عدنان أبو الشامات: نحن أمة مستهلكة للتلفزيون.. ومن المستحيل منع تكرار الأعمال

قال لـ «الشرق الأوسط» إن ما يقدم في الأعمال التاريخية منقوص ومشوه ومحرف

الفنان السوري عدنان أبو الشامات («الشرق الأوسط»)
TT

تميزت تجربته الفنية المتواصلة منذ عشرين عاما بفترات مد وجزر خاصة في تسعينات القرن الماضي، حيث غادر إلى أوروبا وأقام لسبع سنوات في النمسا، طامحا أن ينطلق منها نحو هوليوود والعالمية وبمخيلته شخصية عمر الشريف، التي عشقها منذ الصغر وهو يطلب للتمثيل، على الرغم من عمره الطفولي، كما أنه يمتلك المؤهلات الكثيرة التي تعطيه شرعية حلم الشهرة والعالمية الكبير، فهو إضافة لامتلاكه للأدوات الدرامية وحرفية الأداء الفني العالي يجيد أربع لغات مع العربية، وهي الإنجليزية والفرنسية والألمانية والإيطالية، ولكن لم يحالفه الحظ في تحقيق حلمه الكبير، فعاد للوطن لتتهافت عليه العروض والأدوار في عشرات الأعمال التلفزيونية، خاصة منها الاجتماعية المعاصرة التي يرتاح لها كثيرا، وفي دراما البيئة الشامية، حيث برز في «باب الحارة» من خلال شخصية عامل المقهى أبو ديبو، كما برز في شخصية الحلاق بمسلسل «الدبور» الذي يصور جزؤه الثاني حاليا ليعرض في شهر رمضان المقبل.. إنه الفنان السوري عدنان أبو الشامات الذي التقته «الشرق الأوسط» في دمشق، فكان الحوار التالي:

* ما الأعمال التلفزيونية الجديدة التي تصورها حاليا والشخصيات التي تجسدها؟

- أصور حاليا دوري في مسلسل اجتماعي معاصر بعنوان: «جلسات نسائية» مع المخرج المثنى صبح، وتأليف أمل حنا والبطولات فيه لوجوه نسائية والأدوار الرجالية فيه مساندة وليست رئيسية ودوري فيه شخصية عصام، وهو زوج إحدى شخصيات العمل، وفي مسلسل «تعب المشوار» مع المخرج سيف سبيعي، الذي أحب العمل معه دائما، ويعجبني إخراجه ودوري فيه صاحب شركة وصولي من أصول نضالية ونقابية، ويتحول بشكل مفاجئ لرجل رأسمالي، وفي الجزء الثاني من مسلسل «الدبور» بشخصية أبو عدنان حلاق الحارة الذي يتصف بالثرثرة واختلاق المشكلات بين أهل الحارة، حيث تتطور الشخصية في الجزء الثاني باتجاه الفتن والمشكلات، وأنا أحببت هذا الدور، فهو يقدمني بكاركتر مختلف وجديد.

* يلاحظ أن طيفا كبيرا من المخرجين والمنتجين يطلبونك باستمرار للعمل معهم، هل يعني ذلك أنه لا توجد شللية في الوسط الفني السوري؟

- أنا أسمع كثيرا مقولة الشللية وألاحظ أنها موجودة، ولكن بشكل إيجابي، فهناك مخرجون يرتاحون لممثلين معينين، فيطلبونهم لأعمالهم، وهذا أمر واقع، أما بالنسبة لي فأنا لا أنتمي لأي شلة فنية، وكل من أتعامل معهم في الوسط الفني أكن لهم الاحترام والتقدير ولا توجد لدي علاقات شخصية مع أي جهة أو شخص منهم، ولكن والحمد لله فوجودي بكاركتر وشكل وأسلوب أداء وخبرة، تسمح كل هذه الأمور بترك مكان لي في مخيلة المخرجين لأدوار معينة، فيطلبونني لها على الرغم من أن ذلك لا يسمح للممثل بالحصول على أدوار متنوعة، وأنا ما أتمناه هنا أن أحصل على أدوار مختلفة عن شكلي الخارجي، وأتذكر هنا مقولة لزميلي الفنان بسام كوسا أن الممثل يكون مطلوبا عندما يكون من الضروري أن يوجد في العمل، وطموحي كبير في مهنة التمثيل، ولكن والحمد لله هناك مساحة لي في أعمال معظم المخرجين السوريين، وأنا أدافع عن حقي كإنسان وفنان عندما تكون هناك ضرورة لذلك، وبشكل عام أنا إنسان مسالم مخلص لعملي ودقيق بمواعيدي، وأبذل جهدا كبيرا في تقديم الشخصية التي أجسدها، وهذا الجهد يقدره بالتدريج الوسط الفني.

