أمل عرفة: أنا فنانة أغرد خارج السرب.. وتعودت ألا أتذوق نجاحي كثيرا

قالت لـ«الشرق الأوسط» إن مسألة الأجور شخصية.. والتصريحات بارتفاع أجر فلان تصيبني بالضحك

الفنانة السورية أمل عرفة («الشرق الأوسط»)
TT

تسمى لؤلؤة الدراما السورية، ويطلق عليها المتابعون صفات وألقابا كثيرة، ومنها الفنانة الممنوعة، فهي إضافة لأدائها التمثيلي المميز والمتقن تمتلك صوتا جميلا عذبا تابعه الجمهور من خلال أغان قليلة خاصة بها، ومن خلال الغناء في عدد من المسلسلات التلفزيونية، وصفة التنوع لديها تمتد لمجال تقديم البرامج التلفزيونية المنوعة والخفيفة التي قدمتها عبر قنوات فضائية فنالت متابعة وإعجاب المشاهد، لما تميزت به من خلال هذه البرامج بخفة دمها وسلاسة أدائها وبراعتها في التقديم، وهي داخل الاستوديو أو حتى خارجه، ولم تكتف بكل هذا التنوع، بل كانت حاضرة حتى في مجال التأليف الدرامي؛ فألفت سيناريو لأعمال تلفزيونية متنوعة غلب عليها الطابع الاجتماعي، كمسلسل «عشتار» وغيره، ولكنها تبقى الفنانة الشاملة والممثلة التي تجيد تجسيد جميع الأدوار والشخصيات من التاريخي وحتى البدوي، والأعمال الاجتماعية المعاصرة، عبر مسيرتها الفنية المستمرة من 15 عاما. إنها الفنانة السورية (أمل عرفة) التي التقتها «الشرق الأوسط» في دمشق، وكان الحوار التالي:

* لم نشاهدك في أعمال من البيئة الشامية، ما هي في رأيك أسباب نجاح هذه الأعمال وكيف يمكن المحافظة على نجاحها، وعدم حصول ملل وتكرار في مواضيعها؟

- النوع في حد ذاته يتمتع بجاذبية عالية إن كان على مستوى بساطة الحكايات والشخصيات وطريقة سرد الأحداث ومعالجتها. هذا ينطبق على الكثير من الأعمال الشامية ولا ينطبق على البعض الآخر الذي حقق معادلة الجماهيرية والعمق بنفس الوقت، وأكاد أن أجزم بأنه الحنين الموجود لدى المتلقي العربي لتلك الفترة وتلقائية العلاقات بين الناس في ذاك الوقت. والحفاظ على مستوى هذه الأعمال يأتي من الوعي بقيمتها كنوع، وليس من باب التجارة البحتة على مبدأ أنه عمل شامي وضارب؛ ففي هذا العام حدث وعرضت الكثير من الأعمال الشامية المتدنية.

* هل لك مشاركات درامية خارج سورية حاليا؟ وما رأيك في ظاهرة وجود النجوم السوريين في الدراما المصرية؟

- بعض تجارب النجوم السوريين في الدراما المصرية تحسب لهم، وتجارب البعض الآخر لم تكن موفقة. أما بالنسبة لي فلم أتلقَّ عرضا في الدراما المصرية على مستوى فني يستحق مني المجازفة، لذلك أعتذر على الفور؛ فالذهاب أو التواجد في الدراما المصرية ليس هاجسي بقدر ما أركز على القيمة الفنية في العمل إن كان في سورية أو خارجها..

* ما رأيك في الأعمال التركية المدبلجة ومقولة تأثيرها على الدراما السورية وضياع حق الممثل السوري الذي اشتهر على أكتافه الممثل التركي في العالم العربي؟

- لا أرى خطرا يداهم الدراما السورية من المسلسلات التركية المدبلجة، وإن كانت الدبلجة باللهجة السورية أسهمت جدا في رواج الأخيرة، إلا أننا نذكر جميعا عاصفة المسلسلات المكسيكية منذ سنوات، وكيف آتت الدراما التركية لتأخذ مكانها، وهذا ما أعتقد أنه سيحدث بعد قليل مع الدراما التركية ليأتي نوع آخر ويكتسح الساحة. النجاحات الراهنة غير متأهلة للبقاء، حتى وإن كرست لزمن معين.

