حازم الحديدي: شخصية «الريان» كلها دراما.. ولن نصدر حكما عليه في المسلسل

المؤلف المصري لـ «الشرق الأوسط» : نجاح العمل مرهون بمصداقيته

TT

يعكف المؤلف السيناريست حازم الحديدي، على الانتهاء من كتابة الحلقات الأخيرة من مسلسل «الريان»، الذي يجري تصويره بالقاهرة حاليا، ويقوم ببطولته الفنان خالد صالح، ومن إخراج شيرين عادل. المسلسل يتناول السيرة الذاتية لشخصية أحمد الريان، رجل الأعمال المصري الشهير في فترة الثمانينات وصاحب شركات توظيف الأموال، الذي شهد صعودا كبيرا في هذه الفترة وأثير حوله وحول إمبراطوريته الاقتصادية الكثير من الروايات، حتى انتهى به الأمر إلى القبض عليه ومحاكمته وسجنه لمدة 22 عاما، إلى أن تم الإفراج عنه منذ أشهر قليلة.

الكثير من الانتقادات والإشاعات رافقت المسلسل منذ بدء الإعلان عنه، وطالت مؤلفه واتهمته بالحصول على أموال لتجميل صورة صاحب القصة.

«الشرق الأوسط» التقت المؤلف حازم الحديدي في القاهرة وناقشته حول المسلسل وما يثار حوله وكيفية التحضير له، وتوقعاته لردود الفعل عند عرضه في شهر رمضان المقبل، كما تطرق الحوار إلى عدد من القضايا الفنية الأخرى.. وهذا نص الحوار:

* كيف جاءت فكرة تقديم مسلسل عن أحمد الريان في الأساس؟

- الفكرة تعود للمخرج طارق العريان، الذي طرح فكرة إنتاج مسلسل يتناول قصة حياة أحمد الريان، وذلك تزامنا مع خروجه من السجن، وبالفعل ذهب إليه ونجح في التعاقد معه، ثم قام المنتج محمود بركة باختيار المؤلف وليد يوسف لكتابة القصة، ولكنه اعتذر بعد فترة لأنه شعر بأنه لن يستطيع الانتهاء منها سريعا حتى يتم عرض المسلسل في شهر رمضان المقبل، وهنا اتصل بي بركة لكتابة المسلسل، فقمت بدوري بالاتصال بوليد يوسف وعرضت عليه العمل معا، فرحب بالفكرة في البداية ثم عاد واعتذر، وعندما علم المخرج عمرو عرفة، أحد منتجي المسلسل، بعدم ممانعتي في العمل المشترك في الكتابة، عرض عليّ مشاركة الفنان محمود البزاوي، ورحبت بذلك لأنه فنان وصديق، ومن ثم بدأنا العمل معا.

* هل يعد المسلسل سيرة ذاتية بمعناها التقليدي لحياة الريان الشخصية؟

- المسلسل يرصد المرحلة التاريخية في مصر منذ عام 1967 وحتى عام 2011، ويتطرق لحياة عائلة الريان، فالمسلسل عن قصة حقيقية، ولكنه ليس القصة الحقيقية، أي إن هناك نحو 60 في المائة من أحداثه مؤلفة، والنسبة المتبقية أحداث حقيقية تتضمن وقائع حدثت في حياة الريان منذ بداية تدشين شركة «الريان» لتوظيف الأموال، ثم محاكمته ودخوله السجن إلى خروجه منه. ما أقصده أننا تعاملنا مع المسلسل على أنه عمل درامي في المقام الأول، بصرف النظر عن كونه سيرة ذاتية، فهناك إضافات لشخصيات غير موجودة في الحقيقة وحذف لأخرى موجودة بالفعل، فحتى بداية فترة السبعينات لم يكن معروفا من هو أحمد الريان، فقد كان شخصية مجهولة، وهو ما أتاح لنا إطلاق العنان لخيالنا لنكتب ما نريد قبل هذه الفترة، لكن على أن يكون التناول بشكل منطقي يؤدي تسلسله إلى بداية تأسيس شركة توظيف الأموال.

* تردد أن الجهة المنتجة دفعت مبالغ مالية للريان لإنتاج المسلسل، وتردد أيضا أن الريان هو من دفع أموالا لتحسين صورته، فأي القولين صحيح؟

- الرجل كان متعطشا لأي نقود تدخل إليه ولأي مشروع يدر عليه ربحا، لأنه خرج من السجن وموقفه المالي صعب للغاية ويحتاج للمال بشدة، وبالتالي لم يمانع عندما عرضت عليه الأموال، وأعتقد أنه لم يكن يملك سوى قصة حياته كسلعة وحيدة يمكن من خلالها أن يحقق مكاسب مالية، وهذا ما يرد على الإشاعات الأخرى التي تقول إنه دفع أموالا لكي يرى المسلسل النور.

