عمرو واكد لـ«الشرق الأوسط»: أنا مع وضع دستور جديد من الألف إلى الياء

قال إن لديه قائمة سوداء.. وإن اتهامه بالتطبيع كان مؤامرة من النظام السابق

الفنان عمرو واكد («الشرق الأوسط»)
TT

أكد عمرو واكد أن شعوره الوطني ولد في ليلة 23 يناير (كانون الثاني)، عندما قرر أن يشارك في مظاهرات مصر في يوم 25 من يناير لإحساسه أن «الموضوع جدي هذه المرة».. واكد الذي شارك في الثورة المصرية من بدايتها، وظل موجودا بفاعلية لنهايتها، أطلع «الشرق الأوسط» في القاهرة عن رأيه في المتغيرات التي يشهدها الشارع المصري كفنان ومواطن وثائر.. في الحوار التالي..

* هل من الممكن أن تقدم المؤسسة العسكرية مرشحا للرئاسة في الانتخابات المقبلة؟

- أعتقد أن ذلك احتمال بعيد، فالقوات المسلحة كيان متصل بالشعب وتحكمها آيديولوجية وطنية، ودورها هو حماية مصر والدفاع عنها، ولا توجد بها آيديولوجيات سياسية.. ولذلك فهي تستجيب وتساند مطالب الشعب في التحول إلى حياة مدنية ديمقراطية. وأتمنى أن يمد الجيش فترته الانتقالية من 6 أشهر إلى عام ونصف.

* ترفض الحكم العسكري وتريد مد فترته الانتقالية إلى عام ونصف؟

- 6 أشهر ليست فترة كافية لكي نقيم نظاما متكاملا، خاصة أن الشعب يفتقر إلى الثقافة السياسية التي حرمه منها النظام السابق.. ولذلك، فإن قصر المدة سيؤدي إلى خروج نظام جديد يشبه النظام السابق.. ولكن لو امتدت الفترة الانتقالية، فسوف يتيح ذلك فرصة للأحزاب والقوى السياسية التي برزت بعد الثورة وتمثلها كي تنضج وتباشر دورها في إقامة حياة سياسية سليمة.

* لماذا يطلق على الثورة «ثورة شباب 25 يناير»؟

- الذي أطلق على الثورة هذا الاسم يريد أن يفقد الثورة شرعيتها، لأنها في الأساس ثورة شعب بأكمله.. فالمجتمع بكل أطيافه خرج إلى الشارع، من نساء وأطفال وشباب وشيوخ. ومن الطبيعي أن يكون الشباب في الصفوف الأولى كما هو متبع في كل الثورات السابقة.

* هل كان لك دور سياسي قبل 25 يناير؟

- لا.. لم يكن عندي ميول سياسية، ولكن كانت عندي أفكار وآراء سياسية. ولكني لم أكن أتحدث عن تلك الأفكار، لأن الحرية الحقيقية كانت غائبة، إلا مرة واحدة عندما طلبت مني إحدى الصحف أن أكتب مقالا.. فهاجمت الحكومة لأنها تبني الجدار الفولاذي بيننا وبين الإخوة الفلسطينيين، وتهمش دور مصر في القضية من أجل نيل رضا أميركا وإسرائيل.

* هل ترى أن إسرائيل قلقة مما حدث في مصر؟

- بالتأكيد، أرى أن إسرائيل قلقلة للغاية مما يحدث، لأنها لا تحب أن يكون للشعب دور في الحياة السياسية في مصر.. لأنها تعرف الشعب المصري جيدا، وتعرف أنه إذا تركت له المساحة لكي يعبر عن نفسه، وكانت القيادة معبرة عنه، فسوف يمثل ذلك خطرا على إسرائيل ومصالحها في المنطقة كلها.. وكذلك الثورات التي تحدث الآن في المنطقة العربية تزعزع الأمن في إسرائيل، فهذه الدول قريبة منها وتعتبرها إسرائيل عدوا لها.. ولذلك فهي قلقة من هذه الثورات لأنها من الممكن أن تخلق مناخا جديدا مناوئا لإسرائيل.

* اتهمت أنت شخصيا بالتطبيع مع إسرائيل، فما تعليقك؟

- نعم حدث ذلك، وكانت هذه مؤامرة من النظام السابق.. فعندما كنت أشارك في عمل عالمي فوجئت أثناء التصوير بوجود ممثلة إسرائيلية، ولم يكن لدي فرصة للانسحاب بسبب الشرط الجزائي الباهظ في العقد.. وتناول الإعلام المصري، الموجه من النظام، الخبر بشكل مستفز ومسيء، حيث أرادوا أن يبلغوا رسالة إلى العالم مفادها أن الفنانين المصريين يتعاملون مع الكيان الصهيوني ويؤيدون التطبيع.

