جامي لي كيرتس.. حديث حول والدتها وأفلام الرعب ومصطفى العقاد

جامي لي حين لعبت بطولة فيلم «هالووين» الأول
TT

* بعض المخرجين لديهم في قاموس أعمالهم قانون يقول: «حين تجد مونتيرا يناسبك لا ترضَ باستبداله، اعتمده في كل أفلامك». محمد خان اعتمد طويلا على نادية شكري، ومارتن سكورسيزي اعتمد على ثلما سكونماكر، وكونتين تارانتنينو على سالي منكي... وسالي منكي، التي قامت بتوليف كل أفلام تارانتينو من «كلاب المخزن» وحتى العمل الأخير «أنذال غير جديرين»، وُجدت ميّتة. منكي (56 سنة) ذهبت تتسلّق الجبال وتنشد المشي في البرية كعادتها حين يكون لديها وقت. هذه المرّة افتُقدت ولم تعُد من رحلتها. حين البحث عنها وُجدت ميّتة في العراء ولم تُعرف التفاصيل بعد. هل هو الإنهاك أم حادثة؟ وإذا كانت حادثة فهل كانت مدبّرة أم - كما هو فن توليف منكي - طبيعية؟

* منحها المنتج والمخرج مصطفى العقّاد فرصتها الأولى حين وافق على اختيار المخرج جون كاربنتر لها بطلة فيلم أول «هالووين»، فإذا بها تحقق، مع نجاح الفيلم، نجاحا موازيا وتنطلق منه باتجاه الشهرة كممثلة درامية وكوميدية بارزة. إنها ابنة الممثلة الراحلة جانيت لي والممثل توني كيرتس الذي توفي أول من أمس. ولدت قبل 51 سنة ودخلت التمثيل على الشاشة الصغيرة أولا سنة 1977، ثم انتقلت إلى السينما عبر «هالووين» (1978) وأنجزت حتى الآن قرابة 55 فيلما. في السنوات الأخيرة قل حضورها لسبب تفسّره في الحديث الذي دار بمناسبة خروج فيلمها الجديد «أنت مرّة أخرى» للعروض.

قالت لي في بداية المقابلة: أعلم أن سيغورني ويفر (شريكتها في بطولة «أنت مرّة أخرى») مثلت في أنجح فيلم في العالم، وأنا كنت في فيلم لم يرَه أحد، اسمه «فيروس» (خيالي علمي مثّلته سنة 1999)، لكني كنت في كل الفيلم وليس في خمسين في المائة منه (تضحك). إذا قابلتها أخبرها بذلك.

* في الفيلم أنتما غريمتان، هل هذا مسحوب على العلاقة بينكما خارج الفيلم أيضا؟

- لا. أمزح فقط، لكني أعتبرها محظوظة بالفعل لكونها وجدت نفسها بطلة أنجح فيلم في التاريخ. أنا سعيدة لأجلها.

* في الفيلم تؤديان شخصيتي امرأتين لا تنسيان المشكلات التي وقعت بينهما أيام الدراسة والمراهقة. هل استندت إلى مشاعر حقيقية حيال أحد في تلك الفترة؟ كيف كانت أيامك المدرسية؟

- أعتقد أن الفترة التي يمضيها المرء في المرحلة الثانوية لا بد أن تشهد الكثير من الألم. إنه أمر طبيعي وأنت تمضي فيها سنوات مراهقتك من الثالثة عشرة إلى السابعة عشرة أن يحدث لك ما يؤلمك أو أن تتسبب في ما يؤلم الآخرين. إنها فترة انفتاح عاطفي واجتماعي وبداية خليط من المواقف، بينها الكذب والخداع. تقوم بفعل فإذا بالمدرسة كلها تعرف ذلك. تحاول الاختلاف فتتعرّض للضحك. أعتقد أنها مرحلة مليئة بالعار، ولا أتمناها لأي عدو لي.