* هل جمعتك جلسات عمل مع أحمد الريان قبل أن تكتب المسلسل؟

- جمعتني به جلسات كثيرة جدا، حيث استمعت منه لتفاصيل مهمة سردها صراحة، وأيضا كان متحفظا أمام وقائع وتفاصيل أخرى لم يذكرها لأسباب تخصه، ولم نضغط عليه في ذلك. لكن لقاءاتي مع الريان لم تكن المصدر الوحيد، بل كانت منطلقا لي لأبدأ البحث في الأماكن التي أشار إليها، كما أن ليس كل ما يقوله كان مسلما به، حيث كان علينا عرض مختلف وجهات النظر، وبالتالي كان لنا مصادر أخرى متعددة في كتابة المسلسل، مثل كل ما نشر عن الريان في الصحف، سواء كان معه أو ضده، وهي كثيرة، حيث كان من نجوم الإعلام والمجتمع في هذا الوقت، كما أخذنا بعض الكتب التي تناولت عالم توظيف الأموال كمصدر لنا، بالإضافة إلى أحاديث مع معاصريه في تلك الفترة، والذين كانوا قريبين منه شخصيا ومطلعين على الأحداث.

* ما أكثر الوقائع التي كشف عنها الريان وسوف يعرضها المسلسل؟

- الريان كشف لنا عن بعض الأسرار في حياته، والمسلسل سوف يتناولها، وأنا أعتبر أن كل ما خفي عن الناس عن صعود الريان حتى تكوين إمبراطوريته الاقتصادية يعد سرا، وعلى العكس توجد شخصيات معينة لم يرد التشهير بها، قد يكون ذلك خوفا منهم أو خوفا من تجربة السجن أو لحسابات أخرى.

* بصفة شخصية.. هل شعرت ببراءة الريان أم إدانته، وكيف سيظهر ذلك دراميا؟

- هي مسألة لا أستطيع الحكم عليها، وقد تبين لي أن المواكبين للأحداث لم يتأكدوا من ذلك ولم يجزموا إن كان بريئا أو مدانا، لكن بشكل عام ما يقوله الريان من وجهة نظره أنه مفترى عليه وأنه تعرض لضغوط، وأن المسؤولين وضعوا قوانين مفصلة خصيصا لأجل إزاحته، وعلى الجانب الآخر تقول الدولة إنه خدع المودعين لديه وأخذ أموالهم وغامر بها وضارب بها في البورصة ولم يضمن حقوقهم. أما من الناحية الدرامية فنحن لن نصدر حكما ببراءته أو إدانته، فقط المسلسل يرصد لحياة الرجل، ما له وما عليه، وقد كتبنا المسلسل حتى يقوم المشاهد بنفسه بالإجابة عن مسألة البراءة أو الإدانة.

* وهل تتوقع أن يتعرض المسلسل لهجوم بسبب هذه الأسرار؟

- من المؤكد، فالاختلاف عند الناس طبيعي ومتوقع، لكن ما يشغل بالي الآن هو كتابة عمل متكامل وجيد، ثم يأتي المدح أو الذم بعد ذلك.

* لكن هناك اتهامات طالتك بتجميل صورة الريان، ما قولك؟

- لحساب من يكون هذا التجميل؟، وما المنفعة أو المصلحة التي ستعود علي؟، فليس هناك ما يدعوني لذلك، أنا محايد وأنقل الواقع من كل الأطراف، بل إنني في المسلسل عند تناول الفاسدين حول شخصية الريان لم أشر إليهم بأسمائهم وإنما أشير فقط إلى الواقعة، فلدي مبدأ أخلاقي ألتزم به في كتاباتي، وهو عدم التشهير والتجريح بالناس. ومصلحتي الوحيدة في نجاح العمل ومصداقيته وتقبل المشاهدين له.

* برأيك هل شخصية الريان ثرية دراميا؟

- نعم ثرية للغاية، بل إن هذا الثراء هو من أهم الأسباب التي جعلتني أكتب المسلسل، فهي شخصية درامية كما يجب أن تكون الدراما، فالرجل يمتلك قصة صعود نموذجية، والتي تعد عمودا من أعمدة الدراما، فالرجل الذي يبني نفسه من العدم توجد قصته في أعمال درامية كثيرة أثبتت نجاحها، يضاف إلى ذلك أن الريان يمتلك أيضا قصة هبوط مثيرة، حيث عاد إلى نقطة البداية بعد أن كان في المقدمة، وهذا قمة الدراما، أضف إلى ذلك زيجاته المتعددة، وما يمتلكه من ذكاء اقتصادي وكيف استغله حتى يصل إلى قدرة كبيرة من النجاح ويلعب دورا بارزا في اقتصاد مصر، كما يضاف إلى تلك الدراما الصراع الذي كان بينه وبين رجال الأعمال الآخرين، وبينه وبين أفراد عائلته، والخلاصة أن قصة حياة الريان «كلها دراما».

