المخرج الفلسطيني إسكندر قبطي: نحن عرب فلسطين ولسنا عرب إسرائيل

قال لـ «الشرق الأوسط» : إنه سوف يجوب العالم العربي بمشروع «حرر حرر»

المخرج الفلسطيني إسكندر قبطي
TT

في الجناح الذي أقامته مؤسسة الدوحة للأفلام طوال أيام المهرجان في «كان» التقيت المخرج الفلسطيني «إسكندر قبطي» وهو يحمل بداخله فكرة يريد أن يجوب من خلالها العالم العربي باسم «حرر حرر»، بدأت الشرارة من الدوحة ثم كانت المحطة الأولى لها في عمان وخلال الأيام القادمة تحط الرحال في القاهرة ثم بيروت، وتونس، ورام الله، ودبي، وأبوظبي، ودمشق، وغيرها!! الفكرة هي الفيلم الذي لا يتجاوز زمنه الدقيقة والتي انطلقت مع الدورة الأولى لمهرجان «الدوحة» 2009 وأخذت الملمح العربي ولها أيضا بعدها التعليمي.

يعتبر المخرج «إسكندر قبطي» أن ثورات الربيع العربي أدت ولا شك إلى إحداث تغيير في الشخصية العربية، وبالتالي فإنه سوف يطرح بالضرورة فنا مغايرا لما دأبنا عليه وعشناه قبل هذه الثورات العربية.

اسم «إسكندر» كمخرج عرفته قبل نحو عامين في مهرجان «كان» السينمائي الدولي عندما عرض فيلمه «عجمي» في قسم «أسبوعي المخرجين» الفيلم لم يعرضه أي مهرجان عربي ولن يعرضه أيضا أي مهرجان عربي لأن هناك مخرجا إسرائيليا شاركه في الفيلم كما حصل على تمويل من صندوق دعم الفيلم الإسرائيلي ورغم ذلك فلقد كان لدى المخرج موقف مباشر وجريء في مسابقة الأوسكار قبل عامين في سابقة نادرة التكرار وذلك عندما صعد الفيلم للترشح ضمن 5 أفلام تم اختيارها في مسابقة أفضل فيلم أجنبي في الأوسكار اعتبرت الهيئة المنظمة للأوسكار أنه فيلم إسرائيلي. على الفور حرص المخرج أن يعلن موقفه على الهواء مؤكدا أنه فلسطيني والفيلم فلسطيني وهو لا يقبل أن يوصف فيلمه بالإسرائيلي!

* في العالم العربي هناك من يقول على الفلسطيني الذي يعيش داخل ما هو معروف بالخط الأخضر إنهم عرب إسرائيل وهناك من يصفهم بعرب فلسطين..

- إن هناك مخططا إسرائيليا يقضي بأن نردد هذا التعبير في العالم العربي وهو عرب إسرائيل حتى تمحى الهوية الفلسطينية نحن عرب فلسطين وسنظل نحمل هذه الجنسية، أنا من يافا ولد أجدادي على تلك الأرض الفلسطينية التي صارت بعد 48 تحت الحكم الإسرائيلي، لكن بداخلي وداخل كل عربي لا نزال نعيش إحساس الأرض العربية مهما قالوا، ولهذا في الأوسكار حرصت على أن أؤكد على أن الفيلم فلسطيني!!

