جيزيل خوري: البرامج السياسية تموت في لبنان وبرامج الألعاب المسلية تزدهر

قالت لـ«الشرق الأوسط»: لن أغيب طويلا عن الشاشة وموقف بوتفليقة أثر علي

TT

غلبت الحسرة ملامح الاعلامية اللبنانية جيزيل خوري خلال الحلقة الاخيرة من برنامج «حوار العمر»، الذي كانت تقدمه على شاشة «المؤسسة اللبنانية للارسال انترناسيونال» (LBCI)، الامر الذي اثار جملة تساؤلات عن الاسباب الفعلية لتوقف هذا البرنامج بعد 210 حلقات، استضافت خوري خلالها شخصيات لبنانية وعربية ورافقت في محطات استثنائية أهم الاحداث التي شهدها العالم العربي والساحة اللبنانية، وآخرها كانت حلقة عن موجة الاعتقالات بحق عدد من المعارضين وما رافقها من اجواء امنية متشنجة.

عن الحزن الطاغي على محياها بفعل توقف البرنامج قالت خوري لـ«الشرق الأوسط»: «اعرف ان البرنامج مستمر منذ اكثر من اربعة اعوام وبالتأكيد يحتاج الى تجديد وتغيير في صيغته، لكن احساسي يهمس لي ان هدف التوقف ابعد من ذلك، وكأن البرامج السياسية اللبنانية تموت شيئاً فشيئاً على المحطات التلفزيونية الارضية، آلمني الامر كثيراً لان مساحة الحريات في لبنان تتقلص ليتسع هواء البث لمساحة التسلية والالعاب على حساب البرامج السياسية والثقافية».

وجيزيل لن تغيب طويلاً عن جمهورها، فهي بصدد اعداد برنامج جديد يرتبط بالحدث العربي عامة وبالحدث اللبناني خاصة، اذا كان يهم العرب، ويبث على المحطة الفضائية لـLBCI، على ان يبث ارضياً بعد الساعة الحادية عشرة ليلاً. وهذا الامر يقلقها موضحة: «يزعجني ابعادي عن تفاعلات الساحة اللبنانية سياسياً واجتماعياً وثقافياً. كذلك اشعر بالقلق حيال البرنامج الجديد، فانا اعتبر اني حققت نجاحاً كبيراً في «حوار العمر»، بحيث لا استطيع ان امنع نفسي من مقارنة اي عمل جديد به».

وتؤكد خوري «ان LBCI فتحت لها مجالاً كبيراً، وأمنت لها الحماية اللازمة في الوقت الذي عانى بعض الاعلاميين من الرقابة والتدخلات، لكن مساحة الحرية التي تضيق شيئاً فشيئاً تعاني منها المؤسسة ككل وانا تحديداً، من دون ان يأتي احد ما وينبهني مباشرة الى الدوائر التي يجب ان التزم بها. واكثر من مرة وردت الى المدير العام للمحطة بيار الضاهر ملاحظات شتى بخصوص بعض الحلقات وبعض الضيوف وكان يبلغني بها ويناقشني بشأن ضرورة الانتباه، وفي كل ازمة تعرضت لها المحطة كان برنامجي مطروحاً».

ولا تبحث جيزيل عن التواضع عندما تتحدث عن نجاح برنامجها الذي اصابها فراقه بالـ«النوستالجيا» ذلك «ان بعض اللقاءات مهدت لصداقات اعتز بها والبعض الآخر ترك لمسة لا يمكن ان تزول. كذلك اذهلني بعض الضيوف وقلبوا الفكرة المسبقة عنهم رأساً على عقب ان ايجاباً ام سلباً. ويمكنني القول ان معظم الحلقات شكلت ارشيفاً غنياً للشخصية التي استضافتها وأرّخت حقبة وسيرة للشخص وللبلد الذي ينتمي اليه. وهكذا نسج البرنامج ذاكرة حوالي 100 عام لـ 150 حلقة على الاقل، اضافة الى ذاكرة الحرب اللبنانية والتجربة الناصرية والقضية الفلسطينية».

ولا تنسى خوري ان تشير الى ارشيف الحركات الثقافية رواية وشعراً ومسرحاً وسينما وفناً تشكيلياً من خلال الضيوف. الا انها تذكر بحنين الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، بقولها «سبق تحديد المقابلة التلفزيونية مع الرئيس بوتفليقة لقاء تمهيدي، وفي اليوم المحدد سافرت الى الجزائر بحالة يرثى لها، اذ ادخل اخي غرفة العناية الفائقة في المستشفى، ولم افكر بتأجيل المقابلة وانما قررت اجراءها والعودة الى لبنان فوراً. لكن الرئيس بوتفليقه الذي يعتبر وجهي فألاً حسناً عليه لاني واكبت عملية انتخابه اصر على تكريمي واستضافتي بدعوة من الرئاسة فرفضت وألح، فشرحت له حينها حالة اخي. تأثر كثيراً وعرض علي كل وسائل المساعدة الممكنة وودعني على باب القصر الجمهوري وبقي على اتصال هاتفي مباشر يومياً للاطلاع على وضع اخي الصحي حتى خرج سالماً من غرفة العناية الفائقة. أثر بي كثيراً هذا الرئيس ولامستني انسانيته الى درجة تشعرني بالفخر لاني تعرفت اليه».

ولا تجد جيزيل غضاضة من اظهار انفعالاتها على الهواء، لاسيما حين يكون الموقف حساساً. لذا لم تستطع ان تلبس قناعاً وتظهر في الحلقة الاخيرة حيادية، فليس سهلاً ان تقول وداعاً للمشاهدين من دون تدفق الحزن الى ملامحها مع انتهاء هذه العلاقة الاسبوعية التي جمعتها بهم.

ويطيب لخوري ان تستعيد الحلقات الاستثنائية التي اجرتها مع الفنان زياد الرحباني لانه يتحدى محاوره ويقلب الادوار ويخرج ما لديه، واقترحت على زياد ان يقدم برنامجاً حوارياً لانه سينجح بالتأكيد اذا التزم به فهو قادر على اظهار عنف ضيفه وعصبيته واستكانته وحنانه وكل ما يفكر به.

عن برنامجها الجديد الذي يبث على فضائية LBCI قالت جيزيل خوري: «لم نختر الاسم بعد، ربما لأن عقدة «حوار العمر» ما زالت تتحكم بنا قد يكون «اليوم الثامن». محور البرنامج هو الحدث الذي يهم العالم العربي ويتراوح بين السياسية والقضايا الطارئة والملحة كالانتفاضة الفلسطينية مثلاً والعلاقات العربية ـ العربية وانتحار سعاد حسني.

وتشعر خوري ان التحدي في هذا البرنامج سيكون في قدرتها على جذب المشاهد اللبناني الى محوره، كما شدت المشاهد العربي الى محور «حوار العمر»، حيث ان بعض الحلقات بيعت نسخها بالآلاف، منها اللقاء مع انيس نقاش منفذ بعض العمليات لصالح منظمة التحرير الفلسطينية لان الاقبال الجماهيري على كل ما يتعلق بالمخدرات والخطف والارهاب يبقى كبيراً.