خالد الصاوي: لا يشرفني التعامل مع فنانين استُخدموا في تضليل الشعب

قال لـ «الشرق الأوسط» إنه يقوم بتأسيس حزب سياسي يقوم على فكرة الدولة المدنية

خالد الصاوي
TT

عرف خالد الصاوي بآرائه المعارضة الحادة، ومواقفه السياسية البارزة الواضحة. وخلال دراسته كان أحد القيادات الجامعية التي كانت لها مواقف واضحة تجاه النظام، بل كان من أهم الكوادر السياسية بالجامعة من خلال نادي الفكر الناصري وجمعية الدراسات العربية.. إلى جانب أعماله المسرحية التي عرضت في تلك الفترة.

ويعد الصاوي أحد أبرز الوجوه الفنية التي وجدت بميدان التحرير أثناء أحداث ثورة 25 يناير منذ بدايتها، وحتى أعلن الرئيس السابق حسني مبارك تنحيه. وفي حواره مع «الشرق الأوسط» من القاهرة أكد الصاوي أن الثورة المصرية أتمت فصلها الأول فقط، وفي انتظار تنفيذ بقية مطالبها.. ودعا إلى محاسبة بعض الفنانين على تصريحاتهم المسيئة للثورة، دون تصفية حسابات شخصية.. وتمنى في الوقت ذاته ألا يقابل أيا منهم في أعمال فنية مستقبلا. فإلى نص الحوار..

* كأحد المشاركين فيها، كيف ترى ثورة 25 يناير؟

- هي انتفاضة شبابية تحولت بسرعة إلى ثورة شعبية شاملة.. واتسمت بهيمنة للطبقة الوسطى بشكل أساسي، ولكن خلال أيامها الأخيرة تجاوزت الطبقة الوسطى وانضمت إليها الطبقة العمالية. فالثورة خلقت قيم النضال والتضامن والتكافل الاجتماعي الديمقراطي في كل مصر، مجتمع يتشارك دون النظر إلى جنس أو دين أو مال.

* لماذا يصر الإعلام على أنها انتفاضة شبابية؟

- تسميتها بثورة الشباب فقط تقليل من شأنها، وتقليل من دور الشباب القوي العظيم الذي أشعل نار الاحتجاجات والتظاهرات حتى صارت ثورة شعبية. ولا ننكر أنهم من أشعل الشرارة الأولى للثورة، فالشباب يعتبر رأس حربة للمجتمع الذي يعيش فيه. ثم بعد ذلك نزل الرجال والنساء في جميع المراحل العمرية للشارع، وإجلالا لهذه الثورة لا بد أن «نبطّل» كلمة «ثورة الشباب».

* هل أنت راض عن مصر بعد الثورة؟

- الثورة لم تنته حتى الآن من وجهة نظري حتى نقيم الأفراح ونحتفل بها، فهي ما زالت تخطو خطواتها الأولى. فلا بد من العمل على تحقيق أهدافها كاملة وهي واضحة للجميع، لكن في كل الأحوال مصر أفضل بكثير من الفترة السابقة.

* ومتى نحتفل بنهاية الثورة؟

- بعد تنفيذ عدد من الأشياء، أولا أطالب بمحاسبة كل من قمع الناس محاسبة قانونية، وعلى رأسهم ضباط الشرطة الذين قاموا بضرب الجمهور. وليس من شأني إذا كان ضابطا كبيرا أو صغيرا، وبالتحديد الذين تسببوا في إعاقات للمتظاهرين وموتهم. وكذلك كل من شارك في فساد أو حاول إفساد الثورة لا بد أن يعاقب معاقبة صارمة، بالإضافة إلى كل الفاسدين بجميع المجالات السياسة والإعلامية.

ثانيا إلغاء قانون الطوارئ فورا. ثالثا إعادة هيكلة وزارة الداخلية، وبالذات أمن الدولة والأمن المركزي. رابعا تنشيط اللجان الشعبية بشكل متطور، في صورة لجان أحياء تكون بذرة للحكم المحلي والبلديات مستقبلا.. ويتم التنسيق بينها وبين الشرطة في كل حي عبر مرحلة مؤقتة يوجد بها ضابط اتصال من الجيش لضمان عملية التعاون بين الشرطة والأهالي.

* هل أنت مؤيد لفكرة كثرة عدد الأحزاب؟

- بالتأكيد.. فمن حق أي شخص أن يقوم بإنشاء حزب. فهي خطوة إيجابية والاختيار يرجع إلى الشعب. وأنا الآن أقوم بتأسيس حزب سياسي باسم «حزب التحالف الشعبي»، بالاشتراك مع مجموعة من الأدباء والفنانين، يتحدث عن الأفكار التي أؤمن بها.. وأهمها اليسارية التي تضم الليبرالي والثوري، مع العدالة الاجتماعية التي تقوم على عدم التمييز بين المواطنين لأي أسباب، وسيقوم الحزب على أساس الدولة المدنية.

* لماذا كنت ضد الحكومة السابقة برئاسة الفريق أحمد شفيق؟

- لا يوجد أي سبب لوجود هذه الحكومة، فهي جاءت في ظروف وكيفية معينة. ورئيس الوزراء أقسم اليمين أمام الرئيس السابق، فلماذا يفرض على الشعب وزارته؟ وبالمناسبة مشكلتي ليست الوزارة، ولا يجب أن يؤخذ حديثي على محمل شخصي، ولكن مشكلتي هي الحزب الوطني.. ولا بد أن يصدر قرار بإلغائه والتحقيق مع القائمين عليه.

