العمل الفني الاستعراضي يعود من جديد إلى الواجهة

قلة من الفنانات أجادته

مايا نعمة، نجمة برنامج ستار أكاديمي (رويترز)
TT

يشهد العمل الاستعراضي أو الـ(show business) كما يسمونه على الساحة الفنية رواجا ملحوظا في الفترة الأخيرة بحيث ينكب عدد من المحطات التلفزيونية على إضافته في برامجها الفنية وتحاول بعض الفنانات استحداثه في إطلالتهن على المسرح.

ولعل محطة الـ«إل بي سي» كانت السباقة بين زميلاتها في إدراج هذا الفن ضمن برامجها الفنية منذ نحو 10 سنوات فاستهلته مع البرنامج الرياضي «ما إلك إلا هيفا»، وأكملت فيه مع برامج أخرى مثل «يا ليل يا عين»، «pepsi musica»، وشهد ذروته مع «ستار أكاديمي» الذي تضمن الفن الاستعراضي الرفيع المستوى فبهر عين المشاهد الذي أبدى تعاطفه مع هذا النوع من الأعمال ونقلته من مقلب إلى آخر وكأنه قفز من الأبيض والأسود إلى ألوان قوس قزح. إن أحدث البرامج التي اعتمدت هذا الفن هو برنامج «celebrity duets» أيضا على الـ«إل بي سي».

ويقول المخرج التلفزيوني طوني قهوجي، الذي يقف وراء البرامج المذكورة، إنه آن الأوان أن يشهد الفن منعطفا جديدا يضعه في موازاة الأعمال التي نشاهدها على القنوات الأوروبية لأن عصرنا يتطلب الجمالية في الصوت والصورة لتواكب المستوى المطلوب في هذا الصدد. وأضاف في حديث للوتر السادس أنه على الفنان أن يظهر أمام جمهوره في قالب متكامل لا يعتمد فقط على الصوت بل على عناصر أخرى تسهم في تجميل الأغنية التي يقدمها.

فبحسب رأيه أنه آن الأوان على الفنان أن يتمتع بثقافة فنية تشمل حضوره على المسرح وكيفية استعمال تعبيرات وحركات وجهه وجسده لأن بعض الفنانين لا يملكون حتى الأساس بالإيقاع ورأى أن التطور الذي نشهده حاليا في شتى المجالات يلامس الفن أيضا، فصارت عملية ظهور المطرب على المسرح أو أمام الكاميرا بمثابة مشهد سمعي وبصري متكامل من غير المقبول أن يتم في غياب حركة الجسد. ورفض تسمية هذه الأعمال باللوحات الفنية لأنها تتطلب إلى جانب الرقص الخلفية المشهدية والديكور والتصميم الغرافيكي ولياقة الفنان وإحساسه المرهف وهي عناصر يجب أن توجد كاملة لتعطينا هذا الشعور بالرضا ولذة المشاهدة. فحسب قهوجي، لا يمكن بعد اليوم فصل الأذن عن العين والعكس بالعكس.

واعتبر أن بعض الفنانين من الماضي قاموا بمحاولات في هذا المضمار، ولكننا اليوم لا نستطيع أن نمر بقربه، بل علينا أن نلمسه ولو كنا أحيانا نقترب كثيرا أو نبتعد قليلا عن المطلوب. وأكد قهوجي أن الفنانين الذي يجيدون اليوم هذا النوع من العمل الفني هم أقل من عدد أصابع اليد الواحدة. وتعتبر الفنانة اللبنانية مادونا إحدى المطربات اللاتي حاولن في حقبة ماضية تقديم العمل الاستعراضي في إطلالاتها على المسرح أو على التلفزيون وكانت تصر أن تقدم لوحات فنية تعتمد على أزياء استعراضية ترتديها وترافقها مجموعة من الراقصين.

وصرحت أكثر من مرة أنها الوحيدة التي أجادت هذا النوع من العمل الفني في أيامها وأنها اليوم لا يلفتها أي عمل استعراضي تحاول بعض الفنانات تقديمه.