* أنت فنانة متنوعة تملكين صوتا جميلا لم نعد نسمع أغاني جديدة لك.. ما هي الأسباب؟ وكيف تقيمين تجربة الديو مع أحد المطربين السوريين قبل سنوات؟ ولماذا لم تستمر؟

- سبق أن ذكرت أكثر من مرة الأسباب، وباختصار أقول إن الغناء مشروع قائم بنفسه، وهذا المشروع لم أعطه من وقتي كما يستحق، فبقي عندي مشروع موهبة أمارسها من وقت لآخر، أما الديو الذي أطلقني وكان له الفضل في شهرتي الباكرة فهو أغنية «صباح الخير يا وطنا» مع فهد يكن، الذي خسرته الساحة الغنائية العربية بقرار منه، حيث توجه إلى مجال آخر تماما وأتمنى له ولعائلته الكريمة التوفيق.

* كيف تنظرين للدور والوظيفة التي يمكن أن يؤديها الفن في المجتمع؟ ومتى ترفضين أداء أدوار وتجسيد شخصيات معينة، الأسباب وحالات الرفض والموافقة؟

- الرفض والقبول هما الحق الأوحد للممثل في الدراما السورية، أما أنا فقد حاولت وأحاول كسر هذا السقف بكتابة نصوصي، كما حدث في مسلسلي «دنيا» و«عشتار»، وأنا على أبواب الانتهاء من كتابة مسلسلي الثالث «هدية». أما فيما يتعلق بالأدوار التي تعرض علي فبالدرجة الأولى أبتعد عن التكرار حتى لو كان الإغراء المادي كبيرا، كما أنني أقدر احترام الناس لمكانتي وثقتهم بي فلا أتبجح، ولا أكثر من زيف تواضع خائب. أعرف ما أنا عليه بعين الخبرة التي أكسبتني إياها سنوات العمل والدراسة، والجهود وسلسلة النجاحات التي امتدت على مدى عشرات الأعمال، كما أنني أشعر مع بداية أي عمل أنني هاوية تكتشف ملامح المهنة في كل جديد وتعاود اكتشاف نفسها، ولكني باختصار أعمل بحب دون أن أضع في اعتباري سوى المتلقي الذي علي أن أحترمه كائنا من كان، ولا أفكر في الوسط كثيرا.

* هل لدى أمل عرفة خطوط حمراء في التعامل مع الشخصية أو مع الجهة المنتجة أو المخرج؟ وهل تطلبين تعديلا ما في الشخصية من المخرج مثلا؟

- في السابق كانوا وكنت ربما معهم في نظرية أن الممثل هو الحلقة الأضعف في لعبة صناعة الدراما، لكني ضد هذه النظرية الآن، فالممثل كما المخرج وكما المنتج تماما يحق له أن يضع مخرجا أو منتجا على اللائحة السوداء..

أما فيما يتعلق بآلية العمل مع منتج أو مخرج فما يهمني هو مستوى العلاقة الإبداعية والحفاظ على سلامتها من جنون العظمة..

* متى تجلس أمل عرفة مع نفسها وتراجع ما أنجزته؟ وهل تنتقدين نفسك بقسوة مثلا وأنت تراجعين وتشاهدين ما قدمتِه من أعمال؟

- البوصلة بداخل الفنان يجب أن لا يتكدس عليها الغبار، وإلا وقعنا جميعا في فخ استظراف الذات والطرب لكل ما نقوله، لذلك تعودت أن لا أستذوق نجاحي كثيرا وأن لا أسترخي له وأن أعترف بوجود مساحة للآخر بقربي، حتى لو سمح لنفسه واهما بحق الدخول في مساحتي، فهذا جزء من مراهقة مهنية تصيب البعض الذين هبطت الشهرة عليهم بصدفة حظ ونجاح واحد. في بعض المرات أنتقد نفسي بشدة وأقسو لدرجة أنه حتى لو كل ما حولي أثنى على مشهد قمت به مثلا، أكون أنا الوحيدة التي تعلم أنه كان بإمكاني القيام بأفضل من ذلك، وفي بعض المرات أنصف نفسي قليلا.

