خالد القيش لـ «الشرق الأوسط»: عدم وجود النصوص الجيدة وراء تأثر الدراما السورية السلبي

الفنان السوري يصور دوره في «ذاكرة الجسد» و«أبو خليل القباني» و«أهل الراية»

الفنان السوري خالد القيش في مسلسل القعقاع
TT

ينتمي الفنان السوري (خالد القيش) لجيل الفنانين الشباب الذين درسوا التمثيل أكاديميا من خلال المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق ومنه انطلق ليؤدي الأدوار والشخصيات المتنوعة في الأعمال الدرامية السورية، حيث برز في تجسيد شخصيات تاريخية وشخصية الشاب الوسيم في الأعمال الاجتماعية المعاصرة.

«الشرق الأوسط» التقت الفنان خالد القيش في دمشق وكان الحوار التالي:

* ما الجديد لديك للموسم الدرامي الحالي؟

- اهتمامي هذا العام كان متجها للمسرح من خلال بطولة العرض المسرحي «تيامو» للمخرجة رغدة شعراني، حيث شاركنا فيه بمهرجان قرطاج المسرحي وحصلنا على جائزة من السيدة الأولى في تونس، ولكن رغم انشغالي بهذا العمل المسرحي فقد شاركت بعدة أعمال تلفزيونية جديدة، ومنها مسلسل (ما ملكت إيمانكم) مع المخرج نجدت أنزور، وشاركت في العمل التاريخي (القعقاع) مع المخرج المثنى صبح، وشاركت في مسلسل (ساعة الصفر) مع المخرج يوسف رزق، وهذه أول مشاركة لي مع عمل للمخرج رزق، كذلك شاركت في الجزء الثاني من المسلسل الشامي (أهل الراية) مع المخرج سيف سبيعي، وصورت دوري مؤخرا في مسلسل (أبو خليل القباني) مع إيناس حقي وأجسد فيه شخصية (عبود) الفنان الموسيقي الذي يغار من أبو خليل ويحقد عليه كلما نجحت أعمال أبو خليل المسرحية. كما أستعد حاليا لتصوير دوري في مسلسل (ذاكرة الجسد)، وهو من الأعمال المميزة التي أعتبرها محطة مهمة في مسيرتي الفنية، وأؤدي فيه شخصية حسان شقيق بطل العمل خالد، الذي يجسده الفنان جمال سليمان. واهتمامي بهذا العمل الجديد جاء من رغبتي الدائمة في أن أكون حاضرا في عمل روائي يحوّل إلى مسلسل تلفزيوني وليس لفيلم سينمائي كما جرت العادة، وخاصة أنها رواية مهمة ومعدة تلفزيونيا بشكل جيد من قبل الكاتبة ريم حنا.

* شاركت في الجزء الثالث من «باب الحارة» وفي أعمال شامية أخرى، كيف تفسر ظاهرة جماهيرية هذه الأعمال؟

- هي موضة، ورغبة أصحاب رؤوس الأموال وأصحاب القنوات الفضائية في عرض هذه الأعمال. وظاهرة «باب الحارة» كانت لافتة من حيث نجاحه عربيا، وكنا سعيدين به، ولكن تحولت الأعمال الشامية في ما بعد للتقليد وظاهرة مثل الفانتازيا، ولكن انتهت كظاهرة، وهذا ما حصل. أيضا الأعمال التاريخية التي مرّت بفترة ذهبية من خلال أعمال مثل الزير سالم وأبو زيد الهلالي وصلاح الدين وغيرها، حيث قدمنا كل القادة التاريخيين في مسلسلات تلفزيونية، وهذه الظاهرة انتهت أيضا رغم انتقالها لمصر. ثم تحولنا بعد ذلك إلى إنتاج أعمال ثابتة اجتماعية وكوميدية سورية مثل «ليس سرابا» و«أحلام كبيرة» و«بقعة ضوء» تقدم في شهر رمضان، وهي تشبه المقبلات على موائد الإفطار، حيث تشكل وجبة خفيفة للمتلقي وليست وجبة دسمة كما كان يحصل مع ظاهرة تقديم الأعمال التاريخية في موسم رمضان، وتبقى الأعمال الشامية ذات الجماهيرية الأكبر في موسم رمضان التي تتكلم عن الشهامة والرجولة والكرم والعادات الأصيلة، وهذه برأيي وجبة دسمة تقدم للمشاهد، ولذلك ينتظرها ليتابعها في رمضان بكثير من الشوق والاهتمام، وهذا ما جعلها تحصل على أعلى نسبة مشاهدة من المتلقين العرب، وساعد في ذلك المقولة المتنوعة والمتبدلة مع كل جزء جديد يقدم منها وينتظره المشاهد للموسم التالي. المشكلة هنا هي تقليد الآخرين لأعمال شامية تحقق نجاحا، حيث تتسابق الشركات الإنتاجية على تقديم أعمال مشابهة لها، مما يجعلها تقع في خانة التكرار والتقليد بحيث ترى الممثلين أنفسهم واللباس والموضوع رغم تغيير الأسماء والعناوين، مثلا كما حصل مع مسلسل «بيت جدي»، وهو برأيي عمل فاشل رغم تغيير اسمه في الجزء الثاني إلى الشام العدية، ومع ذلك لم يكن جيدا من الناحية الفنية.

