خالد الصاوي: لا أخلط بين موقفي السياسي وعملي الفني.. وأتمنى الموت شهيدا للكلمة

قال لـ «الشرق الأوسط»: قررت عدم الزواج بعد أن فشلت خطبتي 3 مرات

خالد الصاوي في أحد مشاهد فيلم «عمارة يعقوبيان» («الشرق الأوسط»)
TT

يصف نفسه بالمتمرد، والمتابع لأعماله يمكنه أن يدرك أنه كذلك بالفعل، فهو يملك شجاعة القيام بدور الشاذ جنسيا في فيلم «عمارة يعقوبيان»، دون السقوط في فخ الاستسهال أو المبالغة.

فخالد الصاوي يمارس السياسة ويرفض الدخول في متاهاتها مفضلا العمل العام التطوعي. مخرج وممثل مسرحي، تألق على شاشة السينما فخاض تجربة كتابة سيناريو فيلمه الأخير «السفاح»، الذي يعرض حاليا في دور العرض مشاركا في بطولته.. وكان هذا نص حواره من القاهرة مع «الشرق الأوسط»:

* كيف ترى ردود الأفعال حول فيلمك الأخير «السفاح»؟

- ردود الأفعال مطمئنة جدا. حقق الفيلم في أول أسبوع إيرادات جيدة رغم أنه بعيد عن العنف ويحمل رسالة مختلفة وقيمة. وأتمنى في الأسابيع القادمة أن يحقق إيرادات قوية، فالإيرادات بالنسبة إلى معيار يتعلق بحجم المشاهدة، هي الدليل على جماهيرية الفيلم.

* هل واجه فيلمك مشكلات مع الرقابة؟

- أين الرقابة؟!! الرقابة أصبحت جهة لتحويل الأفلام للأمن، برغم ذلك لم يحذف أي مشهد من الفيلم. على العموم أنا أرى أنه لا بد من إلغاء الرقابة على المصنفات الفنية والبحث عن بدائل أخرى، كأن تكون الرقابة من الجمهور العادي. لكن أرفض بشدة عرض الأفلام على جهات أمنية، وأعتقد أن هذا الأمر إهانة للجمهور قبل أي شيء، فالجمهور المصري لدية وعي كامل لاختيار ما يريد، فهو يستطيع أن يشتري ويبيع ويغير ديانته، فكيف نعطيه حق تغيير الديانة ونحرمه حق اختيار ما يشاهده؟!

* تردد أنك كنت تنوي لعب دور السفاح في الفيلم.

- بالفعل كان من المفترض أن ألعب هذا الدور، ولكن هذا الأمر كان منذ ما يقرب من عشر سنوات، في ذلك الحين كنت في الخامسة والثلاثين وكان عمري مناسبا لهذا الدور، أما الآن فلا أعتقد.. ولكن بالتأكيد هاني سلامة هو أفضل من يقوم بهذا الدور، وأعتقد أنه اختيار موفق جدا، إذ كان ضروريا أن يمتاز الوجه الذي يلعب الدور بسمات تختلف عن المتوقع، يبتعد عن الصورة الشهيرة للمجرم أو القاتل التي ظلت السينما المصرية أسيرة لها لسنوات طويلة.

* هل معنى ذلك أنك ترفض لعب دور إذا كانت الشخصية لا تناسب سنك؟

- طبعا سأرفضه، فأنا أقوم بالأدوار التي تناسب سني. إنه أمر يتعلق أساسا بالمصداقية، أنا شخصيا أنتقد من يلعب دورا لا يناسب سنه، وحين أشاهد عملا دراميا لنجم أو فنان مهما كانت قدراته في دور غير مناسب لسنه أشعر بالإحباط، فالمصداقية أهم عنصر، كيف أصدق ما أراه على الشاشة؟ طبيعي أن أرفض.