* وما رأيك في الحكومة الحالية برئاسة عصام شرف؟

- لا بد من إعطاء مهلة لحكومة المهندس عصام شرف لتنفيذ مطالب ثورة 25 يناير.. وما دام تم إسناد الوزارة إليه، وهو مدعوم بتأييد كبير من الشارع، وعلى دراية بالمطالب الملحة، فلنعطه فرصة ونطالبه بجدول زمني محدد ونحن موجودون لدعمه في مواجهة أفاعي وعقارب النظام السابق، وإن لم تأت حقوقنا إلينا سنذهب نحن إليها.

* هل أنت مع محاكمة الرئيس السابق؟

- وقت الثورة كنت من أشد المؤيدين لهذه الفكرة، لكن بعد نجاح الثورة قمنا بعمل إحصائية ووصلنا إلى الكتلة الغالبة التي رفضت محاكمته.. فاستجبت لرأي الأغلبية.

* ما تصورك للرئيس القادم لمصر؟

- لا يشغلني اسم الرئيس القادم بقدر أن تكون مصر جمهورية برلمانية.. تفكيري في بناء قاعدة ترسخ للديمقراطية والنزاهة والحرية، ورئيس الجمهورية يمثل فيها الرمز ومركز التوازن.

* ما رأيك في موقف الفنانين أثناء اندلاع ثورة 25 يناير؟

- الثورة بدأت يوم 25 يناير، وتم إلقاء القبض على مجموعة كبيرة من المتظاهرين وإطلاق النار عليهم سواء في القاهرة أو الأقاليم.. ويوم 26 لم تتحرك أي من النقابات، فقمت بدعوة الفنانين وإصدار بيان باسم «فنانون مع الشعب»، ونظمنا وقفة احتجاجية في مقر المهن التمثيلية.

ولكن العديد من الفنانين سكتوا.. وبعضهم حينما تحدثوا، وخاصة في يوم 2 فبراير، استُخدموا في تضليل الشعب، مثل الإعلام المصري. ولم يكتفوا بموقفهم المتخاذل لكن قاموا بتزوير الحقيقة، بل والتحريض على قتل المتظاهرين أيضا!! ولا يشرفني أن أتعامل معهم على المستوى الشخصي في أي عمل فني مستقبلا، «مش هاقدر استحمل إني أقف قدامهم أمام كاميرا واحدة»، ومجالس النقابات لا بد أن تسحب الثقة من كل الفنانين الذي تورطوا في ذلك. وهذا ليست له علاقة بالحجر على الحرية، ولكن المحاسبة عن أفعال أدت إلى التعرض إلى الموت.

* ماذا عن القوائم السوداء؟

- أنا مع القائمة السوداء بالتأكيد، ولا بد أن تكتب بشكل جيد وتتضمن كل الذين أساءوا للثورة.

* لماذا رفضت تولي منصب مدير البيت الفني للمسرح؟

- كيف أرفض ولم يتم عرض المنصب عليّ من الأساس؟ هذه مجرد شائعة، لا أعلم مصدرها.. وعلقت على «فيس بوك» عندما قام البعض بتهنئتي: «كيف أقبل بمنصب في نظام أريد إسقاطه»!

* وبعد إسقاطه هل من الممكن أن تقبل بالمنصب؟

- عندما يتحقق حلمي بالدولة البرلمانية، من الممكن أن أقوم بالترشح في البرلمان. وليس لدي أي مانع أن أنوب عن الشعب في حالة وجود ديمقراطية وانتخابات نزيهة.. وأفضل الوجود في موقع مؤثر في القاعدة أكثر من القيادة، ولا أتردد عن الموافقة على القيام بأي دور في أي موقع خدمي.. ومشاركتي السياسة مبنية على النيابة عن الشعب.

* لماذا ترفض وجود الرقابة على المصنفات الفنية؟

- لا يصح أن يوجد موظفون يتقاضون رواتبهم لكي يحددوا للمشاهد ما الذي يشاهده من أعمال فنية!! ولكن من الممكن أن يتم ربط مشاهدة الأعمال بشرائح عمرية.. وفي حالة وجود موضوعات شائكة، يتم تشكيل لجنة موسعة من المثقفين، ولا تتبع السلطة، للنقاش مع المبدع وللوصول لحل يرضي الطرفين في شكل ديمقراطي وليس بشكل سلطوي.

* ماذا عن فيلم «الفاجومي»؟ وهل يتطرق إلى الأحداث الحالية؟

- فيلم «الفاجومي» يدور في الفترة من عام 58 إلى عام 1978، عن حقبة تاريخية لا علاقة لها بالأحداث الحالية.. وباقٍ في تصويره ستة أيام فقط.

* ولماذا رفضت المشاركة في عمل يتناول ثورة 25 يناير؟

- تم تفسير حديثي بشكل خاطئ.. حيث قلت إنني سأوافق على المشاركة في عمل يجسد الثورة، بشرط أن «يأخذ وقته، مش سلق بيض».. وأن نجهز له بشكل جيد حتى يؤرخ لثورة 25 يناير بصورة مناسبة.