صباح بركات: الزملاء الذين يستاؤون من زميل لهم ينتقمون من أولاده

أم حاتم قالت لـ «الشرق الأوسط» : أنا فنانة متطلبة.. ومركزية ياسر العظمة أبعدتني عن «مرايا»

مشهد من مسلسل «باب الحارة 2» («الشرق الأوسط»)
TT

عرفها جمهور الدراما السورية منذ عشرين عاما ممثلة رقيقة ذات حضور ناعم ولطيف، سواء كان في المسرح من خلال عروض «حمام روماني» و«الحسناء الناعمة» و«الأيدي» و«يقظة الربيع»، أو من خلال السينما في فيلم «المتبقي»، وكذلك من خلال الأعمال التلفزيونية الكثيرة التي كانت حاضرة فيها بقوة في مختلف الأعمال المعاصرة والتاريخية والشامية مع الفنان دريد لحام في «الدغري» أو مع ياسر العظمة في أجزاء من سلسلة «مرايا» وفي «أبو كامل» و«حارة نسيها الزمن» و«أمنيات صغيرة» و«رياح الخماسين» و«حمام القيشاني» بمختلف أجزائه بشخصية عنايات، التي أحبها جمهور التلفزيون الذي لم يستغرب أن تكون رقيقة وحرفية وناعمة وهي تجسد شخصية «أم حاتم» في مسلسل «باب الحارة» إنها بالتأكيد الفنانة السورية صباح بركات التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط» في دمشق عن شخصية أم حاتم في الجزء الرابع من «باب الحارة» وعن قضايا فنية عديدة، فإلى نص الحوار:

* كيف هي شخصية أم حاتم في الجزء الرابع من مسلسل «باب الحارة»؟

ـ هي استمرار للخط الدرامي لها منذ الجزء الأول، حيث أم حاتم امرأة حنون وسيدة منزل من الطراز الأول وتحب عائلتها وبناتها ولكن تعاني من غصة في قلبها ليست بيدها وهي أن يأتيها صبي ترضي به أبو حاتم الذي تحبه كثيرا وتتمنى أن تعمل أي شيء حتى يشعر أبو حاتم بالسعادة، وحتى عندما سقطت كانت تطلب أن يأتيها صبي قبل أن تسأل عن نفسها. وفي الجزء الرابع وبسبب مشاركة أبو حاتم مع الثوار وغيابه عن المنزل فتكون أم حاتم هي الرجل والمرأة في الوقت نفسه وتتصرف بكل قوة مع بناتها وتضبط البيت وتدبر أمور المنزل كرجل وامرأة في الوقت نفسه، وبغض النظر عن كونها سيدة فاضلة في منزلها فعندما يغادر رجال الحارة للالتحاق بالثورة فتشارك مع نساء الحارة بحماية الحارة ويكون لكل سيدات نساء الحارة موقف وطني مدافع عن الحارة.

* ما رأيك في الاستبيان الذي نشر قبل فترة وكان رأي 90 في المائة من النساء أنهن يتمنين أن يكون لديهن زوج مثل أبو حاتم؟

ـ قال أبو حاتم في المسلسل إنه يتمنى لو كل الرجال لديهن نساء مثل أم حاتم، وقال إن أبو حاتم حنون ومثالي في منزله لأن أم حاتم حنون ومثالية في منزلها وهي تتميز بالفهم وقوة الشخصية.

* يقال إن «باب الحارة» ظلم المرأة الشامية في تقديمها كتابعة للرجل وليس لها أي شخصية باستثناء أم حاتم وفوزية من نساء الحارة؟

ـ لو تابعنا الخطوط الأساسية في «باب الحارة» فسنجد أن هناك شراكة بين المرأة والرجل ولها منعكسات، فلو فرضنا أن المرأة تظل في منزلها تنكد على الرجل فسينعكس ذلك سلبا على العلاقة بينهما، فالرجل هو طفل كبير ولذلك أم حاتم فهمت ذلك ودللت أبو حاتم، في حين أن بعض النساء لم يفهمن عقلية الرجل كما يصورها العمل في ذلك الوقت، وحتى في الوقت الحالي، وهذا استفدت منه في تجسيد شخصية أم حاتم، فأنا في الحياة العادية أدلل الرجل؛ أدلل ابني وأخي ووالدي قبل أن يتوفى (يرحمه الله) وأرى أن الرجل يجب أن يأخذ قيمته وموقعه في المنزل ولن يكون جاحدا عندما تدلله المرأة وتستقبله بلهفة واحترام عندما يأتي للبيت.

