الأغاني «الخاصة».. موضة تقتحم صالات الأعراس في السعودية

أكثر نجوم الغناء لا يجدون حرجا في تقديمها

محمد عبده
TT

من المؤكد أن زفة العروسين تعد من أهم لحظات ليلة العمر التي تعتبر حلم كل شاب وفتاة، مما يجعل التخطيط لها أمرا في غاية الأهمية للخروج بأفكار غريبة يتداولها الحضور فيما بعد أثناء أحاديثهم في المجالس.

وشهدت الأعراس دخول موضة الأغاني الخاصة التي تحمل أسماء العرسان وأوصافهم، خصوصا أن الأغنية بشكل عام تعد عنوانا للمحبين وترجمانا للمشاعر، مما جعل تلك الأغاني تشتهر بشكل لافت بين أوساط المجتمع على اختلاف فئاته، في ظل تفاخرهم بها إذا ما قدمت لهم من قبل فنان مشهور.

ويبدو أن تلك الأغاني والزفات الخاصة أخذت اهتماما كبيرا عند المشتغلين في الفن، حيث أنشئت مؤسسات فنية خصصت لتقديم مثل تلك الأعمال الغنائية، وهناك مؤسسات عدة موجودة في العاصمة السعودية الرياض تتنافس لتقديم الأغاني والزفات الخاصة، حيث تعمل تلك المؤسسات على مدار العام من دون توقف. يقول أحمد أبو بكر نجل الفنان الكبير أبو بكر سالم، والمدير العام لشركة «رهوان» للإنتاج الفني «مثل تلك الأعمال أصبحت مطلبا أساسيا عند العرسان خاصة في السنوات الماضية الأخيرة. واستوعب المجتمع السعودي والخليجي الفكرة بشكل جميل، وأصبحت تلك الأغاني مطلبا أساسيا، العريس والعروس يختاران فنانهما المفضل لتقديم وصلة غنائية في أهم لحظة في حياتهم».

ويضيف «في أكثر الأحيان العرسان لا تقتصر طلباتهم على أغنية واحدة فقط. أحيانا تصل تلك الأعمال إلى 8 أو أكثر موزعة بين زفة واحدة وأغان عدة يقدمها نجوم الخليج والوطن العربي وكلها تقدم في حفل زفاف واحد».

يذكر أن أحمد أبو بكر يمتلك استوديو فنيا في الرياض مخصصا لتنفيذ الأغاني مجهزا تحت تقنيات فنيه عالية. والجميل في الأمر، أن تلك الأعمال التي تنفذ لا تعرض في حفل الزفاف بل توضع تلك الأعمال في ألبوم واحد سواء «سي دي» أو «كاسيت» ويوضع على غلافه اسما العريس والعروس، وتوزع تلك الألبومات على الضيوف الحاضرين للحفل. ودخلت تلك «الصرعة» بأشكال متعددة، منها أغان خاصة بأصوات الفنانين أنفسهم أو هواة الفن المبتدئين، والقصائد الخاصة التي يتم دمجها مع أغان مختلفة، إلى جانب الاعتماد على اللون الحجازي المعروف بـ«المجس».

ويعمل سامر توفيق الذي شارك في ألبوم «راشد وأحبابه» بأغنية «يا رب» على تنفيذ أغنيات خاصة بحسب طلبات الزبائن، إذ يقوم بمشاركة من أصدقائه الشعراء والملحنين بغنائها وتسجيلها مقابل مبالغ وصفها بـ«الزهيدة» مقارنة بما يتقاضونه مشاهير الفن على تلك الأغاني. ويقول «لا تقتصر الأغاني التي أغنيها على إنتاجي الخاص فقط، وإنما أقوم بإعادة غناء أغنيات لفنانين آخرين وإدخال الأسماء المطلوبة عليها، إلا أنني أسجلها بدون آلات موسيقية في ظل اعتمادي على البدائل مثل الدفوف والإيقاع والمؤثرات الصوتية من دون أي آلة وترية»، لافتا إلى أن أسعاره تتراوح ما بين 500 ريال و50 ألف ريال.