* قدم الفنان يحيى الفخراني في مسلسل «الخروج من المأزق» في منتصف التسعينات شخصية صاحب إحدى شركات توظيف الأموال من دون الإيحاء بأنها الريان، فهل سيكون مسلسلك تكرارا لتلك القصة؟

- أنا لم أر هذا المسلسل، وبالتالي لم يكن في عقلي وأنا أكتب مسلسل «الريان»، وما علمته أنه كان يتناول شركات توظيف الأموال بشكل عام، لكن مسلسلي بغض النظر عما قدم من قبل يتناول حياة العائلة ولا يقتصر على جانب واحد.

* هل كتبت المسلسل وفي مخيلتك خالد صالح بطلا له؟

- من قبل أن أبدأ في كتابة المسلسل وأنا أعرف أن خالد صالح هو بطل العمل، حيث تم الاتفاق معه من قبلي، وبالتالي أنا أكتب وعلى علم بأن البطل هو خالد صالح، لكن ما يحكمني هنا العمل الدرامي، وأعتقد أن معرفة بالبطل تسهل علي كثيرا أثناء الكتابة، فأنا أعرف ما لديه من قدرات وبالتالي أركز عليها لكي ينطلق فيها.

* بدأ الإعداد للمسلسل قبل خمسة أشهر، لكن ثورة «25 يناير» عطلته قليلا قبل أن ينطلق مجددا، فهل يتطرق المسلسل لأحداث الثورة؟

- لا، المسلسل ينتهي قبل بدء الثورة، حيث تنتهي الأحداث مع خروج الريان من السجن، لكن في رأيي أن ما حدث في مصر خلال الفترة السابقة للثورة وما تلاها يماثل الحالة ذاتها التي يتعرض لها المسلسل، فالفساد مسألة تراكمية، والمرحلة الزمنية التي يتناولها المسلسل كانت بمثابة مرحلة نثر بذور الفساد والتي ترعرعت قبل الثورة، فكانت هناك مصالح متبادلة وتربح من الريان من جانب مسؤولين وإعلاميين، وانتشر الفساد بكل أشكاله في هذه الفترة.

* هل لديك نية في كتابة عمل درامي حول الثورة؟

- أنا ما زلت مشغولا بـ«الريان»، وبعدما أنتهي منه ستكون عندي المساحة للتفكير في أعمال جديدة، أما بخصوص الثورة فأرى أنه كلما بعدنا عن الثورة زمنيا ستكون الفرصة أفضل لتناولها دراميا، حيث تتضح الأمور أكثر وأكثر.

* معنى ذلك أنك ضد الأعمال السريعة التي تحاول تناول الثورة؟

- إذا كانت هذه الأعمال لتوثيق الثورة فيجب أن تتم سريعا لأنها تحاول نقل صورة آنية للحدث، أما إذا كانت معالجة درامية فمن الأفضل من وجهة نظري تأجيلها لمعرفة التبعات والنتائج، لأن العمل سيتناول رؤية شخصية ونقدا للأمور، ولكن ذلك مسألة نسبية تختلف من كاتب لآخر، وبشكل عام أرى أن تناول الثورة في أعمال توثيقية ودرامية أمر مطلوب.

* ما رأيك فيما أطلق عليه «القائمة السوداء» التي تضم أسماء الفنانين الذين عارضوا الثورة؟

- أنا ضد أي قوائم، أو أن أحكم أو أحجر على رأي غيري، فهذه القوائم تتنافى مع مبادئ الثورة التي تنادي بالحرية والديمقراطية، وليس من المنطقي أن نطالب بهذه المبادئ وفي نفس الوقت أقوم بعمل قوائم لمن خالفوني في الرأي، فكل فرد حر ما دام لم يؤذني، كما أنه لا يجب أن أختزل أي فنان في تصريح قاله، لأنه وقت الثورة كانت هناك حالة من الضبابية لدى البعض، وكثيرون كانوا في البداية ليسوا مع الثورة ثم أصبحوا معها.

* هل لديك مشاريع جديدة للسينما؟

- كان لدي فيلم بعنوان «الظواهري»، مع الفنان أحمد عز، وقد توقف المشروع قبل الثورة لبعض النقاط في السيناريو، ومع كل المتغيرات التي حدثت في مصر لن يكون موضوعه مناسبا لما يجري، وخلاف ذلك لا توجد أي أعمال حالية، وربما يكون العمل القادم له علاقة بالثورة أو موضوعا مستقلا ومنفصلا عن الأحداث.