* لماذا تقول إنها مؤامرة ضدك من النظام؟

- كل الشواهد تؤكد على ذلك.. وعندما حاولت أن أرد على تلك المؤامرة، وأن أوضح وجهة نظري المناوئة لإسرائيل في أحد البرامج بالتلفزيون المصري الحكومي، رفضوا أن أقول وجهة نظري.. بل وأرادوا أن أؤكد العكس، وأن أتكلم عن التطبيع مع إسرائيل وفقا لاتفاقية السلام معهم.

* هل تفكر في المرحلة المقبلة في الانضمام إلى حزب معين؟

- الحقيقة لا أريد الانضمام إلى أي حزب، وأنا لا أحب ممارسة السياسية، وأفضل أن أرى الصورة من بعيد. وفي الأساس أنا فنان، وهناك كثيرون أفضل مني لتمثيل الأحزاب من محترفي لعبة السياسة.. وأرى أن دور الفنان يجب أن يكون لصالح الشعب قبل أن يكون لأي حزب.

* هل ترى أنك أخذت تقديرك الكافي كفنان؟

- أرى أنني محظوظ لأنني لم أحصل على حقي حتى الآن.. لأنني لو أخذت حقي في ظل النظام السابق وتوهجت في ظله، لشعرت أنني ألمع في وسط فاسد، وربما اضطررت لاتباعه رغما عني. وأرى أن السينما في أزمة، لكني أعتقد أن المستقبل سيكون أفضل بعد الثورة، وسوف نتخلص من فكرة الاحتكار في سوق العرض لأنه سوف يتفتت تدريجيا.

* هل أنت مع التعديلات الدستورية؟

- لا.. أنا مع وضع دستور جديد من الألف إلى الياء.. حيث إنني لست مع ترقيع الدستور. ولا أعتقد أن ذلك يستغرق وقتا طويلا كما يقول البعض، فمن الممكن أن نستعين بمواد من الدساتير القديمة التي تعبر عن التغيير الذي شهدته مصر بعد ثورة 25 يناير.

* يقال إننا أسقطنا النظام دون نظام آخر واضح.. ما رأيك في هذه المقولة؟

- أنا ضد هذه المقولة، لأنني أرى أننا بالفعل عندنا نظام آخر وكوادر مؤهلة لإدارته.. ولا يعني وجود الفساد على رأس كيان أن هذا الكيان كله فاسد، ولكن فساد أصحاب القرار يطغى دائما على الكيان ككل.

* هل تفكر في المشاركة بعمل عن الثورة؟

- طبعا أتمني أن أشارك في عمل عن الثورة، ولكن لا بد أن يأخذ وقته.

* هل كنت تتابع ردود فعل المجتمع الدولي أثناء الثورة؟

- نعم بالطبع تابعت ردود الفعل ووجدت أن بعض رؤساء الدول ساندوا مبارك في البداية اعتقادا منهم أن الأمر بسيط، وحركة الانقلاب سوف يتم التعامل معها.. ولكن أفضل تعليق أعجبني، ولا أتذكر تحديدا من قاله، هو أن «ما يفعله الشعب المصري الآن شيء عادي، فهو دائما ما يكتب أو يغير التاريخ».. فقد أشعرني هذا التعليق بالفخامة والعظمة.

* ولماذا ترفض الرقابة على المصنفات الفنية؟

- لا بد أن ينتهي عصر الرقابة والخضوع لأي إملاءات على العمل الفني.. فلا أقبل أن يفرض علي شيء لكي أفعله، فهذا يصادر الأفكار المختلفة والجديدة. وهذا ما أتمناه، وأقول للرقابة: «أنت مالك تحكم على أخلاقي ليه؟!».

ولكن هذا لا يمنع من أن يكون لكل مرحلة سنية ما يناسبها، وهذا ما أفعله ما ابني طلال.. فكل مرحلة عمرية لها أفكار وأعمال.

* هل لديك قائمة سوداء لثورة 25 يناير؟

- نعم أنا عندي قائمة سوداء خاصة بي فقط، وأرى أن الرئيس السابق على رأس هذه القائمة، والفنانون الذين هاجموا وحاولوا تشويه الثورة وتآمروا على شباب التحرير، فيجب أن يحاكموا.. وكذلك الصامتون الذين لم يقولوا آراء أثناء الثورة وانتظروا إلى ما ستنتهي إليه حتى يحددوا وجهتهم وفقا لمن سوف ينتصر.

* لماذا كتبت في صفحتك على «فيس بوك»: «ربنا ينتقم من الفنانين المدعين»؟

- بعد أن رأيت الموت بعيني وعاصرت ما حدث في ميدان التحرير، فوجئت بأشخاص «يركبون الموجة» ويدعون أنهم من الثوار في حوارات وأغنيات عن الثورة!! فعبرت بذلك عن رأيي في أن أصحاب هذه التصرفات يجب أن يكفوا عن ذلك.

* كيف ترى مستقبل مصر في الفترة المقبلة؟

- أنا متفائل للغاية، وأرى أن الناس كسرت حاجز الخوف.. ولدينا شباب مبشر بالخير، والشعب بدأ يسترد حقوقه السياسية.. وخطوة بخطوة سوف نحقق كل ما نريد.