جوني ديب: أفضل إطراء لي هو حين يقول ابني: «أحبك»

نجم هوليوود لـ : ارتحت كثيرا لأنجلينا جولي

جوني وأنجلينا مع المخرج فلوريان
TT

قبل أقل من شهر قادت المسؤولة الإعلامية روني تشايزن سيارتها قبيل منتصف الليل من حفلة عشاء حضرتها عائدة إلى بيتها. طريقها معروفة: من هوليوود بوليفارد إلى منطقة بيفرلي هيلز، ولكي تصل عليها أن تمر بسنست بوليفارد، ثم تعرج شمالا لتدخل أحد الشوارع الكثيرة في منطقة بيفرلي هيلز التي تنتشر على جوانبها المنازل والفيلات الكبيرة. في النهار، تلك الشوارع هادئة، فما البال ليلا؟ إذ عرجت يسارا، وقادت سيارتها في أحد تلك الشوارع لحقها رجل على دراجة وأفرغ فيها خمس رصاصات أودت بحياتها. بعد نحو أسبوع حاصر البوليس ذلك الرجل في الشقة المتواضعة التي يعيش فيها في منطقة متواضعة بدورها، فما كان منه إلا أن أجهز على نفسه. بعد أسبوع آخر أو نحوه صدر قرار مكتب البوليس ومفاده أنه على عكس التأويلات، قام القاتل هارولد مارتن سميث بعملية قتل روني تشايزن بمفرده من دون شركاء وذلك بدافع السرقة. وبذلك، قال البوليس، يكون سميث قد وضع خاتمة القضية، ولو أن البوليس سيواصل التحقيق.

الرواية البوليسية رفضت من قبل معظم السينمائيين الذين عرفوها، ففيها ثغرات متعددة. أولا: لِمَ لمْ يسرق اللص شيئا إذا ما كان الدافع هو السرقة؟ ثانيا: ماذا عن القضايا التي رفعتها ضد أشخاص لديهم علاقة مع المافيا الروسية؟ ثالثا: إذا لم تكن المسألة مسألة سرقة، وليس القاتل مهووسا بالقتل بلا سبب، كيف يمكن أن يضع البوليس نهاية للقضية؟ وما زال التحقيق في الجريمة مفتوحا.

هذه شخصية أخرى من شخصيات السينما التي لا تحتاج إلى تعريف: جوني ديب ابن الثانية والأربعين الذي انطلق، ككثيرين سواه، من فيلم رعب («كابوس شارع إلم»- 1984) ووضع بصمته الشخصية المختلفة حتى في أدواره الصغيرة الأولى وأضاف إليها ملامح خاصة حين انتقل لبطولة أفلامه المتنوعة.

إنه الممثل الذي يفضله المخرج تيم بيرتون على سواه وعمل معه للآن سبع مرات، مؤكدا - في حديث بيننا تم في نيويورك - أنه الممثل الأكثر اختلافا في فنه عن أي ممثل آخر يعرفه.

جوني ديب، الذي ترك الولايات المتحدة ليعيش مع زوجته وأولاده في فرنسا وليصطدم، أول ما فعل ذلك، بقوانينها الضرائبية، لديه الوقت لكي يخطط لشخصياته ويتنكر لها غير آبه بما إذا كان المشاهد سينسى ذات يوم كيف هو شكله الحقيقي على الشاشة. بجانب أفلامه تحت إدارة بيرتون التي بدأت بـ «إدوارد سيزرهاند» سنة 1990 وامتدت لتشمل «إد وود» و«سليبي هولو» من بين أخرى لتنتهي - حتى الآن على الأقل - بفيلم «أليس في أرض العجائب»، وجدناه أيضا في واحد من أكثر المسلسلات السينمائية نجاحا وشعبية: «قراصنة الكاريبي». ليست أكثر أفلامه تعبيرا عن ثقافته وفنه، لكنها تبقى متميزة باختياراته في الأداء. بتلك النظرة التي تجمع الخفة والجدية من دون أن تغمس الكثير في أي اتجاه وحده.

فيلمه الجديد «السائح» هو قصة حب ممتزجة مع قصة جاسوسية وهو الفيلم الأول الذي يظهر فيه أمام أنجلينا جولي. التجربة، كما يقول كانت ثرية على أكثر من صعيد وفيها اكتشف جانبا جديدا من أنجلينا لم يكن يعرفه.

* كيف يختلف دورك في «السائح» عن أدوارك الأخرى؟

- غالبا ما ألعب دور الرجل المتوتر والخائف (يضحك) عادة ما تكون هناك عناصر من شخصيتي في كل دور، لكن هنا ربما كانت العناصر أكثر خصوصا عندما يتعلق الأمر بالرغبة في التنظيم ومتابعة التفاصيل فأنا منظم وتفصيلي (يضحك). هناك أشياء صغيرة عليها أن تخرج مني أو تجدها عاكسة لشخصيتي مهما كانت صغيرة وموزعة. إنها الحقيقة.

