديمة يبقى أثرها في النفس للأبد، إلا أننا أصبحنا نتجه للملحنين المبتدئين الذين يعدون أيضا نجوما، غير أنه في الوقت ذاته يعتبر عيبنا كفنانين صاعدين، الذي يكمن في ابتعادنا عن الأسماء الكبيرة من الملحنين».

ويضيف: «حينما أحييت إيقاع المجرور في ألبومي الأول، اتجه الكثير من الفنانين إلى إحيائه مرة أخرى، وكأنه كان بابا مغلقا ينتظر أن يفتحه شخص ليكمل البقية في الدخول منه»، لافتا إلى أنه يعتزم إصدار ألبوم مكون من 12 أغنية شعبية، سيجدد فيه أغاني قديمة لم تخطر على البال، وذلك بمساعدة أسماء كبيرة في الفن، وبعد حصوله على الموافقة من قبل أصحابها الموجودين أو ذوي الراحلين منهم، إضافة إلى أغان جديدة بألحان فلكلورية، في محاولة منه لإثبات أن الجيل الشبابي لا يستطيع الاستغناء عن الطرب الأصيل.