* ما رأيك في مقولة أن ممثلي الأعمال الشامية يجيدون تجسيد الشخصيات بشكل أكبر عندما يكونون أبناء هذه البيئة؟

ـ هذا صحيح، فأنا مثلا ابنة حارة دمشقية قديمة هي منطقة ساروجة، وسئلت مرة أنني مستمرة بتجسيد شخصية أم حاتم حتى الجزء الثالث في العام الماضي وهي شخصية شامية تقليدية قد لا تتناسب مع شخصيتك العصرية، فكان المخرج بسام الملا يجيب السائلين أن صباح هي سيدة دمشقية من حارة عريقة وليس صعبا عليها أن تجسد شخصية أم حاتم، بل بالعكس أعطتها مصداقية أكبر.. وبرأيي أن باب الحارة كعمل شامي تقليدي وكما أصبح معروفا أنه حقق ثالث مسلسل تلفزيوني مشاهد في العالم والأول عربيا، هذا النجاح جاء من الحكاية الجميلة التي يقدمها، ووجود مخرج مثل بسام الملا الذي أعتبره النجم الأول في المسلسل، فهو الذي أوصل البيئة الشامية للناس بشكل صحيح ومحبب، ولو أجرينا دراسة على المخرج بسام فسنصل إلى نتيجة هي أنه يؤدي رسالة مثله مثل الفلاسفة وبتميز وبتفوق، فهو يقدم للجيل الشاب كيف يجب أن تكون علاقتهم مع والديهم من احترام وتقدير، وكيف على الفتاة أن تحترم أهلها وتتبع نصائحهم وتطيعهم، وهذه عاداتنا القديمة والأصيلة، وهي عادات تقوم على المحبة والصدق التي نفتقدها في العصر الحديث، لذلك فإن المسلسل يذكر الجيل الجديد بما كان عليه الأجداد ويقدم لهم درسا أخلاقيا واجتماعيا، وهناك ما يسمى بالسهل الممتنع، ففي العمل جهد وتعب وعاملون بذلوا الجهد الكبير ليصل العمل للناس بهذا الشكل المحبب، مثلا هناك مسلسلات تضحك على المشاهد بسبب سطحيته وأنا كعادتي منذ احترافي التمثيل أرى أن العمل إذا لم أقتنع بحكايته ومصداقيته فلا أشارك فيه ولا أقبل المشاركة في عمل يوصل معلومات تافهة للمشاهد وبشكل فيه استخفاف بعقلية المشاهد وللأسف هناك مسلسلات تستخف بعقول الناس ولا يهمها انعكاس ذلك على الناس في حين أن «باب الحارة» يوصل رسالة للناس ومعلومات مفيدة.

* ما رأيك في تحول مسلسلات البيئة الشامية إلى ظاهرة قد تتلاشى بعد سنوات والخوف من حصول تكرار في قصص هذه الأعمال؟

ـ لست خائفة على هذه الأعمال من التكرار وأن يمل المشاهد منها، فهناك مثل معروف يقول «لولا تعدد الأذواق لبارت الأرزاق» فكل عمل شامي له معجبوه ومشاهدوه، وهناك منافسة شديدة في شهر رمضان، والكل يعيش بحالة توتر حتى يظهر في النهاية المسلسل الجيد من غير الجيد، والذي لم يتابع كذلك هذه الأعمال تقدم بيئة أصيلة حقيقية والناس أحبتها ولذلك لست خائفة عليها، وأنا مثلا في العام الماضي كرمت في أكثر من عاصمة ومنها لندن، كما كرمت من قبل الجهات الرسمية الليبية، وفي الدول الاسكندنافية، ومنها السويد والدنمارك، ومنحت وسام مدينة مالمو الاسكندنافية وذلك على مجمل مسيرتي الفنية وبشكل خاص على تجسيدي شخصية أم حاتم في «باب الحارة»، وما يسعدني أن البعض من الناس يناديني أحيانا بأم حاتم، وقبل سنوات عندما قدمت شخصية عنايات في مسلسل «حمام القيشاني» فالناس ظلوا لفترة ينادونني بهذا الاسم، وهذا دليل وصول الشخصية للجمهور، وما يسعدني أيضا محبة الناس، والممثل عندما يجلس في مكان عام ولا يهتم به الحاضرون فهذا يعد كارثة عليه، ومن الأمور الطريفة التي حصلت معي قبل فترة وبسبب محبة الناس لـ«باب الحارة» وشخصياته أن إحدى السيدات العراقيات المغتربات في السويد حضنتني وقبلتني بشكل غريب من شدة إعجابها بشخصية أم حاتم ومن شدة احتضانها لم أعد أستطيع أن أتنفس واضطررت للجلوس على الكرسي حتى أستعيد نفسي.