* كيف يمكن - إذن - المحافظة على دراما البيئة الشامية؟

- عندما ذكرت لك أنها موضة، فلأن أصحابها يلبون رغبات الجمهور، وبرأيي المطلوب من القائمين عليها تطويرها كمشروع فني، خاصة أن مشروعهم غير واضح المعالم.

* هل عرض عليك العمل دراميا خارج سورية؟

- نعم عرض علي العمل في مسلسل مصري ولكن لم آخذ القرار بعد، ولدي تحفظ على العرض، كذلك أنا لا أستطيع العمل في بيئة لا أعرفها بشكل جيد. عرض علي أيضا العمل في مسلسل كويتي وبشخصية كويتية فاعتذرت، لأنني لا أعرف البيئة الكويتية، ولكن لو كانت الشخصية التي سأؤديها في العمل سورية ولو كان العمل كويتيا فكنت سأوافق، مع أنني أجيد التحدث بكل اللهجات، وهذه ميزة الممثل السوري. وهناك سبب آخر وهو أنني أشعر بانتمائي الشديد إلى بلدي سورية، وأشعر بأنني سأتضايق في حال عملت خارجها، ولكن من الممكن مستقبلا العمل خارج سورية خاصة في مجال السينما، فهي عالم فني مختلف. وقد نفذت تجارب لأفلام أجنبية، وهناك في الأفق عمل مع مخرج عالمي وحاصل على جوائز في هوليوود وهو (جان جاك رونو)، قمت مع بعض الزملاء بتنفيذ التجارب وننتظر النتيجة.

* يقال إنك لم تحصل بعد على الفرصة الفنية النجومية رغم أنك تستحقها؟

- لست مستعجلا في هذا المجال، وبالنسبة إلي أشعر رغم مسيرتي الفنية القصيرة نسبيا بأنني عملت شيئا جيدا، وبمقدار ما قدم إلي أعطيت في المقابل، ويكفي مثلا في الموسم الماضي أنني حققت نجاحا جيدا رغم أنني قدمت نحو ستين مشهدا فقط، وما زال البعض يستوقفني ويمدحني على هذه الأعمال، ومنها مسلسل عن الخوف والعزلة ومسلسل «طريق النحل». وهناك من يقول لي إنني تفوقت على من قدم مئات المشاهد في هذين العملين، في حين قدمت أنا في كل واحد منها نحو خمسين مشهدا، وما زال الناس يتذكرون دوري (المقدم جهاد) في مسلسل «غزلان في وادي الذئاب»، رغم مرور سنوات على عرضه، ومع ذلك الكثير من الناس يذكرني دائما بدوري فيه، ولذلك كممثل فإن هذه البصمات تعني لي الكثير، حيث لا يوجد دور كبير وآخر صغير، بل يوجد ممثل كبير وآخر غير كبير، والأيام القادمة باعتقادي ستحمل لي الفرصة التي أنتظرها.