* هل تشاهدين الدراما الخليجية؟ وما رأيك فيما حققته في السنوات الأخيرة؟ وهل هناك تواصل بينك وبين ممثلي الدراما الخليجية؟

- في هذا العام وجدت تفوقا عالي المستوى في الدراما الخليجية ووجدت حضورا نسائيا أخاذا على مستوى عمل الممثل، وهذا ليس بغريب على دراما خليجية تعتبر متفتحة على ثقافات الغير ومتابعة لإحداثيات الدراما العربية.

* في مجال التقديم التلفزيوني هل لديك برامج جديدة منوعة، وكيف تنظرين لتجربة الممثل المذيع في القنوات الفضائية؟

- لست ضدها بالتأكيد، وإلا لما كنت من أوائل الممثلين الذين خاضوا هذه المغامرة.. التقديم نافذة أخرى للممثل وحضور آخر بحاجة إلى قبول من المتلقي، وقد يكون هذا القبول متوفرا عند الممثل وقد لا يكون.. في الحالتين على الممثل الذي سيقدم على هذه التجربة أن يكون شديد الإخلاص مع نفسه، والحكم على تجربته كي لا تتأثر مسيرته كممثل.

* ما هو حلم ومشروع أمل عرفة الكبير الذي تطمح لتحقيقه وتأمل أن تحققه مستقبلا؟

- أن أبقى أغرد خارج السرب بكل المقاييس، وأن أزداد قوة، حتى لا أقع يوما تحت أقنعة اللطف المفتعل أو حتى الغرور، وأن أستمر في قول الحق حتى لو على نفسي لكي أورث أولادي سمعة طيبة وفخرا بأمهم.

وفي المحصلة، أعيش حياتي بسلام بعيدا عن الأحلام الكبيرة، لكني أجد الجهد الذي أقدمه في سبيل شفاء روحي من آفات المهنة والوسط الفني حلما مستعصيا على الكثيرين والكثيرات من الذين يعملون ونعمل معهم في المهنة.

* أنت متزوجة من الفنان عبد المنعم عمايري، كيف هو الوضع العائلي؟ وهل كما يقول البعض إن زواج الفنانة من فنان قد يفشل لأسباب الغيرة في النجاح والعمل؟

- وضعنا العائلي لا يختلف عن الوضع العائلي لأي اثنين متزوجين خارج المهنة، ولا وجود للغيرة إلا على مصلحة الطرف الآخر؛ فنجاح زوجي هو نجاحي والعكس صحيح.

* ما هي الهوايات الأخرى لأمل عرفة والاهتمامات الأخرى؟

- تبقى هوايتي الأولى ورياضتي الدائمة هي السباحة والمطالعة، ولعل الهواية الأجمل هي ما منحني إياها الله؛ نعمة الأمومة التي أعيشها بفرح وطاعة وشكر. ابنتاي هما الحقيقة المطلقة في حياتي، وبيتي هو بري وبحري.

* ما رأيك بمقولة عودة الشللية للوسط الفني السوري كظاهرة كانت قد اختفت وعادت لتظهر من جديد؟

- لست ضد الشللية عندما يوظف الجميع في مكانه، لكن الفيصل في هذه المسألة هو الزمن والوقت والتقييم الذي قد يأخذ سنوات طويلة، أما أنا فشلتي هي موهبتي.. (تضحك أمل) ألم أخبرك أني خارج السرب؟

* هناك من يقول بتباين أجور الممثلين السوريين وإعطاء الأجور المرتفعة منذ سنوات قليلة ماضية وما زالت، بسبب إعطاء الفنانين السوريين أجورا مرتفعة في مصر، لنجوم الصف الأول على حساب نجوم الصفوف الأخرى؛ ما رأيك بهذا القول؟

- سألت الشخص الخطأ؛ فمسألة الأجور هي مسألة شخصية ولا يجب التصريح عنها، والأجور في سورية متفاوتة وإذا كانت بعض التصريحات الرنانة من هنا وهناك بارتفاع أجر فلان أو فلانة تصيب البعض بالدهشة فأنا تصيبني بالضحك، لأنه من المعروف بقانون التجارة بأن السلع الرخيصة هي التي تعرض باستمرار، وأن السلع الغالية هي النادرة وغير المطروحة على واجهات المحلات، وأقصد «الفضائيات»... أما في مصر فأنا لم أعمل هناك بعد، ولذلك لا أستطيع الرد؛ فلا معلومات لديّ.