* لقد شاركت في عملين شاميين، ألا تشعر بالخوف على تراجع دراما البيئة الشامية مع بروز ظاهرة التكرار والتقليد فيها؟

- بما أننا أمة مستهلكة بشكل كبير للدراما التلفزيونية، فمن الصعب أن تحمي أي فكرة من التقليد، وألا تتكرر الأعمال الشامية، فمن المعروف أن هناك هبات في الدراما السورية، ففي العام الماضي مثلا كان هناك انتشار لموجة مسلسلات ذوي الاحتياجات الخاصة، وقبل ذلك للأمراض المزمنة وقبلها موجة الفانتازيا، وبالنسبة للبيئة الشامية من المعروف أنها عبارة عن حارات، في كل واحدة منها متنفذو الحارة والتجار والملاك، وفي تقديري أن مسلسلات البيئة الشامية تتمحور في هذا الإطار، حيث هناك المختار والعضوات والقبضايات والحلاق والسمان وصاحب المقهى، ونجاح مسلسل «باب الحارة» منقطع النظير هو الذي شجع الآخرين على خوض تجارب الدراما الشامية، والكل يحاول أن يصل لألق «باب الحارة» ولكن نجاح هذا العمل - برأيي - سر لا يعرفه حتى ولا مخرجه بسام الملا، الناس عندما علمت أن الجزء الخامس هو الأخير طالبت بجزء سادس، وقد يكون هناك بالفعل جزء سادس منه، ويبقى العمل محبوبا من الكثيرين، خاصة خارج سورية وغير مرغوب من البعض خاصة في سورية، فهذا أمر طبيعي، والمشكلة أننا في سورية لدى البعض موضوع العداء للنجاح، حيث نحاول أن نقلل من قيمة النجاح بشكل أو بآخر، وهذا خطأ استراتيجي وخلقي، فبغض النظر عما إذا كان «باب الحارة» يعجبني في موضوعه وشخصياته أم لا يعجبني، فالمفروض أن نعترف بنجاحه وأن نساند هذا المشروع وأن ندعمه وأن ندعم الدراما السورية من خلاله، خاصة أن العالم العربي والعرب حتى في الخارج تابعوه باهتمام، ومن المؤسف أن يهاجم هذا العمل في الصحافة مع حق الآخرين أن يكون لهم رأي شخصي سلبي به ولكن عندما نرى هذا النجاح الكاسح فنقوم بانتقاده وأن نقلل من قيمته، وهذا تقليل من قيمة الدراما السورية بشكل عام ومن نجاحها.

* يلاحظ ومن خلال تجربتك الفنية ميلك نحو الأعمال المعاصرة وابتعادك عن الأعمال التاريخية، لماذا؟

- هذا صحيح، حيث لا يوجد لدي ميل للعمل في الدراما التاريخية لأسباب كثيرة، أهمها أن الشروط الإنتاجية التي تتوافر في الدراما التاريخية أقل في المستوى الإنساني، وأنا عملت في بعض الأعمال التي تنتمي للدراما التاريخية، وآخرها «فنجان الدم» مع الليث حجو، ولكن لاحظت أن البيئة التي يعملون بها مثل هذه المسلسلات في الصحراء وخارج المدن أعتبرها أشغالا شاقة، ولذلك بالنسبة لي التاريخي لا يناسبني، إضافة لاعتقادي أن ما يقدم في هذه الأعمال هو تاريخ منقوص ومشوه ومحرف، لأنه على ما يبدو إما أننا نخاف من التاريخ أو نستحي منه؟! ولذلك أفضل الأعمال المعاصرة لأنها من واقعنا وتجاربنا، وهي دراما تشبهنا ولا تحتمل أن تقول عنها إنها حدثت أم لا وهي تتضمن معلومات كاذبة أم غير ذلك، وبشكل عام ليس بالضرورة أن تشابه الدراما الواقع، بل تقتبس منه، بينما عندما يتم تناول عمل تاريخي فمن المفروض تناوله بجزئياته وهذا الشيء غير متوافر في معظم أعمالنا التاريخية، فهناك ما يحذف أو تراعى فيه خصوصيات أناس معينين، وفي كل بلد حساسيات مختلفة تجاه أشياء معينة، ولذلك أفضل أنا أن أبتعد عن التاريخي وجدليته.

