«البدر» يضيء سماء الرياض إحساسا في أمسية تاريخية وريع خيري

حضور جماهيري كبير.. و«طفل» يحرك مشاعر مهندس الكلمة

TT

مساء الثلاثاء الماضي، لم يكن ليلة اعتيادية بالنسبة للعاصمة السعودية الرياض، اختلفت بكل التفاصيل، فالضيوف ليسوا ضيوف العاصمة العاديين، ومتذوقو الشعر ليسوا متذوقي شعر فحسب بل باحثين عن شعر البدر، الذي يشكل هو الآخر، مدرسة شعرية في الخليج، إن لم يكن في العالم العربي أجمع.

«مهندس الكلمة» الأمير الشاعر بدر بن عبد المحسن، لم يستطع أن يخفي دهشته بمن حضر من جمهوره من كل حدب وصوب، كيف لا، وهو الجمهور الذي اعتاد على ذائقة البدر، ولن يرضى بغير البدر بديلا، لا سيما وهو الظهور الذي جاء بعد غياب عن مواجهة الجمهور بشكل مباشر.

البدر لم يُخف حماسه في الظهور، ليس من أجل الظهور فحسب، بل لأن العائد المالي للأمسية الشعرية التي أضاءها الأمير الشاعر بدر بن عبد المحسن، يذهب لإحدى أهم الجمعيات الخيرية المعنية بكفالة الأيتام في السعودية.

من كتب قبل حقبة زمنية مضت، «آه ما أرق الرياض» وتغنى بها فنان العرب محمد عبده، تغنت الرياض به، وقالت بهمس مفعم برومانسية المكان، ووقار البدر «آه ما أرق البدر» لتصبح كأنشودة مفعمة بلمعان دمعة طفل يتيم، لم تجد طريقا سلسا يخرجها من تلك العين، لما أحست به من دفء وأمان في آن واحد.

البدر، لم يكن ضيفا فحسب، بل كان مهندسا لكلمات اعتاد عليها أبناء الوطن العربي، دغدغت مشاعرهم منذ قديم الأزل، فمن اكتسى رأسه بشيب أبيض، لن يرضى بغير البدر شاعرا يرضي ذائقته، ومن لم يغز الشيب رأسه أيضا، يجد نفسه الآخر، قد اعتاد أيضا على البدر، فهنا تأكيد على أن البدر كان قريبا من أجيال مضت وأجيال لحقت بهم، وربما أجيال مقبله، لن ترضى بغير البدر شاعرا، وأديبا، وحالما، ورساما من الطراز الأول.

المتابع للبدر، يجد أن الرجل إن كتب للوطن فلن تجد غيره مشبعا للحب الوطني، و«وطن الشموس» خير شاهد، وقبله «فوق هام السحب»، وإن كان الحديث عن الأنثى، فلن تجد الأنثى غير البدر شاعرا مرضيا لذائقتها وأنوثتها.

للأطفال حيز في نفس الشاعر الكبير، فهو الأب، والأخ، والصديق، وربما المربي، فما لمسه الحضور من طفل صعد إلى المنصة للأمير الشاعر، لم يكن مستغربا على من بث في روح الطفل شيئا من الثقة، لما لمسه البدر من جرأة جسدها ذاك الطفل بالحديث مع الأمير البدر أمام الحضور، وكاميرات وسائل الإعلام، والإضاءة التي لم ترض بغير البدر جاذبا لأشعتها، لتسلط الضوء على رجل، شهد له التاريخ، أنه من العظماء شعرا وقدرا، وإحساسا.