كتاب سيناريست مصريون: الثورة أنهت عصر التفاهة وستفرض روحها على الأعمال الدرامية

تخوفوا من سحب البساط لصالح الدراما العربية

TT

تواجه الدراما التلفزيونية المصرية حاليا مأزقا عسيرا، خاصة بعد انسحاب الكثير من المنتجين من أعمال تعاقدوا عليها، إضافة لعدم وضوح خريطة التلفزيون المصري للإنتاج هذا العام، وهم أهم جهات الإنتاج، كما أن أغلب المسلسلات ذات مغزى ضعيف ولن تحظى بأي نسبة مشاهدة محترمة، خاصة بعد اندلاع ثوره 25 يناير (كانون الثاني).

هذا المأزق كان طاولة حوار شارك فيها 20 منتجا في شكل اجتماع عاجل لمناقشة المسلسلات الدرامية التي ستنتج، وتم خلال الاجتماع الاتفاق خلال على إنتاج 10 مسلسلات فقط، ووقعوا بيانا بذلك.

«الشرق الأوسط» تحدثت إلى كبار مؤلفي الدراما المصرية، حيث أجمعوا على أن «عصر التفاهة والعري انتهى، ولن يقبل به المشاهد المصري مرة أخرى، مع توقعهم بأن الأعمال الدرامية العربية ستلقى رواجا هذا العام لدى المشاهد المصري على حساب الدراما المصرية».

المؤلف بشير الديك رحب بوجود الدراما العربية على الساحة المصرية، مؤكدا أن العمل الجيد يفرض نفسه إذا توافرت فيه كل عناصره الكتابية والإخراجية والتمثيلية. واعتبر الديك أن رمضان معرض مهرجان الدراما العربية، فمن حق أي أحد أن يعرض فيه، ويقول عن العرض التلفزيوني لرمضان، دائما ما يسبب مشكلة حقيقية لدى القائمين على الصناعة، وبالأخص هذا الموسم، فالوقت اقترب والمواضيع التي كتبت لا تناسب الحدث، لأن ما حدث على أرض الواقع من مواضيع يصعب تجسيدها، خاصة الأعمال التي بدأت التصوير، فأعتقد ستقع في أزمة حقيقية بسبب أحداثها البعيدة عن الحالة التي يعيش فيها الشعب، ومن بين هذه الأعمال مسلسل «سمارة» الذي تقوم ببطولته غادة عبد الرازق، ويرى أن إنتاج عدد قليل من الأعمال ليس مأزقا، قائلا طول عمرنا من سنوات ماضية كنا نعرض 10 مسلسلات فقط وهذا أمر طبيعي وليس غريبا.

وعن رأيه في عمل درامي يجسد الثورة لرمضان المقبل، رفض وجود عمل عن الثورة، وقال الثورة، لم تنته بعد، لكن ممكن أن نعمل حلا بديلا، أن توجد أعمال تجسد روح الثورة كما كان يقال على روح أكتوبر من قبل، فأنا أرى الثورة الآن يتم المتاجرة بها «بالهبل» وتشن عليها حرب رهيبة ونحن نحتاج إلى عامين كاملين على الأقل لتجسيد ثورتنا العظيمة في عمل درامي.

واتفق معه المؤلف أيمن سلامة في إعادة النظر من قبل المؤلفين في أعمالهم التي كتبت كي تناسب المرحلة الجديدة بعد الثورة، وقال سلامة إنه على المستوى الشخصي قام بإعادة صياغة عمله الدرامي «فيلا كارما» كي يناسب العهد الجديد. ويتوقع سلامة أن عدد المسلسلات المصرية سيقل هذا العام بل اختفاء بعضها، وسيسحب البساط من الساحة المصرية وتعطى فرصة للأعمال الإيرانية والسورية والتركية بل ستنعشها أكثر، وتحدث لها رواجا أكثر من المسلسلات الدرامية المصرية.

