هيلاري سوانك لـ«الشرق الأوسط»: أعجز عن وصف شعوري حيال منحي جائزة

نالت أوسكارين فهل يكون الثالث على الباب؟

هيلاري سوانك في «إدانة»
TT

يعتقد الكثير ممن يكتبون في الشأن السينمائي أن السينما هي ذراع السياسة. أن كل فيلم يستحق أن يكتب عنه هو فيلم يتعامل مع موضوع أو تاريخ أو شخصية أو أمر ما سياسي. وكان أحدهم كتب عن مهرجان كان الماضي، وقبل أن يبدأ ويعاين بنفسه الأفلام، بأن «المهرجان هذا العام يخلو من الأفلام ذات المواضيع السياسية».... يا خسارة... عدا عن أنه قول خطأ والمهرجان حفل بالأفلام التي تتحدث في شؤون سياسية مختلفة (من حرب الجزائر إلى الموضوع الفلسطيني ومن كارلوس المتمرد إلى الوضع الأوروبي الخ...) هل يجب أن يكون معيار المهرجان ما إذا كان يخلو أو لا يخلو من أفلام ذات مواضيع سياسية؟

هل الفيلم الجدير بالكتابة عنه هو فقط الذي يتعاطى السياسة؟ في الماضي، وفي فترة الثورات عربية وعالمية، خرجت هذه الدعوة وكان لها أنصارها الذين اعتبروا أن السينما «سلاح»، في مقابل ما أكده معسكر آخر من أن السينما «ترفيه». لكن الحقيقة هي أنها سلاح وهي في الوقت ذاته ترفيه. هذا جائز وذاك جائز. لكن قبل هذا الاعتبار أو ذاك هي فن، وبقدر ما تكون فنية تكون سلاحا ثقافيا وإعلاميا وترفيها رائعا.

هناك سبب أساسي وراء هذه الظاهرة: من السهل أن تكتب رأيا (سياسيا أو خلافه) ومن الصعب أن تكتب معرفة، وبما أنه يريد أن يكتب فالطريق السهل هو الوحيد الماثل أمامه.

قبل أن تظهر هيلاري سوانك في فيلم «الصبيان لا يبكون» سنة 1999 لم يكن أحد يعرف من هي هيلاري سوانك وما إذا كانت ممثلة أو مصممة ديكورات أو مصففة الشعر خلال التصوير. لكن الباحث اليوم سيجدها في عدد من الأفلام التي مثلتها من مطلع التسعينات. أدوارها فيها كانت قصيرة أو صغيرة تمر بسهولة تحت الرادار ومن بينها فيلمها الأول على الشاشة وهو Buffy the Vampire Slayer كان عمرها آنذاك ستة عشر عاما ولم يمض على وصولها إلى لوس أنجليس أكثر من ستة أشهر قادمة من بلدة صغيرة في ولاية واشنطن. لكن الباحث أيضا سيجد أن بعض أدوارها الصغيرة تشهد بموهبتها.. تشي بأن هذه الفتاة الصغيرة تريد أن تصل إلى مكانة وتطمح إلى ذلك حتى في أفلام من نوع فيلم الرعب The Next Karate Kid المذكور أو من نوع فيلم الأكشن المعروف.

لكن «الصبيان لا يبكون» كان أفضل ما حدث لها في هذه المهنة الصعبة، فقد نالت عنه جائزة الغولدن غلوب لتليها جائزة الأوسكار كأفضل ممثلة. فجأة هي على كل لسان والأدوار التي كانت تذهب لزميلاتها بدأت تتجه إليها فشاهدناها مع آل باتشينو في «أرق» ومع كلينت إيستوود في «مليون دولار بايبي» (نالت عنه أوسكارها الثاني) ومع أدريان برودي في «الأناضوليا السوداء».

في هذه الأيام هي على الشاشة في فيلم عنوانه «إدانة» تلعب فيه شخصية امرأة تقرر درس المحاماة لكي تدافع عن شقيقها المسجون. فيلمها المقبل المبرمج للعرض في منتصف العام المقبل، وعنوانه «شيء مستدان» هو من إنتاجها. لا تمثل فيه بل تمنح القيادة النسائية أمام الكاميرا لكيت هدسون. إنها خطوة يقدم عليها عادة الأكبر منها سنا، لكن هيلاري، وقد ختمت 36 من حياتها لا تبدو وجلة من التجربة.