* أجدت اللهجة اللبنانية في الفيلم لدرجة أن الجمهور اعتقد أنك لبناني بالفعل. - قمت بعمل جلسات عمل لدوري من حيث الشكل والمضمون، وكانت البداية كيفية إجادة اللهجة اللبنانية التي تناسب الشخصية. واستعنت بمجموعة من أصدقائي، وكان على رأسهم الفنانة اللبنانية المشاركة في العمل نيكول سابا، فقمت بتسجيل الحوار بطريقتها على سي دي، مع تسجيل الحوار على ألسنة أصدقائي الآخرين، وقمت بسماع السي دي على مدار شهر كامل حتى توصلت إلى اللهجة المناسبة.

* وماذا عن تعاملك مع اللبنانية نيكول سابا؟

- نيكول كانت مجتهدة ومطيعة لأوامر المخرج، وقدمت دورا بعيدا عن أعمالها السابقة. وأتصور أن دورها في «السفاح» خطوة إلى الأمام، بل أعتبره بداية في مشوارها الفني، مع احترامي لأعمالها السابقة. فهي عملت بجهد لامتلاك الشخصية، ولم تتوقف أمام المظهر الخارجي.

* لكن الرومانسية غابت عن هذا العمل.

- الرومانسية كانت موظفة داخل أحداث العمل، ولم تسعَ إلى أي نوع من أنواع الإثارة ولم تحتَج إلى مساحة أكبر مما كانت عليه.

* افتقدنا الأعمال الرومانسية كثيرا خلال السنوات العشر الأخيرة. - هل تعتقدين أن الجو مناسب لتقديم أعمال رومانسية؟ فهل يعقل أن يغني عبد الحليم لإيمان في فيلم يقدم وسط هذا الكم من الوحشية الموجودة الآن؟!

* بمناسبة الحديث عن الرومانسية.. لماذا لم تتزوج حتى الآن؟

- قمت بالخطبة ثلاث مرات وفشلت، وبعد ذلك قررت أن أعيش حياتي دون زواج. هناك مجموعة من الأسباب أهم، فالبعد عن التملك والاستحواذ وتضييع الوقت والمشكلات وغيرها من الأمور التي تدفع الإنسان إلى الوراء، وأنا لست الوحيد، فهناك الراحل الجميل عبد الحليم حافظ، ومحمد منير. أنا مبسوط جدا ولا أعاني من الوحدة، فلدي الكثير من أصدقائي الذين أحبهم.

* وماذا عن مسلسلك القادم «قانون المراغي»؟

- يصور حاليا، ويشاركني البطولة غادة عبد الرازق ومجموعة من النجوم الشابة، وسيعرض في شهر رمضان الكريم، وأجسد دور محامٍ، ونرى حياته على المستوى الشخصي والعملي وما يدور خلالها من أحداث وتناقضات، وسأقدم شكل المحامي بشكل مختلف عما قدم من قبل، وأترك للجمهور الحكم عليه.

* ألم تفكر في خوض البطولة المطلقة؟

- بالفعل أقوم بتجهيز عمل سينمائي أقوم ببطولته ويتحدث عن ثورة 1919، ليس عن الشخصيات، بل عما حدث في تلك هذه الفترة التي أعتبر أن أحداثها أهم من شخصياتها، ويدور في شكل اجتماعي سياسي.

* ما رأيك في موجة أفلام العنف التي ظهرت مؤخرا؟

- العمل السينمائي لا بد أن يعكس الواقع، وهذا هو واقع المجتمع العربي وليس المصري فقط. يكفي أن تقرأ الجريدة لتكتشف حجم وكيفية التحول الذي طرأ على المجتمع، حتى على الكيفية التي ينفذ بها المجرم جريمته. مهمة السينما أن ترصد ظواهر الواقع، لا يجب أن يلام السينمائيون على العنف، الأفضل والأجدى أن تغيروا الواقع، لا صورته على الشاشة. لا تلومونا على العنف، غيروا الواقع بدل أن تطلبوا تزييفه على الشاشة.