* كيف كانت العلاقة بينك وبين باقي الممثلين خلال التصوير؟ هل كان لديكم وقت لتبادل الذكريات مثلا؟

- عرفت سيغورني قبل عدّة سنوات عن طريق تبادل الرسائل على الإنترنت، ولم تكن غريبة تماما، خصوصا بعد تمثيلها الفيلم رقم واحد. لكني لم ألتقِ بباقي الممثلين من قبل، لذلك كانت الفرصة متاحة لكي نتبادل الذكريات. على عكس ما يحدث في الفيلم علاقاتنا كانت دافئة وممتعة. سيغورني كانت مشغولة بفيلم آخر، وكانت لذلك آخر من يصل إلى مكان التصوير، وباتي وايت ممثلة خالدة اليوم. نعرفها جميعا وكنا مسرورين بقضاء وقت معها. إنها ممثلة محترفة من الدرجة الأولى.

* هناك فترة تترعرع فيها الفتاة، كما يذكر هذا الفيلم، وهي تعتقد أنها ليست جميلة، ثم تكتشف جمالها الخاص. هل حدث هذا معك؟

- لم أكتشف ذلك حين كنت في تلك المرحلة، بل صاحبني الشعور بأنني لست جذّابة ولا جميلة لفترة طويلة من عمري. كنت أرغب أن أكون أي شخص ما عدا نفسي. لو شاهدت امرأة ترتدي ثيابا جميلة تمنيّت أن أكون هي، ولو أنها كانت أقصر قليلا أو أطول قليلا أو ممتلئة أكثر قليلا أردت أن أكون هي... لو التقيت بامرأة ترتدي بلوزة صفراء أذهب وأشتري لنفسي بلوزة صفراء ثم أهديها لأحد غيري لأني أدرك أنني لا أصلح لذلك اللون. أعتقد أنني بقيت على هذه الحال فترة طويلة... ربما لم أتخلّص من ذلك إلا قبل عشر سنوات مثلا. الآن أدرك أنني عشت حياة لست مستعدة للتفريط بأي سنة منها.

* هل عانيت سابقا من غيرة بعض الفتيات كونك ابنة ممثلين؟

- لا، مطلقا. ولو أن ذلك لحق بي مثل الرائحة الكريهة أينما ذهبت (تضحك). كنت أعلم أن ذلك الصيت يسبقني إلى حيث أذهب. دائما من كان يقول: «أوه!... ها هي ابنة جانيت لي وتوني كيرتس!». لكن ذلك لم يؤثر في سلبا. المسألة كانت في ما تمر به الفتاة عادة من مشاعر أنوثة وريب فيما إذا كانت جميلة أو لا. وأنا لم أشعر بالثقة بنفسي إلا بعد سنوات كثيرة في الحقيقة.

* ذكرت فيلم «فيروس» قبل حين، الذي ورد في فترة أعتقد أنها خاصة بالنسبة إليك. كنت أصبحت ممثلة معروفة جدّا وناجحة وكنت ابتعدت على أفلام الرعب بعد «هالووين»، ثم قبل هذا الفيلم مباشرة عدت إلى «هالووين» مرّة ثانية، ثم جاء فيلم «فيروس» الذي كان رعبا من الخيال العلمي. هل هي فترة قلقة مهنيا؟

- ربما. لكني مثّلت «هالووين» في سنة 1998، الذي كان رابع أفلامي مع السلسلة، لأنه كان ضرورة حتّمتها أنه عاد إلى القصّة الأولى. حتى إن عنوانه كان «Halloween H 20: 20 Years after». كانت هناك مناسبة له وأحببت أن التقي بمصطفى العقاد من جديد لأنه كان رجلا دمث الأخلاق بالغ الطيبة ومحترفا سينمائيا من الدرجة الأولى. لقد حزنت كثيرا حين سمعت بموته لاحقا. إنها تراجيديا فعلية. لكن ما تقوله قد يكون صحيحا... كنت بدأت أمثّل أفلاما عاطفية وكوميدية، ثم عدت إلى أفلام الرعب ثم إلى الدراما والكوميديا بعد ذلك... صحيح.