* الفيلم لم يعرض في مهرجان عربي لأن به عناصر إسرائيلية بل ودعما ماليا إسرائيليا لماذا لا تفعل مثل المخرجين الفلسطينيين «إيليا سليمان» و«ميشيل خليفي» و«رشيد مشهراوي» الذين يقدمون أفلاما ليس بها تمويل إسرائيلي ولا عناصر إسرائيلية مثل فيلم إيليا سليمان «يد إلهية» وهاني أبو أسعد «الجنة الآن» و«عيد ميلاد ليلى» لرشيد مشهراوي ولهذا يتم عرضها في كل المهرجانات العربية؟! - بالطبع أنت تتحدث عن مخرجين كبار ترحب بهم شركات الإنتاج العالمية هذا هو هدفي القادم أن أقدم فيلما خارج إطار إسرائيل ينسب لي كمخرج ولبلدي فلسطين. وأنا حريص على أن يشاهد العالم العربي أفلامي وأن يسقط تماما هذا التعبير الجارح الذي يصفنا به البعض «عرب إسرائيل» لأنه مصطلح صهيوني وذلك حتى ينسى العالم وجودنا في فلسطين ولكننا عرب فلسطين. نحن نسمي أنفسنا رغم أنف إسرائيل فلسطينيي الداخل. إسرائيل دولة دينية، الديانة هي معيار الجنسية، أنا عربي، أولا أشياء كثيرة مشتركة ستجدها في توجهات فلسطينيي الداخل وهي متعلقة بالمشاعر كما سعدت بالثورة المصرية والتونسية رغم أني غير مصري أو تونسي ولكن مشاعري أساسا عربية. مع الأسف هناك محاولات لعزلنا أنا فلسطيني بهوية إسرائيلية لذلك أقوم بالتعليم في غزة عن طريق Skype بالتعاون مع UNDP وبذلك نكون كسرنا الحصار!!

* لماذا لا تحصل على تمويل عربي لأفلامك؟

- أملي أن أحصل على تمويل عربي لأفلامي ولكن في النهاية عمليا الأسهل هو عدم الحصول على دعم إسرائيلي ويبقى السؤال أيهما أهم المحاربة كمواطن فلسطيني للحصول على حقوقه أو تسويق الفيلم.. أقول لك إن فيلم «عجمي» حالة خاصة بالنسبة لي غير قابلة للتكرار.. «عجمي» هو أول فيلم روائي طويل من إخراجي ولكن عملت أفلاما قصيرة قبل ذلك!! الفيلم يود أن يطرح وجهة نظر من 5 أطراف مختلفة عن العرب في الداخل وعلاقتهم بهذا المجتمع ولذلك كان يجب مشاركة مخرج يهودي لنقل وجهة النظر الأخرى اليهودية!!

* هل تعتقد أنك اخترت نقطة البداية الصحيحة لتقدم نفسك كمخرج عربي بفيلم يشاركك إسرائيلي في إخراجه؟

- أجابني ضاحكا: الرئيس المصري السابق مبارك كان يعتقد أن كل القرارات التي أخذها صحيحة بالنسبة له وليس لمصر، فلا يوجد شيء مطلق، الكل يرى نسبيا أسود أو أبيض ولكن الحياة أحيانا تستعين باللون الرمادي.

* هل تجد صعوبة في الدخول إلى الدول العربية؟! - الأردن، ومصر، وقطر، وتونس والمغرب غير ذلك لا أستطيع دخول أي دولة عربية أخرى بسبب جواز سفري الإسرائيلي فهو عائق لدخول بلدي لذلك لم أستطع رؤية أقاربي في لبنان!!

* سلاح السينما مع عرب الداخل يستطيع أن يشارك في القضية الفلسطينية! - الأفلام أو الفن عموما هو تواصل بين الشعوب وأصبح وصول الفيلم أسهل على الإنترنت، فيلم مثل «عجمي» يباع الآن بطرق غير رسمية في كثير من المحلات هناك الكثير من المخرجين الإسرائيليين حيث إن منهم كثيرين يساريين/ تقدميين يفهمون أن الوضع ليس للصالح العام سوف أذكر لك ما حدث عند عرض الفيلم.

200 ألف يهودي حضروا فيلم «عجمي» وتعاطفوا مع الشخصية العربية كإنسان وليس كما تعلموا في المدارس والجيش فأصبح هناك تشويش عن صورة الشخصية العربية النمطية التي رسخوا لها.

