بين الأفلام

جيم كاري يرقص مع البطريق
TT

تمثيل: جيم كاري، وكارلا كوجينو، وأنجيلا لانسبري.

الولايات المتحدة - كوميديا - 2011.

تقييم الناقد: > في مكان ما من هذا الفيلم حول رجل يرث 6 حيوانات بطريق ويحول مسكنه إلى مرتع لها، يسأل جيم كاري: «منذ متى خيبت ظنك؟». السؤال ليس موجها للجمهور، لكن من الممكن للجمهور أن يجيب عنه: «منذ أن فقدت القدرة على تقديم ما هو عميق مستخدما (غالبا) الإطار الكوميدي لترك الأثر المنشود». وبالفعل، أفلام هذا الممثل الكوميدي الجيد كخامة، لم تنجز منذ 10 سنوات ذلك النجاح الكبير الذي حققته أفلامه قبل ذلك التاريخ.

ومن باب الملاحظة اللافتة أن الفيلم الأفضل له نقديا وجماهيريا قبل 10 سنوات، أي في نهاية حقبة من النجاحات الكبيرة، كان «ماجستيك» الذي لم يكن عملا كوميديا على الإطلاق، بل فيلم مفكر حول حياة رجل متهم بالشيوعية، بينما كان ما في باله الإعلان عن نفسه أميركيا يحمل قيم الدولة التي سمحت بتعدد الثقافات والقيم والمبادئ أكثر من معظم الدول الأخرى حول العالم.

بعد ذلك، مرت عليه حقبة الانكسارات: «ملهاة مع دك وجين» (2005)، و«الرقم 23» (2007)، و«رجل النعم» (2008)، و«كريسماس كارول» (2009) وكلها كانت «خيبات ظن».

في «بطريق السيد بوبر» يقوم بعملية معتادة بالنسبة له؛ مزج نفسه بواقع متخيل يشترك فيه بتمثيل شخصية عليها أن تبلغ شأنا كبيرا من الفانتازيا لكي تستطيع أن تمنح الجمهور ما يبحث عنه (نظريا) من متعة. هذا وحده اعتراف بأن جيم كاري يعلم أنه بحاجة إلى مشاركين معه في البطولة. ليس من البشر، بل من 6 حيوانات ورثها فاضطر إلى رعايتها، مما نتج عنه انصرافه عن عمله الناجح وتحويل منزله إلى بيئة مناسبة لحيوان البطريق، مما يعني الكثير من الثلج والبرودة والمؤثرات الخاصة التي تجعل البطريق يقوم بأعمال تناسب الفيلم طبعا. في أحد المشاهد سوف يتعلم الرقص: ها هو جيم كاري في وسط حيواناته يقوم بالرقص والالتفاف حول نفسه على أنغام أغنية كلاسيكية والحيوانات تقلّده.. لم يكن ينقص المشهد للتكامل سوى أن ينهض المشاهدون للرقص في الصالة والالتفاف حول أنفسهم، لكن هذا لن يحدث لأن المشهد أقل قدرة على التأثير. الفيلم بأسره أقل قدرة على التأثير لناحية إشعارنا بالضرورة الكوميدية وراءه. صحيح أنه كوميديا؛ والكوميديا تحمل في طياتها مشاهد غير واقعية، كما أنه فانتازيا؛ وكل الفانتازيا تقوم على ما هو غير واقعي، لكن حينما لا تكون الكوميديا مضحكة ولا الفانتازيا مثيرة لا يبقى لديك سوى الواقع تترحم عليه.

نعم، المخرج ووترز يستطيع تنفيذ فيلم بلا هفوات سرد تذكر، يقبض فيه على الفيلم كلية ويعرف المفترض بكل مشهد، لكن هذه المعرفة شيء وتحقيق الغاية شيء آخر. والضغط كبير على كاري لأن ينجح في ما يقوم هو به. وهو يحاول العودة إلى بعض قديمه مستخدما الركائز ذاتها: الابتسامة العريضة، التظاهر بالدهشة، التحول من شخص لآخر تبعا لوضع معين. لكن إذ يدرك أن كل ذلك ما عاد كافيا، فإن الطريق الوحيد أمامه أن يرفع من نسبة الحركات التي يعتبرها مضحكة مما يجعله مهرجا في كل فيلم يكون التهريج حله الأخير للأزمة التي وقع فيها.

الموضوع هنا عن حيوان البطريق الذي غير قلب رجل كان غارقا في عمله لا يكترث لشيء فأصبح بسببه معنيا بسلامة الحيوان والعالم أيضا. لكن إذ ينشد الممثل حيوان البطريق لرفع أسهمه يودع أكثر فأكثر آمال هؤلاء الذين يريدون أن يرونه في «ماجستيك» أو «آيس فنتورا» أو «ترومان شو» جديد.