المواجهة مع الفضائية الإسرائيلية بـMBC وART

TT

* في الوقت الذي «نلعن» و«نشتم» و«نشجب» و«نهدد» و«نندد» و«نستنكر» ضد بعض الفضائيات العربية وبعض اسفافها، خاصة بعض برامج المنوعات، نجد تباري الكتاب والمهتمين بالشأن الفضائي بالحديث حول الفضائية الاسرائيلية، والخوف من هذا «البعبع» الذي سيطل وسيدخل الى بيوت العرب وكأنها «أم المؤامرات».

* لا اعلم الى متى سنستمر في فتح النار على برامج بعض المنوعات في هذه الفضائيات العربية؟ تارة نقذفها بالحجارة، واكثر الاحيان ننتشي فرحا لأننا نشتمها ونشبهها بأنها السبب الرئيسي في هذا التفسخ الاخلاقي الذي اثار الغرائز، واصبحت بنات اليوم كلهن نوال ونجوى وايلين! واحدة ترقص عيونها وأخرى ترقص جسدها على صفحة الماء والثالثة ترقص على السرير.

اصبحت هذه البرامج ممنوعات لا منوعات، لكن الحديث عن هذه البرامج «لا يودي ولا يجيب»، والهجوم عليها اصبح في «مهب الريح».

فقط نتكلم ونتكلم واصبح الهجوم والنقد غير مقنعين، خاصة في زمن ارتفعت فيه السيقان وضاع الركبان ورجع العجوز الى صباه. وغنى الجميع «يا ليل يا عين» و«انت عمري» و«انا اللي عذبني حبيبي».

* في كل يوم، بل في كل ساعة تنبت في الفضاء برامج متماثلة تنافس بعضها بعضا مثل النبات الشيطاني، وفي كل دقيقة تمر على المشاهد يجد ان هناك مشاريع لبرامج عربية اكثر اثارة، برامج تدعي الحرية وتستفز المشاهد «المكبوت» الذي تحول الى كائن تلفزيوني يتقلب على جمر الريموت كونترول وكأن عنده بوادر العجز الجنسي.

مقارنة مع الغرب نجد ان الحياء يغلب على بعض منها، وفي بعض الاحيان «نستحي» نحن من هذه المقارنة لأن هذا الغرب حفظ بعضا من هذا الحياء الذي فقدناه، خاصة في هذه النوعية من البرامج.

اذن لا نستغرب اذا كان خطر هذه النوعية المؤذية وصل الى الاعلانات. فالصابون الذي نعرفه ونستحم به غير صابون الفضائيات، خاصة صابون «الفور كاتس». والزيت الذي نقلي به البطاطس والاسماك غير الزيت الذي نشاهده الآن في الاعلانات، فهو يقوي عضلات قلب الحبيبة وضد كوليسترول الحب وصحي ايضا.. حتى زيوت السيارات اصبحت شغل الشباب الشاغل، خاصة اذا رضيت عنه الحبيبة.

ناهيك من اعلان الشماغ والثياب التي اصبحت تدخل ضمن اهتمامات الفتيات، فنظرة الى الشماغ تؤدي الى رضى كامل وابتسامة!! وغيرها من اعلانات نخجل ان تشاهدها المراهقات في بيوتنا العربية. كل يوم تظهر تقليعة جديدة تهزنا وتهز وجدان النخوة والعروبة فينا.

اما الذين يتألمون لشهداء الانتفاضة ويتألمون لشهداء الجنوب اللبناني قد لا يعلمون ان صوت الطبل «وغناء» بعض المطربين ارتفع فوق صوت المعركة.

فالذين يحاربون في «يا ليل يا عين» عندهم اسلحتهم الثقيلة والخفيفة ايضا، وابطالها مدججون بالموسيقى الصاخبة والطبول والرقص «العربي». اما الذين يحاربون في الجنوب فلهم اسلحتهم واناشيدهم ودماؤهم الطاهرة. وهناك فرق بين سلاح وسلاح، ودم ودم.

في تلفزيوناتنا نشاهد مواجهات عديدة، وبرنامج «عالباب يا شباب» احدى المواجهات مع العدو وجبهة من جبهات القتال، مثل جبهة «ميوزيكانا» التي تشكل قوة ردع ضد كل قوى الظلام الدامس!! تكفي نظرة واحدة على خريجي مدارس «استديوهات الفن» عتاد المستقبل والقوة الضاربة، تخبرنا بأننا اعدنا تماسكنا ضد هذه الامبريالية التي دوختنا واعلنا الحرب على الماكدونالدز والكوكاكولا.

اما اسرائيل بدورها فلن تسكت، ستدخل الى بيوتنا مدججة باللغة العربية ولغة الرقص وستستخدم الاسلحة نفسها بفضائية عربية وسيكون سلاحها هذه المرة قنابل «الرقص الشرقي» ومنوعات «انا اللي عذبني حبيبي».

الذين يعتقدون ان هذه الفضائية ستكون سياسية فقط مخطئون جدا، فالحرب قادمة من الفضاء، برنامج لبرنامج، وهزة بهزة.. وذلك لأننا افسدنا شباب اسرائيل وبناتها، بأغنياتنا وقهرناهم بأجساد الفتيات ودخلنا الى بيوتهم بهذه التقاليع ومن دون أي تطبيع.

من جانبنا سنستعد للمعركة المقبلة ببرامج منوعات اكثر وسنحرر «شبعا» بالدبكة والجولان بأغنيات الراحل فهد بلان، والانتفاضة ستستمر ما دام سلاح المدفعية شعبان عبد الرحيم الذي سنصل الى اميركا معه وسنردد بصوت واحد «انا بكره اسرائيل، واحب المنقا.. يا منقا».

* بدل كل هذه التفاهات التي تشكل اغلب برامجنا كنت اتمنى على القائمين على هذه الفضائيات مثل MBC وART، كما طالبنا مرارا وتكرارا، الاتفاق على انشاء فضائية تتحدث بكل اللغات، تتحدث الى الاسرائيليين بلغتهم العبرية، والانجليز بلغتهم والفرنسيين بلغتهم، حتى عند شعوب آسيا لا بد ان يكون لنا فيها «مرقد» قناة تلفزيونية.

ما الذي يمنع ان نستخدم هذه الامكانيات الهائلة وتكون لنا مثل هذه القنوات تخاطب الناس بلغتهم ليفهموا قضيتنا الاولى بدل ان تكون هناك قنوات باللغة الانجليزية على سبيل المثال تبث الاخبار المحلية وزيارات المسؤولين.

لا اعتقد ان الفكرة صعبة للغاية ومستحيلة ولا يمكن تنفيذها لأننا نمتلك المال والكفاءات، لكن من هو الرجل الذي يمكن ان يقدم على هذه الخطوة الجبارة لنقف معه حتى يتعرف العالم على صوتنا الذي فقدناه في مرابع الانس وبرامج «الهشك بشك» واستراتيجية «انا اللي عذبني حبيبي».