مهرجان جديد للسينما العربية بباريس

ماجدة واصف رئيسة الجمعية
TT

* باريس كانت وما زالت نقطة التقاء ثقافي وفني هام يربط بين الشرق والغرب في كافة الأصعدة والألوان، ولذلك كانت الحاجة إلى قيام ملتقى سينمائي عربي من الأهمية بمكان لتحفيز هذا القطاع الثقافي المهم. وبغياب مهرجان بينالي السينما العربية قبل عامين أضحت الساحة الأوروبية بشكل عام تفتقد إلى مهرجان يملأ الفراغ الذي أحدثه توقف المهرجان الذي كان يقام تحت مظلة معهد العالم العربي، وذلك على الرغم من الجهود الشخصية التي تقام في بعض الدول الأوروبية الأخرى. ولهذا فقد جاء الإعلان عن جمعية سينمائية مستقلة بمثابة بث روح جديدة تجاه تنشيط قطاع السينما في المنطقة الأوروبية. وقد أطلق على الجمعية الجديدة اسم «جمعية السينما العربية الأوروبية (ACEA)». وتهدف نشاطات الجمعية التي تأسست في باريس إلى سدّ الثغرة المتمثلة في قلة التبادل في مجالات السينما، والإنتاج السمعي/البصري بين الدول العربية والاتحاد الأوروبي من جهة، وبين البلدان العربية فيما بينها من جهة أخرى، كما تسعى لنشر معرفة أفضل بالآخر من خلال إقامة عروض منتظمة، وتظاهرات دورية للأعمال الفنية في مجال الفن السابع، سواء أكان ذلك في «شمال» أو «جنوب» المتوسط، كما ستتيح نشاطات الجمعية تكوين جمهور جديد تشد اهتمامه بأعمال سينمائية عربية وأوروبية قليلة التوزيع.

وقد بدأت الجمعية في التحضير لمهرجان سنوي مخصص للسينما العربية في باريس، وسوف تعقد الدورة الأولى لمهرجان السينما العربية في باريس في عام 2010. أما برنامج هذا المهرجان فمن المقرر أن ينتقل بشكل كامل أو جزئي إلى مدن عربية وأوروبية مختلفة بعد انعقاده في باريس، ستقوم الجمعية بالتواصل مع المهرجانات السينمائية، السمعية/البصرية في العالم العربي والاتحاد الأوروبي من أجل دعم الحضور السينمائي العربي والأوروبي في صالات السينما الخاصة، وكذلك تشجيع العروض الثقافية في المدارس والجامعات، وذلك بالتعاون مع مؤسسات عامة و/أو خاصة في الشمال والجنوب.

ولن تغفل الجمعية عن تخصيص مساحات هامة لتقديم الإبداعات الجديدة في مجالات الفيديو العربية والأوروبية، والأفلام المستقلة المنجزة في الجانبين، كما ستعمد إلى عقد اتفاقات مع المدارس الأوروبية الكبرى للسينما للعمل على تنشيط دورات تدريبية، كما ستولي عناية خاصة بالتقنيات الجديدة التي أصبحت اليوم متاحة لعدد كبير من المخرجين. وستقوم الناقدة والمؤرخة السينمائية ماجدة واصف برئاسة مجلس إدارة الجمعية، وقد سبق لواصف أن قامت برئاسة قطاع السينما في معهد العالم العربي لعشرين عاما، كما قامت برئاسة مهرجان بينالي السينما العربية بباريس منذ انطلاقته عام 1992 وحتى توقفه عام 2006. وستضم في عضويتها عددا من النقاد والصحافيين السينمائيين، في مقدمتهم كاترين آرنو وماري كلود بهنا نائبتين للرئيس، إضافة إلى جوزي بيرسفال وميريت ميخائيل وجيوفاني ريزو وهدى إبراهيم وصلاح سرميني وكريستيان تيسون، وأخيرا زينة توتونجي-كوفار.

وحول التمويل الذي ستعتمد عليه الجمعية في عملها أشار الناقد صلاح سرميني إلى أن الجمعية مثل كلّ الجمعيات الفرنسية تعتمد على الدعم الحكومي الفرنسي والأوروبي، ولا يمنعها القانون من أن تبحث عن مصادر تمويل من الشركات الخاصة والأفراد، يضاف إليها اشتراكات الأعضاء والعوائد المادية لنشاطاتها. وفي رده على ماهية الجمعية واستقلاليتها واختلاف مهرجانها عن بينالي السينما العربية الذي كان ينظمه معهد العالم العربي، قال سرميني في تصريحه لـ«الشرق الأوسط»: «إن البينالي كان يعتمد على موظفين من المعهد لتنظيم البينالي، كما يتعاون فريق العمل مع خبرات خارجية. وكان المعهد يوفر القاعدة اللوجستية وجزءا من التمويل، ولم أكن واحدا من المنظمين كي أحكم على طبيعة العمل، ولكن اشتركت في لجنة اختيار الأفلام لدورتين متتاليتين، وكان يحكم اختياراتنا الشفافية والديمقراطية، ولم نكن نعتمد على توازنات جغرافية. مهرجان السينما العربية تنظمه جمعية أهلية لا تخضع لأي ضغوطات مادية أو جغرافية، ويديرها مجلس إدارة تطوعي غير مرتبط وظيفيا بأي مؤسسة، ولهذا سوف يحقق طموحاته بحرية أكثر، بعيدا عن أهواء أصحاب القرار، لأننا سوف نمتلك قراراتنا ونحددها وننفذها بأنفسنا، ونطمح بأن تكون الاختيارات أكثر صرامة، وسوف تقبل الأفلام من كافة أنواعها ومقاساتها، سينما أو فيديو، وسوف تضم المسابقة أفلاما قصيرة وطويلة من كل أرجاء الوطن العربي وخارجه، بغض النظر عن ريادة أو التاريخ الإنتاجي لبلد معين أو حداثته، سوف يتم التركيز على النوعية».