* ما هي اللغة التي تتعامل بها في حياتك العملية؟

- في البيت أمارس لغتي العربية وأغلب الفلسطينيين الذين يعيشون داخل الخط الأخضر حريصون على ذلك وأتكلم الإنجليزية وبعض الفرنسية وأتكلم أيضا العبرية.. ولكن فلسطينيتي وعروبتي لا أحد يزايد علي فيها قبل عامين قلت في حفل الأوسكار وباللغات الثلاث العربية والعبرية والإنجليزية عن فيلم «عجمي» أنا لست هنا لتمثيل إسرائيل فأنا لا أمثل دولة لا تمثل إلا الاحتلال أنا فلسطيني، رغم أن جنسية الفيلم إسرائيلية لأن الإنتاج شاركت فيه.. إن الكاميرا بيدي أصعب من السلاح ومن التداعيات الإسرائيلية إنهم حاولوا بعد الفيلم فرض قانون الولاء، أي أن الفنان الذي يريد الحصول على دعم إسرائيلي لإنتاج فيلمه يجب أن يحلف الولاء لدولة إسرائيل ولكن فشل هذا القانون وهذه الخطوة أراحتني لأنهم حاولوا استغلال هذا الدعم لتسويق فكرهم وقد وصلت الرسالة التي أريدها.

* ما هو الوضع السياسي للفلسطينيين داخل إسرائيل؟

- الفلسطيني لا يجند في الجيش ولكن يستطيع الوصول للبرلمان السؤال الذي يردده الفلسطيني في الداخل هل يجب أن تكون في الكنيست أم لا؟ هناك من مع ومن ضد وهناك من يطالبون بدولة علمانية واحدة تضم الاثنين لأن دولتين هو حل مؤقت وليس لمصلحة فلسطينيي الداخل!!

* الرقابة هل تعوق إبداعك.. أتحدث عن المحاذير؟

- لا يتوجد رقابة صارمة إلا إذا مس أمن الدولة كالتصوير بديمونة - المفاعل الذري الإسرائيلي - ولكن الرقابة بمعناها العربي لا وجود لها إلا أن هناك تصنيفا عمريا مثلا أفلام لا يشاهدها إلا من هم فوق 16 عاما، مثلا أفلام عنف، أي أنه يتم تصنيف الأفلام عمريا ولكن لا شك هناك بعض المحاذير السياسية تواجهنا كعرب.. الفنان الفلسطيني الكبير «محمد بكري» في فيلمه «جنين» اتهموه بأنه أساء لبعض الشخصيات وهو يعمل بالتلفزيون الفلسطيني ويعمل أيضا في أفلام إسرائيلية.

* هل تجد أن التعبير الفني أرحب في إسرائيل بالقياس بالعالم العربي؟

- إسرائيل دولة قوانينها عنصرية.. مثلا لديهم قانون ممنوع أن تذكر يوم النكبة 15/5 فهم يتسلطون على أفكارك. فأنت لا تستطيع الاحتفال بهذا اليوم الذي هو لنا كعرب وفلسطينيين يمثل نكبتنا ولكنه لإسرائيل هو يوم انتصارهم ولكن تستطيع كفلسطيني أن تنتقد هذا القانون والفاشيين في الكنيست عندهم دعم من اليمين الإسرائيلي ومن الشارع. واليسار وحزب العمل بدأ بالاختفاء وكذلك الأحزاب الصغيرة فالوضع سياسيا أصبح سيئا. في إسرائيل 44 قانونا عنصريا وهي تخص مصادرة الأراضي فجميع فلسطينيي الداخل تمت مصادرة أراضيهم.

* اسم «إسكندر قبطي» يوحي بأن لك جذورا مصرية لأن كلمة قبط في اللغة الهيروغليفية المصرية القديمة تعني مصر؟

- نحن في الأساس نحمل اسم دار الحجار، جذورنا من يافا ثم أصبح الاسم النجار حيث كان الأهل يعملون بالنجارة ثم في عام 1830 بنيت كنيسة في يافا حيث جاء الكثير من الأقباط المصريين يساعدوننا في بناء هذه الكنيسة وبعدها صار اللقب العائلي قبطي. ذهبت لمصر أكثر من 15 مرة أحب القاهرة ولكن الإسكندرية في قلبي أكثر!!