الفنانة السورية نادين لـ «الشرق الأوسط»: الفن سرقني من الزواج

تنتظر بقلق رد فعل الجمهور على أعمالها في شهر رمضان

الفنانة نادين في أحد أدواره بمسلسل تلفزيوني
TT

برزت مع انطلاقة الدراما السورية بشكلها المتطور السريع أواخر ثمانينات القرن الماضي، وشكلت في معظم الشخصيات التي قدمتها في الأعمال التاريخية والمعاصرة والبيئية وحتى في الأفلام السينمائية الكثيرة التي كانت بطلتها حضورا فنيا من خلال أدائها الناعم وحضورها الجميل الهادئ وجاذبيتها الشخصية. هذه الخصال المتنوعة جعلت الكثير من مخرجي الدراما السورية ومنتجيها يطلبونها لأعمالهم ولأداء الشخصيات المحورية والصعبة والأساسية فيها.

«الشرق الأوسط» التقت الفنانة نادين في دمشق وكان الحوار التالي:

* ما (بداية) الأعمال التلفزيونية الجديدة التي سيراك بها المشاهد في موسم رمضان المقبل؟

- صورت الكثير من الأعمال الجديدة، وحاليا أصور دوري في مسلسل (ما ملكت إيمانكم) مع المخرج نجدت أنزور، وهو عمل اجتماعي معاصر، وأؤدي فيه شخصية ماجدة المرشدة الاجتماعية بمدرسة للبنات والتي تحل مشكلات البنات، بينما لا تستطيع حل مشكلات ابنتها في المنزل. وهناك مسلسل «ساعة الصفر» مع المخرج يوسف رزق وأؤدي فيه شخصية (ألفت) الفتاة العانس، وأعتقد أن الدراما السورية وحتى العربية مقصرة في هذا الجانب، ولذلك أعتقد أن هذا المسلسل سيعرض ولو بشكل مقبول مشكلات العانسات في مجتمعاتنا العربية.

كما أصور حاليا دوري في مسلسل «وراء الشمس» مع المخرج سمير حسين، وأعتقد أنه أول مسلسل تلفزيوني يتحدث عن شخصية الولد المنغولي المعاق، حيث أجسد فيه شخصية أم لهذا الولد، وهي شخصية تتعرض لحالات نفسية كثيرة وصعبة وتعاملها مع الولد من ذوي الاحتياجات الخاصة وغير ذلك، والشيء المميز هنا أن الولد الذي يؤدي الدور هنا هو منغولي حقيقي فعلا وليس ماكياجا أو ممثلا، وهذه فكرة جديدة في الأعمال التلفزيونية. هناك أيضا المسلسل الشامي «عش الدبور» للكاتب مروان قاووق والمخرج تامر إسحاق وأجسد فيه شخصية الفتاة (هند)، وهي عزبة، رغم أنها ليست بعمر صغير، ولكن نشاهدها مختلفة عن نساء الحارة، لأنها تنتمي إلى عائلة البكوات، وهي صاحبة قرار وتخطيط للمستقبل ومسؤولة الحفاظ على الإرث البكواتي، ولذلك فهي تأخذ مساحة كبيرة من حكاية العمل بعكس ما هو متعارف عليه في الأعمال الشامية من أن العنصر الرجالي يأخذ مساحة أكبر من النسائي، وهذا ما أغراني بأن أخوض هذه التجربة.

* هل اعتذرت عن أعمال أخرى، وما خطوط نادين في قبولها للدور أو اعتذارها عنه، هل هناك خطوط حمراء في هذا المجال؟

- اعتذرت عن الكثير من الأعمال، ولكن لا يحق لي أن أقول ما هي الأعمال التي اعتذرت عنها، وأنا بشكل عام أعتذر عن أداء الدور النمطي والمكرر، وأبحث دائما عن الشخصيات الجديدة، وأحاول أن أتحدى نفسي بشخصية جديدة وأن أتحدى أدواتي بشكل آخر وجديد، لأن تنميط الممثل بأدوار معينة هو قتل لموهبته، حيث من الممكن أن يكون لدى الممثل أدوات أخرى وجانب إبداعي آخر لا يظهر إلا بشخصية مغايرة، ولذلك خطي من البداية هو الاتجاه نحو الجديد وباتجاه الشخصية الصعبة، وهي التي تحثني على أن ألعبها وأقدمها وحتى أمتحن نفسي أمام المشاهد.

* هل تشاهدين أعمالك أثناء عرضها وهل تنتقدين ذاتك؟

- أكيد أنتقد نفسي وأكون بحالة خوف شديد وقلقة أثناء عرض العمل، وأنتظر رد فعل الجمهور المباشر على أحر من الجمر، لأرى هل أعجب العمل الناس أم لم يعجبهم، ولذلك أعيش مرحلة من القلق في شهر رمضان أثناء عرض الأعمال المشاركة فيها. وأقول لك بصراحة رغم أن انتقادي لنفسي يكون قاسيا، ولكني أيضا أصغي للناس ذوي الرأي الصريح بعيدا عن المجاملة وجبر الخواطر، وأستمع دائما للرأي الصريح والبنّاء وخاصة من المقربين مني، وتحديدا أهلي فهم أقرب الناس إلي، وأخي أنطون الذي أسكن معه في المنزل نفسه، لأنهم لا يجاملونني ولا يسايرونني في حال وجدوا هفوة ما وقعت بها في مسلسل ما. كذلك أتابع ردود الفعل على الإنترنت عن أعمالي ورأي الناس فيها وأتابعها إيجابية كانت أم سلبية، فهي مفيد جدا لنا، والدراما من دون نقد لا تستمر ولا تتطور.

