جوليان مور: ما أريده إجادة دوري.. والجمهور قرار لا أتخذه أنا

الممثلة الأميركية لـ «الشرق الأوسط» تحدثت عن صعوبة أدوارها

جوليان مور
TT

حين أعلنت جمعية المخرجين الأميركيين نتائجها في الأسبوع الماضي مانحة البريطاني توم هوبر جائزة أفضل إخراج عن فيلمه «خطاب الملك»، وهو الفيلم الذي يبدو أنه سيكتسح الأوسكارات أيضا. تردد أن المخرج البريطاني الأصل أيضا كريستوفر نولان، صاحب «استهلال» عبر عن استيائه من النتيجة. فالجائزة يمنحها مخرجون من أبناء المهنة، مما يوحي بأن نفس هؤلاء سيقررون مصير المنافسة على الأوسكار أيضا.

طبعا لا يمكن التفريق بين المشاعر الشخصية التي تتوالد في ذات كل من لا يفوز في ما تمناه، عن المصلحة، فنية كانت أو مالية أو معنوية. كل ما في الأمر أن البعض يخفي تلك المشاعر من البعض الآخر. ومؤخرا حينما أعلنت الأكاديمية قائمة الأفلام الوثائقية المرشحة للأوسكار، ثار مخرج أحد الأفلام التي لم ترشح، وهو ديفيز غاغنهايم، خصوصا أن فيلمه «بانتظار سوبرمان»، نال إعجاب نقاد كثيرين. لا نعرف خلفية التصويت، لكن بعض الصحافيين يتحدث عن أن فيلمه تم تجاوزه لأنه يميني النزعة وأن هناك «مكارثية» معكوسة هذه المرة (أي يسارية، عوضا عن أن تكون يمينية كما شأنها في الأربعينات)، تتحكم بهوليوود. ما هو مثير أن معظم النقاد مدح الفيلم، وهم أكثر ليبرالية ويسارية من أعضاء الأكاديمية. لنقول إنها واحدة من المعضلات التي لا حل لها.

صفقت جوليان مور بحرارة لصديقتها الممثلة آنيت بانينغ حين اعتلت المنصة لاستلام جائزة الـ«غولدن غلوب» عن دورها في «الفتيان بخير»، وهو فيلم تناصفت الممثلتان بطولته بالتساوي. وفي حين أن جوليان تم ترشيحها لتلك الجائزة ولم تنلها، فإن أعضاء الأكاديمية وجدوا أنهم أكثر انجذابا لأداء آنيت بانينغ، مما استدعى ترشيحها وحدها، كما شهدت الترشيحات الرسمية المعلنة. هذا لا يعني أن إحداهما، جوليان أو آنيت أفضل من الأخرى، فكلتاهما مثلت شخصيتها بذلك القدر الكبير من التسامي والكياسة، وأبدتا قناعة في المواقف العاطفية لكونهما تمثلان شخصيتين لامرأتين تعيشان معا وتكونان أسرة. الحيز الفاصل الذي من الممكن أن يكون السبب وراء ترشيح آنيت وإهمال جوليان هو أن آنيت ستعاني في الفيلم معضلة لم تكن في الحسبان.. إمكانية أن تقع جوليان في حب زوجها السابق من جديد.

مهما يكن، جنيفر رشحت أكثر من مرة ولم تنل ذهبية هوليوود تلك. أول مرة عن دورها في «ليالي خليعة» سنة 1997 وعن «نهاية علاقة» سنة 1999 و«الساعات» سنة 2002، وعن «بعيدا عن الجنة» في السنة ذاتها. هذه الأفلام من بين تلك التي تشهد بملكيتها المطلقة لموهبة شفافة وأنيقة، إذا صح التعبير.

ولدت قبل خمسين سنة وبدأت التمثيل حين كانت في الرابعة والعشرين من عمرها. وخلال سبع وعشرين سنة لمعت في أدوار اختارت كثيرا منها بدقة، لكنها جسدت معظمها بإجادة كبيرة.

* هل يمكن وصف الدور الذي أديته في «الفتيان بخير» بالدور الصعب؟

- إنه ليس من الأدوار الهينة، لكنه في الوقت ذاته ليس من النوع الذي يتطلب جهدا بدنيا أو حتى فكريا. إنه مثل الفيلم سهل وفي الوقت ذاته دقيق. تعرف بالطبع أنه يتحدث عن علاقة مثلية بين امرأتين تعيشان معا وإذا ما كان في الأمر صعوبة هو تقديم تلك العلاقة في صورة طبيعية لا تتخذ منها موقفا ما. لا أعتقد أن هناك موقفا في الفيلم مع أو ضد تلك العلاقة، لأن الفيلم يتبنى حكاية كوميدية واجتماعية أكثر مما هي دراما تدعو للتأمل، أو لديها رغبة في تقديم رسالة كبيرة.

* لكن الفيلم يتبنى الدعوة للنظر إلى هذه العلاقة على نحو طبيعي.

- صحيح، لكنه لا يتحدث عنها كحالة استثنائية تحتاج إلى تبرير أو إلى انتقاد. الفيلم هو قصة كغيرها من القصص، لكن حدث أنها مبنية حول علاقة بين امرأتين إحداهما قد تسترجع ذكريات قد تعود على هذه العلاقة بالضرر. وأعتقد أن كوني وآنيت بانينغ امرأتان طبيعيتان الميول، ساعدنا على تكوين نظرة ساخرة حيال دورينا. لا أدري إذا كان ذلك صحيحا بالنسبة لآنيت أو لا، لكنه صحيح بالنسبة لي.