* هل هناك سبب محدد وراء قيامك بالإنتاج؟ شيء تريدين إيصاله؟

- الحقيقة أن الرواية (لإيميلي غيفين) هي التي جذبتني. كنت اشتريت نسخة منها قرأتها في الطائرة من باب تمضية الوقت. كنت في رحلة أعتقد من لوس أنجليس إلى لندن ومن لندن إلى باريس ثم روما حين كنت أروج لفيلم «بي إس أحبك»، وختمتها حين عدت من روما إلى لوس أنجليس. أردت أن أمثلها فهي قصة عاطفية وأتجرأ وأقول نسائية مثيرة وصادقة. لذلك أحد الأسباب التي دفعتني للإنتاج هو أن الرواية أعجبتني وكانت حقوقها متوفرة لكن أحدا لم يكترث لتحويلها.

* لكنك لا تقومين ببطولتها؟

- كنت أريد أن أقوم ببطولتها، لكني وجدت أنني لن أستطيع أن أمنح العملين قدرا متساويا من العناية والاهتمام. خصوصا أنها تجربتي الأولى في الإنتاج. سريعا قررت أن أتخلى عن التمثيل لصالح ممثلة أخرى وكيت هدسون كانت رائعة. ستشاهد الفيلم حين عرضه وستوافقني. آمل ذلك.

* فيلمك الحالي «إدانة» مأخوذ عن قصة حقيقية عن تلك المرأة الشابة التي وجدت أن الطريقة الوحيدة لإثبات براءة شقيقها هي دراسة المحاماة والدفاع عنه بعدما عجز عن ذلك محامون آخرون... هناك من يقول إنكما تتشابهان في خصال عدة من بينها عنادكما في سبيل تحقيق ما تريانه صحيحا.

- هذا إطراء لطيف. بتي آن إنسانة خالية من الأنانية ومليئة بالمشاعر الإنسانية وأعتقد أننا نلتقي في ناحية أننا نندفع في سبيل ما نؤمن به. وهذا يعود في رأيي إلى حقيقة أننا متشابهتان في الخلفية فحين تكبر في بيئة فقيرة ولديك طموحات تريد تحقيقها، وأنا لا أتحدث عن طموح معين، فإنك تبدأ في استخدام الأدوات المتاحة لديك. لا تستطيع أن تحقق ما تريد بالمال، فتلجأ إلى الثبات في مطلبك والعمل ليل نهار في سبيل تحقيقه. شخصية بتي آن غير الأنانية هي إلهام لي ومنوال أريد أن أعمل به في حياتي.

* لا بد أنك تلاحظين أنك مثلت عدة أفلام مأخوذة عن شخصيات حقيقية بداية بفيلم «الصبيان لا يبكون» ومرورا بـ «أميليا» ثم هذا الفيلم. هل هناك سبب معين؟

- لم أفكر في هذا من قبل. لكنها ملاحظة حقيقية. أعتقد أنها ناتجة عن أن التجربة الشخصية تتميز بأنها أكثر واقعية وربما أعيرها اهتماما أكبر لهذا السبب. لكني أحب تمثيل الشخصيات التي تتحداني. لست هنا لكي أمثل دور فتاة من سكر. بل فتاة لديها رسالة تريد أن توصلها للناس. شخصية تلجأ إلى عدم الإذعان وعدم القبول بالأمر الواقع.

* هذا ما قلته لكلينت إيستوود في «مليون دولار بايبي». لا ترضين بالأمر الواقع.

- صحيح. هذا تعبير جيد عني. أقول له إن عليه أن يغير نظرته إلى المرأة الملاكمة وأريده أن يدربني ربما لأنه لا يؤمن بأنه مدرب جيد لملاكم امرأة. إيستوود أخبرني أن الفيلم الرياضي هو أكثر أنواع الأفلام تجسيدا لكفاح المرء، رجلا أو امرأة، من أجل أن يحقق ما يتمناه في الحياة. الجمهور يتآلف معه وهذا أعتقد أنه صحيح. وأردت أن أطبقه في مشاهد التحضير والتدريب.

