«النساء».. كوميديا صامتة حول أحاديث النساء اليومية

اختفاء العنصر الرجالي أكسب الفيلم ضعفا واضحا

مشهدان من فيلم «النساء» («الشرق الاوسط»)
TT

هناك أربع سيدات مرتبطات بنوع من الصداقة الحميمة. إحداهن هي سيافيا (Annetta Benning) التي تلعب دور محررة في إحدى مجلات الموضة، وهناك إدي (Debra Messing) التي تتميز بكثرة الثرثرة والسطحية، وألكس (Jade Pinkett Smith) التي تعيش نوعاً من العلاقة المثلية وهناك ماري (Mig Ryan) والتي ستكتشف عن قريب بأن زوجها يخونها.

ربما تختصر هذه المقدمة عوالم الفيلم كاملة ـ مع عدم إغفال بقية عناصر الفيلم والشخصيات النسائية فقط حيث لا وجود لشخصيات ذكورية حتى ضمن الكادر ـ حيث أراد الفيلم أن يسلط الضوء على اللحظات الحياتية الطبيعية للنساء دون التركيز على حبكة درامية معينة، فالنساء مولعات بالثرثرة وأحياناً النميمة وهم مولعون أيضاً بالتسوق (الموضة) والأهم من ذلك كله هو الحديث عن الرجال...؟

إنه عالم النساء الروتيني التقليدي، وأحاديثهن اليومية، ولا نستطيع القول إن هناك حبكة مركزية تبدأ عندما تكتشف ماري بأن زوجها يخونها ـ مليونير بورصة، مع بداية أحداث الفيلم. ويبدأ التفاف صديقاتها من حولها، رغم أن هذه الحبكة تلقي بظلالها على الأحداث ولكنها تغيب مع متابعة أحداث الفيلم، بالعكس فلكل شخصية حبكة معينة خاصة بها.

فسيلفيا تعاني من مشاكل في العمل وتقاتل من أجل وظيفتها، وإدي تنتظر مولوداً، بينما المثلية كان أداؤها باهتاً باستثناء الجمل القليلة والحادة في نفس الوقت. ربما كان المطلوب منها هو المشي وراء سيلفيا وماري وقامت بما هو مطلوب منها بالضبط.

وهناك الأمام ماري ـ التي عانت هي الأخرى من نفس مشكلة الخيانة من والد ماري في الماضي... إنها الأحاديث اليومية.

والد ماري يرفضها ويقول إنها منشغلة كثيراً بأعمالها اليومية لذلك يرفض أن تدير أعماله التي تتعلق بأعمال الموضة ومن ثم ثورة ماري على والدها وزوجها الخائن، ولكن اعتماد نهاية الفيلم على (النهايات السهلة والسعيدة غير المنطقية) بمعنى آخر النهايات الميلودرامية، لا تجعلنا نعتقد أن الفيلم يحمل رسالة، ولا حتى رسالة قد تكون مبطنة، حول بُعد اجتماعي معين للمرأة من ضمنها الثورة على الرجل.

على الأقل في المجتمع الأميركي والأوروبي لا تحتاج المرأة أن تقيم ثورة على الرجل مع وجود العنف الأسري بشكل مستفحل.

ومما يثير الاستغراب أن الفيلم يناقش أحاديث المرأة من نفس الطبقة ومن نفس المستوى الفكري تقريباً، وإذا أردنا التركيز على منحى آخر للفيلم ومع نعت الفيلم بالكوميديا، إلا أن الكوميديا لم تكن بتلك القوة المعهودة على الأقل من ممثلة على شاكلة ميغ ريان.

الفيلم ليس إلا كوميديا صامتة عن أحاديث النساء اليومية والكادر لا يحمل أي مدلول واضح ـ وحتى الشخصيات ـ حول اختفاء العنصر الرجالي أو الذكوري منه.

بل إن اختفاء العنصر الرجالي أكسب الفيلم ضعفاً واضحاً.

ولا يوجد مجال للمقارنة مع أفلام الأسباني ألمودفار التي ناقشت المرأة بأبعادها المختلفة وحتى أبسط أفلامه التي تحدثت عن المرأة (Volver) مع بينلوب كروز، وهذا ليس لضعف المستوى الفني لفيلم النساء ولكن السبب هو اختلاف القصدية بين Hلمودفار وديانا إنجليش مخرجة الفيلم.

في الحقيقة فيلم النساء القريب من عوالمه من عوالم المسلسل الشهير (Six&The City) مبني أصلا على فيلم أنتج عام 1939 للمخرج جيمس كوكر والفكرة مبنية أصلا على مسرحية للكاتب (Clare Booth Luce).

قدمت ميغ ريان أداء سطحياً لسيدة مجتمع متزوجة منذ ثلاثة عشر عاماً، ولم تقدم لنا شيئاً من أدائها المعهود وقدرتها على صنع البسمة حتى لو كانت هذه البسمة محبوكة في أكثر أفلامها ضمن المواقف المصطنعة.

فيلم النساء ليس فيلماً عظيماً، ولكن في نفس الوقت ليس فيلماً سيئاً ويقف متوسطاً ضمن الأفلام التي عرضت في عام 2008.

[email protected]