* هناك العديد جدا من الأفلام التي تم تصويرها في فينيسيا. ما الذي شدك إلى المدينة؟.. «فاجأك» بكلمة أخرى؟

- ما فاجأني هو سؤالي لنفسي: لماذا لم أزر هذه المدينة وأمضي فيها بعض الوقت القيم من قبل؟ لماذا كان عليّ أن أنتظر فرصة تصوير فيلم فيها؟ أعتقد أن العديد من السياح يطرحون على أنفسهم سؤالا مثل هذا السؤال. نعم المدينة قديمة وقنواتها المائية ممرات للمراكب، لكنها ما زالت مدينة ساحرة. الشيء المثير بالنسبة لي أن التصوير كان يتم ما بين العاشرة صباحا والثانية بعد الظهر. خلالها كنت أتمشى في أرجاء المدينة بين المشهد والمشهد. إنها مدينة من الشعر وهناك الكثير مما كتب فيها وعنها أيضا. إنها أيضا مدينة أرواح. أقصد أن أقول إنها مكان سحري.

* أخبرني المخرج أنك كنت تضيف بعض العبارات إلى الحوار وأن الفيلم استفاد من طريقتك الساخرة في الوصف.

- نعم كانت هناك فرص سانحة في بعض المرات لإضافة نوع من الحوار الذي اعتبرته مناسبا. حوار متهكم أو بالحقيقة بضع كلمات لا معنى محددا لها، كما حدث في المشهد الذي يتقدم مني فيه شخص يتحدث الإيطالية التي لا تفهمها الشخصية التي أمثلها، فما كان مني إلا أن بادلته بكلمات إسبانية لا تعني بدورها شيئا. لكن المشهد أصبح، فيما أعتقد، لطيفا. كنت أحاول في أماكن متفرقة أن أضيف ما وجدته ووجده معي المخرج مثيرا كإضافة مناسبة للشخصية. بالمناسبة، تلك الكلمات الإسبانية التي تسمعها لا تعني شيئا للممثل الإيطالي الذي فوجئ بها خلال التصوير لأنه كان يتوقع أن أكون حفظت ردا بالإيطالية. كل ما قاله: «هذه الكلمات ليست إيطالية» (يضحك).

* هل لك أن تحدثنا عن المخرج فلوريان هنكل فون دونرسمارك؟ وهل شاهدت فيلمه السابق «حياة الآخرين»؟ وما رأيك به؟

- بالطبع. حين خرج «حياة الآخرين» وشاهدته قلت في نفسي يا له من مخرج رائع. أعجبت كثيرا بهذا الفيلم واعتقدت أنه فيلم خارق على أكثر من صعيد، خصوصا، وربما لا أضيف جديدا على مجمل الآراء التي قيلت في الفيلم لحد الآن، الناحية الإنسانية. لذلك كنت فرحا كثيرا حين سمعت أنه سيقوم بإخراج هذا المشروع ووجدتها فرصة رائعة. فكرت أنه اختيار جيد، فالفيلم السابق كان دراما سياسية وهذا الفيلم جاسوسي وهو إنسان جيد يصغي وتعرف من إدارته للتصوير أنه ملم كثيرا. كذلك هو أطول رجل في العالم ويتكلم نحو 800 لغة (يضحك) ويعرف كل شيء عن كل شيء وموهوب بشدة كمخرج. أعتقد أنه سيبلغ شأنا كبيرا.

* المرء يكاد ينسى، من كثرة ما شاهدك في حلقات «قراصنة الكاريبي» وفي أفلام تيم بيرتون كيف تبدو على الشاشة في مواصفات طبيعية. هل تعلم ذلك؟

- صحيح (ضحك) أعتقد أنني أعرف ما تقصد. أولادي تفاجأوا أيضا حين شاهدوني في هذا الفيلم. حين قرأت سيناريو «السائح» تخيلت أن الطريقة الصحيحة للعب هذا الدور هو جعل فرانك (اسم الشخصية التي يؤديها جوني) يبدو مثقفا. لذلك زودته بلحية على غرار أساتذة جامعة ويسكنسن. لكنه شخص بلا مرتفعات أو منخفضات كبيرة. وهذا القرار تبعه أيضا قرار اللحية وتصفيف الشعر.

* هل هي لحية حقيقية؟

- لا. مركبة. لو كان عليّ تربية لحيتي للغاية فإن التصوير سوف لن يبدأ قريبا. شعر ذقني يأخذ وقتا طويلا لكي ينمو.