* هل لديك مشاركات جديدة خارج سورية؟

- حاليا لا يوجد، ولكن في فترة ما قبل تسعينات القرن الماضي شاركت في الكثير من الأعمال التلفزيونية والسينمائية المصرية وعملت الدور الرئيسي في مسلسل تاريخي مصري حمل عنوان «جبال النار»، يتحدث عن الفتوحات الإسلامية لبلاد المغرب العربي وكان باللغة العربية الفصحى، وكنت الممثلة السورية الوحيدة في هذا العمل. والمعروف أنني أنشط ممثلة سورية عملت خارج سورية، حيث شاركت في أعمال كويتية وسعودية ولبنانية وإماراتية.

* هل تجيدين اللهجة المصرية والخليجية؟

- لا توجد لدي مشكلة في هذا المجال، فأنا شاركت في أعمال باللهجة الأردنية وفي أعمال بدوية، وشاركت في عمل سعودي بعنوان «أين الطريق» مع المخرج نجدت أنزور، وتحدثت فيه باللهجة السعودية المحكية الحديثة، وقد خضعت لفترة تدريب عليها حتى استطعت إجادتها. كذلك شاركت بمسلسل «عودة عصميد» مع المخرج الراحل عدنان إبراهيم، وتحدثت فيه باللهجة السعودية التقليدية، وهي لهجة صعبة جدا ومع ذلك استطعت إجادتها بعد تدريبات وبروفات، وبرأيي أن على الممثل أن يؤدي جميع اللهجات مع لهجته الأم.

* كيف تنظرين إلى تجربة الفنانين السوريين مع الدراما المصرية؟

- تجربة جميلة وأنا خضتها سابقا، وبرأيي أن كل ممثل ينتمي دائما بالدرجة الأولى إلى بلده. وأي فنان يحاول النجاح في عمله فلن يتم له ذلك إذا لم يكن ناجحا في بلده. والتعاون المشترك الآن وارد أكثر من ذي قبل، خاصة بعد أن فرضت الدراما السورية نفسها وصارت موثوقة ومشاهدة من قبل العرب، ولكن هذا لا يعني أن الدراما المصرية متأخرة، بل رأيي هنا أن الريادة تبقى لمصر في مجال الدراما السينمائية والتلفزيونية، ولكن الزمن يتغير دائما مع عصر السرعة والتكنولوجيا والتواصل السريع، فلذلك يجب أن نجدد فكرنا وخطابنا للمشاهد وأن نجدد أدواتنا وإيماءاتنا للمتلقي، ويبدو أن العمل السوري أسرع في هذا المجال. ومن أسباب نجاح الدراما السورية هو خروج الكاميرا خارج جدران الاستوديو، حيث ذهبت للأماكن الحقيقية في الشوارع والحارات والبيوت، إضافة إلى انطلاقها من التاريخ، حيث برزت فيها الأعمال التاريخية، مثل «العبابيد» و«صلاح الدين» و«إخوة التراب» وغيرها.

* يلاحظ أنك مطلوبة من قبل معظم المخرجين رغم وجود الشللية في الوسط الفني، ما الأسباب؟

- لست في موقع يسمح لي أن أقيّم نفسي وأبرر الأسباب لعرض الشخصيات والأدوار، خاصة الصعبة والمركبة علي، فلست في هذا الموقع، وإنما الجمهور والنقاد هم من يمكنهم أن يقولوا الأسباب في ذلك، ولكن ما أستطيع قوله أنه يعرض علي الكثير من النصوص، ولكن حسب ما أختار هنا وأقرر، وقد أنجح أو أخسر.

* يلاحظ تركيزك في السنوات الأخيرة على الأعمال الاجتماعية المعاصرة؟

- هذا صحيح، لأن المشاهد العربي يرغب في هذه الأعمال، لأنها الأقرب إليه وإلى همومه اليومية، في حين انخفضت بشكل عام الأعمال التاريخية، لأن زمنها بعيد عن المشاهد، وهذا ما جعل شركات الإنتاج تتجه للأعمال المعاصرة، ولذلك كنت موجودة في معظمها. وأنا أرى أن العمل المعاصر جريء جدا وجميل وقريب من المشاهد، وردود فعل المشاهد عليه سريعة.

* هل شاركت في الأعمال التركية المدبلجة، وما رأيك فيها؟

- لم أشارك فيها، وعرض علي المشاركة فيها واعتذرت لسبب جوهري وبسيط وهو احتراما للممثلة التركية، لأنه يجب أن يكون هناك احترام متبادل ما بين كل الممثلين ومن أي بلد، والممثل كتلة من الأحاسيس تتحرك ضمن دائرة شخصية ما تلعبها في العمل، وهذه الكتلة من الأحاسيس لا يمكن أن أخون الممثلة التركية أو الإيطالية أو المكسيكية، حيث أخون إحساسها وأقدم الشخصية بصوتي، ولذلك أنا لست مع الدبلجة، بل مع ترجمة الأعمال كتابة وبقاء صوت وصورة الممثل الأساسي.

* لماذا لم تتزوجي حتى الآن؟

- أنا أسكن مع شقيقي أنطون، وما زلنا عازبين، وهو رجل مختلف بفكره الإنساني ويكبرني بست سنوات، وأعيش في ظله وأعتبره سر تألقي ونجاحي، حيث يدعمني كثيرا. وأشعر بأنني عشت شعور الأمومة من خلال المسلسلات، حيث أنجبت صبايا وشبابا من الممثلين الشباب في هذه المسلسلات وهذا يكفيني، وأنا مع إنجاب الأفكار وليس الأطفال. ومع احترامي لكل متزوجة ومتزوج، ولكن يبدو أن الفن سرقني من الزواج، وفي المحصلة المسألة قسمة ونصيب.