محمد عبده.. «الغرام الحقيقي»

ذكاء «فنان العرب» نصف فنه

محمد عبده
TT

لم تمر إطلالة محمد عبده في حلقات جلسات «وناسة» 2010 الغنائية الثانية مرور الكرام، بل كانت لوحة فنية ذكية، بنكهة فنان العرب. فالذكاء جزء من الفن، وذكاء محمد عبده نصف فنه. فما إن أطل فنان العرب على جماهيره عبر قناة «وناسة» إلا وقدم لهم عملا تطريبيا جديدا بنكهة سعودية خاصة، أغنية تنسجم وروح الجلسات التي تجد لها مكانا عند أهل الخليج العربي، والسعوديون تحديدا، حيث السمر، و«السماع» في معادلة فنية صعبة قوامها الصوت، والكلمة، واللحن، حيث تصبح الأمسية «دغدغة» للخيال والمشاعر، لا تهييجا لها. ترقص العواطف، لا الأبدان.

أطل محمد مترنما بلسان حال عشاق «الموعد الصدفة» أو قل ضحايا العيون، وللعيون ترنم الشعراء من قديم الزمان، وهذا ما نجح فيه عبده باقتدار، أو نجحت به معادلة النص واللحن، على مسرح الصوت العذب، صوت أبو عبد الرحمن، أو أبو نورة، ذاك اللقب الذي يحبه عبده كثيرا، حيث ألبس فنان العرب نصه الغنائي نكهة سعودية خالصة، خصوصا وأن الأغنية بنيت على غزل العين، وللعين لغة، وسهام، والعين أبرز أدوات الغزل العربي منذ قديم الزمان.

وذلك ما تجلى فيه فنان العرب حين أطل مترنما وهو يردد من كلمات ساري، وألحان عبده، «مرت علينا ونظرة العين بالعين.. مدري تناظر عيني ولا رفيقي». ذكاء محمد عبده تجلى في رشاقة اللحن التطريبي الملائم لأجواء الجلسات، وكذلك هدوء الحضور، فعادة يبدع محمد عبده وهو «مرتاح»، ويوم الأربعاء كان فنان العرب في ارتياح واضح، على عكس لسان حال العاشق الذي شكى على لسان عبده قائلا: «غطى ذهول العين من نظرة الزين.. يا ليت منهو من خياله يفيقي».

جمالية العمل التطريبي أن محمد عبده جعل «مرت علينا» البطل الأبرز، مما قسم جمهوره إلى فريقين، أحدهما يرى أن محمد عبده عاد لحسه الفني الخاص، خصوصا وقد أبدع في العمل القديم الذي ترنم فيه الأسبوع الماضي، وبشكل جديد «انتوا اللي تغيرتوا» من كلمات مبارك الحديبي.

والفريق الآخر يرى أن كل ما فعله فنان العرب هو أنه مارس ذكاءه حين اختار العمل الفني المناسب، للجمهور المناسب، بالأدوات المناسبة، وهذه مسألة سيطول حولها النقاش، ما دام الجدل دائما ما يكون مرتكزا على «حلاوة» النص، أم «روعة» اللحن، أم أنه الفنان بحد ذاته، فهل يمكن تفكيك ذاك المثلث، هذا سؤال للجدل.. والجدل جناح طار فيه محمد عبده طويلا، وقد يكون هذا أحد أبرز مقومات ذكائه الفني.

الأكيد أن محمد عبده قد منح الفن السعودي، التطريبي، عملا جديدا سيضاف لسلة آهات العشاق، وضحايا العيون، خصوصا وأن ميزة محمد عبده، كما يجمع كثيرا من النقاد الفنيين، تكمن في خدمته لأعماله الفنية، وهذا يعني أن عشاق فنان العرب سيستمعون للنص مرات عديدة من محمد عبده، وسيجدون أنه سيقول النص في كل مرة بطريقة مختلفة، وكأنه يغني لأول مرة قصيدة:

* مرت علينا ونظرة العين بالعين - مدري تناظر عيني ولا رفيقي

* غطى ذهول العين من نظرة الزين - يا ليت منهو من خياله يفيقي

* نظرت جنبي قلت يا صاحبي وين - قال الحق اللي في بحرها غريقي

* حنا تقاسمنا الشقا بيننا البين - حملتنا يا زين ما لا نطيقي

* عز الله اني صرت في موقف شين - لو اشرب النهرين ما بل ريقي

* ما عاد باقي في المدينة عناوين - ضيعت فكري.. وضاع مني طريقي

* أثر المحبة هي وأهلها مساكين - حنا ترانا مثلهم يا صديقي

* لا عاد تنشد ويننا والهوى وين - معك التحية يالغرام الحقيقي