حاتم علي: نقلت صراعات ما قبل 100 عام في صحراء شبه الجزيرة العربية

المخرج يقول إن مسلسله «أبواب الغيم» ضم 9 جنسيات عربية

المخرج حاتم علي مع عدد من الممثلين
TT

حظي مسلسل «أبواب الغيم» المأخوذ من خيال وأشعار الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، بحضور مهم في الشارع الخليجي، نظرا لأن الدراما العربية تتطرق لأول مرة لقضايا صراع الحضارات التي استوطنت في شبه الجزيرة العربية، ولا سيما أطماع الأتراك والإنجليز والتواصل اليومي فيما بينهم بناء على حجم المصالح المشتركة مع القبائل العربية.

ولعل في فضاء الحكاية ما يتيح المجال أمام تصنيف آخر لهذه الدراما، كأن يقال عنها الدراما البدوية التاريخية الحديثة وهي تكشف عن كثير من بؤر الجمال والصراع والخير والشر في مرحلة يشكل «أبواب الغيم» فيها قراءة واعية وناضجة لها، وندعي في هذا السياق أن الدراما العربية لم تطأ هذه المجتمعات ولم تتعرض لها ولو عرضا في شكليها الزماني والمكاني ولعل «أبواب الغيم» يمضي في المجتمعات الخليجية محققا نجاحات مهمة لجهة متعة الكشف عن حال القبائل الخليجية للعارفين بهذه المجتمعات أولا، ولجهة جماليات المكان وصور الحياة المختلفة بخيرها وشرها وحركة الأجيال ثانيا.

وإلى جانب قصص منتقاة تعكس نبض المجتمعات البدوية كان أمام المخرج خيارات صعبة لتقديم رؤية فنية تتناسب والحكايات المرصودة أمامه، ولعل المخرج حاتم علي في عمله الجديد هذا، استعان بأكبر قدر من المعدات والتقنيات الإلكترونية والغرافيك وهي من بين الخيارات المتاحة التي تعطي انطباعا بطبيعية المشهد كما تستفيد من مساحات الصحراء والشكل الفني الذي وقع الاختيار عليه.

ويؤكد المخرج الفنان حاتم علي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن العمل أنجز في فترة قياسية متنقلا بين أربع عواصم عربية ويكاد يكون العمل العربي الوحيد الذي يجمع بين طياته تسع جنسيات عربية، لافتا أن إمكانية تقديم عمل بهذه الدقة والتوثيق البدوي لمدة مائة عام تعتبر إنجازا صعبا ومهمة شاقة بالنسبة لأي مخرج ولكن روح التحدي قادت طاقم العمل كله للقيام بهذه المهمة، مؤكدا أن الحكاية توزعت بجزأين تابعهما المشاهد خلال شهر رمضان ولعل أحد أبرز ما وصل إليه العمل هو تحقيقه لحضور فني مهم للتقنيات المهمة التي تم الاعتماد عليها.

وأضاف حاتم علي قائلا: «في (أبواب الغيم) حالة من الكشف عن علاقات متينة بين أهل الشام وأهل الخليج ولعل الاقتراح البصري بإدخال رقصة المولوية وتأثيراتها الصوفية قد وجه العمل باتجاهات مفتوحة على أكثر من صعيد وإذا كان بعض المشاهدين قد استغرب إدخال المولوية كرقصات وكمنهج في الفرجة والتصوف فإن الحكاية استفادت بتحقيق جانب قد لا يكون له علاقة مباشرة بالفانتازيا كما تم جر العمل إلى ميدانها ولعل في العلاقات بين أهل الشام وأهل الحجاز في شبه الجزيرة العربية، وبناء على هذه العلاقة تم إدخال هذه الرقصات كحل درامي».

وعن الدور في شبه الجزيرة العربية، مضى حاتم علي في القول: «العمل يحكي عن دور الإنجليز في المنطقة وحضور العثمانيين ورد فعل العرب على هذا الحضور ونعتقد أن فضاء الحكاية يمضي باتجاه ما يسمى بالفلاش باك أو الارتجاع خلفا كما تسمى دراميا، ضمن سيرة يرويها شاب بدوي حل ضيفا على بيت أحد المقيمين الإنجليز في المنطقة وما بين السيرة الشفهية والأحداث الدرامية هناك أجيال تكبر وتتبدل وهناك شخصيات تدخل العمل، ولعل خيار الممثلين يدل على الاقتراب أكثر من وواقع الحياة البدوية وتدهشنا صبحة الفنانة سلافة المعمار بأدائها الساحر المفعم بروح القبيلة وحضور العربية المتمردة والعاشقة الحقيقية. وفي أداء الممثلين ما يلفت الأنظار إلى حرفية عالية في التعامل مع هذه المجتمعات ولعل النجم السعودي عبد المحسن النمر ينجح في نقل اسمه إلى مصاف النجوم العرب بعد أدائه المتمكن لدور مجول العضيدي الشخصية الإشكالية التي مضت تحقق قصصا كثيرة وتحلق بأداء ساحر كشف عنه النمر، وهو يشير حقيقة إلى المستوى الفني المتطور لدى الممثل السعودي، وكأن سلافة المعمار تغوص في مجاهل الصحراء لتكشف عن أداء نبيل هو أداء صبحة الحفيانة الذي تقول فيه سلافة إنه أهم ما قدمت من شخصية درامية فيها هذا الغنى الدرامي وهذا التطور الفني.

وعن موقع التصوير قال حاتم علي: «تميزت المرحلة التي نفذت في منطقة تدمر السورية بأنها أكملت النسيج الدرامي والفني للعمل ومتنت من تفاصيل القصص التي بدأت في مراكش في المغرب ولكن المرحلة الجديدة في تدمر تم فيها بناء علاقات درامية وإنسانية مهمة بين الشخصيات، حيث انتهى تصوير المعارك في المغرب نهائيا، بمشاركة ما يزيد على ألف كومبارس في تصوير المشاهد والمعارك وغيرها، وتمت الاستفادة من المساحات الخضراء الواسعة هناك وربما لأول مرة تستفيد الدراما البدوية العربية من المساحات الخضراء التي وفرتها الطبيعة في عمل درامي بدوي». يذكر أن مسلسل «أبواب الغيم» حصل في استفتاءات الصحف والمجلات العربية على أفضل مخرج وحصل غسان مسعود على أفضل ممثل. وشارك في تتر المسلسل الفنان الإماراتي حسين الجسمي.