* كيف تنظر إلى موضوع الشللية في الوسط الفني السوري؟

- بالنسبة إلي، عملت مع كثير من المخرجين ومن لم أعمل معه كانت برغبتي أنا، وأعتبر عملي مع هؤلاء مخزونا فنيا لي أعود إليه لتطوير عملي دائما، فمثلا عملت مع حاتم علي ستة أعمال، وكان أستاذي في المعهد وأنا مستعد للعمل معه دائما، فهو مخرج ثقة بالنسبة إلي، ولكن الشللية موجودة وبكثرة وأنا معها ولست ضدها، رغم أنني لم أحسب على أي شلة حتى الآن، ومن حق المخرج والمنتج أن يعمل مع الناس الذين يرتاح لهم، وهذا أمر طبيعي وهذه شللية إيجابية، والأمر يتعلق بالراحة النفسية هنا للمخرج والممثل، ولكن البعض ظُلموا من هذه الشللية. وبرأيي، عندما يأتي الدور المناسب لهؤلاء الذين ظُلموا فسيطلبهم المخرج ولن يتخلى عنهم، وباجتهاد الممثل يستطيع أن يثبت نفسه في المكان، ومبدأ الشللية جيد وأستغرب محاربة البعض له.

* كيف تنظر إلى تجربة الفنانين السوريين في الدراما المصرية؟

- برأيي أن هناك تجربتين مهمتين وتعنياني ولا أسأل عن التجارب الأخرى، وهي تجربة جمال سليمان في مسلسل «حدائق الشيطان»، وبعدها رفعت أسهم الممثل السوري إلى درجة كبيرة. التجربة الثانية تجربة تيم حسن وحاتم علي في «الملك فاروق»، وقد تركتا بصمة في الدراما المصرية، ولذلك برأيي إذا كانت تجارب الممثلين الآخرين لا ترتقي لهاتين التجربتين، فليس هناك داع لذهابهم إلى مصر للعمل فيها.

* هل شاركت في الدراما المدبلجة؟

- نعم شاركت، وبرأيي هو مجال فني مختلف يتعلق بالصوت، ولذلك أحببته وجذبني إليه.

* هل تعير صوتك إلى ممثل آخر من أجل الدبلجة؟

- لا أعتبرها إعارة صوت هنا، بل أعتبر مشاركتي فيها نوعا من التجربة الحريص على خوضها، فالصوت مثل المسرح، والسينوغرافيا عبارة عن فن، وإحدى أدوات الممثل الصوت، فلماذا لا يجرب به؟ وخاصة أنني بدأت ببطولة عمل مدبلج قدمت فيه 1200 مشهد، وجاءني في ما بعد عرض المشاركة في «وادي الذئاب»، وبدور الإسكندر الكبير، فأعجبتني الحكاية والقصة، فقلت: لماذا لا أخوضها. وهكذا كانت تجاربي مع الدبلجة رغم أنني عملت تجارب لأربع ساعات وغيرت صوتي عدة مرات حتى وصلت لتقديم شخصية الإسكندر الكبير الذي يتميز بثقل التنفس لديه ومرض بالسكري وحركاته مختلفة.

* ولكن، يقال إن الدراما السورية تأثرت بالدراما المدبلجة وحتى بمشاركة الممثلين السوريين مع الدراما المصرية؟

- لا، أنا لست مع هذه المقولة، فتأثر الدراما السورية السلبي سببه عدم اختيار النصوص الجيدة، فبعد انطلاق الدراما السورية وبقوة في التسعينات لم تؤسس قوانين لحماية الدراما لدينا، ونحن حاليا ندفع ضريبة عدم أخذ الأمور بجدية، ونظرنا إليها على أنها فورة، وأسسنا شركات إنتاجية لم تنظم بقوانين وبتنسيق بين بعضها البعض وباتفاق لكي نؤسس قواعد لمهنة الإنتاج الدرامي وهي صناعة دراما، حيث يوجد سوق وسلعة تباع وتشرى، فإذا لم يكن هناك ضوابط تحمي هذه السوق فهناك مشكلة، وهذا ما حصل فعلا، بحيث يمكن لأي دخيل أن يسحب البساط من أي منتج، فلم نحسبها بشكل جيد. وبالنسبة إلى أعمال الدوبلاج، فأنا مع تقليصها رغم أنها تساعد الكثير من المشاركين ماديا والبعض منهم يصرف على أسرته من خلال العمل فيها، هناك 200 أسرة تعيش من خلال الدراما المدبلجة، ولذلك يجب أن لا يتضرر هؤلاء، ومنهم خريجو معهد الفنون المسرحية ومن الدفعات الأولى، ولكن أقترح تقليل عددها مع رفع أجور الممثلين المشاركين فيها.