ويضيف «عادة ما أنسق مع بعض الفنانين للحصول على أغنيات خاصة منهم، غير أن هناك أغاني متاحة وموجودة لدى الجميع، والتي تمكنني من إجراء التعديلات التي يرغب بها عملائي بسهولة»، مشيرا إلى أنه يستغرق في تنفيذ الأغنية ما بين عشرة أيام وشهر كامل، لا سيما أنه يحتاج إلى سماعها مرات كثيرة وتحليلها بشكل سليم لإتقانها.

ولم يعد المجس حصرا على أهل الحجاز فقط، وإنما انتشر خارج حدود تلك المنطقة ليصل إلى القبائل أيضا منذ نحو خمس سنوات، بحسب ما ذكره الجسّيس عبد الحميد الخضراوي. وقال «عادة ما أقوم بتلك الزفات وذلك بالتنسيق مع بعض الشعراء والكتاب، أو الاستعانة بكتيب يحوي كلمات لمجسات تراثية»، مؤكدا أنها تشهد إقبالا كبيرا حتى في حفلات الأعراس بعد أن كانت متناولة في ليالي الملكة فقط.

وذكر أنه يتقاضى على القصيدة والمجس نحو 1500 ريال، إلا أن هناك من يرغب في إضافة «دي جي» إليها لتصل القيمة إلى نحو 2000 ريال، موضحا أن الأولوية في الحجز يحصل عليها من يودع له قيمة العربون في حسابه البنكي الخاص «على حد قوله».

وأضاف «أستقبل الطلبات بشكل مستمر، الأمر الذي يجعلني أضطر في بعض الأحيان إلى تحويل بعضها لأصدقائي المتخصصين أيضا في (المجس)، إلا أن الإقبال على تلك الزفات يزداد في الأيام العادية خصوصا أن معظم حفلات الخطوبة تتم خلال هذه الفترة، بينما تشهد الإجازة الصيفية إحياء حفلات الأعراس بشكل أكبر».

ويرى أحد الملحنين (فضل عدم ذكر اسمه) أن الحصول على الأغاني الخاصة يعتمد على الإمكانية المادية للشخص، لا سيما أن قيمتها تختلف من فنان لآخر بحسب شهرته ومكانته الفنية وخبرته في الفن.

وقال «في بعض الأحيان يقدم الزبائن قصيدة جاهزة ليقوم الفنان بغنائها، والتي لا تستغرق أكثر من خمسة أيام لتنفيذها، إلا أنه غالبا ما يقوم الفنان باختيار الكلمات والألحان لتقديم عمل كامل»، مبينا أن هناك إقبالا شديدا على الأغنيات الخاصة من داخل السعودية وخارجها. وأكثر نجوم الغناء لا يجدون حرجا أو ممانعة في تقديم الأغاني الخاصة، وأبرزهم محمد عبده وعبد المجيد عبد الله وعبد الله الرويشد وراشد الماجد وأصيل أبو بكر ورابح صقر وغيرهم الكثير.

فيما يؤكد الشاعر عبد المحسن نوار أن تلك الأغنيات تتصف بالخصوصية، كونها تحمل أسماء شخصية وأوصافا خاصة، إذ إن مثل هذه الزفات عادة ما تكون متشابهة، الأمر الذي يحتم ضرورة إظهار كل منها بشكل مميز عن الآخر.

ويقول «هناك من يرغب في دمج قصيدة خاصة بأغنية، إلا أن الأغاني تصل للناس بشكل أسرع خاصة أنها تحتوي على الموسيقى والإيقاعات»، موضحا أن أسعارها تختلف بحسب طول القصيدة التي قد تكون أشبه بالأوبريت لاحتوائها على أكثر من لوحة، إلى جانب المدة الزمنية التي يحتاجها في كتابتها.