* أي فترة تمرين بها الآن؟ أدوارك قليلة ومتباعدة.

- صحيح. من ناحية لا تصلني الكثير من العروض، وحين يصل عرض جيّد أقفز عليه قبل أن يضيع، ومن ناحية ثانية من يريد تمثيل هذه الأفلام المتدنية في قيمتها التي تخرج هذه الأيام؟ هذا ما أقول لنفسي حين أشاهد بعض الإنتاجات الجديدة. أعتقد أنها مرحلة من الأفضل أن لا أكثر من ظهوري وأن أدقق في الاختيارات.

* كيف اختلف هذا الفيلم عن سواه؟

- أعطاني «أنت مرّة أخرى» الفرصة لكي ألعب دورا تمنيّته طويلا، الأم التي تدبّر المكائد لمصلحة ابنتها الذي تحبه. كذلك حين علمت أن سيغورني ويفر التي أحترمها وأحبها كصديقة وأقدّرها جدا كممثلة ستؤدي دور غريمتي في الفيلم لم أتردد. هي أطول مني قامة، وحين التقيتها لأول مرّة قبل سنوات كثيرة اعتقدت أنها لاعبة كرة سلّة تريد أن تجرّب حظها في التمثيل، لكني كنت مخطئة. إنها ممثلة تستطيع أن تجرّب حظّها في كرة السلّة، فهي تملك الموهبة لأن تكون ممثلة، والرشاقة لكي تمارس أي رياضة تشاء.

* أنت وسيغورني ويفر مثّلتما تحت إدارة جيمس كاميرون مخرج الفيلم رقم واحد، كما هو تصفينه. أنت لعبت طبعا البطولة النسائية لفيلم «أكاذيب حقيقية». هل التقيتما شخصيا من قبل؟

- حضرنا على ما أعتقد حفلة واحدة من دون أن نلتقي. لكن ذات مرّة حين كان فرنسيس فورد كوبولا يحضّر لتصوير «كوتون كلوب» وصلت إلى حيث كانت تتم مسابقة «كاستينغ» لاختيار ممثلة لأحد الأدوار، وكانت سيغورني قبلي. ولاحظت أن المشهد الذي ستمثّله مليء بالتفاصيل بينما المشهد الذي سأمثّله أنا في هذا الاختبار خالٍ من أي ملاحظات وتفاصيل، وأدركت أنني لا زلت بعيدة عن الوصول إلى ما وصلت إليه. أقصد أنها مختارة لتقديم امتحان على مشهد أصعب من ذلك المشهد الذي سأقوم به. هذا كان تاريخي الوحيد معها، إلى أن تبادلنا بعض الملاحظات عبر «الإيميل» قبل تصوير هذا الفيلم.

* لديك رغبة في الحديث بانفتاح ومن دون رقابة ذاتية. هل ورثت ذلك من والدتك؟

- جميل أن تلاحظ ذلك. أمي كانت امرأة منفتحة بالفعل، كانت غريبة ومثيرة وتستطيع أن تشغل المساحة كلها حتى ولو كانت مزدحمة بالناس. كانت لافتة... هذا في الوقت ذاته الذي كانت فيه ضابطة ومحددة وتعلم متى تعود إلى نفسها وتغلق الباب عليها. وأعتقد أنني ورثت ذلك بالفعل.

* حين لعبت بطولة «هالووين» الأول سنة 1978 كتبوا أنك على خطى والدتك التي لعبت بطولة فيلم هيتشكوك «سايكو». هل ضايقك هذا؟

- قليلا حينها، لأني كنت أريد أن أبدو مختلفة. لكن بصراحة هذا صحيح، لعبت بطولة فيلم رعب وهي اشتهرت جدّا بأفضل فيلم رعب تم إنتاجه لليوم. كيف لا يمكن أن نسحب خيطا بين الاثنين؟ أنا سعيدة أن «هالووين» كان بدوره مؤسسا لأفلام الرعب التي جاءت في ما بعد. إنه بداية فصل جديد في هذا النوع من السينما.