* ذات مرة، ليست بعيدة، قرأت أنك مهتم بتمثيل سلسلة «الرجل النحيف» (سلسلة أفلام بوليسية انطلقت في الثلاثينات والأربعينات) وحين شاهدتك في هذا الفيلم شعرت كما لو أنك تمهد فعلا لإيجاد الشخصية المناسبة لبطل تلك السلسلة. هل هذا الشعور صحيح؟

- ملاحظة في مكانها بالفعل. حاولت هنا تأسيس الشخصية هناك وفي أوضاع ومشاهد لم أكن أعرف أن أحدا سيلتقطها. شخصية «الرجل النحيف» في تلك الأفلام التي أداها وليام باول كانت من تلك الشخصيات التي أسرتني وتابعتها أيضا في الخمسينات حين كنت صبيا. هناك سحر بين باول وبين (بطلة الفيلم) ميرنا لوي. تكتشف بعد حين أنهم كانوا يصورون هذه الأفلام في سبعة عشر يوما. هذا أشبه بالمعجزة حين نقارن ذلك بما بات التصوير يتطلبه وكيف أن الكيمياء بين الشخصيات تحتاج لوقت أطول لكي يتم هذه الأيام. أنا معجب بذلك النوع من السينما. أي شيء مثله همفري بوغارت يعجبني. أي أفلام شرلوك هولمز القديمة كما مثلها باسيل رابون. فإذا كنت أستطيع أن أكون جزءا من هذا العالم ولو من خلال إعادة صنعه فإن ذلك يسعدني كثيرا. نعم الملامح تكشف عن اهتمامي بالمشروع المقبل. هذا صحيح.

* أعلم أنك مرتبط بمشروعين آخرين هما إعادة صنع وإنتاج لأفلام سابقة. «الظلال الداكنة» و«لون راينجر». هل لك أن تحدثنا عنهما؟.

- نعم. «الظلال الداكنة» هو واحد من تلك الأفلام القديمة التي أقصدها حين أقول إنها تعجبني كثيرا. إنه مشروع مطروح ولا أدري من كم سنة، ومؤخرا بدأنا بتطوير الفكرة، والمخرج تيم بيرتون هو الذي سيقوم بإخراج هذا الفيلم. والسبب في أن توم وأنا مهتمان بهذا المشروع هو أننا كنا منغمسين في مشاهدته على التلفزيون. كنت أهرع من المدرسة الساعة الثالثة لكي أجلس أمام التلفزيون وكان هذا المسلسل أحد تلك المسلسلات الأهم في حياتي أو هكذا شعرت آنذاك. بالنسبة لفيلم «لون راينجر» فإن اهتمامي به لا يوصف. لديّ الطريقة التي سأؤدي بها الدور محفوظة من الآن. أيضا الرسالة التي أود للفيلم أن يقدمها حول الأميركيين الأصليين (الهنود الحمر) وكيف عاملهم الإنسان الأبيض.

* لقد جربت ذلك حين أخرجت فيلمك الوحيد «الشجاع» قبل خمس عشر سنة. هل ترى نفسك تعود إلى الإخراج في المستقبل؟

- لا أعتقد. الفيلم الذي ذكرته جاء في مرحلة مبكرة وما كان يجب أن يأتي. لقد استعجلت القرار في أن أصبح مخرجا. لكن لا تفهمني خطأ. في النهاية حققت ما أردت وأنا فخور به.

* هل اكتشفت أنجلينا جولي جديدة غير تلك التي كنت شاهدتها في الأفلام؟

- بكل تأكيد. الشيء المثير للملاحظة هو أنني شاهدت بعض أعمالها السابقة ودائما ما كنت معجبا بها كممثلة. شاهدت مثلا «استبدال» الذي لعبته قبل عامين. أعتقد أن دورها فيه كان خاليا من الشوائب تماما. لذلك قبل أن ألتقي بها كنت عرفتها كممثلة ورغم أنني لا أتابع الأخبار الخصوصية للممثلين ولا أسمح لحياتي الخاصة أن تصبح مادة للعناوين الصحافية، إلا أنني كنت أعلم أنها معتادة على نوع من الشهرة سببه الاهتمام الإعلامي الكبير بها وبزوجها براد بت، لذلك كنت أسأل نفسي عما سأتوقعه حين ألتقي بها. لذلك فحين التقيت بها شعرت بسعادة كبيرة. ارتحت كثيرا إذ وجدتها متواضعة وذات روح تسمح للممثل بمشاركتها الوجود في إطار العمل. خلف الكاميرا يبني ما أمام الكاميرا من علاقات مهنية. وأعتقد أنها وزوجها لديهما عائلة رائعة وجميلة. إنها امرأة خاصة جدا.

* هذا كلام جميل. أعتقد أنها تستحقه رغم أن النظرة الإعلامية وحتى النقدية في بعض الأحيان حيالها محدودة.

- هذا ما هو مؤلم يا صديقي. الإعلام لا يكترث للإنسان في الممثل بل يسعى دائما لتلبية حاجة مفبركة يعتبرها أساسية للبيع.

* ما هو الإطراء التي تنتظره؟ ما الذي تود سماعه حولك كممثل؟

- يا إلهي.. أفضل إطراء يمكن لشخص أن يسمعه هو حين يقول له ابنه إنه أفضل رجل في العالم. حين يقول له أحبك.