* ما آخر أعمالك الجديدة والشخصيات التي تجسديها؟

ـ أنا فنانة متطلبة فإذا ما عُرض عليّ دور رئيسي أو دور بطولة وأجر جيد، وإذا ما وافقت على العمل فيجب أن يكون النص جيدا والدور فيه محترم، وأنا لديّ عمل خاص من خارج الوسط الفني ولذلك أنا لست متكئة على عملي الفني ماديا بأي صورة من الصور، ولكن أقول لك وبصراحة مطلقة أنا عاشقة للفن والتمثيل ولكن لا أتعيش منه، ولذلك أنتقي الدور الذي يناسبني والذي يوصل مقولة فكرية للمشاهدين، وعندما أقبل أداء الدور فأسأل نفسي كيف يمكن أن يصل هذا الدور للناس، وليس أن يضحكهم، هذا لا يمكن أن أقدمه بأي شكل من الأشكال بل أعتبر ذلك عيبا بحق الممثل وأنا لست تاجرة بل فنانة. وقد عرض عليّ أربعة مسلسلات هذا الموسم للمشاركة فيها بالإضافة إلى فيلم سينمائي روائي طويل فاعتذرت عن عدم العمل بها واكتفيت فقط بالمشاركة في مسلسل «باب الحارة» رغم أن هناك أدوارا أعجبتني في بعض هذه الأعمال، ولكن لم يدفعوا لي الأجر الذي طلبته، وهناك أدوار لم تعجبني فاعتذرت عن أدائها، بينما في الموسم الماضي كنت حاضرة في خمسة أعمال ما زالت تعرض على بعض الفضائيات حتى الآن، وهي «وحوش وسبايا» و«رياح الخماسين» و«حكم العدالة» و«موعد مع المطر» و«باب الحارة» وهذا لقناعتي بهذه الأعمال.

* يقال إن المخرج بسام الملا يبعد النجوم عن «باب الحارة»؟

ـ برأيي أن المخرج يجب أن يحب ممثلي المسلسل معه، وإذا لم يشعر بارتياح تجاه البعض منهم وشعر أن بعضهم لن يوصلوا الشخصيات بصدق وإخلاص فإنه من الأفضل أن لا يعملوا مع بعض، وهذا لصالح الممثل والمخرج ولصالح العمل، ويجب أن يكون المخرج مرتاحا وهو يدير المسلسل، وبالتأكيد سيعوض المشاهد عن غياب هؤلاء من خلال شخصيات وأحداث جديدة، ويبقى في «باب الحارة» البطولة جماعية وليس هناك نجم واحد في العمل، وهذا أحد أسباب نجاح العمل.

* هل بالإمكان تواجدك في الدراما المصرية؟

ـ عُرض عليّ في العام الماضي المشاركة في فيلم سينمائي ولكني اعتذرت لأنني كنت مشغولة. ومشاركة العديد من الفنانين السوريين في الدراما المصرية أنظر إليها بشكل مختلف، فالبعض كانوا موفقين وهم يتحدثون باللهجة المصرية مثل جمال سليمان في «حدائق الشيطان» وتيم الحسن عمل بشكل متقن في «الملك فاروق».

* ما رأيك في الدراما الخليجية؟

ـ شاركت في السنوات الماضية في عدد من الأعمال الخليجية والسعودية، وهي برأيي دراما متطورة، وكلما عرض مسلسل خليجي جديد أرى فيه أفكارا جديدة.. وأنا أحترم جدا قناة (إم.بي.سي) حيث لها أياد بيضاء على الدراما، وترعى الفنانين وأنا أحب برامجها كثيرا ومن المتابعين لها باستمرار.

* وأعمال الدبلجة التركية؟

ـ أنا رفضت المشاركة في دبلجة أعمال تركية وأميركية وبرازيلية، لأنه لو حللنا عقليا وضع هذه الأعمال فسنرى أنها مجرد وضع الصوت السوري على هذه الأعمال، وهو ما سيجذب المشاهد لها، فيما لو ترجم أو دبلج باللغة الفصحى فإنها لن تصل لهذه الشريحة، ولذلك أنا ضد فكرة دبلجة المسلسل التركي، وعندما شاهدت بعض هذه الأعمال المدبلجة رأيت أنها بعيدة عن عاداتنا وتقاليدنا وفيها إدخال السم في الدسم.

* منذ سنوات لم نشاهدك في أعمال كوميدية رغم أنك عملت في «مرايا» مع ياسر العظمة ومع دريد لحام؟

ـ شاركت مع الفنان ياسر العظمة في عدد من سلسلة «مرايا» ولكن الأجزاء الأخيرة لم أشارك فيها رغم أن هناك تواصلا بيننا في المناسبات فقط، وبرأيي أن الفنان ياسر مركزي ويعتبر مرايا مشروعه الشخصي، فليوفقه الله، ومن حقه أن يكون صاحب القرار في مشروعه.

* هل بالإمكان مشاهدة أحد أولادك ممثلا مثلك؟

ـ عندي بنت (رانية) وصبي (مازن) تقدم لفحص المقابلة للقبول في المعهد العالي للفنون المسرحية في العام الماضي، ولكن لم يقبلوه ورسبوه، ويبدو أن بعض الزملاء الذين يشعرون بشعور سيئ تجاه زميل لهم ينتقمون من أولاده، ويبدو أنهم انتقموا مني في ولدي.