وكان لدى الفنانة هيفاء وهبي محاولة مشابهة في الاستعراض الفني في بداياتها عندما كان يرافقها على المسرح عدد من الراقصين وعازف إيقاع، حتى إنها استطاعت في برنامج «الوادي» الذي عرض على شاشة «إل بي سي» منذ عدة سنوات أن تدخل عالم الاستعراض من بابه العريض في لوحات فنية راقصة شاركت فيها شخصيا فرقصت وغنت.

أما فيفيان عازار فقد اعتمدت منذ بداياتها على مجموعة راقصين يرافقونها على المسرح في حفلاتها، وعزا البعض هذا الخيار إلى حاجتها لتغطية بعض الضعف في أدائها كمغنية، مما يجعل مشاهدها لا يركز فقط على صوتها بل ينشغل بالتابلوهات الراقصة التي ترافقها، سواء في المهرجانات التي شاركت فيها أو إطلالاتها التلفزيونية. وتعتبر ميريام فارس الوحيدة حاليا التي استطاعت إثبات حرفيتها في هذا المجال بعدما اختيرت للقيام بتمثيل فوازير رمضان فتركت صدى طيبا لدى جمهورها، خصوصا أنها منذ صغرها تابعت دروسا في الرقص الأمر الذي سهل عليها مهمتها كمغنية استعراضية، فقدمت، حسب ما ذكره النقاد والقيمون على البرنامج، لوحات صعبة وناجحة في الوقت نفسه.

أما مايا نعمة، نجمة برنامج ستار أكاديمي في نسخته الثالثة، فهي تصر على القيام بهذا العمل على أصوله. فهي إلى جانب كونها راقصة باليه من الطراز الأول ومغنية وعازفة على عدد من الآلات الموسيقية، مصممة لأعمال استعراضية قدمتها منذ بداية مشوارها حتى اليوم. فهي لقبت بـ«فراشة الأكاديمية» عندما كانت واحدة من طالباتها نظرا لإجادتها الرقص بخفة واحتراف.

وحاليا ترفض القيام بأي حفلة غنائية لا تتم فيها الموافقة على اصطحاب فريقها الراقص معها الذي يتألف من 8 راقصين، وتقول: «ليس من السهل القيام بالعمل الاستعراضي فهو مجموعة من العناصر الفنية المتكاملة مع بعضها البعض، وعلى من يريد تقدميها أن يجيد الرقص والعزف والغناء والتعبير في حركات جسده وهذا كله يلزمه العلم والمثابرة في الاطلاع على كل جديد في هذا المجال». وتضيف: «لا أعتقد أن هناك غيري من الفنانات اللاتي يتمتعن بكل هذه المواصفات، ولذلك لا أخاف من الخطوة التي أقوم بها، خصوصا أن سلاحي هو الثقافة الفنية بكل ما للكلمة من معنى». وتجد مايا أن هذا النوع من الأعمال هو أكثر ما بحاجة إليه قوة في الإنتاج فهي عندما تعاقدت مع شركة «Star system» أصرت على تقديم الفن الاستعراضي، وكانت تضطر إلى أن تدفع تكاليفه من جيبها الخاص لأن الشركة غير مؤهلة لذلك، وتقول: «الغرب سبقنا كثيرا في هذا المجال، وأنا أتابع أعمال الفنانات الغربيات أمثال بريتني سبيرز، وبيونسي، وسيلين ديون وغيرهن، وسأحاول أن أقدم الأفضل في هذا المجال».

ومايا التي تعطي دروسا في الرقص بأنواعه في مدرسة خاصة بها في بلدتها في صور تحضر بعد عدة أشهر لافتتاح مبنى جديد سيكون ملكها وتعطي صفوفا في فن الرقص على أنواعه مثل «الباليه» و«البريك دانس» و«الهيب هوب» والـ«Salsa» والرقص الشرقي. وتنوي استقدام مصممي رقص عالميين في المستقبل يشرفون على صفوف الماستر في مدرستها. وتؤكد أن الأشخاص الذين يهوون مشاهدة هذا النوع من العمل ليسوا من الشباب اللبناني فقط بل ومن غير الشباب الذين تتراوح أعمارهم ما بين الـ30 والـ40 عاما والذين يجدون في هذا الفن إبداعا في حد ذاته ويذكرهم بالأيام الخوالي التي كانوا يشاهدون فيها أعمال فنانين أوروبيين أمثال كلود فرنسوا الذي اعتمد الاستعراضات في إطلالته الغنائية.