* ما كان رد فعلك الحقيقي حين فازت بانينغ بالـ«غولدن غلوب»؟

- فرحت لها كثيرا. إذا كانت هناك امرأة واحدة في القاعة تستحقها فهي آنيت. أكن لها تقديرا واحتراما كبيرين جدا. إنها ممثلة حاضرة دائما لكي تخدم الفيلم الذي فيه جيدا.

* أحد أفلامك الأخيرة كان «كليو»، وهو أيضا تضمن مشهدا أنثويا مثليا. هل هناك علاقة بين اختيارك التمثيل في هذين الفيلمين؟

- اخترت تمثيل «الفتيان بخير»، لأنني أعجبت بالسيناريو وبالشخصية، وكنت أتطلع لمعرفة من ستؤدي الشخصية أمامي.

* تقصدين أنه تم اختيارك للدور قبل اختيار آنيت بانينغ؟

- بالأحرى قبل أن تعلن موافقتها، لأني أعتقد أن المخرجة ليزا شولودنكو بعثت إلينا بالسيناريو في وقت واحد. السيناريو مكتوب بذات العناية والسلاسة التي تم بها تحقيق الفيلم. إنه تماما كما كتب. لكن «كليو» كان مشروعا مختلفا كثيرا. لا أدري إذا شاهدت الفيلم لكنه كان في المرتبة الأولى فيلما تشويقيا. مشهد الحب جاء خلال سياق موقف داهم بطلته، فهي ليست مثلية.

* ذلك الفيلم كان ثاني فيلم كندي لك خلال ثلاثة أعوام، قبله بالطبع «عمي» عن رواية جوزي ساراماغو المعروفة.

- كان فيلما شائكا: أنت المبصرة الوحيدة في مجتمع كامل.

المخرج فراناندو مايريليس، قال لي إثر تمثيلي أحد المشاهد: «لم أكن أعلم أن المشهد سيكون عاطفيا إلى هذا الحد». أعتقد أنه حمله الكثير من الرغبة في أن يمنح موضوعا هو في الأصل خيالي، الكثير من الصدق.

* ذلك الفيلم كان داكنا لدرجة أنني تساءلت كيف كانت حال التصوير خلاله؟ كيف كانت الحال وراء الكاميرا؟ متجهم أيضا؟

- أعرف ما تقصد. أتذكر أنني سئلت هذا السؤال من قبل، لأنه سؤال محق مع هذا الكم من الجدية البادية. لكنني أستطيع أن أقول لك إننا لم نجلس ونبكي طوال الوقت (تضحك). كنا مجموعة متآلفة ومتعاضدة.

* لم يحقق الفيلم أي نجاح يذكر. ماذا يكون شعورك حين لا يحقق فيلم صرفت عليه كل هذا الجهد نجاحا ما؟

- النجاح الحقيقي للممثل هو إجادته لدوره. لا أعتقد أن الممثل مسؤول عن كيف يستقبل الجمهور الفيلم.

* صحيح؟ لكن على الأقل هناك إحساس ما قد ينتابه. ربما حبه في أن يحظى الفيلم بالاهتمام.

- هذا صحيح، لكن حين لا يقبل الجمهور على فيلم، فليس بالإمكان سوى قبول الواقع والتفكير بالعمل المقبل. ليس هناك شيء يستطيع أي أحد فعله. بعض الممثلين يهتم جدا بالنجاح، لأنه خطط لنفسه طريقا مبنيا بكامله على هذا النجاح، وأنا لا أخطئه. فقط أقول إنني لست مهتمة بهذا الجانب، ربما هذا هو خطأ. ما أريده هو إجادة دوري والجمهور موجود دائما، ولو أنه ليس بنفس الإقبال وهذا طبيعي.

* في أي مرحلة من العمل تكونين مشاعر خاصة حيال العمل؟ هل حين تقرأين السيناريو أو حين تبدأين التحضير؟

- في الناحيتين. بعض السيناريوهات لا تجذبني مطلقا وبعضها أرفضه للتو، لكن من بينها ما أقوم بتمثيله، لأن هناك سببا مختلفا في كل مرة. أحيانا الشعور بأن هناك نقاطا مثيرة للاهتمام. لذلك بعض المشاعر تتكون لاحقا حين أبدأ التحضير الفعلي للدور. كل ممثل، على ما أعتقد، يصل إلى النقطة التي عليه فيها أن يتبنى شعوريا ما يقوم به وإلا جاء عمله فيه سطحيا. ألا تعتقد؟

* تماما. هل تتحدثين عن الدور أمام أفراد عائلتك؟ مع أولادك مثلا؟

- أحيانا. لكني اكتشفت أن الأولاد عادة لا يكترثون لما يقوم به أولياء الأمور من أعمال. ربما لحاجتهم للانفصال (تضحك). أطفالي يعلمون أنني ممثلة، لكني قليلا ما أسمع منهم رأيا في ما أقوم به، لسبب بسيط: هم يحبون أنواعا أخرى من الأفلام لا أمثلها. أفلامي للناضجين، وأفلامهم للصغار. أحيانا إذا ما مثلت واحدا منها شاهدوه. واحدة من بناتي تريد أن تصبح طبيبة بيطرية. من الآن تقول إنها تعرف ما تريد.

* تحدثت قبل قليل عن جانب من العلاقة بين الممثل والجمهور كما ترينها. حين تمثلين، هل تريدين من الجمهور أن ينفعل أو تمثلين بمنأى عنه؟

- أفكر في دوري وتمثيلي أولا. الجمهور قرار لا أتخذه أنا. ما علي القيام به حين قبولي الدور هو تمثيل الدور على أفضل وجه. ليس لأنني لا أكترث للجمهور، لكن طريقتي في التفكير به هو أن أقدم دوري جيدا.