إلغاء الرقابة على المصنفات الفنية يثير انقسام السينمائيين بين مؤيد ومعارض

رئيس الجهاز يؤيد إلغاءه ويؤكد أنه تحمل عبء المسؤولية القانونية بدلا من المبدع

TT

طالب عدد من السينمائيين المصريين في أعقاب «ثورة 25 يناير» التي أطاحت بنظام الرئيس المصري محمد حسني مبارك، بإلغاء جهاز الرقابة على المصنفات الفنية، قائلين إن الرقابة تحد من مساحة الإبداع، ومن غير المقبول أن يظل الوضع على ما هو عليه بعد أن نجح المصريون في التحرر من النظام القمعي الذي حكمهم لسنوات. على الجانب الآخر رفض بعض السينمائيين هذا المطلب ونادوا بضرورة بقاء الجهاز ليتحمل مسؤولياته المجتمعية مع المبدع لا ضده.

وبينما لا تزال قضية دور الرقابة على المصنفات، وهي إدارة تابعة لوزارة الثقافة المصرية، تثير جدلا داخل الجهاز نفسه، اعتبرها الفنان هاني رمزي عائقا في وجه المبدع، مشيرا إلى أن السنوات الأخيرة شهدت ليس فقط تعنتا من الجهاز إنما شهدت تدخلا من الأجهزة الأمنية لـ«درجة أصبحت لا تحتمل». وطالب رمزي الذي تعرض عدد من أفلامه لاعتراضات من الرقابة، بضرورة إلغاء الجهاز قائلا، إن «(ثورة 25 يناير) يجب أن تذيب التحجر في العقول وتترك العنان للقلم أن يكتب كيفما يريد أن يكتب».

على النقيض طالب الفنان خالد صالح بضرورة بقاء جهاز الرقابة، واصفا ما يمكن أن يحل بصناعة السينما إذا ما تم حل الجهاز بـ«الكارثة». قال صالح إنه شخصيا لا يسمح لأحد من أفراد أسرته سواء ابنه أو ابنته أن يشاهدوا عملا خادشا للحياء، لذا فلا بد من الإبقاء على الجهاز الذي يمثل ضمانة للقيم العامة في المجتمع المصري، لافتا إلى أنه من غير المعقول أن يترك تحديد ما يشاهده الشباب في مصر لضمير العاملين في الحقل السينمائي وحدهم.

وعلى خلاف صالح، ترى الفنانة منه شلبي أن «ضمير المبدع» يمكن أن يكون حجر الأساس في التحكم في المعروض من الأعمال السينمائية، معتبرة أن ضمير المبدع هو «خير رقيب». شاركتها الرأي الفنانة غادة عبد الرازق التي قالت إنها عانت كثيرا من تدخل الرقابة في أعمالها بشكل كبير، وترى عبد الرازق أن حل جهاز الرقابة هو أفضل سبيل لتوفير بيئة مناسبة للإبداع والخلق، بشفافية ووضوح.

من جانبه، يطرح المخرج عمرو سلامة تصورا مختلفا لدور الرقابة، حيث يقول إنه لا بد من التخلص من الرقابة بالمعنى القديم باعتبارها سيفا على رقبة كل مبدع، والمطلوب أن يقتصر دورها على تحديد الفئات العمرية التي يسمح لها مشاهدة العمل، وهو ما يستدعي ضرورة الانفتاح على القوانين الرقابية في مختلف دول العالم.

لم يتبدل موقف المخرج خالد يوسف من هذه القضية، فهو من أكثر المناصرين لحل الجهاز حتى قبل قيام «ثورة 25 يناير»، مؤكدا أنه لا يمكن للمبدع العمل وهو يعرف أن ثمة من يقف له بالمرصاد، قائلا: «لا خيال حرا مع وجود رقيب». النجم شريف منير يرى أن وجود جهاز للرقابة ضرورة قصوى، ويقول «لا بد من الإبقاء على الرقابة حتى لا يختلط الحابل بالنابل ففي الأول والآخر نحن دولة شرقية لديها حدود ومعايير وعادات وتقاليد، ولا يمكن التكهن بما سيحدث في حال تم إلغاء الرقابة». أما الفنان آسر ياسين فقد أشار إلى أنه من المفترض بعد اندلاع «ثورة 25 يناير» أن يتم كسر كل القيود، وخاصة أن مصر أصبحت أكثر حرية وديمقراطية مما كانت عليه في ظل النظام السابق، لذا فمع هذه الحرية لا بد أن يحل جهاز الرقابة على المصنفات الفنية الذي يعد إحدى أدوات القمع والكبت في مصر. ما بدا مفارقا أن يؤيد رئيس جهاز الرقابة على المصنفات الفنية فكرة إلغاء الجهاز. هذا ما يؤكده الدكتور سيد خطاب، رئيس الجهاز، الذي يكتفي بضمير المبدع كرقيب، لافتا إلى ضرورة تحمل الفنان مسؤولية عمله. ويتابع بقوله إن عددا من الفنانين لم يصدقوا أن هذا اعتقادي لكنني مع إلغاء الجهاز.

وأشار خطاب إلى أن الرقابة تحملت خلال السنوات الماضية المسؤولية القانونية في حال رفع أحد المواطنين دعوى قضائية ضد عمل ما، بوصفها الجهة المنوط بها الترخيص بتصوير العمل، وهو ما سيتحمله المبدع في حال إلغاء الرقابة على المصنفات الفنية.