* هل تمارسين الرياضة؟

- أحب التدريبات الرياضية، هذا جزء مهم من حياتي. أمارس الرياضة أربع أو خمس مرات في الأسبوع. لا أستطيع أن أقول إنني مهووسة لكن حين أمارس الرياضة أركز كثيرا على ما أقوم به.

* أي رياضة نتحدث عنها؟

- أقوم بلعب التنس مرة في الأسبوع. أركب الدراجة الهوائية أو أسبح كل يوم. هناك أيضا رياضات على المرأة أن تقوم بها يسميها المختصون برياضة المقاومة. المرأة تخسر الكالسيوم في سنوات حياتها اللاحقة أكثر مما يفعل الرجل وهناك رياضات تساعد على الحفاظ على الكالسيوم.

* في «إدانة» نجد شخصيتك تقرر دراسة المحاماة. في الحياة الحقيقية طبعا هذا أمر مكلف. نحو 40 ألف دولار في السنة والدراسة لا تقل عن عشر سنوات. كيف استطاعت بتي إنجاز ذلك؟

- هذا سؤال مهم، لكني بصراحة لا أدري تفاصيل الجواب. يا ليتك قابلتها وسألتها. أنا واثقة من أنها خاضت محنة كبيرة. واثقة من أنها امرأة مديونة أو كانت كذلك إلى حين قريب. أعرف أيضا وبشكل مؤكد أنها امرأة لا تتراجع. القصة حقيقية تماما وهي قامت بذلك فقط لإنقاذ شقيقها. بعد ذلك لم تمارس المحاماة.

* هيلاري. لقد ربحت أوسكارين حتى الآن. واسمك الآن بين تلك المرفوعة في سماء التوقعات لأوسكار ثالث. ماذا يعني لك كل ذلك؟ هل لديك وجهة نظر مختلفة بهذا الخصوص؟

- نعم. لديّ وجهة نظر مصدرها حقيقة أنني لم أصبح ممثلة وفي نيتي كسب الجوائز. الجائزة سواء أكانت غولدن غلوب أو أوسكار أو جائزة من جمعية نقدية هي أكبر من أن أستطيع أن أصفها بكلمات. إنها تقدير لا أعرف كيف أتحدث عنه..... لا أعرف ما أقول... أعني أنني عاجزة عن الوصف... جائزة الغولدن غلوب وجائزتا الأوسكار موجودة على الرف في غرفة مكتبي. كل يوم أمر بها وكل يوم أقول لنفسي «واو». ما زلت أشعر بالغرابة. أتعجب لأنه ليس من السهل النظر إلى هذا الممثل بالمقارنة مع أقرانه ومنافسيه واختياره بدل أي منهم. بالنسبة لي أنا أمثل شخصيات من حياة كل يوم. وحين أكافأ عن تمثيلي بجائزة فإن التقدير لا يوصف. إنه تقدير لما أحب القيام به أكثر من أي شيء آخر: التمثيل.

* لماذا تجدين نفسك مجذوبة لتمثيل شخصيات عادية؟ هل لأنك تشعرين بأن هذا دورك على الشاشة؟

- لا أعتقد. أو أن المسألة أكبر من هذا الشعور. أنا دائما ما شعرت بنفسي غريبة. لقد أصبحت ممثلة لأني شعرت بأني لا أنتمي إلى أي مجموعة من البشر. تمثيل شخصيات مختلفة يجعلني أتنقل بين جماعات وشخصيات مختلفة عن بعضها البعض، لكن حتى في هذا الاختلاف هناك اختياري لنوعيات ترفض التسليم بالأمر المفترض وهذا أيضا انعكاس لعدم الانتماء. قبل قليل سألتني عن «مليون دولار بايبي»، هذه الشخصية هي نموذجية فيما أقوله الآن. هي شخصية امرأة لا تنتمي إلى المجتمع. مطرودة منه. غريبة عنه. وهذا أنا. لكنها تلجأ للرياضة وأنا ألجأ للتمثيل.