* هل تعتقد أن تصريحات وزير الصحة بخصوص التحذير من خطورة التجمعات داخل الأماكن المغلقة بسبب إنفلونزا الخنازير أثرت على إيرادات السينما؟

- بالفعل هذه التصريحات كان لها تأثير سلبي على الإيرادات، وأنا مندهش في الواقع وأتساءل: لماذا لم يجلس وزير الصحة مع وزير المواصلات للبحث عن وسائل مواصلات عامة لا تحتشد بالركاب ـ وهي بالمناسبة وسيلة أخطر في نقل العدوى ـ قبل أن ينصح الناس بعدم ارتياد دور العرض والمسارح؟ لكن هذا ليس السبب الوحيد، هناك تخمة أفلام في السوق، حلها الوحيد أن يجلس المنتجون للتنسيق فيما بينهم.

* بالرغم من دراستك للحقوق وميولك السياسية الواضحة لم تتجه إلى العمل السياسي. - إذا كنت تقصدين العمل السياسي المنظم فلا، أنا بهذا المعنى غير مهتم بالسياسة، وأرى أن هذا النوع من العمل السياسي، الذي يمكن أن يتكسب الإنسان من ورائه، لا يناسبني إطلاقا. لكنّ هناك نوعا آخر من العمل السياسي، وهو العمل التطوعي الذي يهتم بالشأن العام، وفي تقديري أن هذا النوع هو واجب كل مصري مهما كان بسيطا، بهذا المعنى فقط أهتم بالسياسة وأراها ضرورة.

* هل تنتمي إلى حزب معين أو على الأقل تتبنى أفكاره؟

- أنا ميولي السياسية واضحة وضوح الشمس، فأنا شخص معارض ولن أنتمي إلى أي حزب من الأحزاب الموجودة على الساحة المصرية. ولكن أشرف بالانتماء إلى حركة كفاية، وهي باعتبارها حركة احتجاج لا تتطلب موافقة من الحكومة، وهي بذلك لا تعد جزءا من الديكور في المشهد السياسي لتحسين صورة النظام.

* ماذا تعني بـ«لا تتطلب موافقة من الحكومة»؟

- أقصد أن كل الأحزاب التي يفترض أن تكون أحزابا معارضة يتم الموافقة عليها من قبل النظام الحاكم وبشهادة ميلاد معتمدة من الجهات الحكومية، فكيف يمكن أن تعارض من يملك الحق في السماح أو الرفض؟ وكيف يمكن للنظام السماح لحزب قد يسحب البساط من تحت أقدامها؟ هذا أمر غير مقنع. إنه في نظري نوع من التحايل. أنا لا أنكر وجود بعض التيارات المعارضة الصادقة مثل حزب الكرامة تحت التأسيس، وحركة كفاية، ولهؤلاء وجود في الشارع بين الناس، يشعرون بمشكلاتهم الفعلية، وهذا ما يفسر رفض لجنة الأحزاب منح «الكرامة» الترخيص.

* ألا تخشى أن يؤثر نشاطك السياسي على عملك الفني؟

- حلمي أن أموت شهيدا في حرب شريفة، أو لمجرد قول كلمة تعبر عن قناعتي الشخصية. أنا عمري الآن 45 سنة، خضت تجارب كثيرة، وحققت نجاحات أنا راضٍ عنها تماما ومقتنع بها، سواء على الصعيد العملي أو الشخصي.

* هل تعتبر نفسك شخصية مشاغبة؟ - لا، أنا أرفض كلمة مشاغب، أفضل وصفي بالمتمرد، فالمشاغب شخص يتكلم فقط، مجرد كلام دون فعل، قد يسعى للظهور والاستعراض. أما التمرد فهو حالة فعل، حالة مقاومة للواقع من أجل تغييره للأفضل.

* هل لموقفك السياسي دور في اختيارك لأعمالك الفنية؟

- إطلاقا، فأعمالي السياسية قليلة. وعموما لا أحب الخلط بين خالد الفنان وخالد المواطن العادي، ولا أحاول كسب أرضية بمغازلة الناس بموقف سياسي أحشره في عمل فني. أما خالد الصاوي المواطن العادي صاحب الميول السياسية المعارضة فهو شخص آخر، عندما أكتب مقالاتي أو أسجل موقفي على مدوناتي أكون أنا الشخص العادي. وأنا أملك هذه القدرة والحمد لله.