أما بالنسبة لعمل يجسد الثورة، فأكد سلامة أنه ضد عمل يجسد الثورة في الوقت الحالي، مبررا ذلك بوجود جوانب مهمة وأسرار لا نعلم عنها شيئا ولم تكتشف بعد، ومن يفكر في ذلك فهو «منافق ومتعجل».

أما الدكتور مدحت العدل فيرى أن حال الدراما المصرية تغير تماما بعد الثورة، بمعنى أن الكثير من الأعمال التي لاقت نجاحا قبل الثورة كمسلسل «زهرة وأزواجها الخمسة» من المؤكد أنه لو قدم بعد الثورة فلن يقبل عليه الجمهور، الجمهور فاق ولن يقبل أي عمل تافه مليء بالعري.

وأكد العدل أن العمل الدرامي ليس مرتبطا بوقت أو حدث محدد، حيث لو تم عرض مسلسل «ليالي الحلمية» ومسلسل «قصة حب» ومسلسل «شيخ العرب همام» التي قدمت من قبل، في رمضان المقبل ستلقى نجاحا لأنها مميزة ولديها مضمون، لكن الأعمال التي يجب إعادة النظر فيها التي تدور حول قضايا الأمن والفساد على عكس العمل الذي أقوم بكتابته الآن بعنوان «الشوارع الخلفية» وهو رواية للكاتب عبد الرحمن الشرقاوي، لن أقوم بتغيير نهج كتابته بعد الثورة فهو تدور أحداثه عن ثورة طلبة في عام 1935، أما الكلام عن أن الأعمال العربية ستسحب البساط من الدراما المصرية، فهذا ممكن أن يحدث في حالة لو قل إنتاجنا هذا العام وتقديم مسلسلات ضعيفة في المستوى.

وعلى العكس يقول المؤلف حازم الحديدي الذي خالف العدل: أرفض كلمة سحب البساط لكن أؤمن بالمنافسة، وهي منافسة مشروعة، فمن حق أي أعمال درامية مصرية وغير مصرية أن تعرض في أي وقت، لكن لو عرضت الأعمال بناء على استغلال لموقف تمر به الدراما المصرية في الوقت الحالي، فهذا تصرف صغير لا يليق بمنتجي الخليج المحترمين.

وبسؤال الحديدي عن العمل الدرامي الذي يكتبه الآن بعنوان «الريان» الذي يحكي السيرة الذاتية لرجل الأعمال أحمد الريان، قال من المؤكد تغير التناول، فقبل الثورة كنت أكتب على استحياء عن الفساد، لكن الآن أكتب بجرأة، وأكد الحديدي أن الفساد في الريان سيكون في سياق درامي، وفيه روح الثورة التي توجد داخل الشعب المصري قبل الثورة وباندلاعها جعلها تظهر وتطفو على السطح.

ويرى المنتج إسماعيل كتكت أنه لا أحد يستطيع أن يتوقع ما هو مستقبل الدراما المصرية لكن المؤكد أن الصناعة تنهار بعد ازدهارها الأعوام الماضية بفضل جهود التلفزيون المصري الحكومي، فهو الذي أنقذها كل الفترة الماضية، لكن التلفزيون هذا العام غير موجود، بالتالي سنرجع إلى الوراء.

وأضاف كتكت أن البساط قد سحب قبل عامين من الدراما المصرية من قبل الدراما التركية، لافتا إلى أن الثورة ليس لها دخل في هذا. وقال «لكني سأقوم بالإنتاج هذا العام وأقوم الآن بعمل معاينات في تونس، وأنا مع الأعمال التي تنتج عن الثورة وأفكر في إنتاج عمل يحكي ثورة 25 يناير». ويؤكد كتكت أن تأثير الثورة على صناعة الدراما سيكون واضحا في تقديم أعمال محترمة، لأن الفن مرآة الواقع وستقدم أعمال تتماشى مع المرحلة.