* حتى ولو عرض عليك تجسيد سيرة ذاتية لشخصية تاريخية فلن تقبل؟

- هذا يمكن أن يكون مغريا جدا ولكن حسب ما تتاح الشخصية للسيرة الذاتية، وليس لدي طموح في ذلك، بل طموحي الدائم هو أن أستمر في مهنة التمثيل وأعيش بها بكرامة وأن أقدم أدوارا جديدة وأن يكون فيها تحد لموهبتي، ولا أفكر أن أجسد أي شخصية إلا إذا حكم الأمر أن شخصية ما تشبهني في الشكل ويمكن أن أجسدها.

* هل عرضت عليك المشاركة في الدراما المصرية، وكيف تنظر لتجربة الفنانين السوريين فيها؟

- تلقيت دعوة للمشاركة في فيلم مصري قبل سنتين، واعتذرت بسبب ضيق الوقت لدي، ولاستحالة التنسيق ما بين مشاركاتي في الدراما السورية في ذلك الوقت ومشاركتي في هذا الفيلم، وفي رأيي أن الفنان لديه الطموح الدائم لأن يجرب في أرض مجهولة، على الرغم من أنه بالنسبة لنا فمصر ليست أرضا مجهولة، بل هي أم الفن السابع والدراما التلفزيونية، ولذلك فإن طموح أي ممثل وهو طموح مشروع على كل الأصعدة ومنها الجانب المادي، حيث التعامل المادي مختلف هناك أن يوجد في الدراما المصرية لأن الجمهور المصري، وفي غالبيته لا يشاهد الدراما السورية، وفي رأيي أن الفنان جمال سليمان حقق نجاحا مذهلا في مصر، وكذلك الفنان تيم الحسن، بينما هناك فنانون لم يحققوا نجاحات كغيرهم، على الرغم من الفرص التي قدمت لهم في الدراما المصرية.

* وهل شاركت في الأعمال المدبلجة؟ وما رأيك بها كظاهرة فنية حاليا؟

- أنا لم أشارك فيها ولن أشارك في أي عمل مدبلج تركي أو غير تركي، وقد عرض علي العمل في المسلسل التركي الأول مهند ونور، وكان يقدم فكرة جديدة ودراما جديدة، ولكني اعتذرت لأنه في رأيي أن الأعمال التركية أعمال منافسة بقوة للدراما السورية، ومن حيث المبدأ لا أقبل أن أعمل في صناعة منافسة لصناعة بلدي، ولكن الظروف المادية لبعض الفنانين وعدم ظهورهم في الأعمال التلفزيونية السورية دفعتهم للعمل في الدوبلاج.

* وما رأيك في موضوع تفاوت الأجور بين الممثلين السوريين؟

- هناك تفاوت فاحش ما بين ممثلي الصف الأول والآخرين، وهذا سبب ظلما للآخرين، وللأسف تتراجع الأجور كل عام بالنسبة لهؤلاء، ويجب في رأيي معالجتها من قبل المعنيين، وهي مشكلة طارئة وجديدة ظهرت قبل ثلاث سنوات، خاصة أنه سبب أزمة ليس للممثلين فقط بل لشركات الإنتاج ولتسويق الأعمال.

* هل عرض عليك أن تكون مخرجا تلفزيونيا، وهل لديك طموح في ذلك؟

- أحيانا، وفي لحظات أفكر أن أخرج عملا تلفزيونيا، ولكنني حاليا أستمتع كثيرا بمهنة التمثيل وأشعر أن مهنة الإخراج مسؤوليتها كبيرة والجهد المبذول فيها ضخم.

* هل تشاهد أعمالك أثناء عرضها؟ وهل تنتقد نفسك؟

- ليس لدي مراق (ذوق أو مزاج) بمشاهدة المسلسلات وأرى أعمالي على أقراص كومبيوتر، وأنا لا أحب نفسي على التلفزيون، وإذا صدف وفتحت التلفزيون وكان يعرض لي مسلسل أنا موجود فيه أشعر بتوتر وحرج كبير، ولا أدري الأسباب.

* ووضعك العائلي؟

- أنا متزوج من خارج الوسط الفني، وهي فلسطينية ولدي طفلة «سالي»، عمرها تسع سنوات، وأمنيتي أن أشاهدها متخرجة في الجامعة، ولا أمانع من أن تمتهن التمثيل في حال رغبت هي ذلك، ولكن ليس وهي في مرحلة الطفولة، وإنما بعد انتهاء دراستها الجامعية.